الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تطور المبدأ بدأ مع مجئ خلافة علىّ وظهور الخوارج والشيعة كأحزاب سياسية دينية متميزة، فواحدة تقول بالعدل طبقًا للكتاب وهو المبدأ الأسمى بينما أخرى تتطلع إلى قيادة من بيت محمد [صلى الله عليه وسلم] على الأقل، وكان الدين والسياسة فى القرنين الأولين للإسلام على الأقل يمتزج كل منهما مع الآخر بطريقة لا يمكن انفصامها؛ فمقصورية الخوارج كانت تتعارض مع شمولية "المرجئة"، الذين رفضوا اعتبار المسلمين الذين يرتكبون الكبائر كفارًا (ولذلك يمكن أن يظلوا مخلصين للخلفاء الذين لا يرضون عنهم). ولما كان لكل طائفة من هذه الطوائف فرق ولأن هذه الطوائف كانت ذات تفريعات كثيرة أصغر منها فقد كان لكل منها آراؤها التى تخالف آراء الأخرى، كما كثرت المذاهب فى منتصف القرن الثانى الهجرى (الثامن الميلادى) وظهرت فى النصف الثانى من هذا القرن مناقشات فكرية دقيقة حول المذاهب، اعتبرها الكثيرون بداية لعلم الكلام الذى كان تأثيره فى المبدأ (العقيدة) لدرجة أن بعض المتكلمين قد استخدموا كلمات فلسفية عندما يقولون مثلا إن اللَّه جل جلاله ليس جوهرا وليس عرضا (ليس مادة أو حادثا)، أو عندما يقدم السنوسى مذهبه بالتفرقة بين الضرورى والمستحيل والممكن. وجدت معارضة لهذا الاتجاه فى التفكير.
3 - المبادئ الأساسية للإسلام:
ليس هناك "مقياس" عقائدى يقبله الجميع، حتى جميع المسلمين السنة مثل "البيان القياسى" للمبادئ الإسلامية. وقد جمعنا هذا التقرير المختصر التالى من كتابات الكثيرين (وخصوصا كتابات البغدادى والغزالى ونجم الدين النسفى)، بالرغم من أننا لم نستخدم عباراتهم:
(أ) اللَّه جل جلاله واحد، لا إله غيره -لا شريك له، ليس بالوالد ولا المولود، وأصبح الشرك- وجود شركاء للَّه سبحانه وتعالى أو تعدد الآلهة، خطيئة كبرى، وعندما اشتدّ اتصال المسلمين بالمسيحيين اعتبروا الشروح الخاصة بالثالوث خرقا وخروجا على مقولة الإيمان هذه.
(ب) اللَّه جل جلاله موجود. ووجوده يثبت عقليا من الصفة الإبداعية للعالم. وعندما كان على المسلمين أن يدافعوا عن دينهم فى مواجهة الماديين وسواهم من غير المؤمنين، قدم بعضهم براهين عقلية تثبت وجود اللَّه (سبحانه) مثل البغدادى ونجم الدين النسفى. وقد اعتقدت بعض المذاهب مثل السنوسية بأن "الوجود" صفة من صفات اللَّه. وهذا يتضمن التفرقة بين الجوهر والوجود، الأمر الذى عارضه الأشعرية وكذلك ابن تيمية.
(جـ) اللَّه (سبحانه) أبدى سرمدى فهو ليس له بداية أو نهاية. وهو القديم والأزلى والباقى والأبدى.
(د) اللَّه جل جلاله يختلف عن المخلوقات فهو لا يشبه أحدا منها ولا يشبهه أحد منهم. وهو ليس جسدًا أو مادة ولا حدثا لمادة. ولا يحده شئ. وهو موجود فى كل مكان.
وهو يجلس على العرش، ولكن بالمعنى الذى يقصده هو، وهو فوق العرش وفوق السماوات ولكنه فى الوقت ذاته أقرب للإنسان من حبل الوريد، وهو لا يتغير ولا يتبدل. ونأتى إلى مقولة "المخالفة" فنرى السنوسية يعتبرونها واحدة مما لا ينسب للَّه ثم جاء معظم المسلمين فى وقت مبكر من قيام الإسلام فاعتبروا "المشَبّهة"(وهم الذين يجعلون اللَّه شبه الإنسان) غير راشدين فى الدين.
وعلى الطرف الآخر من المشبهة كان هناك فريق آخر -كالمعتزلة- الذين فسروا العبارات تفسيرا مجازيا، ثم كان هناك من وقفوا وسطا بين هذين فقالوا إنه لا ينبغى أخذ هذه التعابير أخذا حرفيا ولكنها تؤخذ "بلا كيف".
ومنذ القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى) فصاعدا ترك أتباع الأشعرية والمتكلمين المتدينين الآخرين -باستثناء الحنابلة- القول "بلا كيف" وقبلوا التفسير المجازى للعبارات التجسيمية.
(هـ) سوف يرى المؤمنون اللَّه (سبحانه) فى العالم الآخر، وقد أحدث هذا النص صعوبة كبيرة فى تفسيره
بسبب لا جسدية اللَّه (سبحانه)، فقد أنكر المعتزلة وآخرون إمكانية رؤية اللَّه بأية صورة من الصور، ويقول "ضرار" إن حاسة سادسة سوف توجد حينئذ. ومهما يكن من أمر فقد تم فى النهاية تقبل مبدأ "بلا كيف" عامة وتجنب أية استنتاجات تتضمن فكرة التجسد.
(و) اللَّه جل جلاله هو القوى القدير، العليم، الحى، المريد، السميع البصير، المجيب، وهو "سبحانه" موصوف بصفات القوة والعلم والحياة والإرادة والسمع والبصر، وهذه كلها صفات أبدية، وإن قدرته تمتد إلى كل شئ. وهو عليم بكل شئ ما خفى وما بطن فهو يرى النملة السوداء على الصخرة الدكناء فى الليلة الظلماء.
وقد حظيت هذه الصفات باهتمام خاص من علماء الدين منذ القرن الثالث الهجرى (التاسع الميلادى) فصاعدا. وقد برز جدل من سؤال يدور حول "هل القرآن مخلوق أم غير مخلوق؟ " وخرج الجهمية والمعتزلة برأى اختصوا به وعارضهم آخرون معارضة شديدة حتى لقد أطلق عليهم لفظ "المعطلين".
ز- القرآن هو كلام اللَّه الخالد غير المخلوق، وهذا الكلام الخالد تردده ألسن الناس ويكتبونه فى المصاحف ويعونه فى قلوبهم، ومع ذلك فهو يتميز عما يجسده من ماديات.
(ح) إرادة اللَّه ومشيئته هى الأسمى. وهى فعالة، وما يريده يكون وما لا يريده لا يكون.
(ط) أفعال الإنسان يخلقها اللَّه، ولكنها مع ذلك تعزى كلية للإنسان ويحاول أصحاب الرأى المعتدل أن يجدوا طريقا وسطا بين الجبر، وبين الإرادة الحرة المطلقة أى الاختيار. وقد دفع قول المعتزلة بأن عدل اللَّه افترض سلفا أن بنى البشر يمكن أن يعاقبوا أو يكافأوا بشكل سليم على أفعالهم، ويقول الأشعرية إنه بالرغم من أن الفعل انطلق من قدرة فى الإنسان فإن هذه القدرة هى التى أوجدها اللَّه جل جلاله وخلقها فى لحظة وقوع الفعل لهذا الغرض بالذات وليس لغيره.
ولكن المعتزلة من جهة أخرى قالوا إن القدرة وجدت أو خلقت قبل الفعل وهى قادرة على أن تفعل الفعل أو نقيضه.
(ك) للَّه "صفات فعلية" مثل الخلق والرزق، ويقول البعض -والأشعرية على وجه الخصوص إن اللَّه لا يمكن أن نطلق عليه لفظ الخالق أو الرزاق حتى يخلق أو يرزق؛ ولأن هذا يتضمن وجود كائنات منذ البداية أو النشأة الأولى، فإن هذه الصفات لا يمكن أن تكون أبدية، ومن جهة أخرى يقول البعض -مثل الماتريدية- إن اللَّه خالق سرمدى. إلخ.
(ل) وهذه الأسماء أو الصفات التى تطلق على اللَّه هى تلك التى توجد فى القرآن أو الأحاديث الصحيحة أو أقرها الإجماع. ويقول المعتزلة إن الأسماء قد تطلق على اللَّه بالاستدلال. ويجمع جمهور العلماء على أن هناك تسعة وتسعين اسما (الأسماء الحسنى) ولكن الحقيقة أن هناك أسماء أخرى.
(م) الاعتراف بسؤال منكر ونكير وبعذاب القبر وأنها حقائق أكيدة، وكذلك علامات القيامة مثل قتل الدجال على يد عيسى وبين الموت والبعث يوم القيامة سيقوم منكر ونكير بسؤال البشر فى قبورهم فإما ثواب وإما عقاب. وقد ذكرت علامات كثيرة على مجئ يوم القيامة ويؤكد الشيعة بشكل خاص على فكرة "الرجعة" وهذه الرجعة إلى الأرض تكون قبل يوم القيامة.
(ص) اللَّه هو الذى يحكم بين الناس جميعا يوم القيامة. وإن الميزان والصراط والحوض حقائق ثابتة، فالميزان توزن عليه أفعال الإنسان، وحوض محمد [صلى الله عليه وسلم] الذى يروى منه ظمأ أتباعه والصراط الذى فى حد السكين هو فوق هاوية الجحيم والذى يسقط منه الأشرار إلى اللج.
- يسمح اللَّه جل جلاله لأشخاص معينين ولاسيما محمد [صلى الله عليه وسلم] بأن يشفعوا للآخرين فى يوم القيامة وسوف يجئ محمد [صلى الله عليه وسلم] شفيعا أيضا لمن أخطأوا من أمته. وقد أنكر المعتزلة ذلك على أسس قرآنية، ولكنه رأى لقى قبولا عاما فى النهاية.
- الجنة والجحيم موجودتان وسوف تبقيان إلى الأبد، وسوف يعاقب مرتكبو