الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد اللَّه التعايشى
خليفة محمد أحمد المهدى السودانى ينتمى إلى عشيرة أولاد أم صُرَّة من عشائر جُبَرات وهم يشكلون جزءا من قبيلة التعايشة وهم عرب يشتغلون بتربية الماشية ويعرفون بالبقّارة فى دارفور -ويقال إن جده الأعلى كان من أشراف تونس تزوج امرأة من القبيلة- أما والده فهو محمد بن على كرّار الملقب بتور شين (أى الثور الشائن الكريه المنظر)، وكان الاتجاه الدينى أمرا متوارثا فى الأسرة. وكان كل من الوالد وابنه فقيها مشهورا ويروى "زبير رحمت" التاجر المشهور وفاتح دارفود أن عبد اللَّه أفلت بأعجوبة من تنفيذ حكم الإعدام الذى قُضى به عليه حين وقع فى الأسر خلال معركة دارفور عام 1872 م، وأنه حتى فى ذلك الوقت كان يبحث عن المهدى المنتظر، وقد مات "تور شين" بين الجمعه (بكسر الجيم) وهى قبيلة فى كردفان بعد أن عهد إلى ولده أن يفتش عن محمد أحمد المهدى المنتظر، ثم لازمه فى الجزيرة قبل أن يظهر للناس وكان أول من آمن بدعواه ومن أقرب الناس إليه فى المشورة خلال سنوات الدعوة وسنوات القتال (1881 - 1885 م). وكانت مواهبه القيادية سببًا من أسباب النجاح الذى بلغ أوجه فى سقوط الخرطوم (26 يناير 1885 م) وفى رسالة له بتاريخ 17 ربيع الأول 13 - 26 يناير 1883 م اختاره المهدى ليكون خليفته وأن يحمل لقب الصِّديق وأمير جيش المهدية فلما وافت المهدى منيته فى أم درمان (22 يونية 1885 م) أصبح عبد اللَّه مسيطرا على دولة المهدية الجديدة ونظرا لأنه كان مؤمنا كل الإيمان برسالة المهدى وبنفسه، معتقدا أن اللَّه قد وهبه صفات خارقة للعادة، فقد كان محافظا على تعاليم الشعائر المهدية دون إغفال هدفه ألا وهو إقامة حكمه الفردى والمطلق. ولما كان هذا الهدف نصب عينيه فقد جرّد أقرباء المهدية (الأشراف) من أى نفوذ ونجح فى سحق معارضة رؤساء القبائل القوية. وكان فى خدمة عبد اللَّه كثير من الأمراء الأقوياء، وتمكن هؤلاء الأمراء فى أول سنة من سنوات حكمه من الاستيلاء على آخر المواقع التى كانت فى قبضة الحامية المصرية. وقد
قاد واليه على الإقليم الشرقى "عثمان دجنه" وهو شخصية ساهمت بنجاح عدة حملات ضد القوات الانجليزية المصرية المتمركزة فى سواكن. . وكانت هناك سلسلة من المعارك ضد الحبشة بين عامى 1887 م وعام 1889 م منها تخريبه جندار ووقعة القلبات التى انهزمت فيها الحبشة بموت الملك يوحنا فى ساحة القتال وقد اعتمد عبد اللَّه فى تنفيذ سياسته على رجال قبيلة البقّارة فى كردفان ودارفور الذين كان قد استقدمهم إلى السودان الأوسط مما جلب عليه سخط الأهالى نظرا لأنهم كانوا يشكلون طبقة متميزة إلى جانب ممارستهم أعمال السلب والنهب. وكان أقرب شركائه إليه أخوه يعقوب، ويبدو أنه كان ينوى أن يستخلف ولده الأكبر عثمان شيخ الدين بعده. وكانت أول انتكاسة خطيرة فى حكمه هى هزيمة جيش المهدية فى تُشكى (3 أغسطس 1889 م) بقيادة عبد الرحمن النجومى حيث حاول غزو مصر بقوات تفتقر تماما إلى الكفاءة. وأصبح البلد الذى لا زال فى قبضة حكم عبد اللَّه وسلطته المطلقة قد بدأ يتهدم نتيجة الحروب المستمرة ولحدوث مجاعة بشعة فى عام 1889 م - ولاحت النهاية حين قررت الحكومة البريطانية التى كانت فى ذلك الوقت هى الحاكم الفعلى لمصر إعادة غزو السودان فتم احتلال دنقله (1896 م) بواسطة القوات الانجليزية المصرية وتلا ذلك تقدم هذه القوات نحو أم درمان ثم جاءت الهزيمة الحاسمة للجيش المهدى فى 2 سبتمبر 1898 م. وهرب عبد اللَّه إلى كردفان حيث جمع حوله عددًا كبيرًا من أتباعه لمدة عام، ثم لقى حتفه بشجاعة وكبرياء فى آخر معركة فى "أم دُنيكرات" فى 24 نوفمبر 1899 م. ولقد أعد المهدى وأتباعه أنفسهم لإحياء سنة الرسول [صلى الله عليه وسلم]. وإن رسائله التى يدعو فيها سلطان تركيا وخديو مصر والملكة فيكتوريا إلى اعتناق فكر المهدية تكشف بقوة عن مفارقة فى روح المهدية لا تتفق مع العصر الذى تعيش فيه -فهو ضد الأعداء الخارجين ولا تلين له قناة فى هذا الشأن ولديه نزعة إلى الحكم دون مراعاة لرفاهية بلده. إلا أنه ظل وفيا للتقاليد البدائية لقبيلة البقارى العربية. وعلى عكس الكتاب الغربيين