الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة التاسعة والثلاثون [العرف المقارن]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
العرف الذي تحمل عليه الألفاظ إنما هو المقارن السابق لا اللاحق (1).
وفي لفظ: "لا عبرة بالعرف الطارئ"(2)، وتأتي في حرف - لا - إن شاء الله تعالى.
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها
.
هذه القاعدة تمثل جانباً من جوانب العرف الذي يعتبر حجة وحكماً.
فمفادها: أن العرف الذي يوجب العمل يجب أن يكون مقارناً للعمل مصاحباً له، وسابقاً له في الوجود؛ لأن العرف لا يشتهر إلا بعد مضي أزمان على وجوده، وأما العرف اللاحق للعمل الحادث بعده فلا اعتداد به ولا اعتبار له، فلا يجوز أن يحمل حكم حدث قبلاً على عرف حدث متأخراً؛ لأن النصوص التشريعية يجب أن تفهم مدلولاتها اللغوية والعرفية في عصر صدور النص؛ لأنها هي مراد الشارع أو العاقد. ولا اعتبار بتبدل مفاهيم الألفاظ في الأعراف المتأخرة، كما أنه لا اعتبار لقبول الأعراف في الحوادث المتقدمة.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها
.
إذا أوقف إنسان عقاراً في سبيل الله أو ابن السبيل، فسبيل الله هو مصالح الجهاد الشرعي أو سبل الخيرات، فلا يجوز أن يعتبر معناه طلب العلم
(1) أشباه السيوطي ص 96، وابن نجيم ص 101.
(2)
نفس المصدر، وينظر: الوجيز مع الشرح والبيان ص 297.
خاصة، وابن السبيل هو من ينقطع من الناس في السفر وإن كان غنياً في بلده ، فلا يجوز أن يحمل على اللقيط الذي قد يطلق عليه ابن السبيل.
ومنها: إذا أقرَّ إنسان لآخر بألف ريال اقترضها أو سرقها، أو أقام دعوى على آخر بأنه اقترض منه ألف ريال منذ خمسين عاماً، فيجب عليه أن يحمل ذلك على الريالات التي كانت سائدة، لا الريالات الحادثة التي يتعارفها الناس الآن.
ومنها: إذا علق إنسان طلاق امرأته على أكل رأس مشوي - وكان المعروف في ذلك رأس الغنم المشوي - ثم تبدل عرف الناس فصاروا يشوون رأس البقر أو الإبل، فأكلت رأس البقر أو الإبل، فلا يقع عليها طلاق؛ لأن المحلوف عليه هو رأس الغنم المشوي - وإن لم يُسَمِّه - للعرف الجاري عندهم حين الحلف والتعليق (1).
(1) شرح الأشباه لسنبلي زاده - المعروف بتوفيق الإله - لوحة 141 - 142.