الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحاضر؟ أم فى المستقبل؟ وحين نعقد مقارنة مع الفعل المتعدى يثور التساؤل، لماذا يقع اختيارنا على فعل يكون مفعوله سابقا على الفاعل مثل (ضرب زيدا عمرو) فهذا تركيب فرعى بالقياس إلى التركيب الأصلى (ضرب عمرو زيدا). فلماذا وقع اختيارنا على التركيب الفرعى، وما هى الأمثلة المشابهة له والتى تبرره، وهل يجوز أستخدام التركيبين الفرعى والأصلى؟ الإجابة: لا. . لأنه ليس بوسعنا القول: إن قائمٌ زيدا. لماذا إذن نجيز القول: إن أمامك بكرا. إن كل الأجوبة على هذه الأسئلة "علل جدلية نظرية". لقد أدام العرب النظر فى "العلل" كوسيلة للتعرف على أسرار الحكمة التى تضفى نوعا من التنظيم المتناغم على لغة العرب. أما ابن السراج (ت 316 هـ/ 929 م) فيقسم "الاعتلالات" أى الأدلة التى يقدمها النحاة إلى فئتين (أ) تلك التى تؤدى إلى معرفة كلام العرب مثل "كل فاعل مرفوع" و"كل مفعول منصوب" وهذه هى الفئة الأولى عند الزجاجى.
(ب) الفئة التى تضم "علة العلة" مثل لماذا يكون الفاعل مرفوعا، ولماذا يكون المفعول منصوبا؟ ذلك أننا لن نجنى شيئا مفيدا إذا تحدثنا كما يتحدث العرب وكفى، بل علينا أن نستخلص الحكمة الكامنة فى الأصول التى وضعوها. وبذلك تتضح لنا الأسباب التى تجعل هذه اللغة تتبوأ مكانا أسمى من نظيراتها. و"علة العلة" تضم فى طياتها الفئتين الأخريين من تصنيف الزجاجى. ويمضى نحاة آخرون فى تعمق فكرة العلة مثل ابن جنى وغيره.
ثمة معنى آخر لكلمة علة: حروف العلة أو حروف الاعتلال أو الحروف المعتلة وهى الألف والواو والياء فى مقابل الحروف الصحيحة.
المصادر:
وردت فى المادة.
سعيد عبد المحسن [هـ. فليش H. Fleiseh]
2 - فى الفلسفة
ورد مصطلح العلة فى الفكر الشيعى واستخدمه كذلك الفلاسفة والطبقة
الأخيرة من المتكلمين. وإن كان المتكلمون يميلون إلى استخدام لفظ سبب (ج أسباب). أما الفيلسوفان الفارابى وابن سينا فيستخدمان اللفظين (علة وسبب) كمترادفين. كما ورد مصطلح "علة" فى فترة باكرة فى ترجمات النصوص اليونانية، ولاسيما نصوص الأفلاطونية الجديدة (المحدثة) التى نسبت خطأ إلى أرسطو.
1 -
فى الفكر الشيعى: من رسائل إخوان الصَّفا رسالة عن العلل والمعلولات. تعرف العلة بأنها اسم لما يتوصل به إلى المقصود. أما عن أنواع العلل فهى شبيهة بما أورده أرسطو فى كتابيه "الفيزيقا" و"الميتافيزيقا" من تحليل العلل. إن كل معلول له أربع علل هى العلة الفاعلة (الفاعل)، العلة الهيولانية (المادة) والعلة الصورية ثم العلة التمامية (الغائية). ثم يضيفون إلى هذه العلل ما يحتاجه الفاعل وفقا لطبيعته، فإذا كان الفاعل بشرا فهو بحاجة إلى المادة والمكان والزمان وبعض الحركات وإلى أعضائه بوصفها أدوات. أما الفاعل الطبيعى غير البشرى فلا يحتاج إلا إلى مادة ومكان وزمان وحركة. أما الخالق الأعلى أو البارئ فلا حاجة به لشئ من هذا، لأنه العلة الأولى وعلة العلل، وفِعْله بداية مطلقة وخَلْق محض. وهم يصنفون الموجودات المعلولة إلى أربعة أنواع أيضا: الموجودات التى أوجدها البشر، والموجودات الطبيعية (المعادن والخضروات والحيوانات)، ونوعان آخران أضفت عليهما النزعة الإسماعيلية صفات بعينها، فهناك الموجودات النفسانية (الكواكب، والنجوم، والعناصر) وهناك الموجودات الروحانية (المادة الأولى، والصورة بغير مادة، الروح، العقل).
إن حديثهم عن العلل أقرب إلى الوصف وأميل إلى إبراز تدرج سلم الموجودات. ويتحدثون عن الشروط الوسيطة التى يستحيل بغيرها إيجاد الأشياء، وهى شروط تقيم نوعا من العلاقات الضرورية بين العلل والمعلولات، وبالتالى هناك ما يسمونه بتأثير العلة على المعلول.