الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا هو المصير المحتوم لإقليم لم يعد يتمتع باستقلاله أو بقوته الضاربة.
وعلى الرغم من تلك الحياة المقيدة فقد استمر النشاط المعمارى والفنى حيث بنيت خلال قرون عديدة عمائر جديرة بالاهتمام وبصفة خاصة حول المشاهد الشيعية الكبيرة (المراقد المقدسة) فى بغداد وسامراء، والنجف وكربلاء، والتى أضيفت إليها الزخارف بصفة مستمرة فضلًا عن كسوة قبابها ببلاطات خزفية مربعة من البورسلين ذى الألوان الزاهية التى يمكن رؤيتها حتى الآن.
ولكن هذه الآثار المتنوعة التى نجمت عن الأساليب الفنية سواء لعصر إيلخانات فارس (مثل المدرسة المرجانية أو خان مرجان فى بغداد) أو العصر الصفوى أو العصر العثمانى (والمتمثل بصفة أساسية فى المساجد وعمائر المنافع العامة مثل الأسواق أو الحمامات) لم تخضع حتى الآن لأى دراسات أو إحصائيات دقيقة لها تمكننا من أن نضعها فى أماكنها الصحيحة حسب التقاليد المحلية المتبعة والتأثيرات الأجنبية العديدة التى أثرت فيها، وهكذا تتوافق مع واحد من الملامح الثابتة فى التاريخ العراقى.
د. حسن حبشى [سورديل تومين Sourdel-Thomine]
عرايش
(معناها الحرفى تعريشات كرمات العنب) -وتسمى بالفرنسية والأسبانية Larache، وهى مدينة على الساحل المغربى بشواطئ الأطلنطى- تبعد أربعة وأربعين ميلا إلى الجنوب الغربى من طنجة وثلاثة وثمانين ميلا إلى الشمال الغربى من فاس.
والعرائش تغطى منحدرات تل يبرز كالنتوء فى البحر على شكل لسان، وتحتل الضفة الغربية لوادى لوكوس Lukkos عند النقطة التى يصب فيها النهر المسمى بهذا الاسم مياهه فى البحر، وهذه المدينة الإسلامية ليست بذات أهمية، وليس بها ما يمكن أن يلفت النظر إليها إلا سوقها الرباعى الشكل الذى تحفه الأقواس (أروقة مقنطرة) ويمثل مظهرا تذكاريا غامضا ذلك أنه يوجد من أيام الاحتلال الأسبانى الأول - 1610 - 1689 م)
قلعة تسمى قلعة اللقلق (Cas Hill de Los Cignenas وتعرف أيضا Santa Maria Europa كما توجد إلى الجنوب والجنوب الغربى من المدينة الإسلامية مدينة أوربية أسسها الأسبان -الذين عادوا لاحتلال لاراش فى عام 1911 م وكان فى وسط هذه المدينة منطقة مستديرة تعرف بقصر أسبانيا Plaze de Espagne، وكان تعداد سكان لاراش فى عام 1955 أقل من ثلاثة وأربعين ألف نسمة منهم ثمانية وعشرون ألفا من المسلمين وألف وثلاثمائة من اليهود وثلاثة عشر ألفا من الأوربيين، ومعظمهم من الأسبان، وتزرع إلى جوار لاراش البطاطس وأشجار الفاكهة على وجه الخصوص، ويعتبر السكان حامى المدينة هو "لالّامينيانا" الذى تعتبر قبته مبدأ المدينة حين يدخلها المرء وليست العرائش مدينة قديمة جدًا إذ لم يرد لها ذكر عند الإدريسى، كما لم ترد الإشارة إليها فى كتابات الرحالة العرب قبل القرن السابع الهجرى (الثالث عشر الميلادى)، ويبدو أن الذين أسسوها هم بنوعروس، الذين أطلقوا عليها -بسبب وفرة الكروم فى المناطق المجاورة- اسم عريش متاع ابن عروس، كذلك فإن سلطان الموحدين يعقوب المنصور قام ببناء قلعة عند مدخل وادى لوكوس. وفى عام 1270 م قام الأسبان بهجوم مباغت ناجح على المكان. والحق أن تاريخ هذه المدينة لم يعرف بكل يقين وثقة إلا بدخول البرتغاليين إلى مراكش فبعد احتلالهم لمدينة سبتة فى عام 1415 م قاموا بهجوم ناجح على المدينة ولكن ثماره لم تدم طويلا. غير أن احتلال ألفونسو الخامس ملك البرتغال لمدينتى أرزله وطنجة فى 1471 م أدى إلى الجلاء عن "لاراش"، التى وضعتها معاهدة السلام فى مناطق نفوذ البرتغال ولكنها ظلت مقفرة من السكان طيلة عشرين عاما، حتى إذا كان عام 1489 م، انتهز جون الثانى ملك البرتغال هذه الظروف ليعزز موقفه فى شمالى مراكش، ويشكل خطرًا مباشرًا على فاس والقصر الكبير، فأقام قلعة سماها "جراكيوزا" على الضفة اليمنى لنهر "لوكوس" وأدنى قليلا من التقاء هذا النهر مع وادى "مخازن" ولكن حصار المراكشيين للقلعة، وهلاك معظم رجال حاميتها، وعدم توفر الإمدادات والتعزيزات لهم أدى إلى إرغام الحامية