الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب القضاء
مدخل
مدخل
…
كتاب القضاء:
الأصل في مشروعيته: الكتاب، والسنة، والإجماع.
أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ
…
} 1 وقوله: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ
…
} 2 الآية وقوله: {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى
…
} 3 الآية.
وأما السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا اجتهد الحاكم، فأصاب: فله أجران، وإن أخطأ: فله أجر" متفق عليه. وأجمع المسلمون على مشروعيته.
"وهو فرض كفاية" لأن أمر الناس لا يستقيم بدونه، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بين الناس، وبعث عليا إلى اليمن للقضاء، وحكم الخلفاء الراشدون، وولوا القضاة في الأمصار ولأن الظلم في الطباع، فيحتاج إلى حاكم ينصف المظلوم: فوجب نصبه.
فإن لم يكن من يصلح للقضاء إلا واحدا: تعين عليه، فإن امتنع: أجبر عليه، لأن الكفاية لا تحصل إلا به. قاله في الكافي.
1 المائدة من الآية/49.
2 النساء من الآية65.
3 صّ من الآية/26.
وفيه فضل عظيم لمن قوي على القيام به، وأدى الحق فيه. وفيه خطر كثير، ووزر كبير لمن لم يؤد الحق فيه. فلذلك كان السلف يمتنعون منه. قال في الفروع: والواجب اتخاذها دينا وقربة، فإنها من أفضل القربات. وإنما فسد حال الأكثر لطلب الرئاسة والمال بها، ومن فعل ما يمكنه: لم يلزمه ما يعجز عنه. قال في الشرح: وإن وجد غيره، كره له طلبه بغير خلاف، لقوله صلى الله عليه وسلم "لا تسأل الإمارة
…
". الحديث، متفق عليه.
"فيجب على الإمام أن ينصب بكل إقليم قاضيا" لأنه لا يمكنه أن يباشر الخصومات في جميع البلدان بنفسه، فوجب أن يترتب في كل إقليم من يتولى فصل الخصومات بينهم، لئلا تضيع الحقوق،
"وأن يختار لذلك أفضل من يجد علما وورعا" لأن الإمام ناظر للمسلمين، فيجب عليه اختيار الأصلح لهم.
"ويأمره بالتقوى" لأنها رأس الدين،
"وتحري العدل" أي: إعطاء الحق لمستحقه من غير ميل، لأنه المقصود من القضاء. ويجتهد القاضي في إقامته.
"وتصح ولاية القضاء، والإمارة منجزة كـ: وليتك الآن، ومعلقة" بشرط، نحو قول الإمام: إن مات فلان القاضي أو الأمير، ففلان عوضه. لحديث "أميركم زيد، فإن قتل فجعفر، فإن قتل فعبد الله بن رواحة" رواه البخاري.
"وشرط لصحة التولية: كونها من إمام أو نائبه فيه" أي: القضاء،
لأنها من المصالح العامة: كعقد الذمة، ولأن الإمام صاحب الأمر والنهي، فلا يفتأت عليه في ذلك.
"وأن يعين له ما يوليه في الحكم والعمل" وهو ما يجمع بلادا وقرى متفرقة: كمصر ونواحيها، أو العراق ونواحيه،
"وبلد" كمكة، والمدينة، ليعلم محل ولايته، فيحكم فيه دون غيره وبعث عمر، رضي الله عنه، في كل مصر قاضيا وواليا ومشافهته بها إن كان حاضرا، ومكاتبته بها إن كان غائبا لأنه صلى الله عليه وسلم، كتب لعمرو بن حزم حين بعثه لليمن وكتب عمر إلى أهل الكوفة: أما بعد: فإني قد بعثت إليكم عمارا أميرا، وعبد الله قاضيا، فاسمعوا لهما وأطيعوا.
"وألفاظ التولية الصريحة سبعة: وليتك الحكم، أو قلدتكه وفوضت، أو رددت، أو جعلت إليك الحكم، واستحلفتك، واستنبتك في الحكم" فإذا وجد أحدها، وقبل المولى: انعقدت الولاية، كالبيع والنكاح.
"والكناية نحو: اعتمدت، أو عولت عليك، أو وكلتك، أو أسندت إليك: لا تنعقد بها إلا بقرينة، نحو: فاحكم أو: فتول ما عولت عليك فيه" لأن هذه الألفاظ تحتمل التولية وغيرها، من كونه يأخذ برأيه، وغير ذلك، فلا ينصرف إلى التولية إلا بقرينة تنفي الاحتمال.