الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"إن أعتقه" ولو بعد أن افترقا.
"صح" العتق.
"وكان ولاؤه للمعتق عنه" كما لو قال له: أطعم أو أكس عني.
"ويلزم القائل ثمنه فيما إذا التزم به" بأن قال: وعلي ثمنه. ولو قال: أعتقه والثمن علي، ففعل فالولاء للمعتق، لأنه لم يعتقه عن غيره، فأشبه ما لو لم يجعل له جعلاً. قاله في الكافي، لحديث:"الولاء لمن أعتق".
"وإن قال الكافر: أعتق عبدك المسلم عني" وعلي ثمنه
"فأعتقه صح" عتقه، لأنه إنما يملكه زمناً يسيراً، فاغتفر يسير هذا الضرر، لتحصيل الحرية للأبد.
"وولاؤه للكافر" لأن المعتق كالنائب عنه ويرث الكافر بالولاء روي عن علي، رضي الله عنه، واحتج أحمد بقول علي: الولاء شعبة من الرق. ولعموم حديث: "الولاء لمن أعتق".
فصل ولا يرث صاحب الولاء إلا عند عدم عصبات النسب:
لأنه فرع على النسب، فلا يرث مع وجوده. لا نعلم في ذلك خلافاً، لما روى سعيد عن الحسن مرفوعاً:"الميراث للعصبة، فإن لم يكن عصبة فللمولى". وعنه أن رجلاً أعتق عبداً، فقال للنبي، صلى الله عليه وسلم: ما ترى في ماله؟ فقال: "إن مات ولم يدع وارثاً فهو لك". وعن ابن عمر مرفوعاً:
"الولاء لحمة كلحمة النسب" رواه الشافعي وابن حيان، ورواه الخلال من حديث عبد الله بن أبي أوفى. والمشبه دون المشبه به، وأيضاً فالنسب أقوى من الولاء، لأنه يتعلق به المحرمية، وترك الشهادة وسقوط القصاص، ولا يتعلق ذلك بالولاء.
"وبعد أن يأخذ أصحاب الفروض فروضهم" لحديث: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر". وعن عبد الله بن شداد، قال: أعتقت ابنة حمزة مولى لها، فمات وترك ابنة، وابنة حمزة، فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم ابنته: النصف، وابنة حمزة: النصف. رواه النسائي وابن ماجه.
"فعند ذلك يرث المعتق ولو أنثى" بلا خلاف، لعموم ما تقدم. وقد نص النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك في حديث بريرة.
"ثم عصبته الأقرب فالأقرب" لما روى سعيد بإسناده عن الزهري: أن النبي، صلى الله عليه وسلم قال:"المولى أخ في الدين، وولي نعمة يرثه أولى الناس بالمعتق". وروى أحمد عن زياد بن أبي مريم: أن امرأة أعتقت عبداً لها، ثم توفيت وتركت ابنا لها وأخاها، ثم توفي مولاها، فأتى أخو المرأة وابنها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في ميراثه، فقال، صلى الله عليه وسلم:"ميراثه لابن المرأة". فقال أخو المرأة: يا رسول الله، لو جر جريرة كانت علي، ويكون ميراثه لهذا؟! قال:"نعم". وعن إبراهيم قال: اختصم علي والزبير في مولى صفية، فقال علي: مولى عمتي وأنا أعقل عنه، وقال الزبير: مولى أمي وأنا أرثه
فقضى عمر على علي بالعقل، وقضى للزبير بالميراث، رواه سعيد، واحتج به أحمد.
"وحكم الجد مع الإخوة في الولاء كحكمه في النسب" نص عليه.
"والولاء لا يباع ولا يوهب ولا يوقف ولا يوصى به ولا يورث"
وهو قول جمهور الصحابة، ولم يظهر عنهم خلافه، لحديث ابن عمر قال: نهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن بيع الولاء وهبته. متفق عليه. وحديث:"الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب". رواه الخلال. ولا يصح أن يأذن لعتيقه فيوالي من شاء روي عن عمر وابنه وعلي وابن عباس وابن مسعود، لأنه كالنسب. وشذ شريح، فقال: يورث كما يورث المال. ولنا ما تقدم، وإجماع الصحابة.
"وإنما يرث به أقرب عصبات المعتق يوم موت العتيق" قال ابن سيرين: إذا مات العتيق نظر إلى أقرب الناس إلى الذي أعتقه، فيجعل ميراثه له. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً:"ميراث الولاء للكبر من الذكور، ولا يرث النساء من الولاء، إلا ولاء من أعتق" فلو مات المعتق وخلف ابنين، ثم ماتا، وخلف أحدهما ابنا وخلف الآخر تسعة بنين، ثم مات العتيق، كان الولاء بينهم على عددهم: لكل واحد عشرة، كالنسب. قال الإمام أحمد: روي هذا عن: عمر وعثمان وعلي وزيد بن حارثة وابن مسعود، وبه قال أكثر أهل العلم.
ولو اشترى أخ وأخته أباهما فعتق عليهما، ثم ملك قناً فأعتقه، ثم مات الأب، ثم العتيق، ورثه الابن بالنسب دون أخته بالولاء، لأن عصبة المعتق من النسب تقدم على مولى المعتق، وتسمى: مسألة
القضاة. يروى عن مالك أنه قال: سألت سبعين قاضياً من قضاة العراق فأخطؤوا فيها. ذكره في الإنصاف.
"لكن يتأتى انتقاله من جهة إلى أخرى" في مسائل جر الولاء.
"فلو تزوج عبد بمعتقه فولاء من تلده لمن أعتقها" لأنه سبب الإنعام عليهم لأنهم صاروا أحراراً بسبب عتق أمهم.
"فإن عتق الأب انجر الولاء لمواليه" لأنه بعتقه صلح للانتساب إليه، وعاد وارثاً وولياً، فعادت النسبة إليه وإلى مواليه. وروى عبد الرحمن عن الزبير: أنه لما قدم خيبر رأى فتية لعساً، فأعجبه ظرفهم وحالهم، فسأل عنهم، فقيل له: إنهم موال لرافع بن خديج، وأبوهم مملوك لآل الحرقة، فاشترى الزبير أباهم فأعتقه، وقال لأولاده انتسبوا إلي، فإن ولاءكم لي، فقال رافع بن خديج: الولاء لي، لأنهم عتقوا بعتقي أمهم، فاحتكموا إلى عثمان: فقضى بالولاء للزبير، فاجتمعت الصحابة عليه. واللعس: سواد في الشفتين تستحسنه العرب. وإن عتق الجد لم ينجر الولاء نص عليه، لأن الأصل بقاء الولاء لمن ثبت له، وإنما خولف هذا الأصل في الأب، لإجماع الصحابة عليه، فيبقى فيمن عداه على الأصل. قاله في الكافي.