الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبا برزة الأسلمي، فجاء ناس يريدون الإسلام فقطع عليهم أصحابه، فنزل جبريل، عليه السلام، بالحد فيهم أن من قتل وأخذ المال: قتل وصلب، ومن قتل ولم يأخذ المال: قتل، ومن أخذ المال ولم يقتل: قطعت يده ورجله من خلاف وعلم منه أن: أو، في الآية ليست للتخيير، ولا للشك بل للتنويع. وتنفى الجماعة متفرقة كل إلى جهة، لئلا يجتمعوا على المحاربة ثانيا. وعنه: النفي: التعزير بما يردع. وقيل: الحبس في غير بلدهم. وقال ابن عباس: نفيهم إذا هربوا: أن يطلبوا حتى يؤخذوا فتقام عليهم الحدود ولأن تشريدهم يفضي إلى إغرائهم بقطع الطريق.
"ومن تاب منهم قبل القدرة عليه سقطت عنه حقوق الله تعالى" من نفي، وقطع يد، ورجل وتحتم قتل، وصلب، لقوله تعالى: {
…
إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} 1.
"وأخذ بحقوق الآدميين" من نفس وطرف ومال، ولا أن يعفى له عنها من مستحقها، لأنه حق آدمي فلا يسقط بالتوبة، كالضمان.
1 المائدة: من الآية/34.
فصل ومن أريد بأذى في نفسه أو ماله:
"أو حريمه دفعه بالأسهل فالأسهل" فإن اندفع بالأسهل حرم الأصعب، لعدم الحاجة إليه.
"فإن لم يندفع إلا بالقتل قتله ولا شيء عليه" وإن قتل كان شهيدا، لحديث أبي هريرة: جاء رجل، فقال: يا رسول الله: أرأيت إن جاء رجل
يريد أخذ مالي؟ قال: "فلا تعطه"، قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: "قاتله"، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: "فأنت شهيد"، قال: أرأيت إن قتلته؟ قال "هو في النار" رواه أحمد ومسلم. وفي لفظ أحمد أنه قال له أولا: "أنشده الله"، قال: فإن أبى؟ قال: "قاتله" وعن ابن عمر مرفوعا: "من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد" رواه الخلال بإسناده. وهل يلزمه الدفع: على روايتين. قال ابن سيرين: ما أعلم أحدا ترك قتال الحرورية واللصوص تأثما إلا أن يجبن. ذكره في الشرح.
"ويجب أن يدفع عن حريمه" كأمه وأخته وزوجته ونحوهن إذا أريدت بفاحشة أو قتل. نص عليه، لأنه يؤدي بذلك حق الله من الكف عن الفاحشة والعدوان، وحق نفسه بالمنع عن أهله، فلا يسعه إضاعة الحقين.
"وحريم غيره" لئلا تذهب الأنفس، وتستباح الحرم، ويسقط وجوب الدفع بإياسه من فائدته. وكره أحمد الخروج إلى صيحة ليلا، لأنه لا يدري ما يكون. وظاهر كلام الأصحاب خلافه، وهو أظهر. قاله في الفروع، لقول أنس: فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق أناس قبل الصوت، فتلقاهم النبي صلى الله عليه وسلم، راجعا وقد سبقهم إلى الصوت، وهو على فرس لأبي طلحة عري في عنقه السيف، وهو يقول:"لم تراعوا، لم تراعوا" 1 متفق عليه.
"وكذا في غير الفتنة عن نفسه" لقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} 2 فكما يحرم عليه قتل نفسه يحرم عليه إباحة قتلها.
1 الروع: الفزع.
2 البقرة من الآية/ 195.
"ونفس غيره وماله" لأنه لا يتحقق منه إيثار الشهادة، وكإحيائه ببذل طعامه. ذكره القاضي، وغيره. وأطلق الشيخ تقي الدين لزومه عن مال غيره، وقال في جند قاتلوا عربا نهبوا أموال تجار ليردوه إليهم: هم مجاهدون في سبيل الله، ولا ضمان عليهم بقود، ولا دية، ولا كفارة. ذكره في الفروع. وقال في المغني والشرح: لغيره معونته بالدفع، لقوله صلى الله عليه وسلم "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" وقد روى أحمد وغيره النهي عن خذلان المسلم، والأمر بنصر المظلوم فإن كان ثم فتنة لم يجب الدفع عن نفسه، ولا نفس غيره، لقصة عثمان، رضي الله عنه. ولما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال في الفتنة "اجلس في بيتك، فإن خفت أن يبهرك شعاع السيف فغط وجهك" وفي لفظ: "فكن كخير ابني آدم" وفي لفظ: "فكن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل".
"لا مال نفسه" أي: لا يجب عليه أن يدفع عن ماله، وله بذله لمن أراده منه ظلما. وذكر القاضي أنه أفضل من الدفع عنه. قال أحمد في رواية حنبل: أرى دفعه إليه، ولا يأتي على نفسه، لأنها لا عوض لها.
"ولا يلزمه حفظه من الضياع والهلاك" ذكره القاضي وغيره.