الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب النكاح
مدخل
مدخل
…
كتاب النكاح:
"يسن لذي شهوة لا يخاف الزنى" لقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} 1 وقوله: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ
…
} 2. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء". رواه الجماعة من حديث ابن مسعود. وقال النبي، صلى الله عليه وسلم:"إني أتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني". متفق عليه. وقال ابن عباس لسعيد بن جبير: تزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء. رواه أحمد والبخاري.
"ويجب على من يخافه" أي: يخاف الزنى بتركه من رجل أو امرأة، في قول عامة الفقهاء. قاله في الشرح، لأنه طريق إعفاف نفسه، وصونها عن الحرام.
"ويباح لمن لا شهوة له" كالعنين، والكبير، لعدم منع الشرع منه.
"ويحرم بدار الحرب، لغير ضرورة" نص عليه في رواية الأثرم وغيره،
1 النساء من الآية/ 3.
2 النور من الآية/ 32.
قال: من أجل الولد لئلا يستعبد، فإن اضطر أبيح له نكاح مسلمة وليعزل عنها، ولا يتزوج منهم. وأما الأسير، فظاهر كلام أحمد لا يحل له التزوج ما دام أسيراً. قال في المغني في آخر الجهاد.
"ويسن نكاح ذات الدين" لحديث أبي هريرة مرفوعاً: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربت يداك". متفق عليه. ولمسلم معناه من حديث جابر.
"الولود" لحديث أنس مرفوعاً: "تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة". رواه سعيد.
"البكر" لقوله، صلى الله عليه وسلم، لجابر:"فهلا بكراً، تلاعبها وتلاعبك" متفق عليه.
"الحسيبة" ليكون ولدها نجيباً من بيت معروف بالدين والصلاح.
"الأجنبية" فإن ولدها يكون أنجب، ولأنه لا يؤمن الطلاق، فيفضي مع القرابة إلى قطيعة الرحم المأمور بصلتها. الجميلة، لأنه أسكن لنفسه، وأغض لبصره، وأكمل لمودته. وعن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول الله: أي النساء خير؟ قال: "التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها، ولا في ماله بما يكره" رواه أحمد والنسائي.
"ويجب غض البصر عن كل ما حرم الله تعالى" لقوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ
…
} 1 وفي حديث أبي هريرة، رضي الله عنه "والعينان زناهما النظر" الحديث
1 النور من الآية/30.
متفق عليه. وعن جرير قال: سألت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن نظر الفجاءة، فقال:"اصرف بصرك". رواه أحمد ومسلم وأبو داود. قال في الفروع: وليحذر العاقل إطلاق البصر، فإن العين ترى غير المقدور عليه على غير ما هو عليه، وربما وقع من ذلك العشق، فيهلك البدن والدين، فمن ابتلي بشيء من ذلك فليفكر في عيوب النساء. قال ابن مسعود: إذا أعجبت أحدكم امرأة فليذكر مناتنها وما عيب نساء الدنيا بأعجب من قوله تعالى: {
…
لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} 1 انتهى.
"فلا ينظر إلا ما ورد الشرع بجوازه" ويأتي.
"والنظر ثمانية أقسام:"
"الأول: نظر الرجل البالغ" ولو مجبوباً قال الأثرم: استعظم الإمام أحمد إدخال الخصيان على النساء.
"للحرة البالغة الأجنبية، لغير حاجة، فلا يجوز نظر شيء منها، حتى شعرها المتصل" لما تقدم. وقيل: إلا الوجه والكفين. وهذا مذهب الشافعي، لقوله تعالى: {
…
إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا
…
} 2. قال ابن عباس: الوجه والكفين.
"الثاني: نظره لمن لا تشتهى: كعجوز، وقبيحة، فيجوز لوجهها خاصة" لقوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً
…
} 3 الآية والقبيحة في معناها.
1 النساء من الآية/ 57.
2 النور من الآية/ 31.
3 النور من الآية/ 60.
"الثالث: نظره للشهادة عليها، أو لمعاملتها، فيجوز لوجهها، وكذا لكفيها للحاجة" أي: لحاجته إلى معرفتها بعينها، للمطالبة بحقوق العقد، ولتحمل الشهادة، وأدائها.
"الرابع: نظره لحرة بالغة يخطبها، فيجوز للوجه، والرقبة، واليد، والقدم" لحديث جابر مرفوعاً: "إذا خطب أحدكم المرأة فان استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل". قال: فخطبت جارية من بني سلمة، فكنت أتخبأ لها، حتى رأيت منها بعض ما دعاني إلى نكاحها. رواه أحمد وأبو داود. قال في الشرح: ولا نعلم خلافاً في إباحة النظر إلى المرأة لمن أراد نكاحها، وفيه أحاديث كثيرة. انتهى. وعن الأوزاعي: ينظر إلى مواضع اللحم. وقال ابن عبد البر: كان يقال: لو قيل للشحم: أين تذهب؟ لقال: أقوم العوج. وكذا أمة مستامة، لما روى أبو حفص بإسناده: أن ابن عمر كان يضع يده بين ثدييها، وعلى عجزها من فوق الثياب، ويكشف عن ساقها ذكره في الفروع.
"الخامس: نظره إلى ذوات محارمه" وهي: من تحرم عليه أبداً بنسب: كأمه، وأخته، أو بسبب: كرضاع، ومصاهرة، فيجوز نظره إلى ما يظهر منها غالباً لقوله تعالى:{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ} 1. وقال تعالى: {لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ} 2. وقال النبي، صلى الله عليه وسلم، لعائشة "إئذني له فإنه عمك".
"ولبنت تسع" لحديث: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار". فدل
1 النور من الآية/ 55.
2 الأحزاب من الآية/ 31.
على صحة صلاة من لم تحض مكشوفة الرأس، فيكون حكمها مع الرجال كذوات المحارم. وروى أبو بكر بإسناده: أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي، صلى الله عليه وسلم، في ثياب رقاق، فأعرض عنها، وقال:"يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا، وهذا: وأشار إلى وجهه، وكفيه" ورواه أبو داود، وقال: هذا مرسل.
"أو أمة لا يملكها، أو يملك بعضها" قال ابن المنذر: ثبت أن عمر قال لأمة رآها متقنعة: اكشفي رأسك، ولا تشبهي بالحرائر، وضربها بالدرة. فإن كانت جميلة حرم النظر إليها، كما يحرم إلى الغلام خشية الفتنة. قال أحمد في الأمة إذا كانت جميلة: تنقبت.
"أو كان لا شهرة له: كعنين، وكبير" لقوله تعالى: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ
…
} 1. أي: الذي لا إرب له في النساء. كذلك فسره مجاهد، وقتادة، ونحوه عن ابن عباس، أن النبي، صلى الله عليه وسلم لم يمنع المخنث من الدخول على نسائه، فلما وصف ابنة غيلان، وفهم أمر النساء، أمر بحجبه.
"أو كان مميزاً، وله شهوة" لقوله تعالى: {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ
…
} 2. ثم قال: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا
…
} 3.
1 النور من الآية/ 31.
2 النور من الآية/ 58.
3 النور من الآية/ 59.
ففرق بينه وبين البالغ. قال الإمام أحمد: حجم أبو طيبة أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو غلام.
"أو كان رقيقاً غير مبعض ومشترك، ونظر لسيدته، فيجوز للوجه والرقبة، واليد، والقدم، والرأس، والساق" لقوله تعالى: {
…
أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ
…
} 1. وعن أنس: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها، قال: وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها، فلما رأى النبي، صلى الله عليه وسلم، ما تلقى، قال: "إنه ليس عليك بأس، إنما هو أبوك، وغلامك". رواه أبو داود. ويعضده قوله: "إذا كان لإحداكن مكًاتب وعنده ما يؤدي، فلتحتجب منه". صححه الترمذي.
"السادس: نظره للمداواة، فيجرز للمواضع التي يحتاج إليها" وكذا لمسه، ويستر ما عداه، لكن بحضرة زوج، أو محرم. ومثله من يلي خدمة مريض في وضوء واستنجاء، وكذا حال تخليص من غرق ونحوه، وكذا لو حلق عانة من لا يحسنه. نص عليه لأمره، صلى الله عليه وسلم، بالكشف عن مؤتزر بني قريظة وعن عثمان أنه أتي بغلام قد سرق، فقال: انظروا إلى مؤتزره، فلم يجدوه أنبت الشعر، فلم يقطعه.
"السابع: نظره لأمته المحرمة" كالمزوجة،
"ولحرة مميزة دون تسع، ونظر المرأة للمرأة، وللرجل الأجنبي، ونظر المميز الذي لا شهوة له للمرأة، ونظر الرجل للرجل ولو أمرد، يجوز إلى ما عدا ما بين السرة والركبة".
1 النور من الآية/ 31.
أما الأمة: فلحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً: "إذا زوج أحدكم جاريته عبده، أو أجيره، فلا ينظر إلى ما دون السرة والركبة، فإنه عورة". رواه أبو داود. ومفهومه إباحة النظر إلى ما عدا ذلك.
وأما الحرة المميزة التي لا تصلح للنكاح: فلأن حكمها مع الرجال حكم المميز مع النساء، والمرأة مع المرأة كالرجل مع الرجل. وعنه: إن المسلمة لا تكشف قناعها عند الذمية، ولا تدخل معها الحمام، لقوله تعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ
…
} 1 فتخصيصهن بالذكر يدل على اختصاصهن بذلك.
وأما نظر المرأة للرجل: فلقوله صلى الله عليه وسلم، لفاطمة بنت قيس:"اعتدي في بيت ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى، تضعين ثيابك فلا يراك". وقالت عائشة: كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه، وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد. متفق عليه. وعنه: لا يباح، لحديث نبهان عن أم سلمة قالت كنت قاعدة عند النبي، صلى الله عليه وسلم، أنا وحفصة، فاستأذن ابن أم مكتوم، فقال صلى الله عليه وسلم:"احتجبا منه"، فقلت: يا رسول الله إنه ضرير لا يبصر، قال:"أفعمياوان أنتما لا تبصرانه!؟ ". رواه أبو داود والنسائي. وقد قال أحمد: نبهان روى حديثين عجيبين: هذا الحديث، والآخر "إذا كان لإحداكن مكاتب فلتحتجب منه". كأنه أشار إلى ضعفه. وقال ابن عبد البر: نبهان مجهول، لا يعرف إلا برواية الزهري عنه هذا الحديث، ثم يحتمل الخصوص. قيل لأحمد: حديث نبهان لأزواجه صلى الله عليه وسلم، وحديث فاطمة لسائر الناس، قال: نعم.
1 النور من الآية/ 31.
وأما المميز: فلقوله تعالى: {
…
أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ
…
} 1 وأما نظر الرجل للرجل: فلأن تخصيص العورة بالنهي دليل إباحة النظر إلى غيرها، ولمفهوم حديث أبي سعيد مرفوعاً:"لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد، ولا المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد". رواه أحمد ومسلم. لكن إن كان الأمرد جميلاً، يخاف الفتنة بالنظر إليه، لم يجز تعمد النظر إليه. وروى الشعبي قال: قدم وفد عبد القيس على النبي، صلى الله عليه وسلم، وفيهم غلام أمرد ظاهر الوضاءة فأجلسه النبي، صلى الله عليه وسلم، وراء ظهره رواه أبو حفص.
"الثامن: نظره لزوجته وأمته المباحة له، ولو لشهوة، ونظر من دون سبع، فيجوز لكل نظر جميع بدن الآخر" حتى الفرج. نص عليه، لقوله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ
…
} 2 وحديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت: يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: "احفظ عورتك، إلا من زوجتك، أو ما ملكت يمينك". حسنه الترمذي. ومن دون سبع لا حكم لعورته، لما روى أبو حفص عن أبي ليلى، قال: كنا جلوساً عند النبي، صلى الله عليه وسلم، فجاء الحسن، فجعل يتمرغ عليه، فرفع مقدم قميصه - أراه قال: فقبل زبيبه. وقال أحمد في رواية الأثرم - في الرجل يأخذ الصغيرة فيضعها في حجره ويقبلها -: إن وجد شهوة فلا، وإلا فلا بأس.
1 النور من الآية/ 31.
2 المؤمنون من الآية/ 6.