الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العراق
(*)
أ- منذ الفتح العربى حتى 1258 م:
اجتذب إقليم العراق الخصيب منذ القدم اهتمام بعض الجماعات العربية فاستقر اللخميون المسيحيون فيما حول الحيرة منذ القرن الثالث للميلاد، وعهد إليهم الساسانيون بالدفاع عن إقليم ما بين النهرين ضد أى هجوم قد يقوم به البيزنطيون أو حلفاؤهم، فلما كان القرن السادس للميلاد نزحت
* يبلغ عدد السكان: 19.890.000 نسمة، لكثافة: 118 فى الميل المربع. المناطق الحضرية 70 %.
الأعراق: عرب 85 % أكراد: 15 %، الحكم: جمهورية يرأسها الرئيس صدام حسين التكريتى. المولود فى 29 ابريل سنة 1937 والذى شغل منصبه فى 16 يوليو سنة 1979 كما شغل منصب رئيس الوزراء فى 29 مايو سنة 1994. وتنقسم العراق إلى 18 قضاه (مديرية). العملة: الدينار العراقى (ووفقا لتحويلات مارس سنة 1994 كان 100 دينار عراقى = 3.21 دولار أمريكى).
أعلنت العراق مملكة مستقلة سنة 1932، وفى 1958 قامت ثورة أعلنت الجمهورية ووثقت علاقاتها بالاتحاد السوفيتى وتم تأميم معظم الصناعات الكبرى كما تم تفتيت الملكيات الزراعية الكبيرة. وحكم حزب البعث العربى الاشتراكى منذ سنة 1968، ووقعت العراق والاتحاد السوفيتى اتفاقات تعاون اقتصادى سنة 1972 ووصل خبراء روس لمساعدة الجيش العراقى وتدريبه. وفى سنة 1978 تم إعدام 21 شيوعيا وعادت العلاقات التجارية مع الغرب على نحو أكثر طبيعية، لكن سرعان ما عادت العلاقات قوية مع الاتحاد السوفيتى.
وفى سنة 1973 عندما قامت الحرب العربية الاسرائيلية قدم العراق مساعدات عسكرية لسوريا. وفى 22 سبتمبر سنة 1980 خاض العراق وايران حربا شعواء فى نزاعات حدودية وفى مايو سنة 1982 عادت القوات العراقية إلى حدودها تاركة الأراضى الإيرانية التى كانت قد احتلتها.
فى 7 يونيو 1981 حطم سلاح الجو الاسرائيلى المفاعل النووى العراقى. وفى 1984 توسع نطاق الحرب العراقية الإيرانية لتهدد منطقة الخليج كلها. وانتهت هذه الحرب الشنيعة فى أغسطس 1988 عندما قبلت العراق وقف اطلاق النار بناء على قرار الأمم المتحدة.
فى 2 أغسطس سنة 1990 اجتاحت القوات العراقية أراضى دولة الكويت، فقررت الأمم المتحدة قطع العلاقات التجارية مع العراق ودعت كل أعضائها لتأييد عودة حكومة الكويت الشرعية. إلا أن العراق أعلن أن الكويت هى القضاء (المحافظة) =
بعض القبائل من وسط شبه الجزيرة العربية، وهى قبائل بنى تغلب وبكر بن وائل سعيا وراء المراعى فى سهول الفرات، ثم تلاهم بنو تميم الذين انتقلوا إلى النواحى الواقعة تحت سيطرة اللخميين فى شمال بلاد العرب، واعتنق بعضهم حينذاك النصرانية. ثم بدأ الفتح العربى للعراق زمن الراشدين حين قام المثنى ابن حارثة وانضم إلى خالد بن الوليد فى غزو بلاد العراق الخصيبة، فلما كان صيف أو خريف سنة 12 هـ (633 م) وقف خالد بجنده القليلين أمام الحيرة التى سرعان ما دانت له، وسار الفتح فى خطوات بطيئة حين سار خالد فى سنة 13 هـ إلى الجبهة الشامية تاركا المسلمين بقيادة المثنى، وجرت مصادمات حربية بين المسلمين والفرس انتهت بانتصار المثنى فى معركة "الجسر" أولا ثم فى معركة "بويه" فى العام التالى، غير أنه ما لبث أن مات فتولى القيادة بعده الصحابى سعد بن أبى وقاص الذى جابه هجمة شرسة من جانب القائد الساسانى "رستم"، وجرت بين الجانبين معركة ضارية استمرت ثلاثة أيام عرفت بالقادسية على مسافة ثلاثين كيلو مترا جنوب شرقى الحيرة، وانتصر المسلمون فى النهاية فانفتحت أبواب العراق أمامهم ودخلوا العاصمة "المدائن" واحملوا بقية الإقليم الذى رحب أهله بهم ترحيبا كبيرا ربما كان سببه أنهم يرجعون إلى أصل آرامى ويتكلمون لغة سامية الأصل كالعربية،
= رقم 19 فى دولة العراق، وكان قراره هذا فى 28 أغسطس.
وقادت الولايات المتحدة تحالفا لإخراج القوات العراقية من الكويت فى 16 يناير 1991. وفرضت الأمم المتحدة حظرا على التعامل الاقتصادى مع العراق واخضعت أراضيه للتفتيش بحثا عن أسلحة الدمار الشامل، وأصبح الشعب العراقى يعانى كثيرا مما جعل الدول العربية بما فيها الكويت تميل إلى فك الحصار عنه.
د. عبد الرحمن الشيخ
وتلى ذلك سنة 17 هـ (638 م) تأسيس البصرة كمعسكر حصين على شط العرب، وأخذت فى النمو والقوة والاتساع. كما تأسست الكوفة الواقعة جنوبى بغداد سنة 17 أو 18 هـ (639 م) التى قدر لها أن تصبح العاصمة الجديدة للعراق لتحلّ محل "المدائن" التى هجرها سكانها شيئا فشيئا.
على أن فتح العراق النهائى تم بانتصار المسلمين فى وقعة "نهاوند"(21 هـ = 642 م) فانفتحت الحدود الإيرانية أمام القوات الإسلامية، وتحولت كل من الكوفة والبصرة إلى مدينة قائمة بذاتها وكان لكل منهما حاكم مستقل عن الآخر.
ولقد حارب علىّ قرب البصرة وهزم خصومه فى وقعة الجمل عام 36 هـ (= 656 م) وجعل الكوفة مركزا له، وذلك أثناء محاربته معاوية والخوارج الذين انتصر عليهم فى وقعة النهروان سنة 38 هـ (= 658 م) ثم اغتيل هناك أيضا على يد ابن مُلْجم سنة 40 هـ (= 661 م).
وأدى انتصار معاوية والى الشام وقيام الدولة الأموية إلى رجحان كفة الشام على العراق على الرغم من أن العراق كان حينذاك أغنى وأكثر سكانًا، وكان أهله -أكثر تمرسا من أهل الشام بالإدارة والحكومة.
فقد أُلقيت مقاليد الحكم فى العراق زمن معاوية إلى زياد بن أبيه الذى ولى أولا البصرة سنة 45 هـ (665 م) ثم حكم الإقليم كله منذ سنة 50 هـ (670 م) حتى موته سنة 53 هـ (673 م) فخلفه ولده عبد اللَّه بن زياد سنة 55 هـ (675 م) الذى هو مسئول عن قتل الحسين فى كربلاء سنة 61 هـ (= 680 م) فى زمن يزيد الخليفة، وجرت فى السنوات التالية ثورة عبد اللَّه ابن الزبير الذى أنكر على يزيد الخلافة ووقف إلى جانب أغلب سكان الكوفة والبصرة (لا سيما بنو تميم)، وعهد بحكومة العراق إلى مصعب بن الزبير
الذى كانت مهمته الأولى القضاء على ثورة المختار التى بدأت عام 66 هـ (= 686 م) وتم إخمادها بعد بضعة أشهر عام 67 هـ، وما لبث هو ذاته أن مات بعد قليل فى معركة بين قواته وقوات عبد الملك بن مروان وتمكن الأمويون عام 72 هـ (691 م) من إعادة بسط سلطانهم على العراق. ونظرا لاستمرار الخوارج فى عدائهم للدولة فقد اضطر الخليفة سنة 75 هـ (694 م) لأن يولى الحجاج حكومة الكوفة، فقام بتأسيس مدينة "واسط" الجديدة بعد تنظيمه القوات العراقية، التى كانت بقيادة المهلب بن أبى صفرة وإخماده ثورة ابن الأشعث الذى كان قد احتل البصرة والكوفة.
وتم فى الوقت ذاته تطبيق الإصلاحات الإدارية والمالية التى أمر بها عبد الملك والتى أسفرت عن سك عملة جديدة فى واسط، كما برزت فى الوقت ذاته مشكلة خطيرة هى هجرة الفلاحين الذين اعتنقوا الإسلام ورفضوا بالتالى استمرارهم فى دفع الضرائب التى كانوا يدفعونها قبل إسلامهم.
وظهرت العصبيات القبلية فى العراق، ففى الشام مال الحجاج إلى القيسيين، على حين اضطهدهم يزيد بن المهلب اضطهادًا شديدا حمل الخليفة عمر بن العزيز على الزج به فى السجن، إلا أنه استطاع الفرار من حبسه وأشعل ثورة أنذرت بشر كبير، لكن تم القضاء عليها سنة 102 هـ (721 م) على يد الأمير الأموى مسلمة الذى يرجع إليه الفضل -عن غير قصد- فى استصلاح الأخوار المتناثرة فى منطقة شط العرب، فلما كان زمن الخليفة هشام بن عبد الملك عاد الاستقرار يرفرف بجناحيه على العراق فى ولاية خالد بن عبد اللَّه القسرى الذى قُتل بعدئذ زمن الوليد الثانى. واتصفت أخريات العصر الأموى بازدياد الاضطراب بسبب ما أثاره العباسيون والخوارج الذين وقعت
الكوفة فى قبضتهم فترة من الوقت، وعجز الوالى ابن هبيرة عن صد الهجوم الذى شنته الكتائب العباسية التى حاصرته فى الكوفة حصارًا انتهى بهزيمة القوات الأموية ونزول ابن هبيرة بعهد أمان لم يوضع موضع التنفيذ. ولما قامت الدولة العباسية اتخذت عاصمتها فى العراق فكانت الكوفة أولا ومن بعدها مدينة بغداد، وترتب على ذلك تزايد الاهتمام بهذه الولاية وبسكانها، وأدى ظهور المدن إلى إحداث تغيرات فنزح سكان الكوفة بالتدريج إلى بغداد التى أخذت فى الاتساع والعمران، ثم جاء وقت انتقل فيه بلاط الخليفة إلى سامراء وذلك فى الفترة الواقعة بين عامى 241 هـ، 278 هـ (638 - 872 م)
وظهر تطور اقتصادى ملحوظ فى العراق خلال العصر المبكر منذ الخلافة العباسية فأصبح مركز تجارة الشرق بأجمعه، كما صار فى الوقت ذاته مركزا ثقافيا وفنيا وملتقى الشعراء والأدباء ورجال الدين والعلماء. ومع ذلك فقد قاسى العراق اضطرابات خطيرة كثورات العلويين فى إقليم البصرة سنة 145 هـ (762 م) ثم الكوفة (199 هـ - 200 هـ = 815 - 816 م)، كما قاسى شرور الفتنة بين الأمين والمأمون، وحوصرت بغداد سنة 196 - 198 هـ (= 812 - 813 م) وقام الجند الأتراك بتمرد فى سامراء مما أدى إلى محاصرة بغداد مرة أخرى عام (251 هـ = 865 م)، وشبت ثورة الزنج فى العراق الأدنى (255 - 270 هـ = 869 - 883 م)، وتعددت غارات القرامطة. ويلاحظ أن كل هذه الأحداث التى ترجع إلى أسباب سياسية ودينية وإلى عدم الاستقرار الاجتماعى أفضت إلى إزعاج الحكومة فى العراق الذى يعد واحدا من أغنى أقاليم الخلافة. وكانت الضرائب المفروضة على أراضى السواد (أى العراق) تعتبر جزءا هاما من موارد بيت المال وهو ما يفسر لنا لماذا كان الوزراء فى مستهل القرن الرابع
الهجرى (العاشر الميلادى) يُختارون على الدوام من أصحاب الخبرة المالية وممن سبق لهم -قبل توليهم الوزارة- معالجة المشكلات الحساسة التى يثيرها جباة الضرائب فى هذا الإقليم. وقد حدث منذ خلافة المهدى أن أصبح جمع هذه الضرائب قائما على مبدأ دفع جزء مناسب من المال مقدما عينا.
وكان تعيين الخليفة الراضى لابن رائق أميرا للأمراء بداية عصر جديد امتد من سنة 336 هـ حتى سنة 447 هـ (أى من 945 - 1055 م)، تعرَّض العراق فى أثنائه لحملات حربية أدت إلى حدوث نكسة فى رخائه الزراعى حتى أصبح لا يعدو أن يكون إقليما داخل التركيبة السياسية المعقدة زمن الأمراء البويهيين الذين كانت اعتقاداتهم الشيعية (وعلى الأخص الإمامية) مؤدية بهم إلى الاحتفال بأعياد الشيعة وإقامة الأضرحة على قبور الأئمة الموجودة بالعراق، غير أن هذه السياسة قوبلت بالامتعاض من جانب سكان العراق من أهل السنة بل ومن الخليفة ذاته. وزيادة على ذلك فإن الإعفاءات الضريبية التى منحت للأمراء على ما يسمى بالأراضى الخراجية لم تؤد إلى تحسين وضع العمال الزراعيين الذين كانت ثروة البلاد تعتمد عليهم بعض الشئ.
وبعد أن اضطربت أحوال العراق لقيام ثورة البسليرى المؤيدة للفاطميين جاء السلاجقة فأقاموا دولة جديدة ظلت فى الوجود حتى الغزو المغولى، وبذل السلاجقة غاية جهدهم لإعادة المذهب السُنى، لكن لم يخْل الأمر من وجود مضايقات، منها: المنازعات بين الخلفاء والسلاطين الذين اتخذوا من أصفهان عاصمة لهم. كذلك قامت الانشقاقات بين الشافعية المؤيدين للأشعرية وبين الحنابلة الذين شجعهم السلاطين السلاجقة بتعيينهم مدرسين فى المدرسة الجديدة المعروفة بالنظامية (التى أنشئت عام 945 هـ = 1067 م)، واستمر السلاجقة يحكمون العراق