الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محمد بن أحمد بن بصخان
بفتح الباء الموحدة وسكون الصاد المهملة وخاء معجمة وبعد الألف نون. ابن
عين الدولة، الإمام شيخ القراء. بدر الدين. أبو عبد الله ابن السراج الدمشقي، المقرئ النحوي. ولد سنة ثمان وستين وستمائة. وتوفي رحمه الله تعالى في خامس ذي الحجة سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة بدمشق. كان حسن الشيبة منورها، حسن البزة والعمة، طيب النغمة، جيد الأداء. اشتهر عنه أنه لا يأكل إلا اللحم مصلوقاً والحلواء السكرية، لا غير. ولم يأكل المشمش. وكان يدخل الحمام وعلى رأسه قبع لباد غليظ. فإذا تغسل، رفعه وإذا بطل قلب لاماء أعاده، فأورثه ذلك ضعف البصر وانقطع لعدم قوة البصر مدة. وكان: له قعدد في جلوسه ومشيته لا يلتفت ولا يتنخم ولا يبصق إذا كان جالساً للإقراء، دخل يوماً هو والشيخ نجم الدين القفخازي في درب العجم، وبه ظروف زيت فعثر في أحدها. فقال الشيخ نجم الدين: تعسنا في ظرف المكان. فقال له الشيخ بدر الدين: لأنك تمشي بلا تمييز. فقال: إن ذا حال نحس.
وسمع الكثير بعد الثمانين من أبي إسحاق اللمتوني، والعز ابن الفراء، والإمام عز الدين الفاروئي، وطائفة. وعني بالقراآت سنة تسعين وبعدها. فقرأ للحرميين وأبي عمرو علي رضي الدين ابن دبوقا، ولابن عامر علي جمال الدين الفاضلي. ولم يكمل عليه ختمة الجمع. ثم كمل على الدمياطي وبرهان الدين الإسكندري. وتلا لعاصم ختمة على الخطيب شرف الدين الفزاري، ولازمه مدة وقرأ عليه شرح القصيدة لأبي شامة. قال: الشيخ شمس الدين الذهبي وترددنا جميعاً إلى الشيخ الجد نبحث عليه في القصيد. ثم حج غير مرة. وانجفل عام سبعمائة إلى مصر وجلس في حانوت تاجراً. أقبل على العربية فأحكم كثيراً منها. وقدم دمشق بعد ستة أعوام، وتصدى لإقراء القراآت والنحو. وقصده الطلبة وظهرت فضائله وبهرت معارفه وبعد صيته. ثم إنه أقرا لأبي عمر بإدغام الحمير لتركبوها وبابه ورآه سائغاً في العربية، والتزم إخراجه من القصيد وصمم على ذلك مع اعترافه بأنه لم يقل له، وقال أنا قد أذن لي بالإقراء بما في القصيد وهذا يخرج منها فقام عليه شيخنا المجد وابن الزملكاني وغيرهما. فطلبه قاضي القضاة نجم الدين ابن صصري، بحضورهم وراجعوه
وباحثوه. فلم ينته. فمنعه الحاكم من الإقراء بذلك، وأمره بموافقة الجمهور. فتألم وامتنع من الإقراء بالجامع. وجلس للإفادة، وازدحم عليه المقرئون وأخذوا عنه، وأقرأ العربية. وله ملك يقوم بمصالحه، ولم يتناول من الجهات درهماً ولا طلب جهةً مع كمال أهليته. قال: وذهنه متوسط لا باس به. ثم ولى بلا طلب مشيخة التربة الصالحية، بعد مجد الدين التونسي، بحكم أنه أقرا من دمشق في زمانه. قلت: وأجاز لي رحمه الله تعالى جميع ما صنفه ونظمه وسمعه. وكتب لي خطه بذلك، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. وأنشدني رضي الله عنه لنفسه إجازةً:
كلما اخترت أن ترى يوسف الحسن
…
فخذ في يمينك المرآة
وانظرن في صفائها تبصرنه
…
وارحمن من لاجل ذا الحسن باتا
لا يذوق الرقاد شوقاً إليه
…
قلق القلب لا يطيق ثباتا
وأنشدني له أجازةً أيضاً، في مليح دخل الحمام مع عمه، فلما جعل السدر على وجهه قلب الماء عليه شخص اسود، كان هناك:
وبروحي ظبي على وجهه السدر
…
وقد أغمض الجفون لذلك
قائلاً عند ذاك حين أتاه
…
يسكب الما عليه اسود حالك
من ترى ذا الذي يصب أعمى
…
قلت بل ذا الذي يصب كخالك
قلت: وقد حقق الشيخ بدر الدين رحمه الله تعالى ما قيل عن شعر النحاة من الثقالة. على أنني ما أعتقد أن أحداً أرضى لنفسه أن ينظم هكذا. والذي أظنه به رحمه الله تعالى أنه تعمد هذا التركيب القلق. إلا فما في طباع أحد يعاني النظم هذا التعسف، ولا هذه الركة. ولكن المعاني جيدة، كما تراها. محمد بن أحمد: بن عثمان بن قايماز. الشيخ الإمام العالم العلامة الحافظ شمس الدين، أبو عبد الله الذهبي. حافظ لا يجارى، ولافظ لا يبارى. أتقن الحديث ورجاله، ونظر علله وأحواله. وعرف تراجم الناس، وأزال الإيهام في تواريخهم والإلباس. مع ذهن يتوقد ذكاؤه، ويصح إلى الذهب نسبته وإنتماؤه. جمع الكثير ونفع الجم الغفير،
وأكثر من التصنيف، ووفر بالاختصار مؤونة التطويل في التأليف. وقف الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني على تاريخه الكبير، المسمى تاريخ الإسلام، جزأ بعد جزأ، إلى أن أنهاه مطالعة، وقال: هذا كتاب علم.
اجتمعت به وأخذت عنه وقرأت عليه كثيراً من تصانيفه. ولم أجد عنده جمود المحدثين، ولا كوذنة النقلة. بل هو فقيه النظر، له دربة بأقوال الناس، ومذاهب الأئمة من السلف، وأرباب المقالات. أعجبني ما يعانيه في تصانيفه من أنه لا يتعدى حديثاً يورده حتى يبين ما فيه من ضعف متن أو ظلام إسناد أو طعن في رواة. وهذا لم أر غيره يعاني هذه الفائدة فيما يورده. وتوفي رحمه الله تعالى ليلة الإثنين ثالث ذي العقدة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة. ودفن في مقابر باب الصغير.
أخبرني العلامة قاضي القضاة تقي الدين أبو الحسن علي السبكي الشافعي، قال: عدته ليلة مات. فقلت له: كيف تجدك؟ فقال: في السياق. وكان قد أضر رحمه الله تعالى، قبل موته بأربع سنين أو أكثر، بماء نزل في عينيه. فكان يتأذى ويغضب، إذا قيل له: لو قدحت هذا الرجع إليك بصرك. ويقول: ليس هذا بماء، وأنا أعرف بنفسي. لأنني ما زال بصري ينقص قليلاً قليلاً إلى أن تكامل عدمه. وأخبرني عن مولده فقال: في ربيع الآخر سنة ثلاث وسبعين وستمائة. وارتحل وسمع بدمشق، وبعلبك، وحمص، وحماه، وحلب، وطرابلس، ونابلس، والرملة، وبلبيس، والقاهرى، والاسكندرية، والحجاز، والقدس، وغير ذلك.
ومن تصانيفه: تاريخ الإسلام. وقد قرأت منه عليه المغازي، والسيرة النبوية، إلى آخر ايام الحسن رضي الله عنه، وجميع الحوادث إلى آخر سنة سبعمائة. والثلاثين البلدية. ومن تكلم فيه وهو موثق وقد كتبتهما بخطى وقرأتهما عليه. وتاريخ النبلاء. والدول الإسلامية. وطبقات القراء وسماه القراء الكبار على الطبقات والأعصار. تناولته منه وأجازني روايته عنه وكتبت عليه:
عليك بهذه الطبقات فاصعد
…
إليها بالثنا إن كنت راق
تجدها سبعة من بعد عشر
…
كنظم الدر في حسن اتفاق
تجلى عنك ظلمة كل جهل
…
به أضحى مقالك في وثاق
فنور الشمس أحسن ما تراه
…
إذا ما لاح في السبع الطباق
وطبقات الحفاظ، مجلدان. وميزان الإعتدال في الرجال، في ثلاثة أسفار. كتاب
المشتبه في الأسماء والأنساب، مجلد. نبأ الدجال، مجلد. تذهيب التهذيب، اختصار تهذيب الكمال للشيخ جمال الدين المزي. واختصار كتاب الأطراف، أيضاً للمزي. والكاشف، اختصار التذهيب. اختصار السنن الكبير للبيهقي. تنقيح أحاديث التعليق لإبن الجوزي. المستحلى في اختصار المحلى. المقتنى في الكنى. المغنى في الضعفاء. العبر في خبر من غبر، مجلدان. إختصار تاريخ نيسابور، مجلد. إختصار المستدرك للحاكم. إختصار تاريخ إبن عساكر، في عشرة أسفار. إختصار تاريخ الخطيب، مجلدان. الكبائر، جزآن. تحريم الأدبار، جزآن. أخبار السد. أحاديث مختصر إبن الحاجب. توقيف أهل التوفيق على مناقب الصديق. نعم السمر في سيرة عمر. التبيان في مناقب عثمان. فتح المطالب في أخبار علي بن أبي طالب وقرأته عليه من أوله إلى آخره. معجم أشياخه، وهم ألف وثلاثمائة شيخ. إختصار كتاب الجهاد، لبهاء الدين بن عساكر. ما بعد الموت، مجلد. إختصار كتاب القدر للبيهقي، ثلاثة أزاء. هالة البدر في عدد أهل البدر. إختصار تقويم البلدان لصاحب حماة. نفض الجعبة في أخبار شعبة. قض نهارك بأخبار إبن المبارك. أخبار أبي مسلم الخراساني. وله في تراجم الأعيان لكل واحد مصنف قائم الذات مثل الأئمة الأربع، ومن جرى مجراهم. لكنه أدخل الكل في تاريخ النبلاء. وقد أجازني رحمه الله تعالى رواية جميع ما يجوز له تسميعه. وأنشدني لنفسه مضمنا:
إذا ماقرأ الحديث على شخص
…
وأخلى موضعاً لوفاة مثلي
فما جازى بإحسان لأني
…
أريد حياته ويريد قتلي
وأنشدني لنفسه من لفظه أيضاً:
لو أن سفيان على حفظه
…
في بعض همي نسى الماضي
نفسي وعرسي ثم ضرسي سعوا
…
في غربتي والشيخ والقاضي
وأنشد أيضاً لنفسه من لفظه:
العلم قال الله قال رسوله
…
إن صح والإجماع فأجهد فيه
وحذار من نصب الخلاف جهالةً
…
بين الرسول وبين رأي فقيه