الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب حكم المرتد
مدخل
…
باب حكم المرتد:
"وهو: من كفر بعد إسلامه" وأجمعوا على وجوب قتله إن لم يتب، لحديث ابن عباس مرفوعا:"من بدل دينه فاقتلوه" رواه الجماعة إلا مسلما. وروي عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاذ بن جبل وخالد بن الوليد وغيرهم. وسواء الرجل والمرأة، لعموم الخبر. وروى الدارقطني أن امرأة - يقال لها: أم مروان ارتدت عن الإسلام، فبلغ أمرها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر أن تستتاب، فإن تابت وإلا قتلت.
"ويحصل الكفر بأحد أربعة أمور:"
"1- بالقول: كسب الله تعالى، أو رسوله، أو ملائكته" لأنه لا يسبه إلا وهو جاحد به.
"أو ادعى النبوة" أو تصديق من ادعاها، لأن ذلك تكذيب لله تعالى في قوله: {
…
وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} 1 ولحديث: "لا نبي بعدي" ونحوه.
"2- أو الشركة له تعالى" لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} 2 وقال الشيخ تقي الدين: أو كان مبغضا لرسوله، أو
1 الأحزاب من الآية/40.
2 النساء من الآية/48.
لما جاء به اتفاقا، أوجعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم، ويدعوهم ويسألهم: كفر إجماعا.
"3- بالفعل: كالسجود للصنم ونحوه" كشمس وقمر وشجر وحجر وقبر، لأنه إشراك بالله تعالى.
"وكإلقاء المصحف في قاذورة " أو ادعى اختلافه، أو القدرة على مثله لأن ذلك تكذيب له.
"4- بالاعتقاد: كاعتقاد الشريك له تعالى" أو الصاحبة، أو الولد، لقوله تعالى:{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ} 1.
"أو أن الزنى والخمر حلال، أو أن الخبز حرام، ونحو ذلك مما أجمع عليه إجماعا قطعيا" لأن ذلك معاندة للإسلام، وامتناع من قبول أحكامه، ومخالفة للكتاب والسنة وإجماع الأمة.
"وبالشك في شيء من ذلك" أي: في تحريم الزنى والخمر، أو في حل الخبز ونحوه، ومثله لا يجهله لكونه نشأ بين المسلمين. وإن كان يجهله مثله، لحداثة عهده بالإسلام أو الإفاقة من جنون ونحوه: لم يكفر، وعرف حكمه ودليله، فإن أصر عليه كفر، لأن أدلة هذه الأمور ظاهرة من كتاب الله وسنة رسوله، ولا يصدر إنكارها إلا من مكذب لكتاب الله وسنة رسوله. قاله في الكافي.
"فمن ارتد، وهو مكلف مختار استتيب ثلاثة أيام" وجوبا، لما روى مالك والشافعي أنه قدم على عمر رجل من قبل أبي موسى، فقال له عمر: هل كان من مغربة خبر؟ قال: نعم، رجل كفر بعد إسلامه، فقال: ما فعلتم به؟ قال: قربناه فضربنا عنقه، قال عمر: فهلا حبستموه ثلاثا،
1 المؤمنون من الآية/91.
وأطعمتموه كل يوم رغيفا، واستتبتموه لعله يتوب أو يراجع أمر الله. اللهم إني لم أحضر، ولم أرض إذ بلغني فلولا وجوب الاستتابة لما برئ من فعلهم. وأحاديث الأمر بقتله تحمل على ذلك جمعا بين الأخبار.
"فإن تاب فلا شيء عليه، ولا يحبط عمله" لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ
…
} إلى قوله: {إِلَّا مَنْ تَابَ
…
} 1 ولمفهوم قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} 2 وعن أنس مرفوعا: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها" ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كف عن المنافقين حين أظهروا الإسلام.
"وإن أصر قتل بالسيف" لما تقدم، ولحديث:"إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة" وحديث: "من بدل دينه فاقتلوه، ولا تعذبوا بعذاب الله. يعني: النار" رواه البخاري وأبو داود.
"ولا يقتله إلا الإمام أو نائبه" لأنه قتل لحق الله تعالى، فكان إلى الإمام، كرجم الزاني المحصن.
"فإن قتله غيرهما أساء وعزر" لافتئاته على ولي الأمر.
"ولا ضمان" بقتل مرتد،
"ولو كان قبل استتابته" لأنه مهدر الدم بالردة في الجملة، ولا يلزم من تحريم القتل الضمان، بدليل نساء الحرب وذريتهم.
1 الفرقان من الآية/ 68- 70.
2 البقرة من الآية/ 217.