الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"من حرق حرقناه، ومن غرق غرقناه" ولأن القصاص مشعر بالمماثلة فيجب أن يعمل بمقتضاه. قاله في الكافي.
"وإن بطش ولي المقتول بالجاني، فظن أنه قتله، فلم يكن، وداواه أهله حتى برئ: فإن شاء الولي دفع دية فعله وقتله، وإلا تركه" قال في الفروع: هذا رأي عمر وعلي ويعلى بن أمية. ذكره أحمد.
باب شروط القصاص فيما دون النفس:
"من أخذ بغيره في النفس أخد به فيما دونها" لقوله تعالى: {
…
وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ
…
} الآية1 ولحديث أنس بن النضر وفيه "كتاب الله القصاص" رواه البخاري وغيره.
"ومن لا" يؤخذ بغيره في النفس
"فلا" يؤخذ به فيما دونها بغير خلاف. قاله في الكافي. كالأبوين مع ولدهما، الحر مع العبد، والمسلم مع الكافر، لعدم المكافأة.
"وشروطه أربعة:"
"أحدها: العمد العدوان فلا قصاص في غيره" فلا قصاص في الخطأ إجماعا، لأنه لا يوجب القصاص في النفس وهي الأصل، ففيما دونها أولى، ولا في شبه العمد. والآية مخصوصة بالخطأ، فكذا شبه العمد. وقياسا على النفس.
"الثاني: إمكان الاستيفاء بلا حيف: بأن يكون القطع من مفصل، أو ينتهي إلى حد كمارن الأنف، وهو: ما لان منه" دون قصبته.
1 المائدة من الآية/ 45.
"فلا قصاص في جائفة، ولا في قطع القصبة" أي: قصبة الأنف.
"أو قطع بعض ساعده، أو" بعض.
"ساق، أو" بعض.
"عضد، أو" بعض.
"ورك" بغير خلاف، لأنه لا يمكن الاستيفاء منها بلا حيف، بل ربما أخذ أكثر من حقه، أو سرى إلى عضو آخر، أو إلى النفس، فيمنع منه، لما روى ثمران بن حارثة عن أبيه أن رجلا ضرب رجلا على ساعده بالسيف فقطعها من غير مفصل، فاستعدى عليه النبي، صلى الله عليه وسلم، فأمر له النبي، صلى الله عليه وسلم، بالدية، فقال: إني أريد القصاص، قال:"خذ الدية بارك الله لك فيها". ولم يقض له بالقصاص رواه ابن ماجه.
"فإن خالف فاقتص بقدر حقه، ولم يسر: وقع الموقع، ولم يلزمه شيء" لأنه حقه. وإنما منع منه لتوهم الزيادة. قاله في الكافي.
"الثالث: المساواة في الاسم" كالعين بالعين، والأنف بالأنف، والأذن بالأذن، والسن بالسن، للآية.
"فلا تقطع اليد بالرجل وعكسه" لأن القصاص يقتضي المساواة والاختلاف في الاسم دليل على الاختلاف في المعنى.
"و" المساواة
"في الموضع: فلا تقطع اليمين" من يد، ورجل، وعين، وأذن ونحوها
"بالشمال، وعكسه" لعدم المماثلة، ولأنها جوارح مختلفة المنافع والأماكن، فلم يؤخذ بعضها ببعض. قاله في الكافي.
"الرابع: مراعاة الصحة والكمال، فلا يؤخذ كاملة الأصابع والأظافر بناقصتها" رضي الجاني بذلك أو لا، لأنه أكثر.
"ولا عين صحيحة بقائمة" وهي: التي بياضها وسوادها صافيان غير أن صاحبها لا يبصر بها. قاله الأزهري، لنقص منفعتها فلا تؤخذ بها كاملة المنفعة.
"ولا لسان ناطق بأخرس" لأنه أكثر من حقه.
"ولا صحيح بأشل من يد ورجل وأصبع وذكر" والشلل: فساد العضو، وذهاب حركته، فإذا شل ذهبت منفعته فلا يؤخذ به الصحيح، لزيادته عليه، كعين البصير بعين الأعمى.
"ولا ذكر فحل بذكر خصي" أو عنين، لعدم المماثلة.
"ويؤخذ مارن صحيح بمارن أشل" وهو: الذي لا يجد رائحة شيء لأنه لعلة في الدماغ، والأنف صحيح.
"وأذن صحيحة بأذن شلاء" أي: أذن السميع بأذن الأصم وعكسه لأن الصمم لعلة في الدماغ.
"ويشترط لجواز القصاص في الجروح" زيادة على ما سبق
"انتهاؤها إلى عظم: كجرح العضد والساعد، والفخذ والساق، والقدم، وكالموضحة" في رأس أو وجه، لقوله تعالى: {
…
وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ
…
} 1 ولإمكان الاستيفاء بلا حيف، ولا زيادة، لانتهائه إلى عظم، فأشبه الموضحة2 المتفق على جواز القصاص فيها.
"والهاشمة، والمنقلة، والمأمومة" 3 لا يجب فيها قصاص، لأن المماثلة غير ممكنة وله أن يقتص عنها موضحة، لأنها بعض حقه في محل جنايته، ويأخذ ما بين ديتها ودية تلك الشجة التي هي أعظم، لتعذر القصاص فيها فينتقل إلى البدل، كما لو تعذر في جميعها. وهو قول ابن حامد. قاله في الكافي. فيأخذ في هاشمة: خمسا من الإبل، وفي منقلة: عشرا، وفي مأمومة: ثمانية وعشرين بعيرا وثلث بعير. واختار أبو بكر: لا يجب الأرش للباقي، لأنه جرح واحد فلم يجمع فيه بين قصاص وأرش، كالشلاء بالصحيحة.
"وسراية القصاص هدر" أي: غير مضمونة، لقول عمر وعلي: من مات من حد أو قصاص لا دية له: الحق قتله رواه سعيد بمعناه.
1 المائدة من الآية/ 45.
2 الموضحة بكسر الضاد: الشجة التي تبدي وضح العظم.
3 الهاشمة: هي التي تهشم العظم. والمنقلة بفتح النون وتشديد القاف مع الكسر: وهي التي تنقل العظم أو تكسره. والمأمومة: هي الجناية البالغة أم الدماغ.
"وسراية الجناية مضمونة" بقود ودية في النفس، وما دونها بغير خلاف، لحصول التلف بفعل الجاني، أشبه ما لو باشره. وإن اقتص بعد الاندمال، ثم انتقض جرح الجناية فسرى إلى النفس وجب القصاص به، لأنه اقتص بعد جواز الاقتصاص. قاله في الكافي.
"ما لم يقتص ربها قبل برئه: فهدر أيضا" لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "أن رجلا طعن بقرن في ركبته، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أقدني، قال: "حتى تبرأ"، ثم جاء إليه، فقال: أقدني، فأقاده، ثم جاء إليه، فقال: يا رسول الله: عرجت، فقال: "قد نهيتك فعصيتني، فأبعدك الله، وبطل عرجك". ثم نهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن يقتص من جرح حتى يبرأ صاحبه". رواه أحمد والدارقطني. ولأنه باقتصاصه قبل الاندمال استعجل ما ليس له استعجاله فبطل حقه، كقاتل مورثه.