المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة البقرة (2) : آية 235] - التفسير الوسيط لطنطاوي - جـ ١

[محمد سيد طنطاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الاول]

- ‌مقدّمة

- ‌سورة الفاتحة

- ‌[سورة الفاتحة (1) : الآيات 1 الى 7]

- ‌سورة البقرة

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 8 الى 10]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 11 الى 13]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 14 الى 16]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 17 الى 20]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 21 الى 22]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 25]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 28 الى 29]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 30 الى 33]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 34 الى 39]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 40 الى 43]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 44]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 47]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 48]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 49]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 50]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 51 الى 52]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 53]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 54]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 55 الى 56]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 57]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 58 الى 59]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 60]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 61]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 62]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 63 الى 64]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 65 الى 66]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 67 الى 74]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 75 الى 79]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 80 الى 82]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 83]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 84 الى 86]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 87 الى 88]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 89 الى 90]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 91 الى 93]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 94 الى 96]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 97 الى 98]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 99 الى 100]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 101 الى 103]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 104]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 105]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 106 الى 108]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 109]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 110]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 111 الى 112]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 113]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 114]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 115]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 116 الى 117]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 118]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 119 الى 121]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 122 الى 123]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 124]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 125 الى 129]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 130 الى 134]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 135 الى 141]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 142 الى 144]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 145 الى 150]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 151 الى 152]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 153 الى 157]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 158]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 159 الى 162]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 163 الى 164]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 165 الى 167]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 168 الى 169]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 170]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 171]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 172 الى 173]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 174 الى 176]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 177]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 178 الى 179]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 180 الى 182]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 183 الى 185]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 186]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 187]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 188]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 189]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 190 الى 195]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 196]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 197 الى 203]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 204 الى 207]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 208 الى 212]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 213]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 214]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 215 الى 218]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 219 الى 220]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 221]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 222 الى 223]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 224 الى 227]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 228 الى 232]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 233]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 234]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 235]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 236 الى 237]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 238 الى 239]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 240 الى 242]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 243 الى 245]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 246 الى 247]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 248 الى 249]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 250 الى 252]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 253]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 254]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 255]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 256]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 257]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 258]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 259 الى 260]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 261 الى 262]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 263 الى 264]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 265]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 266]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 267 الى 269]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 270 الى 271]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 272 الى 274]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 275 الى 281]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 282]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 283]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 284]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 285 الى 286]

- ‌الفهرس

الفصل: ‌[سورة البقرة (2) : آية 235]

[سورة البقرة (2) : آية 235]

وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَاّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235)

وقوله- تعالى-: فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ أى: لو حتم وأشرتم به. من التعريض الذي هو ضد التصريح ومعناه أن يضمن كلامه ما يصلح للدلالة على مقصوده، ويصلح للدلالة على غير مقصوده، إلا أن إشعاره بجانب المقصود أتم وأرجح وأصله من عرض الشيء- بضم العين- أى جانبه ومن أمثلته أن يقول الفقير المحتاج للمحتاج إليه: جئتك لأسلّم عليك.. وهو يقصد عطاءه.

وخِطْبَةِ النِّساءِ مخاطبة المرأة أو أوليائها في أمر زواجها. والخطبة- بكسر الخاء كالجلسة- مأخوذة من الخطب أى الشأن لأنها شأن من الشئون وقيل من الخطاب لأنها نوع- مخاطبة تجرى بين جانب الرجل وجانب المرأة. والمراد خطبة النساء اللائي فارقهن أزواجهن.

وأَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ أخفيتم وأسررتم من الإكنان وهو الإضمار من غير إعلان.

والمعنى: ولا حرج ولا إثم عليكم أيها الرجال المبتغون للزواج في التعريض بخطبة المرأة أثناء عدتها لتتزوجوهن بعد انقضائها، كما أنه لا إثم عليكم كذلك في الرغبة في الزواج بهن، مع إخفاء ذلك وستره من غير كشف وإعلان لأن التصريح بالخطبة أثناء العدة عمل يتنافى مع آداب الإسلام، ومع تعاليم شريعته، ومع الأخلاق الكريمة، والعقول السليمة، والنفوس الشريفة.

قال القرطبي: قال ابن عطية: أجمعت الأمة على أن الكلام مع المعتدة بما هو نص في تزوجها وتنبيه عليه لا يجوز، وكذلك أجمعت على أن الكلام معها بما هو رفث وذكر جماع أو تحريض عليه لا يجوز وكذلك ما أشبهه وجوز ما عدا ذلك. ولا يجوز التعريض لخطبة المطلقة

ص: 536

طلاقا رجعيا إجماعا لأنها كالزوجة. وأما من كانت في عدة البينونة فالصحيح جواز التعريض لخطبتها» «1» .

والتعريض في خطبة النساء أساليبه مختلفة، ومما ذكره العلماء في هذا الشأن أن يقول الرجل للمرأة: إنى راغب في الزواج أو أن يقول لوليها: لا تسبقني بها إلى غيرى.

ومن أساليب التعريض ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع السيدة أم سلمة، فقد دخل عليها وهي متأيمة من زوجها أبى سلمة فقال لها:«لقد علمت أنى رسول الله وخيرته وموضعي في قومي» فكان كلامه خطبة لها بأسلوب التعريض.

ومنها ما ذكره صاحب الكشاف عن عبد الله بن سليمان عن خالته- سكينة بنت حنظلة- قالت: دخل على أبو جعفر محمد بن على وأنا في عدتي فقال: قد علمت قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابتي من جدي على بن أبى طالب، وموضعي في العرب، وقدمي في الإسلام.

قالت: فقلت: غفر الله لك يا أبا جعفر! أتخطبني في عدتي وأنت يؤخذ عنك؟ فقال: أو قد فعلت إنما أخبرتك بقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضعي» «2» .

وقوله- تعالى-: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ. إلخ معطوف على ما قبله في الآية السابقة لأن الكلام في الآيتين في الأحكام المتعلقة بعدة النساء.

وما في قوله: فِيما عَرَّضْتُمْ موصولة. ومِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ بيان لما، وأل في النساء للعهد والمعهودات هن الزوجات اللائي سبق الحديث عنهن في الآيات التي قبل هذه.

وأَوْ في قوله: أَوْ أَكْنَنْتُمْ للإباحة أو التخيير، ومفعول أكن محذوف يعود إلى ما الموصولة في قوله: فِيما عَرَّضْتُمْ والتقدير: أو أكننتموه. وفِي أَنْفُسِكُمْ متعلق بأكننتم.

وقوله- تعالى-: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً كالتعليل لما قبله وهو قوله: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ إلخ. ونهى عما يردى ويفسد، وإباحة لما لا ضرر فيه.

أى: علم الله أنكم يا معشر الرجال ستذكرون هؤلاء النسوة المعتدات بما لهن من جمال ومن حسن عشرة ومن غير ذلك من شئونهن وأن تفكروا فيهن وتهفوا إليهن نفوسكم، والله- تعالى- فضلا منه وكرما قد أباح لكم أن تذكروهن ولكنه ينهاكم عن أن تواعدوهن وعدا سريا بأن تقولوا لهم في السر ما تستحيون من قوله في العلن لقبحه ومنافاته للشرع.

(1) تفسير القرطبي ج 3 صفحة 188.

(2)

تفسير الكشاف ج 1 صفحة 282.

ص: 537

وقوله: إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً استثناء مما يدل عليه النهى لا تواعدوهن مواعدة ما إلا مواعدة معروفة غير منكرة شرعا، وهي ما تكون بطريق التلويح والتعريض.

وفي قوله سبحانه: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ بيان لما جبلت عليه النفس البشرية من ميل فطري بين الرجال والنساء، والإسلام لا ينكر هذا الميل وإنما يهذبه ويقومه ويصقله بآدابه الحميدة، وتعاليمه السامية.

وقوله: وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا استدراك على محذوف دل عليه سَتَذْكُرُونَهُنَّ أى:

فاذكروهن وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا.

قال القرطبي ما ملخصه: واختلف العلماء في المراد بالسر في قوله- تعالى-: وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا فقيل معناه نكاحا، أى لا يقل الرجل لهذه المعتدة تزوجيني بل يعرض إن أراد، ولا يأخذ ميثاقها وعهدها ألا تنكح غيره في استسرار وخفية. هذا قول جمهور أهل العلم.

و «سرّا» على هذا التأويل نصب على الحال أى مسرين- وسمى النكاح سرّا لأن مسببه الذي هو الوطء مما يسر- وقيل السر الزنا، أى لا يكونن منكم مواعدة على الزنا في العدة ثم التزوج بعدها. أى لا تواعدوهن زنا. واختاره الطبري. ومنه قول الأعشى:

فلا تقربن جارة إن سرها

عليك حرام فانكحن أو تأبدا

أى: «فتزوجها أو ابتعد عنها. وقيل السر الجماع» «1» .

والذي تطمئن إليه النفس أن كلمة (سرا) صفة لموصوف محذوف أى لا تواعدهن وعدا سريا، وأن النهى هنا منصب على كل مواعدة سرية، يقال فيها كل ما ينهى عنه أو يستحيا منه في العلن، لقبحه أو لأن أوانه لم يحن بعد، إذ السرية أو الخلوة بين الرجل والمرأة لا تؤمن مزالقها. وفي الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما» «2» وأن المراد بقوله: إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً هو التعريض بالخطبة، وإظهار المودة بطريقة لا تفضى إلى محرم.

قال صاحب الكشاف في قوله: إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً وهو أن تعرّضوا ولا تصرحوا.

فإن قلت بم يتعلق حرف الاستثناء؟ قلت: بلا تواعدوهن. أى لا تواعدوهن مواعدة قط إلا مواعدة معروفة غير منكرة: أى لا تواعدوهن إلا بالتعريض «3» .

ثم قال- تعالى-: وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ.

(1) تفسير القرطبي ج 3 ص 190.

(2)

الترغيب والترهيب للمنذرى ج 2 ص 38.

(3)

تفسير الكشاف ج 1 ص 284.

ص: 538

العزم: القطع والتصميم، يقال عزم على الشيء إذا صمم وعقد القلب على فعله، وهو يتعدى بعلى وبنفسه فيقال: عزم الشيء وعزم عليه.

وعقدة النكاح: الارتباط الموثق به. وأصل العقد الشد، والعهود والأنكحة تسمى عقودا لأنها تعقد وتوثق كما يوثق بالحبل.

والمراد بالكتاب هنا الأمر المكتوب المفروض وهو العدة التي حدد الله لها وقتا معينا.

والأجل: هو نهاية المدة التي قررها الشرع للعدة.

والمعنى: لا يسوغ لكم يا معشر الرجال الراغبين في الزواج من النساء اللائي فارقهن أزواجهن أن تعقدوا العزم نهائيا في أثناء العدة على أن تتموا الزواج بعدها، بأن تحول الخطبة من التعريض إلى التصريح، أو تبتوا في أمر الزواج بتا قاطعا بمواعدة أو نحوها، إذ العاقل لا يستعجل أمرا قبل حلول وقته، وإنما الذي يسوغ لكم أن تتموا عقد الزواج بعد انتهاء العدة وبعد أن يكون جو الأحزان قد فتر وجفت حدته.

والنهى عن العزم على عقد النكاح نهى بالأولى عن إبرامه وتنفيذه، لأن العزم على الفعل يتقدمه، فإذا نهى عنه كان الفعل أنهى، فهو كالنهى عن الاقتراب من حدود الله في قوله:

تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها.

وبذلك نرى أن الآية الكريمة قد أباحت شيئين، ونهت عن شيئين: أباحت التعريض بالخطبة للمرأة أثناء عدتها، كما أباحت إخفاء هذه الرغبة في الأنفس وحديثها بها. ويشهد لذلك قوله- تعالى-: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ ونهت عن المواعدة سرا إلا أن يقولوا قولا معروفا عن طريق التعريض، أو أن يسار الرجل المرأة بالقول المعروف الذي أباحه الشرع وارتضته العقول السليمة، والأخلاق الفاضلة، بأن يعدها في السر بالإحسان إليها والاهتمام بشأنها والتكفل بمصالحها حتى يصير ذكر هذه الأشياء الجميلة مؤكدا لذلك التعريض. أما الشيء الثاني الذي نهت عنه فهو العزم على عقدة النكاح قبل انقضاء العدة. ويشهد لهذا قوله- تعالى-: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً، وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ.

وبعد هذه الأوامر والنواهي ختم الله- تعالى- الآية بقوله: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ.

ص: 539