الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل ومن اضطر جاز له أن يأكل من المحرم ما يسد رمقه فقط:
لقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} 1 وقوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} 2 وقوله: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} 3 فإذا أكل ما يسد رمقه. زالت الضرورة، فتزول الإباحة. وهو اختيار الخرقي. وعنه: له الشبع. اختاره أبو بكر، لأنه طعام أبيح له أكله، فجاز له الشبع منه كالحلال. ويجب الأكل. نص عليه، لقوله تعالى:{وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} 4 وقوله: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} 5 قال مسروق: من اضطر، فلم يأكل ولم يشرب فمات: دخل النار. وقيل: لا يجب لما روي عن عبد الله بن حذافة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ملك الروم حبسه، ومعه لحم خنزير مشوي، وماء ممزوج بخمر ثلاثة أيام، فأبى أن يأكله، وقال: لقد أحله الله لي، ولكن لم أكن لأشمتك بدين الإسلام ويجب تقديم السؤال على أكل المحرم، نص عليه. وقال لسائل: قم قائما ليكون لك عذر عند الله.
1 البقرة: من الآية/ 173.
2 المائدة من الآية/ 3.
3 الأنعام من الآية/ 119.
4 النساء من الآية/ 29.
5 البقرة: من الآية/195.
"ومن لم يجد إلا آدميا مباح الدم: كحربي وزان محصن: فله قتله، وأكله" لأنه لا حرمة له، أشبه السباع.
"ومن اضطر إلى نفع مال الغير مع بقاء عينه" كثياب لدفع برد، ودلو وحبل لاستقاء ماء.
"وجب على ربه بذله مجانا" بلا عوض، لأنه تعالى ذم على منعه بقوله:{وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} 1 فإن احتاج ربه إليه، فهو أحق به من غيره لتميزه بالملك.
"ومن مر بثمر بستان لا حائط عليه ولا ناظر: فله من غير أن يصعد على شجرة أو يرميه بحجر أن يأكل ولا يحمل" لقول أبي زينب التميمي سافرت مع أنس بن مالك وعبد الرحمن بن سمرة، وأبي برزة، فكانوا يمرون بالثمار فيأكلون في أفواههم وهو قول: عمر، وابن عباس. قال عمر: يأكل ولا يتخذ خبنة2 وكون سعد أبى الأكل لا يدل على تحريمه، لأن الإنسان قد يترك المباح غناء عنه، أو تورعا، وعن رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا ترم، وكل ما وقع، أشبعك الله وأرواك" صححه الترمذي.
وعنه: له الأكل إن كان جائعا فقط، لحديث عمر، وابن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الثمر المعلق، فقال: "ما أصاب منه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه، ومن
1 الماعون من الآية/7.
2 أخبن الطعام: أخبأه في خبنة ثيابه، أي: ثنيها، والخبنة: ما يحمل في الخبنة من الطعام. والمراد هنا أن يأكل ولا يحمل معه في ثيابه.
أخذ منه من غير حاجة، فعليه غرامة مثليه: والعقوبة" قال في الشرح: وعليه أكثر الفقهاء. ولنا قول من سمينا من الصحابة، ولم يعرف لهم مخالف منهم، فإن كانت محوطة، لم يجز الدخول، قال ابن عباس إن كان عليها حائطا فهو حريم، فلا تأكل1. انتهى. وكذا إن كان ثم حارس، لدلالة ذلك عن شح صاحبه به، وعدم المسامحة.
"وكذا الباقلاء، والحمص" وشبههما مما يؤكل رطبا وفي الزرع، وشرب لبن الماشية روايتان: إحداهما: يجوز. لحديث سمرة في الماشية صححه الترمذي، وقال: العمل عليه عند بعض أهل العلم والثانية: لا يجوز، لحديث ابن عمر: "لا يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه
…
" الحديث متفق عليه.
"وتجب ضيافة المسلم على المسلم في القرى دون الأمصار يوما وليلة، وتستحب ثلاثا" لقوله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته". قال: وما جائزته يا رسول الله؟ قال: "يومه، وليلته" والضيافة ثلاثة أيام وما زاد على ذلك فهو صدقة. "ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يؤثمه" قيل: يا رسول الله: كيف يؤثمه؟ قال "يقيم عنده، وليس عنده ما يقريه" وعن عقبة بن عامر: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم إنك تبعثنا، فننزل بقوم لا يقروننا، فما ترى؟ فقال:"إذا نزلتم بقوم، فأمروا لكم بما ينبغي للضيف: فاقبلوا. وإن لم يفعلوا: فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي له" متفق عليه. ولو لم تجب الضيافة، لم يأمرهم بالأخذ، واختص ذلك بالمسافر،
1 حريم: حرز.