المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بين الآخرين، ثم تطورت دعواتهم فتعددت وسائلها وكثرت مدارسها في - منهج دراسة الأديان بين الشيخ رحمت الله الهندي والقس فندر

[شريف فياض]

فهرس الكتاب

- ‌شكر واجب

- ‌إهداء

- ‌تمهيد

- ‌مشكلة البحث

- ‌فروض البحث

- ‌التساؤلات البحثية

- ‌المنهج

- ‌كيفية الكتابة وعرض الموضوع

- ‌أسباب اختيار الموضوع

- ‌الأهمية

- ‌هدف الدراسة

- ‌الجديد في البحث

- ‌الدراسات السابقة

- ‌الموضوع

- ‌صعوبات البحث

- ‌الفصل الأول"التعريف بالشيخ رحمت الله والقس فندر

- ‌تمهيد

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأولالتعريف بالشيخ رحمت الله (1818 م- 1891 م)

- ‌اسمه ومولده وأسرته:

- ‌تحصيله وتعلمه:

- ‌الحالة العامة بالهند وجهود الشيخ:

- ‌مؤلفاته

- ‌هجرته إلى مكة:

- ‌رحمت الله وعرض سابقيه ولاحقيه

- ‌مقابلة بين وزير خان وأحمد ديدات

- ‌منهج الشيخ ديدات

- ‌منهجه في مناظراته:

- ‌عرض آثار العلماء زمن رحمت الله وآرائهم فيه

- ‌آراء العلماء في آثار الشيخ رحمت الله

- ‌رأي الشيخ ديدات في كتاب إظهار الحق:

- ‌رأي المحقق (الدكتور: الملكاوي) في كتاب إظهار الحق:

- ‌رأي الشيخ الندوي في إظهار الحق:

- ‌وبين التأييد والنقد رأي آخر في رحمت الله:

- ‌صدى الكتاب في الأوساط النصرانية والإسلامية:

- ‌المبحث الثانيالتعريف بالقس فندر (1803 م- 1865 م)

- ‌مقدمة:

- ‌مؤلفاته

- ‌فندر وعرض سابقيه ولاحقيه

- ‌الفرنسيسكان والدومنيكان

- ‌ريموند لول

- ‌المؤسسات التنصيرية:

- ‌عرض آثار العلماء زمن فندر وآرائهم فيه

- ‌(1) ترجمة حياة القس المولوي الدكتور / عماد محي الدين لاهيز

- ‌تمهيد

- ‌حياة القس المولوي الدكتور عماد محي الدين

- ‌الملحق

- ‌(2) - حياة صفدر علي (C.1830 - 1899):

- ‌التحليل

- ‌أسباب التحول إلى النصرانية عند كل من عماد وصفدر:

- ‌ثانيا: فندر في عيون الغرب

- ‌الطفولة والتعليم:

- ‌التبشير في أرمينيا

- ‌الانجيلية التبشيرية في الهند:

- ‌المناظرة

- ‌السنوات الأخيرة:

- ‌التقييم:

- ‌التحليل

- ‌المبحث الثالثنبذة عن التنصير وتاريخ المناظرات

- ‌أولا: نبذة عن التنصير

- ‌ثانيا: نبذة عن تاريخ المناظرات

- ‌المناظرة قديما:

- ‌المناظرة في العصر الحديث:

- ‌أولا: أبرز النتائج التحليلية

- ‌ثانيا: آداب المناظرة

- ‌آداب في هيئة المناظر وحاله؛ ومنها:

- ‌آداب في مقالة المناظر؛ ومنها:

- ‌المنهج القرآني في الجدل:

- ‌الفصل الثاني"منهج دراسة الأديان عند فندر

- ‌تمهيد

- ‌مدخل

- ‌التعريف بعيسى عليه السلام (بين القرآن والأناجيل)

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌معجزاته:

- ‌دعوته عليه الصلاة والسلام:

- ‌روافد العقيدة النصرانية

- ‌قانون الإيمان المسيحي

- ‌الاتجاه إلى التأليه والصعوبات التي واجهتهم:

- ‌من بولس وهل هو مؤسس المسيحية الجديدة

- ‌طوائف المسيحية والمذاهب الإيمانية

- ‌أولا: الطوائف المسيحية

- ‌ثانيا: المذاهب الإيمانية عند الطوائف المسيحية إلى

- ‌المبحث الأولمنهج فندر

- ‌منهج فندر من خلال كتبه:

- ‌1 - كتاب ميزان الحق والقضايا المثارة

- ‌ثانيا: كتاب مفتاح الأسرار والقضايا المثارة

- ‌المبحث الثانيتحليل منهج فندر

- ‌دراسة القضايا

- ‌1 - قضية التحريف

- ‌2 - قضية النسخ

- ‌3 - قضية التثليث

- ‌4 - قضية النبوة

- ‌5 - قضية القرآن

- ‌دراسة منهجه في كتبه

- ‌أولا: من خلال كتاب مفتاح الأسرار:

- ‌ثانيا: من خلال كتابيه ملاحظات محمدية وطريق الحياة:

- ‌ثالثا: من خلال كتاب ميزان الحق:

- ‌الفصل الثالث"منهج دراسة الأديان عند رحمت الله

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأولمنهج رحمت الله

- ‌منهج رحمت الله من خلال كتبه

- ‌1 - كتاب إظهار الحق والقضايا المثارة:

- ‌منهج رحمت الله في رد الكتاب المقدس كما بينه:

- ‌المبحث الثانيتحليل منهج رحمت الله

- ‌دراسة منهجه في كتبه

- ‌1 - كتاب إظهار الحق

- ‌2 - كتاب التنبيهات

- ‌دراسة القضايا

- ‌الفصل الرابع"تحليل ومقارنة المنهج بين رحمت الله وفندر

- ‌تمهيد

- ‌مدخل

- ‌ المناظرة

- ‌ أطراف المناظرة:

- ‌ التهيئة للمناظرة:

- ‌وقائع المناظرة

- ‌الجلسة الأولى: في مبحث النسخ

- ‌الجلسة الثانية: في التحريف

- ‌خاتمة المسائل

- ‌تحليل ودراسة منهج المناظرة فيما بينهما

- ‌نتائج المناظرة

- ‌المبحث الأولمقارنة بين فندر ورحمت الله

- ‌سند التوراة والإنجيل:

- ‌أولا: التوراة

- ‌ثانيا: الإنجيل

- ‌عقيدة المسيحية الجديدة:

- ‌جوانب الاتفاق والاختلاف بين رحمت الله وفندر:

- ‌أولا: بالنسبة للقضايا

- ‌1 - قضية التحريف

- ‌2 - قضية النسخ

- ‌3 - قضية التثليث

- ‌4 - قضية القرآن

- ‌5 - قضية النبوة

- ‌ثانيا: من خلال كتبهما

- ‌المبحث الثانيرحمت الله وفندر في الميزان

- ‌أولا: القواعد

- ‌ثانيا: الالتزام بشروط التعريف:

- ‌النتائج

- ‌من أهم النتائج التي خلصت إليها:

- ‌التوصيات

- ‌أولا: أسس المناقشة

- ‌ثانيا: تحرير المصطلحات وتعريفها

- ‌1. الالتزام بشروط التعريف:

- ‌2. التعريفات اللازمة:

- ‌3. التسليم بالتصديق البديهي كالتصديق النظري:

- ‌ثالثا: قواعد منطقية جديدة للمتناظرين قبل التناظر

- ‌القواعد:

- ‌ قواعد منهجية حديثة عند المناظرات

- ‌المنهج المقترح

- ‌ق‌‌‌‌ائمة المصادر والمراجع

- ‌‌‌ا

- ‌ا

- ‌المراجع باللغة العربية

- ‌ا

- ‌ب

- ‌ج

- ‌ح

- ‌خ

- ‌د

- ‌س

- ‌ر

- ‌ز

- ‌ش

- ‌ط

- ‌ع

- ‌ص

- ‌ف

- ‌ك

- ‌م

- ‌ي

- ‌ن

- ‌ة

- ‌المراجع باللغة الانجليزية

- ‌ملحق الرسالة

الفصل: بين الآخرين، ثم تطورت دعواتهم فتعددت وسائلها وكثرت مدارسها في

بين الآخرين، ثم تطورت دعواتهم فتعددت وسائلها وكثرت مدارسها في الشرق وكان يعوقها تضارب بعضها مع بعض ولكنها عملت أخيرا على اتحاد نشاطها رغم اختلاف مذاهبها (1).

اتفق الكاثوليك والبروتستانت وتنوسيت الخلافات والمعارك الداخلية بين الفريقين، وأمست المؤتمرات المسيحية تجمع بين الفريقين ليواجهوا الإسلام معا (2).

فمن عام 1798 م إلى عام 1882 م وفي مصر، قام البروتستانت - في بداية عملهم - بالتنصير بالعمل في أوساط المسلمين، وذلك في محاولة منهم لتجنب الصدام مع الكاثوليك - أصحاب النفوذ عند الطبقة الحاكمة في ذلك الوقت - وعدم إثارة حفيظة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الموقورة، بعد أن أفقدتهم الكنيسة الكاثوليكية عددا لا يستهان به من أبنائها (3).

‌المؤسسات التنصيرية:

إنه عند مقارنة فندر سواء بسابقيه أولاحقيه لابد من الأخذ في الاعتبار أن عمله - في الأساس - عمل جماعي ينبثق من منظمة عمل جماعي تبشيري يطلق عليه CMS ومقرها الرئيسي في بريطانيا، وقد سبقها في العمل مع جامعة بازل والتي تخرج منها، لكن CMS هي منظمة تنصيرية نبعت من الاستعمارالبريطاني، وهدفها تدمير عقائد المسلمين بإنشاء وتشجيع الفرق الضالة: كالقاديانية والبهائية وغيرهما أو تنصير المسلمين؛ بإنشاء تلك المنظمات التنصيرية، وكانت تتبع شركة الهند الشرقية في الهند، وهي من كانت تدير شبه القارة حتى إعلان انضمام الهند بالكامل - كولاية - تحت دولة بريطانيا العظمى عقب فشل الثورة الهندية - آنذاك - وسيطرة الإنجليز عليها وقمعها بكل قوة.

وعند المقارنة بسابقيه لابد من وضع وسائل التنصير قبل الاستعمار في الاعتبار- إلا أنه قد وجد أنها لم تترك الأثر الذي تركته الحركة الصليبية وما تلاها في العمل التنصيري الممنهج حتى وإن كان فرديا مثل: ريموند لول - وكذلك وضع سابقيه داخل المنظمة ممن كان لهم التأثير الواضح، والانتشار الواسع، والحجة القوية قياسا على مجمل عددهم وكذلك وسائل تنصيرهم الحالية؛ كهنري مارتين (1781 م - 1812 م) والذي عمل محبوه على التوسع في أعماله وبعد وفاته قاموا بإنشاء منظمة تنصيرية تتبع اسمه وأطلق عليها HMT عام 1881 م.

وتبين لي من متابعة بعض المؤسسات التنصيرية مثل: منظمة هنري مارتين

حيث قمت بتصفح موقع المؤسسة " HMT" على الشبكة العالمية، فوجدت بعض المقالات العلمية التي تتحدث عن تجارب المنظمة، وأدوارها، وطبيعة عملها في مختلف دول العالم، ووقع بصري على ورقة بحثية - باللغة الانجليزية - لإحدى مديري تلك المؤسسة، وكان أول مدير لا يحمل الجنسية البريطانية - بل الباكستانية - وقد كتب عن هنري مارتين. بتصفح تلك الورقة والتي تتحدث في مقدمتها عن سيرته الذاتية وكيف وصل

(1) مرجع سابق: عبد الجليل شلبي، الإرساليات التبشيرية، ص 167 (بتصرف يسير).

(2)

محمد الغزالي، الدعوة الإسلامية تستقبل قرنها الخامس عشر، (القاهرة: مكتبة وهبة، ط 3، 1990 م)، ص 89.

(3)

مرجع سابق: عبد الفتاح إسماعيل غراب، العمل التنصيري في العالم العربي، ص 63.

ص: 55

إلى الهند، فوجدت أن من أسباب اشتراك هنري مارتين في أعمال مؤسسة CMS كان في الأساس بسبب الفقر والحاجة، وأن أبويه قد توفيا في زمن مبكر، وتحمل بنفسه أعباء أشقائه الصغار، ولذلك لجأ إلى السفر- من خلال المنظمة؛ حتى يستطيع أن يحصل على المبلغ الكافي ليسد بها حاجته وحاجة أشقائه الصغار إلا أنه توفي مبكرا في مقتبل الثلاثين من عمره. عمل هنري مارتين بجد في ترجمة كتب العهد الجديد إلى الفارسية والأردية؛ حيث كان قد تعلمهما من خلال رحلاته إلى إيران والخليج العربي، كذلك تعلم اللغة العربية. فربما كان هذا العمل الجاد بسبب فقره وحاجته إلى المال.

وكذلك منظمة " CMS ": حيث تأسست المنظمة عام 1799 م، ومقرها الرئيسي في شرق مدينة أكسفورد بإنجلترا، وموقعها على شبكة الانترنت العالمية هو" CMS-UK.ORG"، ولها فروع في مختلف دول العالم منها: مصر، إلا أن تجاربها في بعض الدول لم تنجح بالشكل الكافي - كمصر - لربما بسبب انتشار طائفة الأرثوذكس مقارنة بالطوائف الأخرى الكاثوليك والبروتستانت - حيث عمل المنظمة الرئيسي- وربما بسبب اعتراضات الدولة المصرية على مصادر تمويل تلك المنظمات أيام الرئيس جمال عبد الناصر، وعلى كل حال فقد تصفحت موقعها ووجدت أعمالها وقيمها منشورة على ذلك الموقع. مبادئ المنظمة السبعة (1):

1 -

أريد أن تكون حياتي مهمة.2 - أعتقد أن الله لا يزال يعمل في هذا العالم.3 - المنظمة ليست شخصا آخر بل وظيفة، إنها أنا.4 - أريد أن أعيش ليسوع كل يوم.5 - أنا أدرك أنني بحاجة لوقود في رحلتي.6 - أريد أن أساعد مجتمعي المحلي المسيحي حفاظا على مهمته الأساسية. أريد بانتظام تجديد عقلي وروحي. أما قيم المنظمة (2):

(1) ((CMS-UK.ORG

1 -

I want my life to be about mission.

2 -

I believe God is still working in this world.

3 -

Mission isn't someone else is job، it's mine.

4 -

I want to live for Jesus every day.

5 -

I realise I need fuel for my journey.

6 -

I want to help my local Christian community keep mission a priority.

7 -

I want to regularly renew my mind and spirit.

(2)

CMS core values:

Pioneering

We are sent out in mission by the God who says، "I am making all things new." So it's natural that CMS people will try new things in new places and won't be afraid to take a look at mission from a new angle.

Evangelistic

It's there in our motto: Sharing Jesus، Changing Lives. CMS people are driven by a desire to share Jesus - in all the breadth and fullness of that phrase. And that is what changes people's lives - and ours.

ص: 56

الريادة: أرسلنا في مهمة من قبل الله الذي يقول: " أنا أعمل كل شيء جديدا " لذلك فمن الطبيعي على رواد المنظمة أن يحاولوا تقديم أشياء جديدة في أماكن جديدة لا يخشون التحرك نحو زاوية جديدة من العمل. التبشير: شعارنا؛ مشاركة يسوع - تغيير الحياة - رواد المنظمة لديهم الرغبة في تقاسم يسوع في كل نفس بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهذا ما يغير حياة الناس وحياتنا. العلاقة: المنظمة تمثل كل شيء عن الناس - ونعمل على أن يصل الناس لمشاركة يسوع وتغيير حياتهم، ولذا نوعية علاقاتنا ستكون دائما لها الأولوية. الخلاص: بعد أكثر من قرنين من الزمان تعلمنا أشياء قليلة عن كوننا مبشرين في إرسالية المسيح، ليس أقل من الأوقات الفاشلة، لكننا لن نستسلم لليأس، نريد من العالم معرفة المسيح. أما أعمال وأنشطة CMS الحالية فهي (1): - رفع مستوى شركاء المهمة.- رفع مستوى برامج شركاء تيموثي.- رفع وتيرة تدريب قيادة رواد البعثة.- مهمة تعبئة الكنيسة.- رفع مستوى كل مسيحي.

إن التنصير هو إخراج الناس من دينهم إلى دين النصارى بغية وقف التمدد الإسلامي، ووقف الجهاد، وامتداد للحروب الصليبية بعد فشلها

فالتنصير حملات صليبية سلمية تستهدف الغرض نفسه. إن العقول النصرانية - التي لا ترقب في مؤمن إلا ولا ذمة - تريد أن تفرض النصرانية بالقوة؛ فقوة الحديد والنار والانقلابات العسكرية مع الشعوب التي لا تستجيب إلا لذلك ولكن بأيد خفية (2).

تلجأ المنظمات التنصيرية إلى تبرير الانقلابات العسكرية والتواطؤ مع منفذيها لتحقيق أغراضها في مكان تراه منطلقا للعمل الإسلامي، أو تعذر عليها فيه التنصير، فيبدأ التخطيط لقلب نظام الحكم في ذلك الموقع، وإحلال نظام بديل يأذن لهم بممارسة التنصير، أو

Relational

CMS is all about people - we raise up people to share Jesus and change lives. So the quality of our relationships will always be a priority.

Faithful

After more than two centuries، we've learned a few things about being faithful in God's mission، not least through the times we've failed. But we won't give up. We want the world the know Jesus.

(1)

-

Raising up mission partners.

-

Raising up Timothy partners programs.

-

Raising up pioneer mission leadership training.

-

Mobilizing church mission.

-

Raising up every Christian.

-

(2)

عبد الرحمن بن عبد الله صالح، التنصير تعريفه أهدافه وسائله حسرات المنصرين، (بيروت: دار الكتاب والسنة، ط 1، 1999 م)، ص 5 - ص 10.

ص: 57

التضييق على المناشط الإسلامية المتواجدة في ذلك الموقع، أو محاربة الجمعيات الإسلامية التي تنطلق من ذلك المكان إلى أماكن أخرى (1).

يعتبر الإعلام بوسائله المتعددة - من مقروءة ومسموعة ومرئية - الوسيلة الهامة في نظر المنصرين - إذ يتمكنون من خلاله من بث الأفكار والمعتقدات الباطلة والترويج لها والدعوة إليها (2).

فالتنصير في حقيقته - إنما يعتمد على الإكراه أكثر مما يعتمد على حرية الاعتقاد وذلك عندما يعمل المنصرون في ركاب الغزاة الغربيين لبلاد الإسلام مستظلين بحمايات قوات الاحتلال وشركات الاستغلال .. فيصنع الغزو الكوارث التي تخل بتوازنات الضحايا، ليأتي المنصرون فيقدمون المساعدات باسم " يسوع " وليحولوا ضحايا الغزو عن دينهم ودين آبائهم، لقاء كسرة خبز أو جرعة دواء! (3).

ويشجعون نشر الفلسفات المادية والإلحادية في بلاد الإسلام باعتبارها عقبات في سبيل سيادة الإسلام في المجتمعات الإسلامية (4).

في يونية سنة 1976 - ، عقد في جنيف بسويسرا مؤتمر بين المسلمين والنصارى دعا إليه مجلس الكنائس العالمي حول موضوع:" نظرة الأديان السماوية إلى الإنسان وإلى تطلعه نحو السلام ". وفي ذلك المؤتمر أبدى مجلس الكنائس العالمي أسفه الشديد؛ لأن الواقع أثبت أن إرساليات التبشير النصرانية في ديار المسلمين قد تسببت في إفساد الروابط بين المسلمين والنصارى، كما اعترف بأن تلك الإرساليات كان طابع نشاطاتها في خدمة الدول الأوروبية المستعمرة، وأنها كانت تستخدم التعليم وسيلة لإفساد عقائد المسلمين. وقد تعهد الجانب النصراني في هذا المؤتمر بإيقاف جميع الخدمات التعليمية والصحية التي تستخدم لتنصير المسلمين (5).

في مؤتمر كولرادو الذي انعقد بأمريكا عام 1978 م لتنصير المسلمين، تحدثوا عن ضرورة اختراق الإسلام، لتنصير المسلمين من خلال الثقافة الإسلامية، وبالاعتماد المتبادل مع الكنائس الوطنية في الشرق الإسلامي، والعمالة الفنية المدنية الأجنبية في بلادنا الإسلامية (6).

ليس هذا فحسب بل إن د. سعد إبراهيم - الذي يحتمي بالجنسية الأمريكية .. والذي يدرس في الجامعة الأمريكية التي تأسست في الأصل مدرسة لتنصير المسلمين، وتحويل الأرثوذكس

(1) المرجع السابق، ص 34.

(2)

المرجع السابق، ص 67.

(3)

د. محمد عمارة، الفارق بين الدعوة والتنصير، (القاهرة: مكتبة الإمام البخاري للنشر والتوزيع، ط 1، 2007 م). ص 3 (بتصرف يسير).

(4)

المرجع السابق، ص 4 (بتصرف يسير).

(5)

دار الإفتاء السعودي، مناظرة بين الإسلام والنصرانية، (القاهرة: دار الحرمين للطباعة، ط 2، 1992 م)، ص 10، ص 11.

(6)

د. محمد عمارة، في المسألة القبطية حقوق وأوهام، (القاهرة: مكتبة الشروق، ط 1، 2001 م)، ص 39.

ص: 58

إلى البروتستانتية -يمارس الدعوة إلى إلغاء مرجعية الشريعة الإسلامية والهوية الإسلامية لمصر من خلال مركز بحثي أطلق عليه اسم ابن خلدون (1). إن هذا المخطط التنصيري يعترف بأنه - في سبيل تنصير المسلمين - يلجأ إلى الميكيافيلية، وتنحية القيم والأخلاق! .. يعلنون عزمهم على: اختراق القرآن - بدلا من مواجهته! .. وصب المضامين النصرانية في مصطلحاته وتأويلاته! (2).

إن الفارق الجوهري بين التبشير بالإسلام وبين التبشير بغيره من الأديان .. فارق الإضافة للإيمان والاحترام للرموز الدينية .. بدلا من الانتقاص والازدراء (3).

وعلى سبيل المثال: عندما دخل الإسلام مصر"أعفي الفلاحون المصريون من الخدمة العسكرية على الرغم من أنهم كانوا على الإسلام، وفرضت عليهم الجزية في نظير ذلك، كما فرضت على المسيحيين سواء بسواء ودون اقتتال طالما قد أدوها "(4). طالما اتفق الطرفان على الحماية المشتركة، وحرية العقيدة والدين فيما لا يضر بالآخر.

لكن في المقابل نرى أن جرائم الأوروبيين الأسبان باسم التنصير في استعمار القارة الأمريكية كالتالي: "ومع طلوع الفجر كان الأسبان يدخلون على هؤلاء المساكين الأبرياء النيام فيحرقون منازلهم المصنوعة من القش، ويحرقون النساء والأطفال وهم أحياء، كما يحرقون الرجال قبل أن يستيقظوا

وكان القبطان لا يقدم لرجاله الطعام، ولكنه سمح لهم بأن يأكلوا الهنود الذين معهم أو الذين يلتقطونهم أثناء الغارات على المدن والقرى، هكذا صار معسكره أشبه بمسلخ يتراكم فيه لحم البشر، كان الرجال يقتلون الأطفال ويشوونهم، وكانوا يقتلون الإنسان من أجل لحم كفيه وقدميه قائلين إنها أشهى لحم الإنسان" (5).

فشريعة الحروب لديهم تتمثل في:

الحكم الأول: أن يضرب جميع سكان المدينة الرجال والنساء والأطفال وحتى الحيوان بالسيف سواء المقاتل أو غيره، وتحرق المدينة كاملة بكل ما اشتملت عليه من بقاع (التثنية: 15 - 16)، صموئيل الأول 15، (الملوك الثاني 20، 35)، حزقيال 25: 13 - 17، ميخا: 7 - 9، الخروج 23: 28 - 32.

الثاني: أن يستبقي أسرة من المدينة مقابل قيامها بالتجسس لصالح الغزاة فحينئذ تحرق المدينة بعد إخراج الأسر المتعاونة، أما الفضة والذهب والحديد والنحاس فلا ينالها الحريق، بل تجعل في خزائن رب الذهب. يشوع 22 - 25.

(1) المرجع السابق: د. محمد عمارة، في المسألة القبطية حقوق وأوهام، ص 83.

(2)

المرجع السابق، ص 28 (بتصرف يسير).

(3)

المرجع السابق، ص 37 (بتصرف يسير).

(4)

المرجع السابق، ص 45 (بتصرف).

(5)

كارلس المطران برتلومي دي لاس، المسيحية والسيف، وثائق إبادة هنود القارة الأمريكية على أيدي المسيحيين الأسبان، رواية شاهد عيان، ترجمة سمير عزمي الزين، منشورات المعهد الدولي للدراسات الإنسانية، ط 1، 1411 هـ، ص 34 وما بعدها.

ص: 59

الثالث: ألا يبقى شارد ولا طريد - يشوع 8.

الرابع: قتل الملوك وتعليق جثثهم على أبواب المدينة إلى المساء - يشوع 8، 10:26.

الخامس: تحريق الحيوانات أو قتلها تبعا للسكان أو تركها واستبقاؤها غنيمة - يشوع 8، يشوع 11، (التثنية 2، 3)، يشوع 11: 9، قضاة 20: 8، يشوع 6:21.

السادس: أن تكون الحرب بلا هدف فيقتل فيها الأبرار والأشرار - حزقيال 21: 4.

السابع: أن الله يبيد الأمم والشعوب ويفنيهم من أمامهم. التثنية 7: 2 - 6.

الثامن: الاغتسال بدم الخصم - مزمور 58.

التاسع: التلذذ بمآسي الآخرين والتشفي منهم - أرمياء 25: 34، 35 (1). يقول د. مراد هوفمان [ألماني تحول للإسلام]"ويغفل الغرب عن حقيقة مهمة، وهي أن الإسلام يهدف إلى أن يعيد المسيحية لتقف على قدميها، بدلا من الوقوف على رأسها، وأن الإسلام يمكن أن يكون ذا نفع هائل لإعادة الصحة إلى الحضارة الغربية. ولكن هذا ليس مقصدي هنا، ولكن ألا تستدعى مجرد أصول المعاملة المهذبة واللياقة، عدم تجاهل رسول يؤمن به ما يزيد على مليار إنسان ويحترمونه؟ "(2).

وبعد كل هذا، فإن حركة التمرد على المسيحية بدأت في الظهور في القرن 19 من خلال محاولة إجراء مراجعة نقدية تاريخية للمصادر المكتوبة التي تستمد منها المسيحية بتعاليمها، ولقد قام بهذه الحركة لاهوتيون، وكان لها نتائجها المدمرة، وأذكر في هذا الصدد أسماء بعض أساتذة علم اللاهوت من الكاثوليك والبروتستانت مثل: John Hick . لم تشارك الجموع المسيحية في هذه العملية، خاصة أن عملية المراجعة هذه قد حرص القساوسة على حجبها عن الجماهير والتكتم على أمرها. لقد كان العهد الجديد كنص تاريخي أول ضحايا عملية نقد المصادر هذه، لقد قام Rudolf Buhmann (3)

باتباع المنهج التاريخي النقدي

(1) د. محمد بن عبد الله بن صالح السحيم، موقف اليهود والنصارى من مخالفيهم من خلال كتابهم المقدس ومن خلال شواهد التاريخ- دراسة مقارنة، (مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة والدراسات الإسلامية، العدد (47) رجب 1430 هـ).

(2)

د. مراد هوفمان، الإسلام في الألفية الثالثة ديانة في صعود، تعريب: عادل المعلم، يس إبراهيم، (بيروت: مكتبة دار الشروق، بدون ط، 2000 م). ص 165.

(3)

لوتز، رودلف هيرمان (1817 - 1881 م). فيلسوف ألماني حاول أن يوفق بين العلم والنصرانية رغم الخلاف بينهما 0 ولقد أثر في مفكرين كثيرين في القرن التاسع عشر الميلادي، وبالأخص الفيلسوف الأمريكي جوزيا رويس. ويؤيد لوتز التفسير الآلي للطبيعة، كأسلوب لا غنى عنه في البحث العلمي ـ من وجهة نظره ـ وهذا التفسير ينكر وجود الله سبحانه وتعالى ويشرح الطبيعة من خلال المسببات الآلية وينكر وجود أي قاعدة منفصلة غير آلية تتحكم في الظواهر الطبيعية. ومع ذلك نجده يضع حدودًا وقيودًا على هذا التفسير ويرى أن القيم الأخلاقية تجبرالناس على التفكير فيما وراء الدلالة العلمية. ثم شكل نظريته التي تتفاعل فيها الطبيعة طبقاً لأسباب معينة، وأن الأشياء الطبيعية لها شخصية روحانية.

ولد لوتز في بوتزن فيما كان يعرف باسم ألمانيا الشرقية. ودرس الفلسفة في جامعة جوتين، كما ألّف العديد من الكتب مثل: الميتافيزيقا عام (1841 م)، والمنطق (1843 م) والعالم الصغير أعوام (1856 - 1864 م)، ونظام الفلسفة أعوام (1874 - 1879 م). الموسوعة العربية العالمية السعودية، مرجع سابق.

ص: 60