الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مدخل
تقع دولة الهند جنوبي آسيا، وهي ثانية أكبر دولة سكانا في العالم. تتباين الهند من حيث الأرض والسكان إلى عدة مجموعات عرقية ودينية، ويتحدثون لغات ولهجات مختلفة. ويتفاوت السكان تفاوتا كبيرا من حيث مستوى المعيشة والثراء والفقر والتعليم. بقيت الهند مستعمرة بريطانية منذ القرن الثامن عشر الميلادي إلى أن نالت استقلالها عام 1947 م. يتحدث سكان الهند 14 لغة رئيسية وأكثر من ألف لغة ولهجة محلية
…
وتعتبر اللغة الهندية لغة البلاد الرسمية بجانب اللغة السنسكريتية و 13 لغة إقليمية أخرى، كما تعد اللغة الإنجليزية لغة رسمية على مستوى أنحاء الهند المختلفة (1).
وهي بلاد شاسعة يحدها من الشمال سلسلة جبال الهملايا ومن الغرب جبال هندكوش وسليمان حيث تقع أفغانستان وإيران ثم تمتد الهند إلى الجنوب في شبه جزيرة يقع بحر العرب في غربها، وخليج البنغال في شرقها، وسيلان في طرفها الجنوبي، ويتجه الإقليم الشمالي منها إلى الشرق حتى جبال آسام (2).
تعتبر الهند من الأمم ذات الحضارة القديمة بحيث تزامل في حضارتها حضارات مصر وبابل وآشور واليونان
…
وقد كانت مساحة الهند الواسعة وتعرضها للغزاة - الذين وفدوا عليها من الغرب - سببا في اختلاف الناس، كذلك في الأجناس التي ينتسبون إليها
…
وتعد الهندوسية أقدم الأديان في الهند تليها البوذية التي انتشرت قبل الميلاد بنحو خمسمائة سنة ثم الإسلام ثم السيكية ثم المسيحية التي بدأت تنتشر في الهند مع بعثات الغرب التجارية وبعد دخول الإنجليز واهتمامهم بنشرها وهي في الجنوب أكثر من الشمال (3).
بدأ الإسلام ينتشر في الهند منذ أن فتح محمد القاسم الثقفي (4) السند، وعندما أعلن الخليفة عمر بن عبد العزيزأن كل من يعتنق الإسلام له الحقوق نفسها التي للعرب اعتنقت بعض القبائل الهندية الإسلام، ولكن معظمها عاد لمعتقداته القديمة بعد سقوط الدولة
(1) الموسوعة العربية العالمية، مجموعة من العلماء والباحثين [د. إبراهيم القرشي عثمان، د. صالح معيض الغامدي، د. عبد الرحمن الشمراني، د. خليل أحمد خليفة]، (الرياض: مؤسسة أعمال للنشر والتوزيع، ط 2، 1999) مج 26، ص 127 (بتصرف).
(2)
عبد المنعم النمر، تاريخ الإسلام في الهند، (بيروت: المؤسس الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط 1، 1981 م)، ص 18.
(3)
المرجع السابق، ص 31، ص 41، ص 45 (بتصرف يسير).
(4)
(نحو 62 ـ 98 هـ/681 ـ 717 م) محمد بن القاسم بن محمد بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي، فاتح السند وواليها، من كبار القادة، ومن رجال الدهر في العصر المرواني، كان أبوه والي البصرة للحجاج، وقد ولى الحجاج محمداً ثغر السند في أيام الوليد بن عبد الملك، وكان يومئذ يقيم ببلاد فارس، وأمره أن يسير إلى الري وعلى مقدمته أبو الأسود جهم بن زحر الجعفي، وجهَّز الحجاج معه ستة آلاف مقاتل من جند الشام، وجموعاً أخرى كثيرة غيرهم، وجهزه بكل مايحتاج إليه حتى الخيوط والمسال، وأمره أن يقيم بشيراز حتى يتوافى إليه أصحابه، ويوافيه بما أعده له، وعمد الحجاج إلى القطن المحلوج، فنُقع في الخل البكر ثم جُفف في الظل، وأمرهم بنقعه في الماء واستخدامه في الطبخ والاصطباغ. المرجع السابق مج 18 ص 106.
الأموية. سجل بروز غزنة (1) في عهد السلطان محمود الغزنوي (388 - 421 هـ/998 - 1030 م) بدء عهد جديد في تاريخ الإسلام في الهند، ولكن النمو الحقيقي للمجتمع الإسلامي في الهند حدث عندما سيطر الغوريون على شمالي الهند، وفي عهد سلاطين دهلي، وعندما بدأ محمد بن تغلق (725 - 752 هـ) بمحاولات للسيطرة على الدكنكان تمهيدا لنشر الإسلام فيها فأخذ يشجع العلماء والأولياء على الانتشار في مناطق مختلفة في الجنوب فاعتنقت الإسلام قبائل كثيرة نتيجة لتأثرهم بالمتصوفة المسلمين، كما أن تعاليم الإسلام التي تنادي بالمساواة، اجتذبت أعداداً كبيرة من الطبقة الدنيا الهندوسية المنبوذة
…
وقد تأثر الفكر الديني الإسلامي في الهند بالمؤلفات الدينية التي دخلتها من الخارج، سواء في التفسير أم الحديث أم الفقه أم التصوف، وعندما دخلت مؤلفات ابن عربي «فصوص الحكم» و «الفتوحات المكية» إلى الهند غدت أفكار ابن عربي وآراؤه شائعة في الأوساط الدينية الإسلامية، وزاد من تأثير فكر ابن عربي بروز الشعر الصوفي في غزنة، وتأليف «المثنوي» لجلال الدين الرومي. فلما دخلت تعاليم ابن تيمية (2)
إلى الهند عن طريق أحد تلامذته وهو عبد العزيز الأردبيلي بدأ العلماء
(1) الدولة الغزنوية (351 - 582 هـ، 962 - 1186 م). يرجع ظهور الدولة الغزنوية التي سميت بعاصمتها غزنة (مدينة مشهورة في طرف خراسان في حدود الهند) إلى سبكتكين أحد المجاهدين المسلمين، فقد ولاه السامانيون منطقة غزنة، ثم مد سلطانه في الشرق حيث ولاه السامانيون إقليم خراسان عام 384 هـ، 994 م مكافأة له على قمع الثوار في بلاد ما وراء النهر. الموسوعة العربية العالمية السعودية، مرجع سابق ..
(2)
((هو تقي الدين (661 ـ 728 هـ/1263 ـ 1328 م) أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن عبد السلام بن عبد الله، ابن تيمية، النميري، الحراني الدمشقي، الحنبلي، تقي الدين الإمام، شيخ الإسلام. اشتهر بابن تيمية لأن جده الأعلى محمد بن الخضر حج، وكانت امرأته حاملاً، فلما كان بتيماء رأى جارية جميلة، ولما رجع إلى حران وجد امرأته وضعت بنتاً، فلما رفعوها إليه قال يا تيمية، يا تيمية، يعني أنها تشبه التي رآها بتيماء. فسمي بها، أو أن جده محمداً كانت أمه تسمى «تيمية» وكانت واعظة، فنسب إليها، وعرف بها. ونسبته إلى بني نمير تدل على أنه عربي الأصل، والدمشقي لأنه استوطن بدمشق ومات بها، والحنبلي نسبة إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل الذي تفقه عليه، وناصره في الغالب .. وأطلق عليه لقب «شيخ الإسلام» لغزارة علمه، وسعة معارفه، وقيامه بالدعوة، ووقوفه في وجه الأعداء، ولمواقفه المشهورة مع الكفار المعتدين من التتار وغيرهم. والحراني نسبة إلى «حران» وهي البلدة التي ولد بها، بتشديد الراء، مركز ديار مضر (شمال شرقي سورية) بينها وبين الرها يوم، وبين الرقة يومان، قيل هي أول مدينة بنيت بعد الطوفان، كانت منزل الصابئة، وهي مهاجر إبراهيم الخليل عليه السلام، وهي اليوم في تركية قرب أورفة، وعمرت بعد أن أصابها الخراب على يد التتار
…
ولد ابن تيمية بحران وهو سليل أسرة علمية عريقة: معروفة ومشهورة، فوالده شهاب الدين عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله (ت 627 - 682 هـ) كان عالماً فاضلاً، من كبار فقهاء الحنابلة تفقه بأبيه، وأحكم فروع المذهب، ودرس وأفتى وصنف، وكان إماماً محققاً في عدة علوم، وتولى مشيخة دار الحديث السكرية بدمشق، وكان له كرسي بالجامع الأموي الكبير يعلم فيه أيام الجمع من حفظه، وتوفي بدمشق، ودفن في مقابر الصوفية. وجده الشيخ مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن محمد بن الخضر (590 - 652 هـ) حفظ القرآن وسمع الحديث، ورحل في طلب العلم إلى بغداد وأقام فيها بضع سنوات، ثم رجع إلى بلده حران، ثم عاد إلى بغداد، فازدادت شهرته، وصار فرداً في زمانه، رأساً في الفقه وأصوله، إماماً من أئمة الحنابلة، وله معرفة كبيرة بالقراءات والتفسير، وصنف عدة مصنفات، منها «التفسير» ، و «منتقى الأخبار في أحاديث الأحكام» ، و «المحرر في الفقه الحنبلي» ، وتوفي ببغداد. وأمه ست النعم بنت عبد الرحمن الحرانية، كانت فاضلة ورعة تقية زاهدة، وكان لها تأثير كبير في تربية ابنها وتعليمه وتشجيعه على الجهاد لإحياء الشريعة
…
حفظ ابن تيميه القرآن الكريم في صغره، بدمشق، وبدأ جمع العلوم الشرعية فحفظ الحديث حتى صار حافظاً ومحدثاً، وأول كتاب حفظه «الجمع بين الصحيحين» للإمام الحميدي، وسمع عدة مرات مسند أحمد، وصحيح البخاري، ومسلم، وجامع الترمذي وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجه والدارقطني، وذلك على عدة شيوخ، وسمع منه هذه الكتب تلاميذه، وكان يستوعب السنن والآثار. درس الفقه، فتفقه على والده، وعلى كبار فقهاء عصره في دمشق، وكان دون العشرين عندما تأهل للفتوى، فأفتى وله تسع عشرة سنة، واستوعب مذاهب الصحابة والتابعين وآراء المذاهب الأربعة مع الأدلة، كما درس علم أصول الفقه، ووصل إلى درجة الاجتهاد لاجتماع شروطه فيه، فاجتهد واعتمد كثيراً على الاستدلال بالقرآن والسنة حتى قال ابن كثير:«إنه كان أعرف بفقه المذاهب من أهلها الذين كانوا في زمانه وغيره» ، وكان عالماً باختلاف العلماء، عالماً بالأصول والفروع. =
المتمسكون بأصول الدين والسلاطين التغلقيون يحاربون الميول الداعية إلى وحدة الوجود، وظهرت مؤلفات فقهية عديدة في القرن الرابع عشر الميلادي تهدف كلها إلى الوقوف في وجه الأفكار الداعية إلى وحدة الوجود
…
وقد أثارت رغبة أكبر شاه في وضع ديانة جديدة تجمع بين كل المعتقدات الدينية في الهند مخاوف المسلمين الأصوليين
…
وكان الشيخ أحمد سرهندي وهو من أتباع الطريقة النقشبندية من المنتقدين؛ حيث انتقد محاولة " أكبر شاه " في مزج المعتقدات الإسلامية وغير الإسلامية كالهندوسية والبوذية وغيرها في عقيدة واحدة، واستطاع الشيخ أحمد سرهندي أن يجتذب أعداداً كبيرة من نبلاء المغول إلى جانبه وتمكن عن طريقهم أن يحدث تغييراً في جو البلاط. في القرن الثاني عشر الهجري/الثامن عشر الميلادي حاول بعض العلماء المسلمين إيجاد تسوية بين الآراء والأفكار المتصارعة التي حدثت في القرن السابق، فكتب شاه ولي الله الدهلوي مقالة بعنوان «فيصلة وحدة الوجود والشهود» حاول فيها أن يبين أنه ليس ثمة اختلاف جوهري بين أفكار ابن عربي والشيخ أحمد سرهندي فكلاهما يعنيان الشيء نفسه، ونجح الجدال الذي احتدم بين العلماء عدة عقود مع أنه وُجد علماء لم يتفقوا مع وجهة نظره (1).
إن تسرب التأثيرات الغربية إلى المجتمع الإسلامي في الهند وتفوق الغرب في التكنولوجيا والعلوم والصناعة أوجد نوعاً من الصراع لدى المسلمين الهنود، فالهنود المسلمون الذين درسوا اللغة والعلوم الإنكليزية تقبلوا الحكم البريطاني، ورفض فريق آخر تعلم اللغة والآداب الإنكليزية رفضاً باتاً، ورفضوا الحكم البريطاني وعدّوه دخيلاً حل محل حكم المغول في الهند، وهناك فريق ثالث ظهر رأيه بجلاء في الموقف الذي اتخذه شاه عبد العزيز بن شاه ولي الله، فهو يمتدح الإنكليز من حيث كفاءاتهم العلمية ويسمح بدراسة اللغة
= تمذهب بمذهب الإمام أحمد بن حنبل، ويعده كثيرون فقيهاً حنبلياً، وكان يرجح الفقه الحنبلي على غيره، ويعتبره أقرب إلى نصوص القرآن والسنة، ولكنه لم يتعصب للمذهب الحنبلي، فكان يقدر آراء الفقهاء والعلماء وأئمة المذاهب الآخرين، ويعتذر لهم في بعض الآراء حتى صنف رسالته القيمة «رفع الملام عن الأئمة الأعلام» .لم يلتزم ابن تيمية مذهباً معيناً في فتاويه ومصنفاته، بل أفتى خلافاً للمذاهب الأربعة إذا صح عنده دليل من الكتاب والسنة وفتاوى السلف مما أنكره عليه علماء عصره، وأدى به إلى السجن والاعتقال عدة مرات. درس ابن تيميه العلوم العربية والعقلية، وأتقن فنون الحساب والجبر والمقابلة، ونظر في علم الكلام والفلسفة والفرق، وضرب بسهم وافر وصائب في جميع ذلك وصنف في معظمها. ذكر العلماء أن شيوخه الذين سمع منهم كانوا أزيد من مائتي شيخ، وتلقى العلم عن والده الشيخ عبد الحليم (ت 682 هـ) وعن أحمد بن عبد الدائم المقدسي النابلسي المؤرخ المحدث الفقيه (ت 668 هـ) وعن محمد بن عبد القوي بن بدران المقدسي المردادي الفقيه المحدث النحوي (ت 699 هـ)
…
وأخذ عن علماء الحنفية والشافعية من علماء دمشق وغيرها، المرجع السابق مج 7 ص 265، وكذلك، محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن قدامة المقدسي، العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، تحقيق: محمد حامد الفقي (بيروت: دار الكتاب العربي، د. ط، د. س) ص 2 وما بعدها.
(1)
الموسوعة العربية السورية، تأسست عام 1991 م (arab-ancy.com)، المجلد 21، الهند (التاريخ الوسيط). أحدثت هيئة الموسوعة العربية بمقتضى المرسوم التشريعي رقم 3 تاريخ 5/ 1/1981، الذي نص على أنها هيئة عامة ذات طابع علمي ثقافي تتمتع بشخصية اعتبارية واستقلال مالي وإداري، وترتبط برئاسة الجمهورية العربية السورية، ومركزها مدينة دمشق ولها أن تنشئ مكاتب تابعة لها في داخل الجمهورية العربية السورية وخارجها. تتولى هيئة الموسوعة العربية جميع مايتعلق بإصدار موسوعة عربية شاملة وموسوعات متخصصة وملاحق موسوعية .. ـيرأسها حاليا أ. د. محمد عزيز شكري -رئيس شعبة الشريعة والقانون في معهد الفتح الإسلامي (تابع لجامعة الأزهر) منذ العام 2000 م. (بتصرف يسير).
الإنكليزية ولكنه من جهة أخرى يصدر فتوى يعلن فيها أن كل الأراضي التي احتلها الإنكليز هي دار حرب (1).
وأخيرا، إن المفاهيم المغلوطة حول ابن عربي والتصوف - الدخيلة على المجتمع الهندي- كان لها أسوأ الأثر في تخبط الفكر الإسلامي ورجالاته خارج دائرة الخطوط العقائدية الواجب اعتقادها فتمثلت في إحدى أكبر المشكلات بجانب مشكلتي الاستعمار والإغراءات بالتكنولوجيا الغربية المتطورة.
وإنه بعد تلك المقدمة عن أوضاع الهند، كان لابد أن أتطرق إلى معرفة أحوال الهند في تلك الفترة المهمة؛ حيث انتشرت النصرانية في العالم وخاصة في شبه القارة الهندية الباكستانية، وبذل العلماء المسلمون جهودا حثيثة في مواجهتها.
إن ادعى المسيحيون انتصار المسلمين بسبب الأساليب المتطورة؛ فعلينا أن نبحث عن أسباب ذاك الانتصار، وهل طور النصارى أساليبهم بعد مناظراتهم مع المسلمين لتعود إليهم ثقة العالم بشكل واقعي؟ ، كذلك نبحث عن أسباب عدم تبادل النصارى تلك الأساليب في أثنائها أو عقبها، وهل إذا طور النصارى تلك الأساليب سيكونون قادرين على الخوض مجددا في أساليب الحجاج تلك؟ ، وهل ستكون الأساليب هي محور النجاح والفشل؟ ، أم أن الحق لابد له من غالب، وأن الباطل لابد له مغلوب.
كانت أبرز جهود المسلمين في هذا الميدان هي جهود الشيخ رحمت الله الهندي، وخاصة عندما ناظر القس فندر؛ حيث وصلت المناظرة في عهدهما إلى أعلى درجات البحث والنظر والجدل، وتشكلت أقوى المراحل المنهجية في دائرة علوم الجدل والمناظرة.
بلغت أهمية العصر الذي ظهر فيه الشيخ رحمت الله مبلغا عظيما؛ حيث كان حافلا بالأحداث التي مرت على الإسلام والمسلمين -والتي لازالت تستمر - وتمثلت في مقاومته للنصرانية؛ المتمثلة في حملات التبشير - في تلك الفترة - باليد واللسان والقلم؛ تلك النصرانية التي تمثل أقصاها عند القس فندر وكتابه ميزان الحق.
وتاريخيا، لا يمكن أن نغفل - في ذلك المقام - ونحن نتحدث عن المناظرات بين المسلمين والنصارى - ردود المسلمين عليهم عبر التاريخ الإسلامي والتي لم تبدأ عند الشيخ رحمت الله الهندي والقس فندر - فحسب - بل سبقتهما محاولات كثيرة وفي أماكن متفرقة أمثال:
ردود ابن حزم الأندلسي (2) ت (456 هـ - 1064 م)[الفصل في الملل والأهواء والنحل]. يعد ابن حزم من أوائل من تكلم في نقد الكتب المقدسة، كما يعد ابن تيمية من أوائل من أصل القواعد لمناظرة أهل الكتاب.
(1) المرجع السابق
(2)
أبو محمد علي بن أحمد بن حزم القرطبي-وهو عالم عربي أندلسي. مؤرخ، وفقيه ومحدث، وأديب، ومؤلف في علم الكلام والعقائد والفلسفة. كان شافعي المذهب، ثم أصبح ظاهرياً، فاشتهر بمذهبه الظاهري في الفقه، ولقب بابن حزم الظاهري. له مصنفات في مختلف العلوم: منها «طوق الحمامة» ، و «فضل الأندلس» ، و «أبطال القياس والرأي والاستحسان والتقليد والتعليل» ، و «الإحكام لأصول الأحكام» ورسالة «في أصول الفقه» و «الفصل في الملل والأهواء والنحل» . و «التقريب في حدود المنطق» ، و «الناسخ والمنسوخ» ، و «الأخلاق والسير في مداواة النفوس». مؤدى مذهبه الفقهي الظاهري: أن كل قياس لا يستند إلى القرآن والحديث باطل، وهو يأخذ بظاهر المعنى لألفاظ القرآن والحديث. له شعر كثير، ملأه بمعارفه، ولم يعن بتنقيح لفظه وسبكه، ففقد جمال التعبير، الموسوعة العربية الميسرة، مجموعة من العلماء والباحثين (بيروت: المكتبة العصرية، ط 1، 2010) ص 24.
- الجويني إمام الحرمين ت (478 هـ - 1085 م)[شفاء الغليل في بيان ما وقع في التوراة والإنجيل من التبديل].
- حجة الإسلام الغزالي ت (505 هـ - 1111 م)[الرد الجميل بإلهية عيسى بصريح الإنجيل].
- شهاب الدين القرافي ت (684 هـ - 1285 م)[الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة].
- تقي الدين بن تيمية ت (728 هـ - 1328 م)[الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح].
- ردود الخزرجي ت (582 هـ - 1187 م)[مقامع الصلبان].
- صالح بن الحسين الجعفري ت بعد (637 هـ - 1239 م)[تخجيل من حرف الإنجيل].
- القرطبي ت (827 هـ - 1424 م)[الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإثبات نبوة نبينا عليه الصلاة والسلام].
- ابن قيم الجوزية ت (751 هـ - 1350 م)[هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى].
- عبد الله الترجمان ت (827 هـ - 1424 م)[تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب](1).
إن تلك المناظرة التي حدثت بين المسلمين والنصارى- في نهاية القرن التاسع عشر - في الهند- ظهر بجلاء ضعف الأدلة والحجج والبراهين التي يسوقها المسيحيون لإثبات عقيدتهم، وتصويرها على أنها إتقان أساليب متطورة وحديثة - اخترعها المسلمون - من وهب الحضارة الأوروبية؛ ادعاء ليصرفوا كفة الميزان تجاههم مرة أخرى.
بعد الاحتلال البريطاني وسقوط دولة المغول، وضع البريطانيون خطة لتنصير الهند في القرن التاسع عشر الميلادي، وأرسل البريطانيون البعثات التبشيرية إلى الهند، وكان من أبرزهم وأقواهم حجة هو القس فندر (2).
هرع الناس إلى الشيخ رحمت الله مطالبين إياه بالتصدي للقس فندر- بعد تشكك الكثيرين في إيمانهم - فتركز منهج رحمت الله في الحديث عن المسائل العظام، وأمسى ملزما خصمه بالإسلام إن تراجع أو خسر.
(1) مرجع سابق، عبد المجيد الشرفي، الفكر الإسلامي في الرد على النصارى إلى نهاية القرن الرابع: العاشر، رسالة دكتوراة، ص 14، ص 15.
(2)
انظر: عبد الخالق بن محمد بن سعيد، رحمت الله الهندي وجماعته وجهودهم في مواجهة الحملات التبشيرية، (القاهرة: الأزهر، رسالة دكتوراة، 1992 م)، ص 27.
كان رحمت الله يستمد كلامه من نصوص الوحي، والرد من خلال كلام الخصم وردوده، وتميز بسعة الاطلاع والتفصيل دون استطراد. كان كذلك يعتمد المنطق والتاريخ في حجته فكان يستند إلى العقل، وكتب العهدين، وكلام علماء النصارى المعتبرين (1).
وكان يعمد إلى النقد الذاتي للقضية مثل: نفي ألوهية المسيح بنصوص العهدين، وبعرض مقدمات منطقية رياضية، وبعض تعليقاته الشخصية، واستدلالاته بقول مؤرخي المسلمين في الحديث عن غرض النصارى، كذلك الاستدلال بالحقائق التاريخية وضرب الأمثال (2).
أما فندر فعمد إلى إخفاء الحقائق؛ حيث حاول إثبات أن انتشار النصرانية في العالم كان بالتبشير والإقناع والمحبة، وأن نشر الإسلام كان بالجبر والإكراه والسيف (3). ومصداقا لقوله تعالى:" ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا اللذين ظلموا منهم "(4)؛ فقد كان رحمت الله يجادل فندر بالحسنى، إلا أنه قد يضطر أحيانا للرد على الموقف العنيف لفندر.
يعتبر البرتغاليون أول نصارى الأوروبيين الذين احتلوا البلاد؛ حيث وصل فرانسيس زافير عام 1541 م إلى الهند لمهمتين الأولى: القاصد الرسولي للبابا، والثانية: المفتش الملكي البرتغالي للبعثات التبشيرية، وأسس جامعة القديس بولس العظيمة، كما كانت التجارة هي أول وسيلة يستخدمها الإنجليز في محاولة تنفيذ خطة تنصير الهند المسلمة (5).
من خلال ما سبق وجب التعرف على الاحتلال البريطاني لشبه القارة الهندية؛ حيث "أخذت بعوث البريطانيين التجارية تفد إلى الهند منذ بداية القرن السابع عشر الميلادي
…
ومالبث هؤلاء البريطانيون بما اشتهر عنهم من الدهاء وسعة الحيلة، أن صرحت الدولة لهم بإقامة وكالات تجارية عند سورات في الغرب وهوجلي في الشرق، ثم مازالوا يتقربون من بعد ذلك إلى سلاطين الهند حتى عاونوهم في حربهم ضد البرتغاليين عند الشواطئ الشرقية، كما دفعوا المرهتها كذلك مزيدا من الامتيازات حتى بلغوا من الثراء والقوة واتساع النفوذ ما مكنهم من شراء بومباي نفسها من البرتغاليين وتوسيع رقعة أراضيهم عند كلكتا ومد نفوذهم إلى مدراس (6) ومايليها جنوبا" (7).
(1) محمد الفاضل بن علي اللافي، دراسة العقائد النصرانية منهجية ابن تيمية ورحمت الله الهندي، (فرجينيا، أمريكا: المعهد العالي للفكر الإسلامي، ط 1، 2007)، ص 125.
(2)
المرجع السابق (بتصرف).
(3)
مرجع سابق، رسالة الأزهر، رحمت الله الهندي وجماعته وجهودهم في مواجهة الحملات التبشيرية، ص 28.
(4)
العنكبوت: 46]
(5)
انظر: المرجع السابق، ص 51، ص 80، ص 97 (بتصرف يسير).
(6)
مدراس عاصمة ولاية تاميل نادو ومركزها التجاري، تشتهر بمبانيها المعمارية التقليدية.
تاميل نادو ولاية تقع جنوب شرقي الهند وتبلغ مساحتها 130،058 كم2 وعدد سكانها 55،638،318 نسمة، معظمهم من الهندوس وأقليات من المسلمين والنَّصارى. ويعتمد 75% من السكان على زراعة القطن والفول السوداني والأرز وقصب السكر وصناعة المعدات الهندسية والسيارات والنسيج والحديد والصلب. وعاصمتها مدراس. الموسوعة العربية العالمية السعودية، مرجع سابق.
(7)
أحمد محمود الساداتي، تاريخ المسلمين في شبه القارة الهندية وحضارتهم، (القاهرة: مكتبة الآداب، ج 2، بدون ط، 1957 م)، ص 278 ومابعدها (بتصرف يسير).
يتميز البريطانيون بالدهاء الواسع، والدقة الشديدة، ومناصرة الضعيف على القوي، حتى يُهزم القوي؛ فتكون الغلبة لهم.
وكان الفرنسيون قد بلغوا بتدبير دوبليكسن، مدير الشركة الفرنسية الهندية، ودهائه، إلى مزيد من النفوذ في الدكن وجنوب الهند؛ فقد استطاع هذا الداهية الفرنسي أن يدرب بعض جنود إمارة حيدر آباد الدكنية، وفريقا من قوات جنوب الهند، على أساليب القتال الحديثة، وخططه، حتى صار الحاكم الفعلي لكافة الأراضي الواقعة إلى الجنوب من نهر كرشنا، والموجه لدفة الحكم فيها من وراء ستار (1).
يبدو أن البريطانيين استفادوا كثيرا من تدابير دوبليكسن في خطط الهجوم عوضا عن الدفاع بشكل غير مباشر مكنهم من نشر قواتهم على أنحاء متفرقة، والاستيلاء على الحكم بصورة غير مباشرة في بداية الأمر.
وحين نشبت حرب الوراثة النمساوية عام 1740 م، وتحارب فيها الفرنسيون والبريطانيون بأوربا، بادر دوبليكسن بالهند إلى اجتياح مدراس والاستيلاء على كثير من مراكز البريطانيين عند الشواطئ الشرقية؛ ومالبث البريطانيون أن استردوا مراكزهم السابقة كلها بعد هذه الحرب، إذ أفلحوا بدسائسهم بالعاصمة الفرنسية في حمل لويس الخامس عشر على استدعاء دوبليكسن، وبذا خلا لهم الجو، حتى قضوا على كل نفوذ للفرنسيين بالهند وانتزعوا منهم كل أراضيهم إلا ميناء بندشيري وبعض أماكن أخرى صغيرة متفرقة بالهند (2).
واصطنع البريطانيون طرائق دوبليكسن الاستعمارية الفذة، فانطلقوا يخوضون هذه البلاد الواسعة بجند من أبنائها وأموال من أموال أهلها.
بعد أن استقر الأمر للبريطانيين وأعلنوا الهند إمارة تابعة لبريطانيا بشكل كامل .. راح الحكام البريطانيون في الهند يذيعون بدورهم على الدنيا مايبذلونه من جهود للنهوض بهذه البلاد وترقيتها، ومنها إنشاء الطرق الحديدية، وتوسيع رقعة الأراضي الزراعية، ونشر الحضارة الأوروبية، ولم يكن هدفهم من وراء ذلك كله في الغالب إلا تنظيم ابتزاز ثروات هذه الأرض الواسعة الغنية، حتى كانت منتجاتها تنقلها في كل عام أكثر من عشرة آلاف سفينة معظمها بريطانية؛ لتبيعها بريطانيا في أسواقها بخمسة أضعاف أثمانها أو يزيد، فلا يعود من هذا الربح الوفير على أصحابه الأصليين سوى القليل (3).
أعلن اللورد - ألنيرو - حاكم الهند البريطاني - في صراحة تامة: إن العنصر الإسلامي في الهند هو عدو بريطانيا الأصيل، وأن السياسة البريطانية في الهند يجب أن تهدف إلى تقريب العناصر الهندوكية إليها؛ لتستعين بهم في القضاء على الخطر الذي يتهدد بريطانيا في هذه
(1) المرجع السابق، ص 278 وما بعدها.
(2)
المرجع السابق، ص 278 وما بعدها.
(3)
المرجع السابق، ص 278 وما بعدها (بتصرف يسير).
البلاد (1). قد كان شعار بعض رؤساء الإنجليز أنهم كانوا يعتبرون كل مسلم ثائرا، وكانوا يسألون الرجل أأنت هندوكي أم مسلم؟ فإذا قال مسلم قتلوه بالرصاص (2).
وعلى هذا المبدأ بطش البريطانيون بالمسلمين الذين قادوا الثورة الوطنية (العصيان) أكثر مما بطشوا بغيرهم من أبناء الطوائف الأخرى الذين شاركوا فيها، فأقصوهم إقصاء شاملا عن كل وظائف الدولة التي كانوا يشغلون عددا كبيرا منها، وجهدوا في تقويض كل أوضاعهم الاقتصادية والثقافية، ثم اصطنعوا أبناء الطبقات الهندوكية المتوسطة في الوظائف الصغيرة فلا يتخطونها أبدا إلى المناصب الكبرى التي كانت جميعها، في السلكين المدني والعسكري وقفا على المستعمرين، حتى أصبحت أغلب الأراضي التي كان المسلمون يمارسون زراعتها، بمقتضى هذا القانون، ملكا لجباة الضرائب من الهنادكة (3).
وقد كانت هذه هي الوسيلة المتبوعة في الحكومة الإنجليزية القائمة؛ وهي القاعدة التي يسير عليها موظفوها الكبار، ورؤساء المصالح، إقصاء المسلمين عن المراكز الكبيرة في الحكم والإدارة، وسد أبواب الرزق الشريف عليهم، ومصادرة الأوقاف والأملاك التي تدر على مدارسهم ومؤسساتهم، وتأسيس مدارس ونظام تعليمي لا ينشط المسلمون للإفادة منه، وقد كان يعلن في بعض بلاغات رسمية أن الوظائف الفلانية لا يقبل فيها إلا الهنادك (4).
ثارت الجنود في مايو عام 1857 م بعد ما جرب الهنديون الحكم الإنجليزي وغطرسة الإنجليز، وانتهابهم لثروة البلاد، وقلة احتفالهم بالعاطفة الدينية، وكرامة أهل البلاد، وانتشرت الثورة في الهند انتشار النار في الهشيم، فكانت ثورة شعبية عامة ساهم فيها المسلمون والهنادك سواء بسواء، وتوجه الثوار إلى دهلي مقر الملك المغولي الأخير سراج الدين بهادر شاه (كان حكمه محدودا في القلعة الحمراء والإنجليز يحكمون البلاد باسمه ونيابة عنه)، وجعلوه قائدا للثورة ورمزا للوطنية الموحدة والكفاح الشعبي، ونادوا به ملكا للهند شرعيا، وخليفة آبائه ملوك الهند الصناديد المغول الأباطرة، وقاتل الثوار في كل بقعة من بقاع الهند تحت رايته وباسمه، ينظرون إليه كزعيم للجهاد الديني والوطني، وينظرون إلى دهلي كعاصمة الحكومة الهندية الدائمة، ولم يشذ عن ذلك شاذ (5).
فشلت الثورة، وأخمدها الإنجليز بوحشية بالغة، وضموا الهند لهم كإمارة تابعة لمملكة بريطانيا العظمى.
انتشرت في ذلك الوقت محاولات كبيرة لتنصير المسلمين، أو لزعزعتهم عن دينهم، وإثارة الشكوك، بعدما فشلت القوة العسكرية في إخضاعهم للحكم الإنجليزي بشكل كامل."التبشير لايعني بالضرورة تحويل الملك أو الزعيم أو الأميرات إلى المسيحية دينا معلنا، ولكن
(1) المرجع السابق، ص 278 وما بعدها.
(2)
أبو الحسن الندوي، المسلمون في الهند، (بيروت: دار ابن كثير، ط 3، 1999 م)، ص 184 (بتصرف يسير).
(3)
مرجع سابق: أحمد محمود الساداتي، تاريخ المسلمين في شبه القارة الهندية وحضارتهم، ص 278 ومابعدها.
(4)
أبو الحسن الندوي، المسلمون في الهند، (بيروت: دار ابن كثير، ط 3، 1999 م)، ص 187.
(5)
المرجع السابق، ص 177.
بتحويلهم بعيدا عن مصلحة الإسلام وفي خدمة المسيحية الدولية وهو المطلوب والأكثر فعالية والأبعد أثرا" (1).
أنشأ المعمدانيون الإنجليز أول هيئة تنصيرية بروتستانتية عام 1792 م، وبدأت البعثات التنصيرية عملها بالمناطق النائية حيث ينتشر الجهل فيها؛ فتأسست جمعية لندن التبشيرية عام 1795 م، ثم تأسست كلية اسكندروف لتخريج المنصرين وبدأوا بالمناطق النائية لكثرة الجهل فيها (2).
أما ما وصلنا إليه في العصر الحديث فيعد صموئيل زويمر " Zeimer"[1867 م- 1952 م] وهو مبشر هولندي قضى خمسين عاما في التبشير في الشرق الأوسط ومن أشد المنصرين تعصبا، فقد كان رئيس إرسالية التبشير بالعربية في البحرين، ورئيس جمعيات التنصير في الشرق الأوسط، وكان يتولى إدارة مجلة العالم الإسلامي الإنجليزية التي أنشأها عام 1919 م ولاتزال تصدر إلى الآن من هارتيفورد. دخل البحرين عام 1890 م، ومنذ عام 1894 م قدمت له الكنيسة الإصلاحية الأمريكية دعمها الكامل. كانت أبرز مظاهر عمل البعثة التي أسسها زويمر في حقل التطيب في منطقة الخليج - وتبعا لذلك - فقد افتتحت مستوصفات لها في البحرين والكويت ومسقط وعمان، ويعد زويمر من أكبر أعمدة التنصير في العصر الحديث، وقد أسس معهدا باسمه في أمريكا لأبحاث تنصير المسلمين، وقال في مؤتمر القدس التنصيري عام 1935 م: "إن مهمة التبشير التي ندبتكم لها الدول المسيحية في البلاد الإسلامية ليست في إدخال المسلمين في المسيحية، فإن في هذا هداية لهم وتكريما، وإنما مهمتكم هي أن تخرجوا المسلم من الإسلام؛ ليصبح مخلوقا لا صلة له بالله وبالتالي، لا صلة له بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياته (3).
من هذا المدخل يتبين أن:
- مساحة الهند الممتدة الشاسعة، ووفرة مواردها النسبية، وعدد سكانها الكبير، كذلك انتشار الإسلام فيها، أغرى الاستعمار للسيطرة عليها.
- تعتبر تلك الفترة من أهم فترات المواجهة بين الإسلام والمسيحية.
- ساعد انتشار التصوف المغالي، وساعدت الآراء الفلسفية، على بناء حواجز حقيقية لفهم الإسلام، ودوره الحقيقي.
- امتد الدور التنصيري - في بلاد العالم الإسلامي - والذي كان مناصرا وداعما للاستعمار والحروب الصليبية.
(1) ((مرجع سابق: رسالة الأزهر، رحمت الله الهندي وجماعته وجهودهم في مواجهة الحملات التبشيرية، ص 98.
(2)
انظر مرجع سابق: رسالة الأزهر، رحمت الله الهندي وجماعته وجهودهم في مواجهة الحملات التبشيرية، ص 102، ص 103، ومحمد الفاضل بن علي اللافي، دراسة العقائد النصرانية، ص 93.
(3)
انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، إشراف ومراجعة د. مانع الجهني، (د. م: دار الندوة العالمية، المجلد الثاني، الطبعة الرابعة، 1420 هـ)، ص 666 - ص 669. انظر: بربارا براون، نظرة عن قرب في المسيحية، ترجمة المهندس مناف حسين الياسري (كندا: نشر توحيد، بدون ط، 1993)، ، ص 88.