المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌العباسيون العباسيون (بنو العباس) هم الأسرة الحاكمة من الخلفاء الذين تتابعوا - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ٢٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌عاشق

- ‌المصادر:

- ‌العاصى، نهر

- ‌المصادر:

- ‌العباس بن عبد المطلب

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌عباس بن فرناس

- ‌العباسة بنت المهدى

- ‌المصادر:

- ‌العباسية

- ‌المصادر:

- ‌العباسيون

- ‌1 - 132 هـ/ 750 م - 334 هـ/ 945 م (العصر العباسى الأول)

- ‌2 - (العصر العباسى الثانى) 334 هـ / 945 م - 656 هـ/ 1258 م

- ‌الخلفاء العباسيون فى مصر

- ‌المصادر:

- ‌خلفاء الدولة العباسية

- ‌الخلفاء العباسيون فى مصر

- ‌عبد

- ‌الرّق قبل الإسلام:

- ‌القرآن والأخلاق الدينية:

- ‌الرق فى الفقه:

- ‌الرِّق فى العصور الوسطى:

- ‌الرق فى العصر الحديث:

- ‌إلغاء الرق فى العصر الحديث:

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌عبد الجبار بن عبد الرحمن

- ‌عبد الجبار الهمدانى

- ‌المصادر:

- ‌عبد الحميد الأول

- ‌المصادر:

- ‌عبد الحميد الثانى

- ‌المصادر:

- ‌عبد الحميد بن يحيى

- ‌المصادر:

- ‌عبد الحى المولوى

- ‌المصادر:

- ‌عبد الرحمن الثالث

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌عبد الرحمن الرابع

- ‌عبد الرحمن الخامس

- ‌المصادر:

- ‌عبد الرحمن فى حبيب الفهرى

- ‌المصادر:

- ‌عبد الرحمن بن الحكم

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌عبد الرحمن بن خالد بن الوليد

- ‌عبد الرحمن الداخل

- ‌المصادر:

- ‌عبد الرحمن بن سمرة

- ‌ المصادر

- ‌عبد الرحمن شانجة

- ‌المصادر:

- ‌عبد الرحمن بن عوف

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌عبد الرحمن الغافقى

- ‌عبد الرحمن الفاسى

- ‌المصادر

- ‌عبد الرحمن بن مروان

- ‌المصادر:

- ‌عبد الرزاق السمرقندى

- ‌المصادر:

- ‌عبد السلام بن مشيش

- ‌المصادر:

- ‌عبد العزيز بن الحجاج

- ‌المصادر:

- ‌عبد العزيز الدهلوى

- ‌المصادر:

- ‌عبد العزيز بن مروان

- ‌المصادر:

- ‌عبد العزيز بن موسى بن نصير

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌عبد العزيز بن الوليد

- ‌عبد الغنى النابلسى

- ‌المصادر:

- ‌عبد الفتاح فومنى

- ‌عبد القادر الحسنى

- ‌المصادر:

- ‌عبد القادر بن عمر البغدادى

- ‌المصادر:

- ‌عبد القادر الفاسى

- ‌عبد القادر القرشى

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌عبد الكريم بخارى

- ‌عبد اللطيف البغدادى

- ‌المصادر:

- ‌عبد اللَّه بن أُبى

- ‌المصادر:

- ‌عبد اللَّه بن بلجين

- ‌المصادر

- ‌عبد اللَّه التعايشى

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌عبد اللَّه بن جحش

- ‌عبد اللَّه بن جدعان

- ‌المصادر:

- ‌عبد اللَّه بن جعفر

- ‌المصادر:

- ‌عبد اللَّه بن خازم السلمى

- ‌المصادر:

- ‌عبد اللَّه بن الحسن

- ‌المصادر:

- ‌عبد اللَّه بن حنظلة

- ‌المصادر:

- ‌عبد اللَّه بن رواحة

- ‌المصادر:

- ‌عبد اللَّه بن الزبير

- ‌ المصادر

- ‌عبد اللَّه بن سبأ

- ‌المصادر

- ‌عبد اللَّه بن سلام

- ‌المصادر:

- ‌عبد اللَّه بن طاهر

- ‌المصادر:

- ‌عبد اللَّه بن عامر

- ‌المصادر:

- ‌عبد اللَّه بن العباس

- ‌المصادر:

- ‌عبد اللَّه بن عبد المطلب

- ‌ المصادر

- ‌عبد اللَّه بن عبد الملك بن مروان

- ‌المصادر:

- ‌عبد اللَّه بن على

- ‌المصادر:

- ‌عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب

- ‌ المصادر

- ‌عبد اللَّه بن عمر بن عبد العزيز

- ‌المصادر:

- ‌عبد اللَّه بن مطيع

- ‌المصادر:

- ‌عبد اللَّه بن معاوية

- ‌المصادر:

- ‌عبد اللَّه بن موسى بن نصير

- ‌المصادر:

- ‌عبد اللَّه النديم

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌عبد اللَّه بن همام

- ‌عبد اللَّه بن وهب الراسبى

- ‌المصادر:

- ‌عبد المؤمن بن على

- ‌المصادر:

- ‌عبد المطلب بن هاشم

- ‌ المصادر

- ‌عبد الملك بن صالح

- ‌عبد الملك بن قطن الفهرى

- ‌عبد الملك بن محمد بن أبى عامر

- ‌المصادر:

- ‌عبد الملك بن مروان

- ‌المصادر:

- ‌عثمان بن عفان

- ‌العدة

- ‌المصادر:

- ‌عدن

- ‌المصادر:

- ‌عراف

- ‌المصادر:

- ‌العراق

- ‌العراق من 1258 م حتى 1534 م

- ‌العراق فى العصر العثمانى

- ‌العراق منذ 1918 م:

- ‌عرايش

- ‌المصادر:

- ‌عرب فقيه

- ‌المصادر:

- ‌العربية، اللغة

- ‌عرفة - أو عرفات

- ‌المصادر:

- ‌العروض

- ‌المصادر:

- ‌العريش

- ‌المصادر:

- ‌العريف

- ‌المصادر:

- ‌عز الدولة

- ‌المصادر:

- ‌ عز الدين

- ‌المصادر:

- ‌عزرائيل

- ‌المصادر:

- ‌عسقلان

- ‌المصادر:

- ‌العسكرى

- ‌المصادر:

- ‌العسكرى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌العشرة المبشرون بالجنة

- ‌المصادر:

- ‌العصا

- ‌المصادر:

- ‌العصبية

- ‌المصادر:

- ‌العطار

- ‌العطار، حسن بن محمد

- ‌المصادر:

- ‌العطار، فريد الدين

- ‌المصادر:

- ‌عفريت

- ‌المصادر:

- ‌العقاب

- ‌المصادر:

- ‌العقيدة

- ‌1 - تطور المصطلح واستخدامه:

- ‌2 - تطور المبدأ (أو العقيدة):

- ‌3 - المبادئ الأساسية للإسلام:

- ‌المصادر:

- ‌العلة

- ‌1 - فى النحو

- ‌المصادر:

- ‌2 - فى الفلسفة

- ‌المصادر:

- ‌علم الحساب

- ‌المصادر:

الفصل: ‌ ‌العباسيون العباسيون (بنو العباس) هم الأسرة الحاكمة من الخلفاء الذين تتابعوا

‌العباسيون

العباسيون (بنو العباس) هم الأسرة الحاكمة من الخلفاء الذين تتابعوا على الحكم فى الفترة من 132 هـ/ 750 م إلى 656 هـ/ 1258 م. وهم ينتسبون إلى "العباس بن عبد المطلب بن هاشم" عم الرسول [صلى الله عليه وسلم].

أما جذور وطبيعة الحركة التى أطاحت بالخلافة الأموية، وأقامت مكانها سلالة بنى العباس، فقد كانت معروفة ولفترة طويلة فى الكتابات المنقحة التى تم نشرها والترويج لها عندما استولت هذه الأسرة على السلطة، ولكن هناك دراسة نقدية قام بها ج. فان فلوتن G.Van Vloten، وأضاف بعض التعديلات إليها ج فلهوزن، . وقد أكدت البحوث التى أعقبت ذلك، ما توصل إليه هذان العالمان، وبالأخص تلك المعلومات الجديدة التى خرجت إلى النور فى السنوات الأخيرة حول التاريخ المبكر لطوائف الشيعة، وهنا نخص بالذكر كتاب "فرق الشيعة" تأليف "النوبَخْتى"(ريتر H.Ritter إستانبول طبعة 1931) وكان ابن خلدون قد توقع فى كتاباته معر هذه النتائج إلى حد كبير.

وقد عرف الحزب العباسى الذى استولى على الحكم من الأمويين باسم "الهاشمية". وكان هذا الاسم يشير إلى "هاشم" الجد الأكبر المشترك لكل من "العباس" و"على" و"النبى محمد"[صلى الله عليه وسلم]؛ الأمر الذى يؤكد دعوى الخلافة التى تقوم على أساس القرابة للنبى [صلى الله عليه وسلم]. . والحق أن للاسم مغزى مغايرا تماما، ويكشف بجلاء عن الجذور الحقيقية للحزب "العباسى". . ففى ظل العصر الأموى، يمكن أن نقسم عددا كبيرا من الطوائف والأحزاب الشيعية والموالية للشيعة، التى انتشرت فى أجزاء مختلفة من الدولة "الأموية"، وعلى الأخص فى جنوب العراق، إلى جماعتين رئيسيتين. . سارت إحداهما فى طريق الذين تظاهروا بانتهاج خط فاطمة الزهراء وكانت معتدلة، إذ تختلف عن الاعتقاد السائد بالدعاوى السياسية لبيت علىّ. أما الجماعة الأخرى، فقد ظهرت لأول مرة فى ثورة "المختار"، الذى دعا فى عام 66 هـ/

ص: 7071

685 م، باسم محمد بن الحنفية وفى السنوات الستين أو السبعين التالية روج لدعاوى محمد بن الحنفية وخلفائه عدد من الطوائف ذات النزعات الأكثر تشددًا، إذ كانت تستمد تأييدها من الموالى الحانقين، وتبث فى تعاليمها الكثير من الأفكار التى جاء بها هؤلاء الذين تحولوا إلى الإسلام، من معتقداتهم السابقة. وبعد موت محمد ابن الحنفية فى عام 81 هـ/ 700 م، انقسم أتباعه إلى ثلاث فرق رئيسية تبعت إحداها ولده أبا هاشم عبد اللَّه وسميت باسمه "الهاشمية"، وبموت "أبو هاشم" -بلا ذرية- فى عام 98 هـ/ 716 م، انقسم أتباعه مرة أخرى إلى جماعات عديدة، ذكرت إحداها أن "أبو هاشم" قد أوصى بالإمامة إلى محمد بن على بن عبد اللَّه ابن العباس، وذلك قبل وفاته مباشرة فى منزل والد محمد بن على فى فلسطين. . واستمرت هذه الجماعة تحمل اسم الهاشمية وأيضا اسم الرّاوندية. .

وهنا تجدر الإشارة إلى أن مبدأ إمكانية توريث الإمامة، أو أن يقوم الإمام بنقلها إلى شخص آخر كان كثير الحدوث فى الحركات الشيعية المبكرة.

وسواء كانت قصة توريث أبى هاشم حقيقية أم غير حقيقية، فإن الحقيقة الواضحة هى أن محمد بن على أخذ على عاتقه ما كان يطالب به أبو هاشم بالأضافة إلى تنظيم الدعاية للهاشمية، التى بدأ يحولها إلى "أداة" للحزب العباسى. وتشير التقارير بشكل عام إلى أن الدعاية المكثفة قد بدأت نحو عام 100 هـ/ 718 م. فمن مركز القيادة فى الكوفة بدأت "الهاشمية" فى إرسال المبعوثين إلى خراسان؛ وقد حقق أحدهم -وهو "خداش" نجاحا كبيرا، ولكنه أعدم فى عام 11 هـ/ 736 م بعد أن كشف عن خططه- ولكن الشيعة المعتدلة -التى كان يسعى محمد ابن على إلى الحصول على تأييدها- ابتعدت بسبب الأفكار المتطرفة التى كان يروج لها "خداش"، ولذلك فإن محمد ابن على رأى -بعد موت خداش- أن يتنصل من مسئوليته عنه وأن يعهد بالتنظيم فى خراسان إلى الداعية الشيعى الكبير "سليمان بن كثير". . وجاءت بعد ذلك فترة خمول مات فى

ص: 7072

أثنائها محمد بن على فى عام 125 هـ/ 743 م. ونجح ابنه إبراهيم فى الدعوة لما كان أبوه يطالب به، ورضى عنه الأتباع فى خراسان، ومن بينهم سليمان بن كثير -ومع إبراهيم بدأت مرحلة جديدة من النشاط. . فأرسل فى عام 128 هـ/ 745 - 746 م مولاه أبا مسلم كممثل شخصى له إلى خراسان. وإذا كانت المصادر تختلف حول أصل أبى مسلم، إلا أنها تتفق على أنه كان فارسيا، وممن أعتقهم إبراهيم. ونشير هنا إلى أن استخدام الكُنْيَة كان من الميزات أو الحقوق التى نادرا ما كان يتمتع بها غير العرب. . وإن إضفاءها على المبعوثين الفارسيين للعباسيين مثل أبى مسلم ومساعده "أبى الجهم"، ومنافسه أبى سلمة الخلال، له معناه ومغزاه. وإذا كانت بعض المصادر تقول إن أبا مسلم، قد منح عضوية البيت العباسى، فإن هذا يدل على ما كان شائعا بين الشيعة المتطرفين، بمنحهم مساعديهم من ذوى الحظوة حق الانتساب أو العضوية لبيت النبى [صلى الله عليه وسلم]، وبالتالى للأمة العربية. وقد اتخذ هذا الأسلوب شكلًا معدلًا فيما بعد ذلك وأصبح جزءا من سياسة الخلفاء العباسيين.

وحقّقت مهمة أبى مسلم إلى خراسان نجاحا سريعا ومدويا. وقد كان اهتمامه الأول بالموالى الفُرْس، ولكنه أيضا وجد تأييدا مهما من العرب اليمنيين بل يقال إنه كسب إلى جانبه الكثيرين من "دهاقنة" زرادشت وبوذا، وقد كان بعضهم قد تحول إلى الإسلام لأول مرة. وتتباين الآراء حول طبيعة تعاليم أبى مسلم ولكنّ هناك مع ذلك أمرين واضحين وهما أنه كان أداة مخلصة للهاشمية، وأن تعاليمه كانت جزءا من الجناح المتطرف من الشيعة، ثم إن رفع الأعلام السوداء، التى أصبحت بعد ذلك شعار بنى العباس، كان فى هذه المرحلة ذا مغزى وهو الخلاص المنتظر، فقد كانت الأعلام السوداء من بين الإشارات والنذر التى ذكرت فى التكهنات الأخروية (التى تتعلق بالأخرويات مثل الثواب والعقاب والحساب) السائدة فى ذلك الوقت، وقد استخدمت كشعارات للثورة الدينية من جانب المتمردين الأوائل ضد الأمويين،

ص: 7073

وهكذا كان استخدام أبى مسلم لها استلهامًا للأمل فى الخلاص وقد أثارت نشاطاته بعض المعارضة بين الشيعة العرب الأكثر اعتدالا، وعلى رأسهم سليمان بن كثير، ولكن الانسحاب التكتيكى من جانب أبى مسلم من خراسان، كان كافيا ليظهر أنه لن تكون هناك أية حركة مؤثرة وفعالة بدونه وبدون سياساته، الأمر الذى أدى إلى عودته كزعيم بلا منازع لهذه المهمة، وفى رمضان من عام 129 هـ/ مايو يونيه 747 م، كان على استعداد ليفصح عن خططه ونياته، وكان المكان والزمان يبشران بنجاح المهمة وكان الشيعة المعتدلون، وكذلك الخوارج -وهما أهم حركتين للمعارضة ضد الأمويين الأولى فى انتفاضات عام 122 هـ/ 740 م وعام 126 هـ/ 744 م، والثانية فى التمرد الذى وقع عام 127 هـ/ 745 م. وقد حققت هذه الانتفاضات هدفا مزدوجا إذ أضعفت من نظام الحكم الأموى، وأزالت -بسقوط هذا الحكم- كل من يحاول أن ينافس الهاشميين فى الخلافة. . وتركز اهتمام العباسيين على خراسان، بعد أن أنهكت العراق الحركات المناهضة للأمويين والتى كانت مركزا لها، وقد كان هذا الاختيار موفقا إذ كان السكان الفرس ذوو النشاطات الكثيرة والنزعات الحربية التى تصطبغ بالتراث الدينى والعسكرى، قد ضاقوا بمظالم الحكم الأموى، وكان الجيش العربى، والمستوطنون -وقد تأثروا إلى حد كبير بالتقاليد الفارسية بسبب طول إقامتهم- قد انقسموا على أنفسهم -بل إنهم- وفى غمرة الزحف الظافر لأبى مسلم. تحولوا بطاقاتهم وطاقات الحاكم الأموى "نصر بن سيّار" لمواجهة النزاعات فيما بين القبائل العربية وقد استطاع أبو مسلم أن يستولى على "مرو"، ثم انضم إليه القائد قحطبة وهو عربى من قبيلة "طى"، وتم الاستيلاء على كل خراسان من يد السلطة الأموية المتداعية، ومن خراسان تقدمت القوات العباسية إلى "الرى"، واستولت على نهاوند -وأصبح الطريق مفتوحا إلى العراق، وفى عام 132 هـ/ 749 م عبر جيش العباسيين الفرات على بعد ثلاثين أو أربعين ميلا شمالى الكوفة، واشتبك مع جيش أموى بقيادة ابن

ص: 7074

هبيرة وأوقع به الهزيمة، وسقط قحطبة فى أرض المعركة، ولكن أبا الحسن بن قحطبة تولى القيادة واستولى على الكوفة ووقع إبراهيم الإمام فى أيدى الخليفة مروان فى عام 130 هـ/ 748 م، ومات بعد ذلك بقليل، ولذلك فقد نودى بأخيه أبى العباس خليفة من جانب القوات الهاشمية فى الكوفة وذلك فى عام 132 هـ/ 749 م. ولقب بالسفاح، وقد صاحب تولى أول خليفة عباسى الخلافة أول صدع فى العلاقات مع الثوريين، وذلك عندما تعرض أبو سلمة الخلال للموت فى ظروف غامضة، ويقال إنه حاول أن يأتى بالعلويين مكان العباسيين؛ وقد أخذ أبو مسلم على نفسه أن يطيح به (أى بأبى سَلَمة) فى مقابل أن يتقبل العباسيون موت سليمان بن كثير، وفى هذه الأثناء تقدم جيش عباسى آخر بقيادة "أبى عون" من نهاوند فى اتجاه ما بين النهرين، وفى عام 131 هـ/ 749 م، وفى مجاورة "شهرزور"، شرقى نهر الزاب الأصغر، أوقع هزيمة ساحقة بجيش أموى بقيادة عبد اللَّه، ابن الخليفة مروان، ثم تولى مروان القيادة وزحف عبر الفرات إلى نهر الزاب الأكبر، ليشتبك مع جيش "أبى عون" وكان هذا الأخير قد سلم القيادة إلى عبد اللَّه عم "السفاح" الذى كان قد وصل من الكوفة مع تعزيزات كبيرة. وأنهت معركة الزاب الأكبر 132 هـ/ 750 م، الخلافة الأموية، وفرن "مروان" المهزوم إلى سوريا، حيث حاول عبثا أن ينظم المقاومة من جديد، ولكن القوات العباسية المنتصرة تقدمت عبر "حران" -مقر إقامة مروان- إلى سوريا، واحتلت دمشق، وتعقبت مروان حتى مصر، حيث قتل، وبُعث برأسه إلى السفاح فى الكوفة، وهكذا استقرت سلطة الخليفة العباسى الجديد فى الشرق الأوسط بأسره.

وقد كثرت الكتابات حول المغزى التاريخى للحركة العباسية، التى يرى المؤرخون بحق أنّها أكثر من مجرد تغيير السلالة (أو الأسرة)، وقد رأى كثيرون من المستشرقين فى القرن التاسع عشر -والذين تأثروا كثيرا بالنظريات العنصرية التى قال بها "جوبينوس" Gobineus وآخرون- أن ما

ص: 7075

حدث من قتال أو نضال كان صراعا بين العنصر الآرى فى إيران والسامية فى الجزيرة العربية، الأمر الذى انتهى بانتصار الفرس على العرب، وإقامة إمبراطورية إيرانية جديدة ترتدى عباءة إسلام صُبغ بالصبغة الفارسية، فيما يقول "فلهوزن" Welkhausen وهناك للوهلة الأولى الكثير الذى يؤيد هذه النظرية مثل الدور الذى لاشك فيه للفرس فى الثورة ذاتها، والمكانة البارزة للوزراء الفرس ورجال البلاط الفرس فى النظام الجديد، والعناصر الفارسية القوية فى الحكومة العباسية والثقافة وليس غريبا أن نرى بعض الروايات تحمل المعنى نفسه فى المصادر العربية (المسعودى فى المروج -والجاحظ فى البيان والتبيين 181 - 206) - ومع ذلك فإن الكتاب المحدثين جدا قد أدخلوا بعض التعديلات المهمة على النظريات التى تتعلق بانتصار الفرس وهزيمة العرب -فالمذهب الشيعى- الذى كان يعتبر لفترة طويلة تعبيرا عن الوعى القومى الإيرانى، وكان من أصل عربى، وكان مركزه الرئيسى بين السكان والمخلّطين من العرب والآراميين والفرس فى جنوبى العراق، وقد أخذ العرب هذا المذهب إلى فارس وأصبح أقوى ما يكون فى مناطق الاستيطان العربى مثل "قُم" وقد كانت ثورة أبى مسلم موجهة ضد الحكم الأموى والسورى وليس العربى، وكسبت تأييد الكثيرين من العرب وعلى الأخص بين أهل اليمن -وكان هناك الكثيرون من العرب، حتى بين قادتها ومن بينهم القائد قحطبة، وبالرغم من أن الخصومات العنصرية قد لعبت دورها فى الحركة، وبالرغم من أن الفرس كانوا متميزين بين المنتصرين، إلا أنهم خدموا سلالة عربية وكان الحكام يعطونهم فرصة ضئيلة للتفكير قبل إعدامهم، وذلك عندما يصطدمون بهم، وهذا ما يؤكده مصير أبى مسلم وأبى سلمة والبرامكة، وقد حدث فى بادئ الأمر أن احْتُجِزَت الكثير من المناصب الرفيعة فى الدولة للعرب، وكانت اللغة العربية لا تزال هى اللغة الرسمية الوحيدة، كما أن الأراضى العربية ظلت ذات امتيازات مالية، وبقى مبدأ تفوق العنصر العربى قويا وذلك حتى يحفزوا الفرس على أن يوفروا لأنفسهم سلالة

ص: 7076

ونسبا عربيا مزيفا وملفقا، وأيضا لإثارة رد الفعل القومى للشعوبية، ولكن ما فقده العرب هو الحق الخالص لهم فى أن يجنوا ثمار السلطة. فقد جاء الفرس والعرب أيضا إلى البلاط العباسى، وكان الحاكم يعبر عن تفضيله لشخص ما بأن يمنحه حق الانتساب إلى البيت الحاكم، وليس لانحداره الخالص من أصل عربى. وكان ذلك جواز المرور إلى السلطة والهيبة. وإذا كنا نريد تعبيرا يتلاءم مع المملكة العربية آنئذ، فيمكن أن نبحث عنه فى التوقف التدريجى عن المنح والهبات والمعاشات التى كانت تمنح من قبل كحق للمحاربين العرب وأسرهم، وأيضا نبحث عنه فى صعود الحرس الترك إلى مواقع السلطة والنفود بدءا من عهد المعتصم.

ويجب أن ننظر إلى المغزى الحقيقى لانتصار العباسيين فى حقائق التغيير التى أعقبت ذلك، وقد كان أكثرها وضوحا تحول مركز الثقل والجاذبية من سوريا إلى العراق، المركز التقليدى للامبراطوريات الكبيرة فى الشرق الأوسط القديم وللحضارة وقد أسس السفاح، الخليفة العباسى الأول، عاصمته فى مدينة الهاشمية الصغيرة، التى بناها على الضفة الشرقية لنهر الفرات بالقرب من الكوفة وبعد ذلك نقل العاصمة إلى الأنبار -وقد كان شقيقه وخليفته المنصور- وهو فى كثير من النواحى المؤسس الحقيقى للخلافة العباسية، فهو الذى أسس العاصمة الدائمة للدولة فى مدينة جديدة على الضفة الغربية لنهر دجلة بالقرب من أطلال طيْسَفُون (المدائن) وعند تقاطع عديد من طرق التجارة، وكان اسمها الرسمى مدينة السلام ولكنها تعرف عادة باسم المدينة الصغيرة التى كانت تحتل هذا المكان من قبل -أى بغداد ومن هذه المدينة -أو مجاورتها- حكمت الأسرة العباسية فى أول الأمر، ثم أمسكت بالسلطة بعد ذلك للجزء الأكبر من العالم الإسلامى لمدة خمسة قرون. ويمكن أن تنقسم هذه الفترة من سلطان هذه الأسرة التى تغطى الجزء الأكبر من الحضارة الإسلامية التقليدية إلى جزءين: الأول من 132 هـ/ 750 م إلى 334 هـ/ 945 م وقد شهد الضعف التدريجى لسلطة الخلفاء، وارتفاع شأن

ص: 7077