الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتب الأسفار الخمسة إنسان آخر، عاش بعد موسى بمدة طويلة، وذلك لبعض الأسباب التي يذكرها ابن عزرا مثل (1):
- لم يكتب موسى مقدمة سفر التثنية لأنه لم يعبر نهر الأدرن.
- كان سفر موسى مكتوبا على حائط المعبد الذي لم يتجاوز اثني عشر حجرا، أي أن السفر كان أصغر بكثير مما لدينا الآن.
- قيل في سفر التثنية: " وقد كتب موسى التوراة، ولايمكن أن يقول موسى ذلك إن كان هو كاتبها ".
- في سفر التكوين، يعلق الكاتب قائلا:" وكان الكنعانيون في هذه الأرض " مما يدل على أن الوضع قد تغير وقت تدوين الكاتب هذا (السفر) أي بعد موت موسى وطرد الكنعانيين وبذلك لايكون موسى هو الراوي.
- في سفر التكوين سمى جبل موريا "جبل الله، ولم يسم بهذا الاسم إلا بعد بناء المعبد، وهو ما تم بعد عصر موسى.
- وفي سفر التثنية وصفت بعض الآيات في قصة أوج، توحي بأن الرواية كتبت بعد موت موسى بمدة طويلة، إذ يروي المؤلف أشياء حدثت منذ زمن بعيد، ثم يضيف سبينوزا على ملحوظات ابن عزرا تلك ملحوظات أخرى: -
- كتابة الأسفار بضمير الغائب، وليست بضمير المتكلم.
- مقارنة موت موسى ولحده والحزن عليه بموت الأنبياء التالين له.
- تسمية بعض الأماكن بأسماء مختلفة عما كانت عليه في عصر موسى.
- استمرار الرواية في الزمان حتى بعد موت موسى.
- خلاصة القول إن أسفار الكتب المقدسة لم يكتبها مؤلف واحد في عصر واحد لجمهور واحد، بل كتبها مؤلفون كثيرون - في عصور متعاقبة - لجماهير مختلفة في المزاج والتكوين - ويمتد التدوين إلى ألفي عام وربما أكثر من ذلك.
ثانيا: الإنجيل
إنه بظهور كتاب أيشهورن (J.G.Eichhorn) عام 1804 م " مدخل إلى العهد الجديد " بمجلداته الخمسة، يكون النقد التاريخي لسند العهد الجديد قد خطا خطوات بعيدة، إذ يتتبع أيشهورن في هذا الكتاب أسفار العهد الجديد سفرا سفرا بفحص صحة الإسناد وحقيقة النص، مع استبعاد مسألة إلهامية الأسفار وطرحها جانب الطريق، فيقرر:
أولا: أن العهد الجديد كمجموعة من الكتب لم يكن له وجود قبل منتصف القرن الثاني.
ثانيا: أن هناك كتابات كثيرة من التي استبعدتها الكنيسة يجب أن تأخذ مكانها في قائمة القانون.
ثالثا: أن هناك عددا من الكتب التي يتضمنها القانون يجب إخراجها منه لعدم صحة نسبتها إلى الرسل الذين تحمل أسماءهم مثل:
(1) المرجع السابق ذكره، ص 28
1 -
رسائل بولس الثلاثة.
2 -
رسالة بطرس الثانية (1).
الأستاذ رودلف سيدل العالم اللاهوتي البروتستانتي، والأستاذ في جامعة لايبسيغ (الألمانية) وأحد الكبار في زمانه يقول في كتابه (أسطورة بوذا) (2):" فإنه من ثمانين وعشرين إصحاحا التي يتألف منها إنجيل متى، فإن إصحاحين منها فقط هما الثاني والعشرون والرابع والعشرون خاليان من النصوص الهندوسية، ومن إنجيل مرقس الذي يتكون من ستة عشر إصحاحا، فإن إصحاحين أيضا هما: السابع، والثاني عشر غير منقولين، وفي إنجيل لوقا، الإصحاح السادس عشر والسابع عشر والعشرون فقط من مجموع أربعة وعشرين إصحاحا التي يتشكل منها الإنجيل المذكور، هي ليست منتحلة - أي مسروقة - ثم إنجيل يوحنا المتضمن واحدا وعشرين إصحاحا، فإن الإصحاحين العاشر والسابع عشر فقط خاليان من النقل ".
والعالم البروتستانتي هابل مؤرخ الأديان، يوافق ويؤيد أقوال (رودلف سيدل)، ويذكر ويسمي ستة وثلاثين نصا في الكتاب المقدس، مقتبسة عن العقائد الوثنية، منها: تجسد يسوع، الطفل يسوع في الهيكل، قصة مريم المجدلية الخاطئة ومعجزة المشي على الماء.
والعالم (برنهارد سبيس Prof.Bernhard spies) العليم بالسنسكريتية، وبالخط المسماري يقرر ويثبت ويجزم بأن الأمثال بأجمعها - تقريبا - التي في الأناجيل، هي نسخ عن أمثال الهندوسيين والسومريين والآشوريين، وخصوصا سلسلة الأمثال التي تتعاقب في الإصحاح الثالث عشر من انجيل متى.
وغارب Garbe يقول: إن أكبر وأعظم علمائنا اللاهوتيين أمثال (هارناك Harnack (وغونكل Gunkel يعدون النصرانية ويحسبونها بسهولة وببساطة وإخلاص وصراحة كدين توفيقي تلفيقي، أي يعادل التوفيق بين النقيضين، أو بين المذاهب والآراء المتناقضة وهو مذهب توحيد المذاهب المتناقضة (Sineretism) .
كما نجد أن الآيات فيما بينها اشتراك تعود لكتابات وسيطة وليست إلى الكتابات النهائية الأصلية والتي قد ترتبط أو لا ترتبط بالسند لأقوال عيسى عليه السلام ذاته.
إن أقدم الأناجيل هو إنجيل مرقس، قد كتب بعد رفع المسيح بحوالي 35 سنة، وأن أحدث الأناجيل، وهو إنجيل يوحنا قد كتب بعد المسيح بحوالي 70 أو 90 سنة. ولقد كتب بولس رسائله قبل كتابة أقدم إنجيله بفترة تصل إلى 15 سنة (3).
ويتحدث موريس بوكاي عن مصدر الأناجيل بقوله:
(1) عبد الراضي عبد المحسن، المعتقدات الدينية لدى الغرب، (الرياض: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ط 1، 2001 م)، ص 275، ص 276.
(2)
د. شوقي أبو خليل، الإسقاط في مناهج المستشرقين والمبشرين، (دمشق: دار الفكر، الإعادة الأولى، 1998)، ص 22 - 23.
(3)
((ا. د. محمد عبد الله الشرقاوي، مقارنة الأديان، بحوث ودراسات (لبنان: دارالجيل، مكتبة الزهراء، الطبعة الثانية، 1990 م)، ص 158.
- آيات مشتركة بين اللوائح الثلاث 330.
- آيات مشتركة بين مرقس ومتى 178.
- آيات مشتركة بين مرقس ولوقا 100.
- آيات مشتركة بين متى ولوقا 230.
- الآيات الخاصة هي: متى 330 آية، لوقا 5000 آية، مرقص 53 آية (1).
إن تنقيحات النصوص وتكييفها من أولئك الذين نقلوها إلينا، أجريت بأسلوب يقدمه الأب بوامار بصورته المعقدة التي هي تطوير للنظرية المسماة ذات المصدرين
…
ثمة أربع وثائق أصلية تسمى أ - ب - ث - ك تمثل المصادر الأصلية للأناجيل.
أ: ناشئة في وسط يهودي - مسيحي، وقد أثرت في متى ومرقس.
ب: هي إعادة لترجمة الوثيقة، لاستعمال الكنائس الوثنية - المسيحية، وقد أثرت في جميع الإنجيليين ماعدا متى.
ث: أثرت في مرقس ولوقا ويوحنا.
ك: تؤلف أكثر المصادر المشتركة بين متى ولوقا. إنها الوثيقة المشتركة ذات المصدرين.
على أن واحدة من هذه الوثائق التي اعتمدت كأساس، لم توصل إلى كتابة النصوص النهائية التي بين أيدينا. إذ قد انتصبت بينها وبين الكتابات النهائية، كتابات وسيطة، أطلق عليها الكاتب واسطة متى، وواسطة مرقس، وواسطة لوقا ويوحنا. وهذه الوثائق الأربع الوسيطة هي التي أوصلت إلى الكتابات النهائية للأناجيل الأربعة (2).
إن مسيحيي اليوم ينطبق عليهم تماما اسم (البولسيون) لاتباعهم أوامر بولس ولسيرهم معه في التيار الذي سار فيه، ولتمسكهم بدينه الذي اخترعه لهم اختراعا، وأنشأه لهم إنشاء، والذي اقتبسه لهم من ديانات الأمم الوثنية المختلفة واستعاره من عقائد بعض الشعوب (3).
إن رسائل بولس في الواقع ليست إلا النصوص الأولى للعهد الجديد ما دام أنها كتبت بين سنة 50، 60 للميلاد، بينما لم تكتب أناجيل " العهد الجديد " التي وصلت إلينا إلا بين 70، 110 للميلاد، أي أن مؤلفي هذه الأناجيل تأثروا برسائل بولس التي كتبت قبلهم وتشربوا بأفكاره وتأويلاته لأعمال عيسى عليه السلام. إن بولس حاضر ناظر في العهد الجديد منذ كلمته الأولى، على الرغم من أن هذه الأناجيل تتحدث عن أمور وقضايا سبقت تأثير بولس. ولاشك أن مفاهيم بولس ونظرته قد طغت على الأناجيل طغيانا دل على انتصار نظرته على كل ما فعله المسيح على الأرض، وذلك في عقيدة الكنيسة بعد ذلك، ولقد كانت هناك
(1) موريس بوكاي، التوراة والإنجيل والقرآن والعلم، ترجمة الشيخ حسن خالد (بيروت: المكتب الإسلامي، ط 3، 1990 م)، ص 95.
(2)
المرجع السابق، ص 96 وما بعدها (بتصرف يسير).
(3)
سامح وصفي، المسيح والتثليث، دارالفضيلة، ط 4، ص 67 - ص 69
تفسيرات مختلفة عن تفسيرات بولس، وكانت متماشية مع المسيحية الأولى، غير أن هذه التفسيرات والآراء أزيلت واتهمت بالكفر عندما ثبتت الكنيسة البولسية لائحة الكتابات التي صارت تعرف بعد ذلك بالعهد الجديد (1).
فضلا عن ذلك الآراء الشاذة والغريبة التي تناولها الكتاب المقدس مثل (2):
نقل عن ميلانكتون العالم البروتستانتي في كتابه (الأماكن اللاهوتية) ص 92 طبعة اكسبرج 1821 قوله: إن كنت سارقا أو زانيا أوفاسقا، فلا تهتم بذلك، عليك فقط، ألا تنسى أن الله هو شيخ كثير الطيبة، وأنه قد سبق وغفر لك خطاياك، قبل أن تخطئ بزمن مديد.
ونقل عن القس (بطرس حنا) في كتابه (فضائح الكنيسة الانجيلية) قوله: أنه مسموح للراعي الإنجيلي أن يوجد في بيته لبعد منتصف الليل في غياب زوجته عن البلد فتاة عظيمة الجمال، رشيقة القد، عديمة الحشمة، هذا ما صرح به سنودس النيل للمحكمة الدينية العليا لطائفة الانجيلية
…
" مسموح للراعي الإنجيلي أن يختلس من مال الرب ما يستطيع اختلاسه، وإن وصل القدر إلى أكثر من سبعة آلاف جنيه وفي كل هذا لاعقاب عليه.
ولو جهدت بكل جهدك، وجمعت كل عقلك أن تفهم قولهم في المسيح، لما قدرت عليه حتى تعرف به حد النصرانية وخاصة قولهم في الإلهية. وكيف تقدر على ذلك، وأنت لو خلوت ونصراني نسطوري فسألته عن قولهم في المسيح لقال قولا، ثم إن خلوت بأخيه لأمه وأبيه وهو نسطوري مثله فسألته عن قولهم في المسيح لأتاك بخلاف قول أخيه وضده، وكذلك جميع الملكانية واليعقوبية؛ ولذلك صرنا لا نعقل حقيقة النصرانية كما نعرف جميع الأديان.
إلا أن آريوس (3)
كان دائما يلجأ إلى المنطق والتعليل، ولأن اسكندر لم يستطع أن يواجهه بنفس منطقه فقد كان يحتد دائما عند انتهاء الجدال، وكان آريوس عند تقديم افتراضاته يقول " أين الخطأ في استنتاجي وفي قياسي المنطقي " وفي عام 321 م أصبح آريوس قسيسا متمردا محبوبا وواثقا ومتأكدا بعمق من معتقداته، وبعد هذا التقاعس الشخصي من جانبه طلب اسكندر عقد مجمع كنسي محلي للحكم على مذهب آريوس، وحضر هذا المجمع حوالي مائة قسيس مصري وليبي وتمسك آريوس بالموقف الذي اتخذه بشجاعة وقدرة كبيرة قائلا:
(1) هيم ماكبي، ترجمة سميرة عزمي الدين، بولس وتحريف المسيحية، سلسلة من أجل الحقيقة (3) منشورات المعهد الدولي للدراسات الإنسانية، ص 15.
(2)
((أبو عثمان بن عمرو بن بحر الجاحظ، المختار في الرد على النصارى، تحقيق أ. د. محمد عبد الله الشرقاوي، (لبنان: دار الجيل، مكتبة الزهراء، الطبعة الأولى، 1991)، ص 68.
(3)
آرْيُوس (256؟ - 336 م). قس إغريقي من سكان الإسكندرية، بمصر، أنشأ في حوالي عام 318 م مذهبًا لاهوتيًا نصرانيًا يعرف بالآريوسية، أكد فيه أن المسيح مخلوق وليس إلهًا. وكان يؤمن بالوحدانية ويقر بنبوة عيسى عليه السلام، لا بألوهيته. انظر: الأريوسية. وفي حوالي عام 318 م، استنكر الإسكندر، مطران الإسكندرية تعاليم آريوس، الذي استمر في القول بتعاليمه وجذب الكثير من الأتباع، فطرده وأتباعه من الإسكندرية، فذهب إلى فلسطين وسوريا، وتبعه أساقفة كثيرون منهم أسقف قيصرية وأساقفة بيروت وصور واللاذقية وغيرها. ولما خشي قسطنطين استفحال أمره بعد الانتشار السريع لآرائه، دعا المجمع المسكوني للانعقاد، فانعقد في نيقية عام 325 م، وحكم بالأقانيم الثلاثة، وشجب أقوال آريوس، وأمر بحرق كتاباته وتحريم اقتنائها، وحكم عليه بالهرطقة (الابتداع). من الموسوعة العربية العالمية السعودية، مرجع سابق.