الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السماء، بنصه وقصه، كما هو الشأن مع القرآن الكريم والمؤمنين به (1) وقد كان شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية، موفقا كل التوفيق في إيثار خطة الهجوم في كتابة ((الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح))
…
مع أن قيمة الصحف الأربعة للإنجيل لا تعدو عند المحققين قيمة كتب السيرة والحديث من الطبقة الثانية والثالثة، ليس لها سند متصل صحيح، وقد ألفت بعد رفع المسيح في فترات مختلفة، وفيها أشياء من كلام المسيح وأشياء من أفعاله ومعجزاته (2) وقد تفطن الشيخ رحمة الله بدقة دراسته وأصالتها، وأصاب المحز، فغير ذلك وجه البحث والجو الذي تقوم فيه المناظرة، وأفقد الخصوم الموقف المشرف الذي تمتعوا به واستغلوه زمنا طويلا.
الثانية: أن المؤلف تجنب البحوث الدقيقة التي يتسع فيها مجال الجدال، ويكثر فيها القيل والقال، بل اعتمد في الكتاب على التناقضات الواضحة، والبديهيات الجلية، التي لا تقبل التأويل، واستخرج منها نتائج، كنتائج رياضية لا يختلف فيها اثنان، فقد أثبت أن التوراة والإنجيل مليئة بالاختلافات والتناقضات، وقد وقعت فيها أخطاء فاحشة عد منها مائة وثمانية 108 من الأخطاء، وبرهن بذلك على أنها كلها ليست إلهاما من الله، وأن التحريف قد وقع في ((الكتاب المقدس)) لا محالة، من زيادة ألفاظ، وحذف كلمات، وعبارات إلحاقية، وبذلك أصبح هذا الكتاب شديد الوطأة على من يؤمن بكونه صحفا سماوية منزلة وصلت إلى البشر عن طريق الوحي والإلهام.
تعرض المؤلف فيه لمغالطات النصارى وتمويهم، ورد عليها في أسلوب سائغ مقنع، وتعرض لإثبات النسخ ووقوعه في الديانتين السابقتين وصحفهما. وضع المؤلف العلامة حقيقة عقيدة التثليث في النصرانية على محك العقل، ونقدها نقدا علميا يستسيغه كل من رزق العقل السليم والذوق الصحيح.
لم يكتف المؤلف بنقد المسيحية وعقائدها وصحفها، بل أضاف إلى ذلك الحديث عن القرآن الكريم وإثبات أنه كلام الله، لا شك في ذلك، وأجاب في هذا الصدد على كل ما عارضه به النصارى، واعترضوا على القرآن، وذكر في ذلك نبذة من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ومعجزاته والبشارات التي وردت في شأنه وقد ذكر ثماني عشرة 18 بشارة، وحقق الأحاديث، لذلك كان الإقبال على هذا الكتاب كبيرا والعناية به عظيمة، وقد ظهرت الطبعة الأولى في عام 1281 هـ في استنبول، ونقله عالم تركي إلى اللغة التركية ووسماه بـ ((إبراز الحق)) وقامت الحكومة العثمانية بترجمة الكتاب في عدة لغات أوروبية، ونقله أحد الكتاب بالإنجليزية في الهند إلى اللغة الإنجليزية.
وبين التأييد والنقد رأي آخر في رحمت الله:
وإن المرء ليشعر وهو يقرأ هذا الكتاب بأن الرجل عميق الإيمان بدينه، واسع الاطلاع على ديانات غيره، متمكن كل التمكن من موضوعه، وأن له عارضة قوية في الجدل وسوق الحجة، وأنه كان يعرف مواطن الضعف التي يتهجم فيها على معارضيه، وأنه قرأ العهدين
(1) راجع: كتاب ((النبوة والأنبياء في ضوء القرآن)) فصل ((الصحف السماوية السابقة والقرآن في ميزان العلم والتاريخ)).
(2)
راجع للتفصيل الجزء الثاني من ((الجواب الصحيح)) ص 10.
القديم والجديد كلمة كلمة، وقرأ كل ما كتبه عنهما علماء اليهود والمسيحية، وكان من أبلغ حججه تلك الاستشهادات التي أوردها من أقوال مؤرخيهم ومفسريهم على تأييد قضيته (1).
إلا أنه يورد بعض الهفوات في الكتاب:
وهذا لما كانت لغة المؤلف الأصلية غير العربية كانت له هنوات في الأسلوب العربي رأيت أن أنبه عليها، ولما كانت غايتي أن أجعل هذه النسخة واضحة أمام القارئ العربي فقد قمت بتصحيح بعض هذه الهنوات من ذلك:
- عدم وضعه (أل) مع كلمتي بروتستانت وكاثوليك أيا كان موضعها في الجملة، وقد اضطرت حتى تستقيم العبارة إلى وضع (أل) معهما.
- كان المؤلف يخطئ في الأعداد من ناحية التذكير والتأنيث، فيقول مثلا: السنة الثالث عشر، والصحيح الثالثة عشرة، وكذلك في الآيات فيقول: الآية الثانية عشر، ويقول: بألوف سنة أي: آلاف السنين.
- يضع (أل) مع غير في مثل قوله (ومترجميهم الغير المحصورين) والصحيح غير المحصورين لأن غير لا تدخل عليها (أل) في مثل هذا الموضوع لاستغراقها في الإبهام.
- لا يحذف (أل) من المضاف فيقول ((وغيره من العلماء المسيحية)) ويقول ((من القدماء المؤرخين)) والصحيح من قدماء المؤرخين ومن علماء المسيحية.
- له جموع عجيبة مثل ذمائم جمع مذمة، وجمعها الصحيح مذمات.
- تراه ينسب إلى كنايات العدد، فيقول:(كذائية) نسبة إلى كذا، وهذا لم يسمع في اللغة العربية.
- يستعمل البتة بمعنى حتما، فيقول:((وهو غلط البتة))
- له أساليب كثيرة لا تجري على سياق العربية من مثل قولة: ((في أعداد هذه كتب التواريخ)) يريد أن يقول: ((في أعداد كتب التواريخ هذه)) فقدم اسم الإشارة فأفسد تركيب الجملة.
- وله أخطاء في استعمال العدد وتمييزه، فيقول: ألف وخمسمائة زبورات، والصحيح زبور بالمفرد، ويقول ثلاثة آلاف أمثال، والصحيح: مثل بالمفرد. ويقول أحد وأربعون كتابا بدلا من واحد وأربعين كتابا.
- يكتب الأسماء تبعا لنطقها الإنجليزي فيقول: في أفريقيا ((أفريكا)) وإيطاليا ((إتالي)) وغير ذلك.
(1) عمر الدسوقي في تحقيق إظهار الحق: ، (الدوحة، قطر: دار إحياء التراث الإسلامي، ط 1، 1980 م)، ص 28.