الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يسمحون أن يكون العبد منفذ وصية، وشهادة العبد غير معترف بها أمام القضاء إلّا عند الحنابلة، ومع هذا فهم لا يقبلون شهادته فى الأمور التى يعاقب عليها الشرع بشدة.
6 -
والنشاط التجارى للعبد مقيد، فهو غالبا لصالح سيده، ومع هذا فللعبد حق الملكية لماله الخاص الذى جمعه عن طريق الهدايا والإرث بوصية.
7 -
أما فيما يتعلق بالقصاص فإن غالب المذاهب تعارض إعدام رجل حر لقتله عبدا، وفى حالة التعويض أى إذا أصاب أحد عبدا فإن التعويض يذهب للسيد المالك، وإذا أخطأ العبد أو ارتكب جرما كان على سيده تسليمه أو دفع الدية عنه، أما العبد المتهم بالسرقة أو الردة فيعاقب بالعقوبة نفسها التى يعاقب بها الرجل الحر.
الرِّق فى العصور الوسطى:
على مدى التاريخ الإسلامى كله وحتى القرن التاسع عشر كانت العبودية دائما نظاما مرتبطًا بالحياة ومتأصلا بعمق بحكم العادة، وكان الأتراك الذين قُيِّض لهم أن يجيئوا لغوث العرب فى نضالهم الظافر ضد القوى الأوربية قد مارسوا العبودية -فيما يبدو- فى دولتهم فى مراحلها الأولى من خلال الاختطاف والشراء فتكونت بذلك طبقة العبيد فى العالم الإسلامى، واعتنق هؤلاء العبيد الإسلام وأصبحوا هم أنفسهم أكبر المدافعين عن نظام الرق والدين الإسلامى الذى اعتنقوه. وقد أمدّت حروب الفتح -التى أدت إلى التوسع العظيم والسريع لدار الإسلام فى القرن الأول للهجرة واستمرت خلال القرون الوسطى- المسلمين المنتصرين بفيض لا يتوقف من الأسرى رجالا ونساء تحول عدد كبير منهم إلى عبيد، وكانت الغارات المسلحة التى يشنها المسلمون على بلاد الأعداء فى المناطق الحدودية، والتى اتخذت شكل الحروب المقدسة موردًا آخر للأسرى الذين يتحولون إلى عبيد، وكانت هذه الغارات شبه مستمرة إذ لم تكن تتوقف إلّا أثناء التحالفات الوقتية أو عند عقد هدنة، كما شكلت حركة القرصنة (الجهاد البحرى) فى البحر المتوسط موردًا آخر للعبيد بالنسبة للدول المطلة عليه، وقد مارس
المسيحيون أيضا القرصنة فى البحر المتوسط وجعلوا عددا من المسلمين يعيشون فى ذل العبودية فى أوربا، وتحول بعضهم إلى المسيحية تحولا بطيئا واندمج فى السكان المحليين، بينما تمكن آخرون من الهرب وقد حدث على نطاق محدود -باعتراف الجميع- أن مسلمين استعبدوا مسلمين آخرين، وكانت هذه هى الحال -على سبيل المثال- عندما اعتبر أفراد من شيع متعصبة بقية المسلمين خارجين عن دائرة الإسلام، وبالتالى لم يترددوا فى مهاجمتهم واسترقاقهم، وهناك مثال صارخ ففى سنة 1077 م بيعت آلاف النساء من قبيلة بربرية ثائرة فى أسواق الرقيق بالقاهرة، كما حدث هذا بكثرة فى المناطق الحدودية إذ إن جماعات حكومية أو تعمل لحسابها كانت تشن هجمات عبر الحدود على السكان الذين كانوا غالبا وثنيين -لكن هذا لا يمنع من وجود مسلمين بينهم أو حتى أطفال من آباء مسلمين، وبانتشار الإسلام فى أفريقيا السوداء (أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى) وبتكثيف الضغط المغربى فى هذا الاتجاه فى القرون الأخيرة من العصور الوسطى- ثار سؤال حول شرعية استرقاق المسلمين بين الحين والآخر، وقد أجاب الفقهاء باحتراس بأن شككوا فى أن هؤلاء المعروضين للبيع قد يكونون مسلمين وبالتالى حرموا الاتجار فيهم.
وكانت قوافل النخاسين تتوغل فى قلب أفريقيا وآسيا للحصول على الرقيق بالشراء أو الخطف والسرقة، وفى القارة الأفريقية كانت النزاعات القبلية بين الوطنيين تيسر عمل تجار الرقيق، وثمة مسألة لابد من التنويه عنها وهى أن كل الأجناس تقريبًا كانت مجالا للاتجار فيها كرقيق، فلم يكن الأمر مقصورا على عناصر الزنوج والأثيوبيين والبرابرة والترك فحسب، بل عناصر أوربية أيضا خاصة العناصر السلافية.
ومنذ منتصف القرن الثامن، بدأ أهل البندقية -رغم نقمة البابوية الشديدة- سيرتهم كمتعهدى توريد رقيق كان من بينهم مسيحيون -للدول الإسلامية. وفى القرنين التاسع والعاشر لعب التجار اليهود دورا مهما فى تجارة
الرقيق عبر أوربا الغربية والوسطى، كما أداروا مركزا مشهورا للخصى (الإخصاء) فى فيرون وتوزيعهم على ديار المسلمين، وفى تاريخ لاحق جلب مماليك مصر -بموافقة الإمبراطور البيزنطى- عبيدا من مراكز تجارة القرم وبحر أزوف، وحتى داخل العالم الإسلامى كانت هناك حركة تجارية كبيرة فى العبيد من مختلف الأعراق، وكانت الجزية المرسلة للخلفاء تضم عبيدا، ونحن لا نعرف كل تفاصيل تنظيم هذه التجارة ولكننا نلم ببعض أوجهها، فقد كان فى كل مدينة كبيرة سوق كبيرة للرقيق تعرف بمكان العرض (المعرض) وليس من المفيد أن نذكر هنا أسعار الرقيق خاصة إذا كانت أسعارا استثنائية، فمثل هذه الأرقام ليس لها معنى حقيقى إلّا إذا خضعت للنقد والمقارنة وقورنت بقيمة السلع الأخرى، وهى دراسة يمكن إجراؤها والحصول على بياناتها دون صعوبة كبيرة، لكن من الواضح أنه كانت توجد فروق كبيرة فى الأسعار فى السوق الواحدة وفقا لجنس العبيد وعمرهم وعرقهم وحالتهم الصحية وقدراتهم، وبخاصة بالنسبة للإناث، فالصغيرة الأنيقة الموهوبة غالية الثمن، وبشكل عام كان العبيد البيض أغلى من السود وكان العبيد من أعراق معينة مشهورين بأعمال خاصة ارتبطت بهم دون سواهم.
وبشكل عام فقد كان الهدف من اقتناء الجوارى هو القيام بالأعمال المنزلية بالإضافة إلى إشباع نزوات أسيادهم، وكانت الجوارى اللائى تبدين استعدادا لتقبل العلم يسمح لهن بدراسة الموسيقى والشعر. أما العبيد الذكور فمجال الافادة منهم أوسع فهم يكونون الحرس الشخصى وأحيانا يكونون جزءا من كتيبة ضخمة، بل كانت هناك كتائب كاملة مخصصة للعبيد، وقد تكون هذه الكتائب من العبيد السود أو من العبيد البيض، وغالبا ما تقع المنافسات بينهم، كما كان للعبيد وظائف منزلية بعضها ذو طابع مريب، وكان من بينهم الطواشية (المخصيون) الذين ملأوا قصور الخلفاء والأمراء والأثرياء كحرس للحريم،