الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان يطلق على الواحد منهم لقب ينم عن التشريف مثل أستاذ وأحيانا يقال له خادم دون الإشارة إلى كلمة خَصِى، وفى القرن التاسع كانت أغلبية العبيد الخصيان فى العراق من السلاف. وخدم كثير من العبيد كمساعدين فى الأعمال التجارية بل ومارس بعضهم التجارة لحسابه الشخصى، كما عمل العبيد فى الأعمال الزراعية فى حقول أسيادهم، لكن المسلمين فى العصور الوسطى -فى الحقيقة- لم يعرفوا طريقة استغلال العبيد على نطاق واسع فى الأعمال الزراعية، وقد ثار العبيد ثورة كبرى فى العراق فى العصر العباسى، انتهت فى النصف الثانى من القرن التاسع الميلادى، وكان هؤلاء العبيد فى الأساس قد جلبوا من شرق أفريقيا لزراعة مناطق ما بين النهرين (العراق).
وإذا وضعنا جانبا المعاناة التى تسببها تجارة الرقيق إلّا أن حالة أغلبهم مع سادتهم المسلمين كانت محتملة، بل لقد وصل بعضهم إلى مراكز مرموقة يحسدهم عليها الأحرار.
الرق فى العصر الحديث:
يبدو أن الممارسات المتعلقة بالرق بين المسلمين لم يطرأ عليها تغييرات جوهرية إبان الفترة الحديثة، فالمصادر الرئيسية للرق فى العصور الوسطى وطرق الاسترقاق ظلت كما هى وإن عدلت على نطاق محدود بسبب اختفاء المسلمين من أسبانيا من ناحية، واتساعه فى البلقان والهند وأندونيسيا من ناحية أخرى. وقد أحست أوربا بخطر تجارة الرقيق على أراضيها ذاتها قبل تبنى سياسة عالمية بإلغاء الرقيق بوقت طويل ومع هذا شغلت أوربا نفسها بامداد مستعمراتها الأمريكية بالزنوج الأفريقيين الذين عانوا بشدّة من ذل العبودية، وكان العبيد المسلمون كثيرين فى البرازيل على نحو خاص، وقد قاموا بثورات هائلة من سنة 1807 م إلى سنة 1853 م وتم إخمادها بعنف شديد. وفى البحر المتوسط كان للقراصنة ولصوص البحر البربر (1)
(1) من المعروف أن هذه الحركة هى حركة جهاد بحرى وليست حركة قرصنة قام بها -على نحو خاص- المسلمون المطرودون من أسبانيا الذين سلبت أموالهم وذراريهم. [المترجم]
يواصلون أعمالهم للنهب والتخريب خاصة بعد امتداد السيادة العثمانية لشمال أفريقيا، وقد قام الأوربيون أيضا بحركة قرصنة حقيقية ضد مجاهدى البحر المسلمين الآنف ذكرهم واستمروا فى هذه الأعمال حتى أواخر القرن الثامن عشر، وأسروا عددا من المسلمين، وقد لعب فرسان مالطة دورا فعالا أثناء النصف الأول من القرن الثامن عشر فى أسر المسلمين، وباعوا للأسطول الفرنسى الرجال الذين احتاجوهم كمجدفين فى السفن الشراعية، وحاول أكثر من عشرة آلاف عبد مسلم الثورة على جزيرة مالطة سنة 1749 م وقد حرر بونابرت الألفى عبد البربرين الذين وجدهم هناك سنة 1798 م. ومن الأهمية أن نميز بين العبيد المأسورين للفدية والذين استرقوا بعد أن كانوا أغنياء فهؤلاء كانوا يلقون معاملة حسنة، والعبيد العاديين الذين كانوا يعاملون معاملة قاسية ويجبرون على أداء أعمال شاقة فى السفن الشراعية وفى الأرض الزراعية، أما فى المدن فقد كان العبيد يؤدون أعمالا أيسر من العبيد العاملين فى الأراضى الزراعية، وكان الأطلنطى عامرا بالقراصنة المراكشيين الذين كانوا ينطلقون من قاعدتهم فى "الرباط ساليا" Rebat Sale، وكما حدث فى العصور الوسطى فقد قامت الجماعات الدينية التحررية بما فيها الجماعات اليهودية بدور فعال فى عتق العبيد بتقديم الفدية (1)، وكان العبيد المتحولون للإسلام يصلون لمناصب عالية فى الجيش والأسطول العثمانيين؛ لكن عدد العبيد الذين كانت تحصل عليهم الدولة العثمانية بدأ يتناقص بالتدريج فى بداية القرن التاسع عشر بسبب الضغط العسكرى الأوربى. وعند الغزو الفرنسى للجزائر سنة 1830 م -على سبيل المثال، لم يكن فى الجزائر سوى
(1) كان اليهود فى الواقع هم الرواد الحقيقيون لتجارة الرقيق فى المحيط الأطلنطى خاصة، فقد تمركز عدد كبير من اليهود المطرودين من أسبانيا فى جزيرة ساو تومى Sao Thome وأسموها جزيرة الميلاد، واستقدموا من الساحل الأفريقى المقابل عددا كبيرا من العبيد لزراعة مزارع قصب السكر الواسعة فكانوا بذلك أول من استخدم العبيد استخداما استثماريا حقيقيًا فى الأعمال الشاقة، وكانوا هم أول الوسطاء فى التاريخ الحديث لتوريد الرقيق إلى الأمريكتين. لجنة المراجعة