الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"ويصح إسلام المميز" ذكرا أو أنثى إذا عقله لأن عليا، رضي الله عنه، أسلم وهو ابن ثمان سنين رواه البخاري في تاريخه. فصح إسلامه، وثبت إيمانه، وعد بذلك سابقا. وروي عنه قوله:
سبقتكمو إلى الإسلام طرا
…
صبيا ما بلغت أوان حلمي
"وردته" أي: المميز، لأن من صح إسلامه صحت ردته كسائر الناس.
"لكن لا يقتل حتى يستتاب بعد بلوغه ثلاثة أيام" لأن بلوغه أول زمن صار فيه أهل العقوبة، لحديث "رفع القلم عن ثلاثة". وتقدم.
فصل وتوبة المرتد، وكل كافر إتيانه بالشهادتين:
لحديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكنيسة، فإذا هو بيهودي يقرأ عليهم التوراة، فقرأ.. حتى إذا أتى على صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وأمته، فقال: هذه صفتك وصفة أمتك، أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم:"لوا أخاكم" رواه أحمد. وعن أنس أن يهوديا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أشهد أنك رسول الله، ثم مات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صلوا على صاحبكم" احتج به أحمد في رواية مهنا.
"مع رجوعه عما كفر به" لأنه كذب الله ورسوله بما اعتقد، فلا بد من إتيانه بما يدل على رجوعه عنه.
"ولا يغني قوله: محمد رسول الله، عن كلمة التوحيد" لأنه غير موحد، فلا يحكم بإسلامه حتى يوحد الله، ويقر بما كان يجحده.
"وقوله: أنا مسلم توبة" لأنه يتضمن الشهادتين. وعن المقداد أنه قال: يا رسول الله: أرأيت، إن لقيت رجلا من الكفار، فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها، ثم لاذ مني بصخرة، فقال: أسلمت أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ قال: "لا تقتله، فإن قتلتة فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قالها" وعن عمران بن حسين قال: أصاب المسلمون رجلا من بني عقيل، فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد: إني مسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لو كنت قلت، وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح" رواهما مسلم. قال في المغني: ويحتمل أن هذا في الكافر الأصلي، أو من جحد الوحدانية، وأما من كفر بجحد نبي أو كتاب، أو فريضة ونحو هذا: فلا يصير مسلما بذلك، لأنه ربما اعتقد أن الإسلام ما هو عليه، فإن أهل البدع كلهم يعتقدون أنهم هم المسلمون، ومنهم من هو كافر.
"وإن كتب كافر الشهادتين صار مسلما" لأن الخط كاللفظ.
"وإن قال: أسلمت، أو: أنا مسلم، أو: أنا مؤمن: صار مسلما" بذلك وإن لم يتلفظ بالشهادتين، لما تقدم.
"ولا يقبل في الدنيا بحسب الظاهر توبة زنديق، وهو: المنافق الذي يظهر الإسلام، ويخفي الكفر" لقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا
…
} 1 والزنديق: لا يعلم تبيين رجوعه، وتوبته،
1 البقرة من الآية/ 160.
لأنه لا يظهر منه بالتوبة خلاف ما كان عليه، فإنه كان ينفي الكفرعن نفسه قبل ذلك، وقلبه لا يطلع عليه.
"ولا من تكررت ردته" لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً} 1 وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} 2 ولأن تكرار ردته يدل على فساد عقيدته، وقلة مبالاته بالإسلام.
"أو سب الله تعالى، أو رسوله، أو ملكا له" لعظم ذنبه جدا فيدل على فساد عقيدته. قال أحمد: لا تقبل توبة من سب النبي صلى الله عليه وسلم.
"وكذا من قذف نبيا أو أمه" لما في ذلك من التعرض للقدح في النبوة الموجب للكفر.
"ويقتل، حتى ولو كان كافرا فأسلم" لأن قتله حد قذفه فلا يسقط بالتوبة، كقذف غيرهما. ومن قذف عائشة بما برأها الله منه كفر بلا خلاف.
1 النساء من الآية/ 137.
2 آل عمران من الآية/90.