الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحمد بن علي
بن الحسين بن عيسى المقرئ الضرير، أبو نصر المايمرغي بالميم وبعدها ألف
وياء آخر الحروف وسكون الراء بعدها غين معجمة. سمع أبا عمرو محمد بن محمد بن صابر، وأبا سعيد الخليل بن أحمد، وأبا أحمد الحاكم البخاريين. وكان صدوقاً ثقة. ولد سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة. وتوفي رحمه الله تعالى سنة ثلاث وأربعمائة.
أحمد بن علي: بن أحمد أبو العباس الضرير المقرئ من أهل البردان. قدم بغداد في صباه وحفظ القرآن وأحكمه. وقرأ بالروايات على المشايخ، وقرأ بواسط على ابن الباقلاني وغيره. واشتغل بالتجويد، ووصف بحسن الأداء، وقوة الصوت، وحفظ حروف الخلاف. وكان يخطب في القرى، وكان يقرأ في المحراب في صلاة التراويح بالشواذ المكروهة طلباً للدنيا.
قال ابن النجار في ذيل بغداد: ولم يكن في دينه بذاك. وتوفي سنة إحدى وعشرين وستمائة.
أحمد بن غالب: بن أبي عيسى بن شيخون، الأبروذي أبو العباس الضرير، يعرف بالجبابيني. والجبابين بالجيم وبعدها باآن منقوطتان بواحدة بينهما ألف وياء آخر الحروف ونون قرية بد جيل. دخل بغداد صبياً وحفظ القرآن وقرأه بالروايات على عبد الله بن علي بن أحمد الخياط. وسمع منه الحديث، ومن سعد الخير بن محمد الأنصاري، ومن جماعة. وقرا الفقه على أحمد بن بكروس، وحصل منه طرفاً صالحاً. ولما مات ابن بكروس خلفه في مدرسته ومسجده. توفي رحمه الله تعالى سنة أربع وسبعين وخمسمائة.
أحمد بن محمد: بن أحمد بن نصر بن ميمون بن مروان الأسلمي الكفيف النحوي. أبو عبد الله، وقيل أبو عمرو. قال ابن الفرضي: هو من أهل قرطبة. ويقال
له إشكابه بألف وشين معجمة وبعدها ألف وباء ثانية الحروف وهاء. وسمع من قاسم بن أصبع، ومحمد بن محمد الخشني، وغيرهما. وكان صالحاً عفيفاً. أدب عند الرؤساء والجلة من الملوك. ومان رحمه الله تعالى سنة تسعين وثلاثمائة.
أحمد بن محمد بن الحسين الرازي الضرير ويقال له أبو العباس البصير ولد أعمى وكان ذكياً حافظاً وثقة الدارقطني وتوفي رحمه الله تعالى سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
أحمد بن محمد: بن الحسين الرازي الضرير، ويقال له أبو العباس البصير. ولد أعمى وكان ذكياً حافظاً. وثقة الدارقطني. وتوفي رحمه الله تعالى سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
أحمد بن محمد: بن علي بن نمير، أبو سعيد الخوارزمي، الضرير الفقيه العلامة الشافعي، تلميذ الشيخ أبي حامد. قال الخطيب: درس فتى، ولم يكن بعد أبي الطيب الطبري أفقه منه. وتوفي رحمه الله سنة ثمان وأربعين وأربعمائة.
أحمد بن محمد: المرندي بالراء وبعد الرء نون ودال مهملة، الضرير المقرئ البغدادي. كان عالماً بالتفسير، وقسمة الفرئض، وتعبير الرؤيا. كان ماراً بالموصل في الطريق فسقط، فاضطرب، فمات فجأة رحمة الله تعالى سنة ثمان أو تسع وأربعين وخمسمائة.
أحمد بن المختار: بن محمد بن عبيد بن جبر بن سليمان، وأبو العباس بن أبي الفتوح ابن أخي مهذب الدولة. كان أحمد هذا وأبوه من أمراء البطيحة. وكان كثير الشعر. قدم بغداد ومدح الإمامين: المسترشد والمستظهر. ومدح المقتفي لأمر الله. وتوفي رحمه الله سنة ثمان وأربعين وخمسمائة. وكان قد مات له ابن فبكى عليه إلى أن ذهبت عينه ثم تلتها العين الأخرى. فقال يشكو الزمان:
كأنما آلى على نفسه
…
أن لا يرى شملاً لاثنين
لم يكفه ما نال من مهجتي
…
حتى أصاب العين بالعين
ومن شعره:
أللحمامة أم للبرق تكتئب
…
لا بل لكل دعاك الشوق والطرب
إن أومض البرق أو غنت مطوقة
…
قضيت من حق ضيف الحب ما يجب
والحب كالنار تمسى وهي ساكنة
…
حتى تحركها ريح فتلتهب
أحمد بن مسعود: بن احمد بن ممدود بن برسق. الأديب الفاضل شهاب الدين أبو العباس الضرير السنهوري، بالسين المهملة والنون الساكنة والهاء المضمومة والواو الساكنة وبعدها راء. المعروف بالمادح: لأنه كان يكثر من مدائح النبي صلى الله عليه وسلم. اجتمعت به غير مرة بالقاهرة عند الصاحب أمين الدين، في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، وسمعت منه كثيراً من أمداحه النبوية. وكان حفظة. وله قدرة على النظم، ينظم القصيدة، وفي كل بيت حروف المعجم، وفي كل بيت طاء، وفي كل بيت ضاد، وهكذا من هذا اللزوم. وأخبرت عنه أنه كان أولاً كثير الأهاجي للناس، ثم إنه رفض ذلك ورجع إلى مدائح النبي صلى الله عليه وسلم. ولم يكن ناضج العلم. وكان موجوداً في سنة ست وأربعين وسبعمائة بالديار المصرية. ومن شعره رحمه الله تعالى.
إن أنكرت مقلتاك سفك دمي
…
من ورد خديك لي به شاهد
جرحه ناظري ويشهد لي
…
أليس ظلماً تجريحي الشاهد
أطاعك الخافقان به بهما
…
قلبي المعنى وقرطك المائد
قلت: وهو مأخوذ من قول ابن سنا الملك:
أما والله لوال خوف سخطك
…
لهان علي ما القى برهطك
ملكت الخافقين فتهت عجباً
…
وليس هما سوى قلبي وقرطك
ومن شعر ابن مسعود:
يا من له عندنا أياد
…
تعجز عن شكرها الأيادي
فيك رجاء وفيك يأس
…
كالحر والبرد في الزناد
أحمد بن يوسف: بن حسن بن رافع. الإمام العلامة الزاهد الكبير، موفق الدين أبو العباس الموصلي الكواشي. ولد بكواشة وهي قلعة من عمل الموصل، سنة تسعين أو إحدى وتسعين وخمسمائة. وتوف رحمه الله تعالى سنة ثمانين وستمائة. قرا القرآن على والده، واشتغل وبرع في القراآت والتفسير والعربية والفضائل. سمع من أبي الحسين بن روزبة. وقدم الشام وأخذ عن السخاوي وغيره. وحج وزار القدس وعاد إلى بلده وتعبد. وكان عديم المثل: زهد وصلاحاً وصدقاً وتبتلاً. وكان السلطان ومن دونه يزوره ولا يعبأ بهم، ولا يقوم لهم، ولا يقبل منهم شيئاً. وله كشف وكرامات. وأضر قبل موته نحو عشرين سنة. صنف التفسير الكبير والصغير وأرسل نسخة إلى مكة، وإلى المدينة نسخة، وإلى القدس نسخة. ولأهل الموصل فيه اعتقاد عظيم. وكان كثير الإنكار على بدر الدين صاحب الموصل وإذا شفع عنده، لا يرده.
قال الشيخ شمس الدين الذهبي: وكان شيخنا المقصاتي يطنب في وصفه، وقرأ عليه تفسيره فلما وصل إلى سورة الفجر منعه وقال: أنا أجيزه لك، ولا تقول أنا كملت الكتاب على المصنف. يعني أن للنفس في ذلك حظاً. وحدث عنه بالكتاب سنة اثنتي عشرة وسبعمائة والله تعالى أعلم.
إدريس بن أحمد: الضرير أبو سليمان الكوفي. قال المرزباني في معجم الشعراء: مقتدري مدح محمد بن علي المادراي، عند قدومه بغداد بقصيدة يقول فيها:
إلى أبي بكر الميمون طائره
…
إلى الجواد الذي أفنى اللهى جودا
يولي الأقارب تقريباً إليه ولا
…
يولي إلا باعد إن زاروه تبعيدا
علاك يا ابن علي فوق كل علاً
…
فزادك الله إعلاءً وتأييداً
إدريس بن عبد الله بن إسحاق. اللخمي النابلسي الضرير البصري أبو سليمان. قال المرزباني: حدثني عنه الصولي، وعمر بن حسن الأشناني. وتوفي رحمه الله تعالى بعد الثمانين والمائتين. وكان يكاتب أبا الحسن أحمد بن محمد بن المدبر بالأشعار عند خروجه إلى الشام. ومن شعره:
صاحب الحاجة أعمى
…
وهو ذو مال بصير
فمتى يبصر فيها
…
رشده أعمىً فقير
وحجبه رجل، فكتب إليه:
سأترككم حتى يلين حجابكم
…
على أنه لا بد أن سيلين
خذوا حذركم من نومة الدهر إنها
…
وإن لم تكن حانت فسوف تحين
إسحاق بن فاروت بك: هو سلطان شاه بن فاروت بك بن داود بن سلجوق بن دقاق بن سلجوق. كان والده فاروت بك أخا السلطان ألب أرسلان. فلما توفي ألب أرسلان، كان فاروت بك بكرمان، فسار من عمان وركب في البحر في فصل الشتاء وخاف من سبقه إلى الري لأن ألب أرسلان أقام ابنه ملكشاه في الملك بعده.
وكان معه عسكر يسير، يبلغ ألفي فارس وأربعة آلاف راجل. فبلغ ذلك ملكشاه. فأخذ هو ووزيره نظام الملك من قلعة الري خمسمائة ألف دينار، وخمسة آلاف ثوب، وسلاحاً. وخرجا من الري سبقاه إلى التركمان الذين كان فاروت بك يقصدهم. فاقتتلوا فهرب فاروت بك وأسر أولاده. فلما كان من الغد، جاء إلى ملكشاه سوادي، فقال: عمك في القرية الفلانية مع ولد له، فابعث معي من يأخذه. فسار إليه ملكشاه بنفسه. وحمل إليه مقيداً ماشياً فأومأ إلى الأرض وقبل يد ملكشاه. فقال له: يا عم! كيف أنت من تعبك؟ أما استحييت من هذا الفعل؟ يموت أخوك، فما قعدت في عزائه، ولم تبعث إلى قبره ثوبا، والغرباء قد حزنوا عليه. فقد لقاك الله سوء فعلك. فقال: ما قصدت ذلك، ولكن كاتبني عسكرك فجئت لأمر قضاه الله. فحمل مقيداً إلى همذان. فلام كان يوم الأربعاء ثالث شعبان سنة خمس وستين وأربعمائة، قتل فاروت بك. خنقه رجل أعور أرمني من أصاغر الحاشية، بوتر قوي. ثم إن ملكشاه جمع أولاده وصهره إبراهيم بن ينال. وكحلهم بين يديه. وقدم سلطان شاه إسحاق هذا وهو أكبر أخوته وأنجبهم، وهو كما يقل عذاره، فأخذ إخوته الصغار واحداً بعد واحد، وجعل يضمه إليه، ويقبله: ويقول: هذا قضاء الله فلا تجزعوا، فإن الموت يأتي على جميع الناس. وكحل وكحلوا ومات منهم اثنان. ثم إنه اعتقل سلطان شاه في همذان سنة خمس وستين وأربعمائة. فدبر سلطان شاه الحيلة مع بعض الموكلين، وبعث إلى كرمان يستدعي له خيلاً. فلما جاءته، فتح الموكلون السقف واستقوه ومعه أخوه، ونزلا وركبا الخيل ولم يتبعهما أحد. ومضيا إلى كرمان وحصلا في قلعة لا بهما، وسر الناس بهما. وقام سلطان شاه مقام أبيه واجتمعت الكلمة عليه وورد الخبر إلى ملكشاه عمه في جمادى الأولى، فشغب الجند على الوزير نظام الملك، وطالبوه بالأموال حتى فرغت الخزائن. واستمر سلطان شاه على حاله ملكاً بتلك الناحية. وجهز أموالاً عظيمة جداً إلى مكة شرفها الله تعالى، شكر الله تعالى على نجاته. ولم يزل على حاله، إلى أن توفي رحمه الله تعالى سنة ست وسبعين وأربعمائة. وجاءت أمه بهدايا إلى السلطان، وألطاف وأموال، فأكرمها وأقر أخاه مكانه. والله أعلم.
إسمعيل بن أحمد: بن عبد الله الحيري. أبو عبد الرحمن الضرير المفسر المقرئ الواعظ الفقيه المحدث. أحد ائمة المسلمين. والحيرة محلة بنيسابور. قال ياقوت: هي الآن خراب.
توفي رحمه الله تعالى فيما ذكرها الجاحظ عبد الغافر بعد الثلاثين والأربعمائة. ومولده سنة إحدى وستين وثلاثمائة. وله التصانيف المشهورة في علم القرآن والقراآت والحديث والوعظ والتذكير. سمع صحيح البخاري من أبي الهيثم ببغداد، وقد روى عن زاهر السرخسي. رحمه الله تعالى.
إسمعيل بن المؤمل: بن الحسين بن إسمعيل. أبو غالب الضرير الأسكافي النحوي. كان فاضلاً أديباً شاعراً. روى عنه أبو القاسم عبد الله بن محمد بن باقياء الشاعر، وعبد المحسن بن علي التاجر، وغيرها. وتوفي رحمه الله تعالى سنة ثمان وأربعين وأربعمائة. ومن شعره:
سرت ومطايا بينها لم ترحل
…
وزارت وحادي ركبها لم يحمل
وجادت بوصل كان للطيف شكره
…
وسرت بوعد في الكرى لم يحصل
وعهدي بها في الحي سكري من الصبا
…
وصاحيةً من زفرتي وتململي
يهز الصبا منها شمائل قامة
…
ويجلو الكرى منها لواحظ مغزل
قال الوزير ابن المسلمة: لا أدري في النحو مفتوح العين إلا هذا المغمض العين.
الأشرف بن الأعز: ين هاشم. المعروف بتاج العلى. العلوي الحسني الرافضي الرملي، كان بآمد. وتوفي بحلب سنة عشر وستمائة. اجتمع هو وابن دحية فقال له: إن دحية لم يعقب. فتكلم ابن دحية، ورماه بالكذب، في مسائله الموصلية.
وذكر يحيى ابن أبي طي في تاريخه، فقال: شيخنا العلامة الحافظ النسابة الواعظ الشاعر. قرأت عليه نهج البلاغة وكثيراً آمن شعره. أخبرني انه ولد بالرملة في غرة المحرم سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. وعاش مائة وثمانياً وعشرين سنة. وقال: إنه لقي ابن الفحام وقرا عليه بالسبع في كتابه الذي صنفه. قال: وكنت بالبصرة وسمعت من الحريري خطبة المقامات. ثم أخبرني إنه دخل الغرب وسمع من الكروحي كتاب الترمذي، ودخل دمشق والجزيرة وحلب. وأخذه ابن شيخ السلامية. وجعل له الظاهر كل يوم ديناراً صورياً، وفي كل شهر عشرة مكاكيك حنطة ولحماً. وله كتاب نكت الأبناء في مجلدين. وكتاب جنة الناظر وجنة المناظر خمسة مجلدات في تفسير مائة آية ومائة حديث، وكتاب في تحقيق غيبة المنظر وما جاء فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الأئمة ووجوب الإيمان بها، وشرح القصيدة البائية التي للسيد الحميري. وقدح عينيه ثلاث مرات. وكانت العامة تطعن عليه عند السلطان ولا يزيده إلا محبة.
قال الشيخ شمس الدين الذهبي رحمه الله: ما كان هذا إلا وقحاً جريئاً على الكذب. انظر كيف ادعى هذه السن، وكيف كذب في لقاء ابن الفحام والحريري.
الطنطاش: الأمير سيف الدين. مملوك الأمير أمين الدولة صاحب بصرى وصرخد. وواقف الأمينية بدمشق. لما توفي أمين الدولة كان الطنطاش هذا نائباً على
قلة بصرى، فاستولى عليها وعلى صرخد، واستعان بالفرنج. فسار لقتاله معين الدين أنر ونازل القلعتين فملكهما. وكان الطنطاش له أخ يدعى خطلخ فآذاه وكحله وأبعده، فحضر إلى دمشق. فلما قدم أخوه الطنطاش إلى دمشق، حاكمه أخوه إلى الشرع وكحله قصاصاً. فبقي أعميين.
وتوفي الطنطاش رحمه الله تعالى في حدود الخمسين والخمسمائة تقريبا، والله تعالى أعلم.
أمية بن الأشكر: الكناني. من بنى ليث الصحابي رضي الله عنه. شاعر مخضرم. كان من سادات قومه. وكان له ابن اسمه كلاب، أكتتب نفسه في الجند الغازي مع أبي موسى الأشعري، في خلافة عمر رضي الله عنه. فاشتاقه أبوه وكان قد أضر فأخذ قائده بيده، ودخل به عمر وهو في المسجد. فأنشده:
أعاذل قد عذلت بغير قدر
…
وماتدرين عاذل ماألاقي
فإن ما كنت عاذلتي فردي
…
كلابا إذ توجه للعراق
فتى الفتيان في عسر ويسر
…
شديد الركن في يوم التلاق
فلا وأبيك ماباليت وجدي
…
ولاشغفي عليك ولا اشتياقي
وإيقادي عليك إذا شتونا
…
وضمك تحت نحري واعتناقي
فلو فلق الفؤاد شديد وجد
…
لهم سواد قلبي بانفلاق
سأستعدى على الفاروق ربا
…
له عمد الحجيج إلى بساق
وأدعو الله محتسبا عليه
…
ببطن الأخشبين إلى دفاق
إن الفاروق لم يردد كلابا
…
على شيخين هامهما زواق
فبكى عمر رضي الله عنه، وكتب إلى موسى الأشعري، برد كلاب إلى المدينة. فلما قدم ودخل عليه، قال له عمر: ما بلغ من برك بأبيك قال: كنت أوثره وأكفيه أمره، وكنت إذا أردت أن أحلب له لبنا أجيء إلى أغزر ناقة في إبله فأريحها وأتركها حتى تستقر، ثم أغسل أخلافها حتى تبرد، ثم أحلب له فأسقيه. فبعث عمر رضي الله عنه إلى أمية فجأة فدخل عليه وهو يتهادى وقد انحنى. فقال له: كيف أنت يا أبا كلاب؟ فقال: كما ترى يا أمير المؤمنين. فقال: هل لك من حاجة؟ قال: نعم. كنت أشتهي أن أرى كلابا فأشمه شمة وأضمه ضمة قبل أن أموت. فبكى عمر رضي الله عنه وقال: ستبلغ في هذا ما تحب إن شاء الله تعالى.
ثم أمر كلابا أن يحلب لأبيه ناقة كما كان يفعل ويبعث بلبنها إليه. ففعل. وناوله عمر رضي الله عنه الإناء، وقال: اشرب هذا يا أبا كلاب. فأخذه فلما أدناه من فيه. قال: والله يا أمير المؤمنين إني لأشم رائحة يدي كلاب. فبكى عمر رضي الله عنه وقال هذا كلاب عندك، وقد جئناك به. فوثب إلى ابنه وضمه. وجعل عمر رضي الله تعالى عنه والحاضرون يبكون. وقالوا لكلاب: الزم، أبويك. فلم يزل مقيما عندهما إلى أن ماتا. والله أعلم.
أبو شروان: الضرير الشاعر المعروف بشيطان العراق. سافر إلى بلاد الجزيرة وما والاها، ومدح الملوك والأكابر. والغالب على شعره الخلاعة والمجون والهزل والفحش. وعاد إلى بغداد خمس وسبعين وخمسمائة. ومدح المستضيئ. ومن شعره قصيدة يهجو فيها بلد إربل:
تبا لشيطاني وما سولا
…
لأنه أنزلني إربلا
نزلتها في يوم نحس فما
…
شككت أني نازل كربلا
وقلت ما أخطأ الذي مثلا
…
باربل إذ قال بيت الخلا
هذا وفي البازار قوم إذا
…
عاينتهم عاينت أهل البلا
من كل كردى حمار ومن
…
كل عراقي نفاه الغلا
أما العراقيون ألفاظهم جب لي
…
جفاني جف جال البلا
جمالك أي جعفغ جبه يجي
…
يجب جمالوا قبل أن نرحلا
هيا مخاغيطي الكسحلي مشى
…
كف المكفنى اللنك إي بوالعلا
جغه بجعصوا نتف سبيله
…
انتغوا مده بكعغو به اسفقه بالملا
عكلى تغى هواي نتف اعفقه
…
قل لوالبو يذتخين كيف انقلى
هذى القطيعة بهجغه انحط من
…
عندي تدفع كم تحط الكلا
والكرد لا تسمح إلا جيا
…
أو بحيا أو نتوى زنكلا
كلا وبوبو علكوا خشتري
…
خيلو وميلو موسكا منكلا
ممرو ومفو ممكى ثم إن
…
قالوا بوير بكى بخى قلت لا
وفتية تزعق في سوقهم
…
سردا جليدا صوتهم قد علا
وعصبة تزعق والله تنفروا
…
وشوبوا ثم هم سخام الطلا
ربع خلا من كل خير بلى
…
من كل عيب وسقوط ملا
فلعنة الله على شاعر
…
يقصد ربعا ليس فيه كلا
أخطأت والمخطئ في مذهبي
…
يصفع في قمته بالدلا
إذ لم يكن قصدي إلى سيد
…
جماله قد جمل الموصلا
ثم إنه بعد ذلك قال يعتذر من هجاء إربل، ومدح الرئيس مجد الدين داود بن محمد. وهي قصيدة طويلة، وقد سقت بعضها في تاريخي الكبير في ترجمته.
أيد غدي: الأمير علاء الدين. الأعمى الركني الزاهد. ناظر أوقاف القدس الشريف والخليل عليه السلام. أنشأ العمائر والربط وغير ذلك، وأثر الآثار الحسنة بالقدس، وبلد سيدنا الخليل عليه السلام، والمدينة النبوية الشريفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام. وكان من أحسن الناس سيرة، وأجملهم طريقة. عمرت الأوقاف في أيامه، وتضاعفت أجورها، واشتهر ذكره وسار. وكان من أذكياء العالم. يقال عنه: إنه خط حماما في بلد الخليل عليه السلام، ورسم الأساس بيده وذره بالكلس للصناع. وكان يحب الخيل ويستولدها. وكان إذا مر به فرس من خيله عرفه، وقال هذا من خيلي. وتوفي بالقدس الشريف، سنة ثلاث وتسعين وستمائة، وصلى عليه بدمشق صلاة الغائب.
أيمن بن نابل: الحبشي المكي الطويل الضرير، عداده في صغار التابعين. كان ابن معين حسن الرأي فيه. وقال ابن حبان لا يحتج به إذا انفرد. وتوفي رحمة الله تعالى في حدود الستين والمائة. وروى له البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة.
بدر بن جعفر: بن عثمان الأميري من قرية تعرف بالأميرية من نواحي النيل ببغداد. أبو النجم الشاعر الضرير. نشأ بواسط وقرأ بها القرآن والأدب، وسمع الحديث، وقال الشعر. وقدم بغداد وسكنها، ومدح بها الأكابر والأعيان. وصار من شعراء الديوان، ينشد في التهاني والتعازي. وكان شيخا حسنا متدينا. ولد سنة سبع وثلاثين وخمسمائة. وتوفي رحمه الله تعالى سنة إحدى عشرة وستمائة. ومن شعره:
عذ يرى من جيل غدوا وصنيعهم
…
بأهل النهى والفضل شر صنيع
ولؤم زمان مايزال موكلا
…
بوضع رفيع أو برفع وضيع
سأصرف صرف الدهر عني بماجد
…
متى آته لا آته بشفيع
البراء بن عازب: بن حارث بن عدي بن جشم بن مجدعة بن حارثة بن الحارث ابن الخزرج الحارثي الخزرجي. أبو عمارة، وقيل أبو الطفيل، وقيل أبو عمر. والأشهر أبو عمارة. قال البراء: استصغرت أنا وإبن عمر يوم بدر، وكان المهاجرون يومئذ نيفا على الستين، وكان الأنصار نيفا على أربعين ومائة. والأشبه أن يكون البراء أراد الخزرج قبيلته، وإلا فالأنصار كانوا يوم بدر.
وذكر الدولابي عن الواقدي، قال: أول غزوة شهدها ابن عمر والبراء بن عازب وأبو سعيد وزيد بن أرقم، الخندق. وقال أبو عمر الشيباني: أفتتح البراء بن عازب الرى سنة أربع وعشرين، صلحا أو عنوة. وقال أبو عبيدة: افتتحها حذيفة سنة إثنتين وعشرين. وقال حاتم بن مسلم: افتتحها قريظة بن كعب الأنصاري. وقال المدائني: افتتح بعضها أبو موسى وبعضها قريظة. وشهد البراء بن عازب مع علي رضي الله عنه الجمل وصفين والنهروان، ثم نزل الكوفة ومات بها، أيام مصعب بن الزبير، في سنة إحدى وسبعين للهجرة بعد ما أضر.
بركة بن أبي يعلى: بن أبي الغنائم الأنباري أبو البركات الضرير. كان له شعر. روى عنه أبو بكر المبارك بن كامل الخفاف في معجم شيوخه. وسمع منه عمر بن طبرزد شيا من شعره في جمادى الأولى سنة أربع وثلاثين وخمسمائة. ومن شعره وهو نازل:
أغالب وجدي فيهم وهو غالب
…
وأحبس دمعي وهو في الخد ساكب
وقد عيل صبري واعترتني وساوس
…
تمانعني طيب الكرى وهو آئب
وقد حرت لما أصبح الركب راحلا
…
وقد قوضت نيرانهم والمضارب
حدا بهم الحادي فأضحيت بالحمى
…
كئيبا وقد ضاقت على المذاهب
بشار بن برد: بن يرجوخ بفتح الياء آخر الحروف وسكون الراء وضم الجيم وبعد الواو الساكنة خاء معجمة العقيلي بضم العين المهملة. مولاهم الشاعر المشهور، أبو معاذ المرعث بضم الميم وفتح الراء وتشديد العين المهملة وبعدها ثاء مثلثة وهو
الذي في أذنه رعاث وهي القرط لأنه كان في أذنه وهو صغير قرط. ذكر صاحب الأغاني في كتابه أسماء أجداد بشار ستة وعشرين جدا أسماؤهم كلها أعجمية. ولد على الرق وأعتقته امرأة عقيلية.
وفد على المهدي وأنشده قصيدة يمدحه بها، منها:
إلى ملك من هاشم في نبوه
…
ومن حمير في الملك والعدد الدثر
من المشترين الحمد تندى من الندى
…
يداه وتندى عارضاه من العطر
فلم يحظ منه، فقال يهجوه:
خليفة يزني بعماته
…
يلعب بالدبوق والصولجان
أبدلنا الله به غيره
…
ودس موسى في ح
…
الخيزران
وأنشدهما في حلقة يونس النحوي، فسعى به إلى الوزير يعقوب بن داود، وكان بشار قد هجاه بقوله:
بني أمية هبوا طال نومكم
…
إن الخليفة يعقوب بن داود
ضاعت خلافتكم يا قوم فالتمسوا
…
خليفة الله بين الناي والعود
فدخل الوزير يعقوب بن المهدي، وقال يا أمير المؤمنين: إن هذا الملحد الزنديق قد هجاك. قال: بم ذاك؟ فقال: لا أطيق أقوله. فأقسم عليه فكتبهما، فلما وقف عليهما كاد ينشق غيظا. فانحدر إلى البصرة فلما بلغ البطيحة سمع أذانا في وضح النهار. فقال: انظروا ما هذا؟ فإذا بشار سكران. فقال: يا زنديق عجبت أن يكون هذا من غيرك. أتلهو بالآذان في غير وقت الصلاة، وأنت سكران؟ وأمر بضربه. فضرب بالسياط بين يديه على صدر الحراقة سبعين سوطا تلف منها. فكان إذا أصابه السوط قال: حس وهي كلمة تقولها العرب للشيء إذا أوجع. فقال بعضهم: انظروا إلى زندقته كيف يقول حس ولا يقول بسم الله. فقال بشار: ويلك أطعام هو فأسمى الله عليه؟ فقال له آخر: أفلا قلت الحمدلله؟ فقال: أو نعمة هي فأحمد الله عليها؟ وبان الموت فيه. فألقى في سفينة حتى مات سنة ثمان وستين ومائة. وقد بلغ نيفا وتسعين سنة. وقال: في حالة ضرب الجلاد له: ليت عيني أبي الشمقمق ترياني حيث يقول:
هللينة هللينة
…
طعن قثاة لتينه
إن بشار بن برد
…
تيس أعمى في سفينة
وكان بشار يخاف لسان أبي الشمقمق ويصانعه في كل سنة بمبلغ من الذهب حتى يكف عنه. ووجد في أوراقه مكتوب بعد موته،: إني أردت هجاء آل سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس، فذكرت قرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمسكت عنهم، والله العالم بحالهم. فيقال إن المهدي لما بلغه ذلك، ندم على قتله. وكان كثيرا ما ينشد قوله:
سترى حول سريري
…
حسرا يلطمن لطما
ياقتيلاً قتلته
…
عبدة الحوراء ظلما
عبدة، إسم محبوبته. وفيها يقول: زود ينا يا عبد قبل الفراق أنا والله أشتهي سحر عينيك وأخشى مصارع العشاق.
ولما خرجت جنازته، لم يتبعها إلا أمة سندية عجماء. تقول واشيداه! واشيداه! بالشين المعجمة. وكان بشار يرى رأي الكاملية. وهم فرقة من الرافضة يتبعون رجلا كان يعرف بأبي كامل. كان يزعم أن الصحابة كفروا بتركهم بيعة علي بن أبي طالب، وكفر علي بن أبي طالب بتركه قتالهم، وكان يلزمه قتالهم كما لزمه قتال أصحاب الجمل وصفين. وقيل لبشار: ما تقول في الصحابة؟ فقال كفروا قيل له: فما تقول في علي بن أبي طالب؟ فقال:
وما شر الثلاثة أم عمرو
…
بصاحبك الذي لا تصحبينا
وقيل: إنه كان يفضل النار على الأرض، ويصوب رأي إبليس في إمتناعه من السجود لآدم، وقال:
إبليس خير من أبيكم آدم
…
فتنبهوا يا معشر الفجار
إبليس من نار وآدم طينة
…
والأرض لا تسمو سمو النار
وقال أيضا:
الأرض مظلمة والنار مشرقة
…
والنار معبودة مذ كانت النار
وكان بشار قد ولد أعمى، جاحظ العينين، قد تغشاهما لحم أحمر. وكان ضخما
عظيم الخلق والوجه، مجدورا طويلا. وهو معدود في أول مرتبة المحدثين. وهو من مخضرمي الدولتين. وهو من الشعراء المجيدين. وكان خبيث الهجو.
قال بشار: هجوت جريرا، فاحتقرني واستصغرني. ولو أجابني لكنت أشعر الناس. وقال بشار: لي إثني عشرة ألف قصيدة، لعنها الله ولعن قائلها، إن لم يكن في واحدة منها بيت عين.
ومر بشار برجل ندت من تحته بغلة وهو يقول: الحمد لله شكراً، فقال بشار استزده يزدك ومر يوماً بقوم يحملون جنازة وهم يسرعون المشي بها. فقال: مالهم مسرعين؟ أتراهم قد سرقوها؟ وهم يخافون أن يلحقوهم ليأخذوها منهم.
ورفع غلام بشار إليه في حساب نفقته جلاء مرآة، عشرة دراهم. فصاح به بشار، وقال: ما في الدنيا أعجب من جلاء مرآة لأعمى بعشرة! والله؟ لو صدئت عين الشمس حتى يبقى العالم في ظلمة، ما بلغت أجرة من يجلوها عشرة دراهم.
وقال داود بن رزين: جئت بشارا مع جماعة. فأذن لنا والمائدة موضوعة بين يديه، فلم يدعنا إلى طعامه. فلما أكل دعا بالطست، فكشف سوأته وبال. ثم حضرت الظهر والعصر والمغرب، فلم يصل. فقال له بعضنا: أنت أستاذنا. وقد رأينا منك أشياء أنكرناها. قال: وماهي؟ قلنا: دخلنا والطعام بين يديك فلم تدعنا. فقال إنما أذنت لكم لتأكلوا. ولو لم أرد، ما أذنت لكم. قال: ثم ماذا؟ قلنا: دعوت بالطست فبلت، ونحن حضور. فقال: أنا مكفوف وأنتم المأمورون بغض البصر دوني. قال: ثم ماذا؟ قلنا: حضرت الظهر والعصر والمغرب، ولم تصل. فقال: الذي يقبلها تفاريق يقبلها جملة.
وقعد إلى بشار رجل يستثقله، فضرط عليه ضرطة. فظن أنها فلتة منه. ثم ضرط أخرى. ثم ضرط ثالثة. فقال له: يا أبا معاذ ما هذا؟ فقال بشار: أرأيت أم سمعت؟ فقال: بل سمعت صوتا قبيحا. قال: فلا تصدق حتى ترى. وأنشد:
ربما ثقل الجليس وإن كان
…
خفيفا في كفه الميزان
كيف لا تحمل الأمانة أرض
…
حملت فوقها أبا سفيان
وكان النساء المتظرفات يجئن إلى بشار ويسمعن كلامه وشعره. فسمع واحدة منهن فهويها وراسلها. فقالت لرسوله: قل له أي معنىً فيك لي؟ ويلك أولىك في؟ أنت أعمى لا تراني فتعرف حسني ومقداره، وأنت قبيح لا حظ لي فيك، فليت شعري! لأي شئ تطلب وصال مثلي؟ وجعلت تهزأ به، فأدى إليه الرسول ما قالت. فقال: عد إليها وقل لها:
أي..ى له فضل على أي..انهم
…
فإذا أشظ سجدان غير أوابي
تلقاه بعد ثلاث عشرة قائما
…
فعل المؤذن شك يوم سحاب
وكأن هامة رأسه بطيخة
…
حملت إلى ملك لدجلة جاب
وجاءه رجل، فسأله عن منزل رجل ذكره له. فجعل يفهمه ولا يفهم. فأخذ بشار بيده وقام يقوده إلى منزل الرجل، وهو يقول:
أعمى يقود بصيرا لا أبالكم
…
قد ضل من كانت العميان تهديه
فلما وصل به إلى منزل الرجل، قال له: هذا منزله يا أعمى.
وعشق بشاراً امرأة مرة فكان ينفذ غلامه إليها، وهي تتمنع. فلما أضجرها، عرفت زوجها. فقال لها أجيبيه وعديه أن يجئ إلى هنا. ففعلت. وجاء بشار مع امرأة أنفذتها إليه. فدخل، وزوجها جالس وهو لا يعلم. فجعل بشار يحادثها ساعة. ثم قال، ما اسمك؟ قالت: أمامه. فقال:
أمامة قد وصفت لنا بحسن
…
وإنا لا نراك فألمسينا
فأخذت يده ووضعتها على أي
…
زوجها، وقد أنع
…
ففزع ووثب. وقال:
على ألية ما دمت حياً
…
أمسك طائعاً إلا بعود
ولا أهدي لأرض أنت فيها
…
سلام الله إلا من بعيد
طلبت غنيمة فوضعت كفي
…
على شيء اشد من الحديد
فخير منك من لا خير فيه
…
وخير من زيارتكم قعودي
وقبض زوجها عليه، وقال: هممت أن أفضحك. فقال: قد كفاني، فديتك! ما فعلت. ولست عائداً إليها أبداً.
وكان بالبصرة رجل يقال له حمدان الخراط. فاتخذ جاماً لإنسان، وكان بشار عنده. فسأله بشار أن يتخذ له جاماً فيه صورة طير. فاتخذه له وجاءه به. فقال له: ما في هذا الجام؟ فقال: صورة طير يطير. فقال له: قد كان ينبغي أن تتخذ فوق هذا الطير طائراً من الجوارح كأنه يريد صيده فإنه كان أحسن. قال: لم أعلم. قال: بلى علمت. ولكن علمت أني أعمى. وتهدده بالهجاء. فقال له حمدان: لا تفعل تندم. قال: أو تهددني أيضاً؟ قال: نعم. قال: وأي شيء تستطيع أن تصنع بي؟ قال: أصورك على باب داري
في صورتك هذه، واحمل من خلفك قرداً ين..ك حتى يراك الصادر والوارد. فقال بشار: اللهم اخزه! أنا أمازحه وهو يأبى إلا الجد.
وأخباره كثيرة. وأشعار شهيرة. وهذا القدر من أخباره كاف. ومن شعره وهو في غاية الحكمة:
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن
…
بحزم نصيح أو نصاحة حازم
ولا تحسب الشورى عليك غضاضة
…
فإن الخوافي رأفة للقوادم
وخل الهوينا للضعيف ولا تكن
…
نؤوماً. فإن الحر ليس بنائم
وأدن من القربى المقرب نفسه
…
ولا تشهد الشورى أمرأً غير كاتم
وما خير كف أمسك الفل أختها
…
وما خير سيف لم يؤيد بقائم
فإنك لا تستطرد الهم بالمنى
…
ولا تبلغ العليا بغير المكارم
وقال حماد عجرد يهجوه:
لقد صار بشار بصيراً بد..ره
…
وناظره بين الانام ضرير
له مقلة عمياء وا
…
تٌ بصيرة
…
إلى الأ
…
ر من تحت الثياب تشير
على وده أن الحمير تني
…
هـ
…
وأن جميع العالمين حمير
بشير بن معاذ: العقدي الضرير البصير. توفي في حدود الخمسين والمائتين. روى عنه الترمذي والنسائي وابن ماجة. ووثقه ابن حبان.
أبو بكر بن احمد: بن عبد الدائم بن نعمة المقدسي. الشيخ الصالح المعمر اليقظ مسند الوقت المقدسي الصالحي. ويعرف بالمحتال. ولد بكفر بطنا إذا كان والده بها خطيباً سنة خمس أو ست وعشرين وستمائة. وسمع سنة ثلاثين على الفخر الإربلي، وسمع
الصحيح كله على ابن الزبيدي، وسمع من الناصح بن الحنبلي، وسالم بن صصري، وجعفر الهمداني، والشيخ الضياء، وجماعة. وأجاز له ابن روزبة وأقرانه من بغداد. وحج ثلاث مرات. وأضر قبل موته بأعوام، وثقل سمعه. ولكن كان زاد همه وجلادة وفهم. وله عبادة وأذكار. وقد حدث في زمان والده. وروى عنه ابن الخباز، وابن نفيس، والقدماء. وحدث بالصحيح غير مرة، وسمع منه الخلق، وانتهى إليه علو الإسناد، كوالده في زمانه. وعاش كأبيه ثلاثاً وتسعين سنة. وتوفي رحمه الله تعالى ليلة الجمعة تاسع عشر شهر رمضان سنة ثمان عشرة وسبعمائة. وكانت جنازته مشهورة.
أبو بكر بن عبد الرحمن: بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي. أحد الفقهاء السبعة بالمدينة. وكنيته إسمه. وكان من سادات التابعين. ويسمى راهب قريش. وجده الحارث اخو أبي جهل بن هشام من جملة الصحابة رضي الله عنهم. ولد في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه. وتوفي رحمه الله تعالى في سنة أربع وتسعين للهجرة. وهذه السنة تسمى سنة الفقهاء، لأنه مات فيها جماعة منهم. وهؤلاء الفقهاء السبعة كانوا بالمدينة في عصر واحد. وعنهم انتشر العلم والفتيا في الدنيا. وقد جمعهم بعض الشعراء في بيتين، فقال:
ألا كل من لا يقتدى بأئمة
…
فقسمته ضيري عن الحق خارجه
فخذهم عبيد الله عروة قاسم
…
سعيد سليمان أبو بكر خارجه
وإنما قيل لهم الفقهاء السبعة، لأن الفتوى بعد الصحابة رضي الله عنهم صارت إليهم، وشهروابها. وكان في عصرهم جماعة من العلماء. مثل سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم وأمثاله. ولكن الفتوى لم تكن إلا لهؤلاء السبعة. وكان لأبي بكر عدة إخوة وهو أجلهم.
وروى عن أبيه، وعن عمار بن ياسر، وأبي مسعود البدري، وعائشة، وعبد الرحمن بن مطيع، وأبي هريرة، وأسماء بنت عميس، وجماعة. وكان عبد الملك بن مروان أن يكرمه ويقول: إني لأهم بالسوء افعله بأهل المدينة لسوء أثرهم عندنا، فاذكر أبا بكر فاستحيي منه. وروى له الجماعة وأضر بأخرة.
بيجار: بالباء الموحدة والياء آخر الحروف ساكنة والجيم وبعدها ألف وراء الأمير حسام الدين اللاوي الرومي، ابن بختيار. كان له ببلاد الروم قلاع وحشمة. فنزح إلى بلاد المسلمين مهاجراً في أواخر الدولة الظاهرية. وحج وأنفق أموالاً كثيرة. ثم إنه رجع ولزم بيته وترك الإمرة. قال الشيخ قطب الدين اليؤنيني: جاوز المائة بسنين. كذا قال وكف بصره. وتوفي سنة إحدى وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى.
بيبغاء: الأشرفي الأمير سيف الدين. كان في وقت نائب الكرك فيما بعد العشرين والسبعمائة، فيما أظن. ثم إنه عزل منها وحضر إلى دمشق. وجهز إلى صرخد. وكان قد اضر باخرة والله تعالى أعلم. وتوفي رحمه الله تعالى في سنة [
…
] .