الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا ألح عليه أعلم أبا محمد المكفوف بذلك فيقول له: اقرأه علي. فإذا فعل قال: أعده ثانية. ثم يقول: رده على صاحبه، ومتى شئت تعال حتى أمليه عليك. وهجاه أبو إسحاق بن خنيس، فأجابه المكفوف:
إن الخنيسي يهجوني لأرفعه
…
إخسأ خنيس فإني لست أهجوكا
لم تبق مثلبة تحصى إذا جمعت
…
من المثالب إلا كلها فيكا
وكانت الرحلة إليه من جميع إفريقية: لأنه كان أعلم الناس بالنحو واللغة والشعر وأيام العرب.
عبد الله بن محمد
بن هبة الله بن المطهر بن علي بن أبي عصرون بن أبي السري. قاضي القضاة
شرف الدين، أبو سعد التميمي الموصلي الفقيه الشافعي، أحد الأئمة الأعلام. تفقع على القاضي المرتضى بن الشهرزوري، وأبي عبد الله الحسين بن خميس الموصلي. وقرأ السبع على أبي عبد الله البارع، والعشر على أبي بكر المزرفي، والنحو على أبي الحسن بن دبيس. ودخل حلب ودرس بها وأقبل عليه صاحبها نور الدين. ولما أخذ دمشق ورد معه إليها. ودرس بالغزالية ثم عاد إلى حلب وولي قضاء سنجار وحران وديار بيعة. ثم عاد إلى دمشق، فولي بها القضاء. وبنة له نور الدين المدارس بحلب وحماه وحمص وبعلبك. وبنى هو لنفسه مدرسة حلب وأخرى بدمشق. وأضر آخر عمره، وهو قاض. فصنف جزأً في قضاء الأعمى وجوزه. وقد تقدم
الكلام على هذه المسالة في مقدمة الكتاب وتوفي رحمه الله تعالى سنة خمس وثمانين وخمسمائة.
وكتب السلطان صلاح الدين بخطه إلى القاضي الفاضل يقول فيه. إن القاضي قال: إن قضاء الأعمى جائز. فتجتمع بالشيخ أبي الطاهر بن عوف الإسكندري وتسأله عما ورد من الأحاديث في قضاء الأعمى. ومن تصانيفه: صفوة المذهب في نهاية المطلب. سبع مجلدات: والانتصار، في أربع مجلدات: والمرشد، في مجلدين: والذريعة في معرفة الشريعة: والتيسير في الخلاف، أربع مجلدات: ومآخذ النظر. ومختصر في الفرائض: والإرشاد في نصرة المذهب، ولم يتم: والتنبيه في معرفة الأحكام: وفوائد المهذب، في مجلدين، وغير ذلك.
وكتب القاضي الفاضل رحمه الله جواباً لمن كتب إليه بموت القاضي: وصل كتاب حضرة القاضي مع الله شملها، وسر بها أهلها، ويسر إلى الخيرات سبلها، وجعل في ابتغاء رضوانه قولها وفعلها، وفيه زيادة وهي نقص الإسلام. وثلم في البرية تتجاوز رتبة الإنثلام إلى الإنهدام. وذلك ما قضاه الله تعالى، من وفاة الإمام شرف الدين بن أبي عصرون، رحمة الله عليه، وما حصل بموته من نقص الأرض من أطرافها، ومن مساءة أهل الملة ومسرة أهل خلافها، فلقد كان علماً للعلم منصوباً، وبقيةً من بقايا السلف الصالح محسوباً، وقد علم الله اغتمامي، لفقد حضرته، واستيحاشي لخلو الدنيا من بركته، واهتمامي بما عدمت من النصيب الموفور من أدعيه. ومن شعر القاضي ابن أبي عصرون:
أؤمل أن أحيي وفي كل ساعة
…
تمر بي الموتى تهز نعوشها
وهل أنا غلا مثلهم غير أن لي
…
بقايا ليال في الزمان أعيشها
ومنه:
أؤمل وصلا من حبيب وإنني
…
على ثقة عما قليل أفارقه
تجارى بنا خيل الحمام كأنما
…
يسابقني نحو الردى واسابقه
فيالبتنا متنا معاً ثم لم يذق
…
مرارة فقدي لا ولا أنا ذائقه
ومنه:
يا سائلي كيف حالي بعد فرقته
…
حاشاك مما بقلبي من تنائيكا