الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علي بن أبي القاسم
بن أحمد القزويني الشافعي القاضي. الإمام العالم الفاضل الورع التقي
الكبير المعمر. تاج الدين أبو الحسن، نزيل بغداد. كان ديناً متواضعاً إلى الغاية، متودداً مليح الهيئة، حسن الخلق والخلق، تام الشكل، باشاً وقوراً، ذا زهد وعفة وحياء، جم الفضائل. ولي القضاء بالجانب الشرقي من بغداد، نحو خمسين سنة. ودرس بالمدرسة النظامية زماناً إلى أن توفي بعيد ضرره في سنة وأربعين وسبعمائة. كان محبباً إلى الناس والحكام، ولهم فيه اعتقاد عظيم. وعمر له خواجا إمام الدين الافتخاري القزويني حاكم بغداد إذ ذاك مدرسةً بدرب فراشا، شرقي بغداد. أجاد بناءها وتحسينها، وأسكنه إياها، وفوض إليه التدريس بها وولاية أوقافها. وهي معروفة به. وله نظم ونثر وأدب كثير وتصانيف منها: شرح المصابيح. وشرح المقامات الحريرة. وكتاب المحيط بفتاوى أقطار البسيط. وكتاب العجاب مع شرحه، في النحو. وكتاب الإعجاز مع شرحه، في النحو. وكتاب الرغاب مع شرحه، في التصريف وكتاب اللطائف. وغير ذلك. وأجاز له فضلاء عصره، وأولو السند فيه. ومن شعر القاضي تاج الدين القزويني رحمه الله.
علي بن أحمد
ين سيده. أبو الحسن اللغوي الأندلسي المرسي الضرير. كان أبوه أيضاً
ضريراً. قال ياقوت: هكذا قال الحميدي: علي بن أحمد. وفي كتاب ابن بشكوال: علي بن إسمعيل. وفي كتاب القاضي صاعد الجياني: علي بن محمد في نسخة، وفي نسخة: علي بن إسمعيل، كما قال ابن بشكوال. فاعتمدنا على ما ذكره
الحميدي، لان كتابه اشهر. وتوفي أبن سيده بالأندلس سنة ثمان وخمسين وأربعمائة عن ستين سنة أو نحوها. روى ابن سيده عن أبيه وعن صالح بن الحسن البغدادي. وكان مع توفره على علوم العربية، متوفراً على علوم الحكمة، وألف فيها تواليف كثيرة. قال أبو عمر الطلمنكي: دخلت مرسية فتشبث بي أهلها ليسمعوا علي الغريب المصنف. فقلت لهم: انظروا من يقرأ، وأنا أمسك كتابي، فأتوني برجل أعمى يعرف بابن سيده فقرأه من أوله إلى آخره، حفظاً من قلبه. فتعجبت منه. وقال الحميدي: كان ابن سيده منقطعاً إلى الأمير أبي الجيش مجاهد بن عبد الله العامري. ثم حدثت له نبوة بعد وفاته في أيام إقبال الدولة بن الموفق فهرب منه. ثم قال يستعطفه:
ألا هل إلى تقبيل راحتك اليمنى
…
سبيل فإن الأمن في ذاك واليمنا
ضحيت فهل في برد ظلك نومة
…
لذي كبد حري وذي مقلة وسنى
ونضو هموم طلحته ظباته
…
فلا غارباً أبقين منه ولامتنا
وهي طويلة. فوقع له الراضي عنه عند وصولها إليه. فرجع. وكان ابن سيده ثقة في اللغة، حجة. لكنه عثر في المحكم عثرات. قال في الجمار التي ترمى بعرفة
…
وكذلك يهم في النسب. ومن تصانيفه: كتاب المحكم، والمحيط الأعظم في اللغة. وكتاب المخصص، مرتب على الأبواب كالغريب المصنف. كتاب شرح إصلاح المنطق. كتاب الأنيق في شرح الحماسة، كبير إلى الغاية. كتاب العالم والمتعلم، على المسألة والجواب. وكتاب الوافي في علم القوافي. وكتاب شاذ اللغة، في خمس مجلدات. وكتاب شرح كتاب الاخفش. وتوفي رحمه اله تعالى بدانية. وكان يوم الجمعة صحيحاً سوياً إلى صلاة المغرب، فدخل المتوضا وأخرج منه، وقد سقط لسانه، وانقطع كلامه. وبقي على تلك الحالة إلى عصر يوم الأحد ثم قضى نحبه رحمه الله تعالى.
علي بن أحمد: بن هبل بفتح الهاء والباء ثانية الحروف وبعدها لام البيع،
مهذب الدين أبو الحسن البغدادي الطبيب. قرأ الأدب على الشريف الشجري، وسمع من أبي القاسم ابن السمرقندي، ومحمد بن أحمد العاقولي. وقرأ الطب وبرع فيه. وخرج عن بغداد ودخل الروم وصار طبيب السلطان هناك. وكثر ماله وارتفع مقداره. ثم إنه سكن خلاط، ثم الموصل إلى أن توفي رحمه الله تعالى سنة عشر وستمائة. وكان قد بعث من خلاط إلى الموصل بوديعة ستة وثلاثين ألف دينار، لما كان عند شاه أرمن. وأضر في آخر عمره وزمن. وكان الناس يأتونه إلى منزله ويقرؤون عليه. وله مصنفات. منها: كتاب المختار في الطب وهو كتاب جليل يشتمل على علم وعمل. وكتاب الطب الجمالي، صنفه لجمال محمد الدين الوزير المعروف بالجواد. ومن شعره:
لقد سبتني غداة الخيف غانية
…
قد حازت الحسن في دل لها وصبا
قامت تميس كخوط البان غازله
…
مع الأصائل ريحاً شمأل وصبا
يكاد من دقة خصر تدل به
…
يشكو إلى ردفها من ثقله وصبا
لو لم يكن أقحواناً ثغر مبسمها ما هام قلبي بحبها هوىً وصبا
علي بن أحمد: بن يوسف بن الخضر. الشيخ الإمام العلامة زين الدين أبو حسن الحنبلي الآمدي العابر. كان شيخاً مليحاً مهيباً صالخاً ثقة صدوقاً كبير القدر والسن. آية عظيمة في تعبير الرؤيا مع مزايا عجيبة. أضر في أوائل عمره.
وله حكايات غريبة. منها أن بعض أصحابه أهدي إليه نصفية حسنة فسرقت من بيته. فرأى شيخه الإمام مجد الدين عبد الصمد بن أحمد بن أبي الجيش المقرئ شيخ القراء ببغداد في النوم وهو يقول له: النصفية أخذها فلان، وأودها عند فلان. اذهب وخذها منه. فلما استيقظ قال في نفسه: الشيخ مجد الدين كان صدوقاً في حياته. وكذلك هو بعد وفاته. فذهب إلى الرجل الذي ذكره له الشيخ مجد الدين، فدق عليه الباب فخرج إليه.
فقال: اعطني النصفية التي أودعها فلان عندك. فقال: نعم. ودخل فأخرجها. فقال: اعطني، فأخذها وذهب ولم يقل شيئاً. وجاء السارق بعد ذلك إلى المودع، يطلب النصفية. فقال له: جاء الشيخ زين الدين الآمدي وطلبها على لسانك، فأعطيته إياها. فبهت السارق، وبقي حائراً. ولم يعنفه الشيخ ولا وأخذه.
ومنها أنه قال: رأيت في المنام كأن شخصاً أطعمني دجاجة مطبوخة فأكلت منها ثم استيقظت وبقيتها في يدي وهذا شيء عجيب وهاتان الواقعتان مشهورتان عنه.
ولما دخل السلطان غازان بن السلطان ارغون بن السلطان آباقا بن السلطان هولاكو بن السلطان جنكز خان بغداد سنة خمس وتسعين وستمائة، أعلم بالشيخ زين الدين الآمدي المذكور. فقال. إذا جئت غداً المدرسة المستنصرية، اجتمع به. فلما أتى السلطان غازان المستنصرية، احتفل الناس له واجتمع بالمدرسة أعيان بغداد وأكابرها من القضاة والعلماء والعظماء، وفيهم الشيخ زين الدين الآمدي، لتلقى السلطان. فأمر غازان أكابر أمرائه أن يدخلوا المدرسة قبله واحداً بعد واحد، ويسلم كل منهم على الشيخ زين الدين، ويوهمه الذين معه انه هو السلطان، امتحاناً له: فجعل الناس، كلما قدم أمير، يزهزهون له ويعظمونه ويأتون به إلى الشيخ زين الدين، ليسلم عليه، والشيخ يرد السلام على كل من أتى به إليه من غير تحرك له ولا احتفال به. حتى جاء السلطان غازان في دون من تقدمة من الأأمراء في الحغل وسلم على الشيخ وصافحه فحين وضع يده نهض له قائماً، وقبل يده وأعظم ملتقاه والاحتفال به وأعظم الدعاء له باللسان المغلي، ثم بالتركي، ثم بالفارسي، ثم بالرومي، ثم بالعربي، ورفع به صوته، إعلاماً للناس. وكان زين المذكور يعرف بألسن عدة فعجب السلطان غازان من فطنته وذكائه وحدة ذهنه ومعرفته مع ضرره. ثم إن السلطان خلع عليه في الحال ووهبه مالاً ورسم له بمرتب يجري عليه في كل شهر ثلاثمائة ردهم. وحظي عنده وعند أمرائه ووزرائه وخواتينه كثيراً.
ومن تصانيفه: جواهر التبصير في علم التعبير. وله تعاليق كثيرة في الفقه والخلاف وغير ذلك. وانتفع به جماعة. وكان يتجر في الكتب. وله كتب كثيرة جداً وكان إذا طلب منه كتاب وكان يعلم أنه عنده نهض إلى خزانة كتبه واستخرجه من بينها كأنه قد وضعه لساعته وإن كان الكتاب عدة مجلدات وطلب منه الأول مثلاً أو الثاني أو الثالث أو غير ذلك أخرجه بعينه وأتى به. وكان يمس الكتاب أولاً ثم يقول: يشتمل
هذا الكتاب على كذا وكذا كرأسة فيكون الأمر كما قال. وإذا أمر يده على الصفحة قال عدد أسطر هذه الصحيفة كذا وكذا سطراً فيها بالقلم الغليظ كذا وهذا الموضع كتب به في الوجهة فيها بالحمرة هذا وهذا لمواضع كتبت فيها بالحمرة. وإن اتفق أنها كتبت بخطين أو ثلاثة، قال: اختلف الخط من هنا إلى هنا، من غير إخلال بشيء مما يمتحن به ويعرف أثمان جميع كتبه التي اقتناها بالشراء وذلك أنه كان إذا اشترى كتاباً بشيء معلوم أخذ قطعة ورق خفيفة وفتل منها فتيلة لطيفة وصنعها حرفاً أو أكثر من حروف الهجاء لعدد ثمن الكتاب بحساب الجمل ثم يلصق ذلك على طرف جلد الكتاب من داخل ويلصق فوقه ورقة بقدره لتتأبد فإذا شذ عن ذهنه كمية ثمن كتاب ما من كتبه مس الموضع الذي علمه في ذلك الكتاب بيده فيعرف ثمنه من تنبيت العدد الملصق فيه. وكان لا يفارق الإشغال والاشتغال أبداً وعنده تودد عظيم في حاله وتؤدة تامة في سائر أموره وحركاته وللناس والحكام والرؤساء عليه إقبال عظيم لخيره وفضله وورعه ودينه وعلمه ونزاهته ومروته وتوفي رحمه الله تعالى بعد سنة اثنتي عشرة وسبعمائة. بقليل والله سبحانه وتعالى أعلم علي بن أسامة: أبو الحسن. العلوي الواسطي الضرير الشاعر. قدم بغداد ومدح الوزير أبا الفرج محمد بن عبد الله بن رئيس الرؤساء. ومن شعره فيه:
يا عضد الدين يا محمد يا
…
من صان ملكاً وشيد الأمرا
بشرت بالسعد ما أتى بشر
…
إليك إلا أوسعته بشرا
طويت عرضاً مطهراً بك إن
…
فض نشقنا من نشره نشرا
عمرت يا عامر البلاد لقد
…
فضلت زيداً وقبله عمرا
علي بن إسمعيل: بن إبراهيم بن جبارة. القاضي الرئيس شرف الدين أبو الحسن الكندي التجيبي السخاوي، المولد المحلي الدار، النحوي المالكي العدل. حدث عن السلفي. وسمع من ابن عوف، وأبي عبد الله الحضرمي، وأبي طالب أحمد بن
المسلم التنوخي والشريف أبي علي محمد بن اسعد الجواني وغيرهم. مولده سنة أربع وخمسين وخمسمائة تقريباً. وتوفي رحمه الله تعالى سنة اثنتين وثلاثين وستمائة. كف بصره. آخر عمره ولزم دار. وكان يزعم أنه من ولد عبد الرحمن بن الأشعث. ومن شعره:
خاطر بها إما ردىً أو ورود
…
فهذه نجد وهذا زرود
قد حكم البين بإسراعها
…
والوجد والدمع عليها شهود
قلائص تحمل أكوارها
…
اشباح عليها همود
وله كتاب نظم الدر في نقد الشعر، قصره على مؤاخذات ابن سنا الملك. وأجاد في بعضها وتعنت تعنتاً زائداً في بعضها. ومن شعره:
ما للنصيحة في الغرام بذلتها
…
يا عاذلي وجسرت حتى قلتها
أو ما علمت وما تريد زيادة
…
أن النصيحة في الهوى لا تشتهى
نهنهت دمعي عن ثراه فما هدى
…
ونهيت قلبي عن هواه فما انتهى
أو لم تخف لهف الزفير بمهجتي
…
أسرارها إذا أودعتك أذعتها
علي بن جبلة: بن مسلم بن عبد الرحمن المعروف بالعكوك بعين مهملة وكافين وبينهما واو مشددة. أبو الحسن الخراساني. أحد فحول الشعراء. كان أسود ابرص، وولد أعمى. والعكوك السمين القصير. قال الجاحظ: كان أحسن خلق الله إنشاداً. ما رأيت مثله بدوياً ولا حضرياً. وهو من الموالي. ولد ببغداد سنة ستين ومائة. وتوفي رحمه الله سنة ثلاث عشرة ومائتين. ومن شعره في أبي دلف قصيدته المشهورة وأولها:
ذاد ورد الغي عن صدره
…
فارعوى واللهو من وطره
يقول منها في المديح:
إنما الدنيا أبو دلف
…
بين باديه ومحتضره
فإذا ولى أبو دلف
…
ولت الدنيا على أثره
كل من في الأرض من عرب
…
بين باديه إلى حضره
مستعير منك مكرمةً
…
يكتسيها يوم مفتخره
وهي ثمانية وخمسون بيتاً. قال قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن خلكان رحمه الله تعالى: سئل شرف الدين بن عنين عن هذه القصيدة وقصيدة أبي نواس الموازنة التي أولها
أيها المنتاب من عفره
…
لست من ليلى ولا سمره
فلم يفضل أحداهما على الأخرى. وقال: ما يصلح يفضل بين هاتين إلا شخص يكون في درجة هذين الشاعرين. ثم أن العكوك مدح حميد بن عبد الحميد الطوسي فقال له: ما عسى أن تقول فينا، وما أبقيت لنا بعد قولك في أبي دلف: إنما الدنيا أبو دلف. وأنشد البيتن. فقال أصلح الله الأمير قد قلت ما هو أحسن من ذلك: فقال: ما هو. فأنشد
إنما الدنيا حميد
…
وأياديه الجسام
فإذا ولي حميد
…
فعلى الدنيا السلام
فتبسم، ولم يحر جواباً. فاجمع من حضر المجلس من أهل العلم بالشعر أن هذا أحسن مما قاله في أبي دلف. فأعطاه وأحسن جائزته. قال ابن المعتز في طبقات الشعراء: لما بلغ المأمون خبر هذه القصيدة غضب غضباً شديداً وقال اطلبوه حيث ما كان. فطلب فلم يقدر علي، لأنه كان مقيماً بالجبل وهرب إلى الجزيرة الفرانية. فكتب إلى الآفاق بأخذه حيث كان فهرب إلى الشامات فظفروا به فحمل مقيداً إليه. فلما صار بين يديه قال له يا ابن اللخناء أنت القائل في قصيدتك للقاسم بن عيسى. كل من في الأرض من عرب. وأنشد البيتين. جعلتنا ممن يتسعير المكارم منه ويفتخر به قال يا أمير المؤمنين: أنتم أهل بيت لا يقاس بكم لأن الله أختصكم لنفسه على عباده وآتاكم الكتاب والحكم وأنالكم ملكاً عظيماً: وإنما ذهبت في قولي إلى الأقران والأشكال من هذا الناس. فقال: والله ما أبقيت أحداً. ولقد أدخلتنا في الكل وما أستحل دمك بكلمتك هذه. ولكن بكفرك في شعرك حيث قلت في عبد ذليل مهين فأشركت بالله العظيم وجعلت معه ملكاً قادراً. وهو قولك:
أنت الذي تنزل الأيام منزلها
…
وتنقل الدهر من حال إلى حال
وما مددت مدى طرف إلى أحد
…
إلا قضيت بأرزاق وآجال
ذاك الله عز وجل يفعله أخرجوا لسانه من قفاه. فأخرجوه فمات من وقته: قلت وبعد هذين البيتين قوله:
تزور سخطاً فتمسي البيض راضيةً
…
وتستهل فتبكي أعين المال
وأما قوله في أبي دلف فإنه أحسن من قوله في حميد الطوسي عند من له ذوق، لا سيما قوله: ولت الدنيا على أثره. وأخبار العكوك في الأغاني كثيرة.
علي بن الحسن: بن يوسف. الشيخ الإمام العلامة موفق الدين. أبو الحسن ابن الصياد البغدادي الحنبلي. أحد معيدي الحنابلة بالمدرسة السمتنصرية. كان من أعيان العدول ببغداد. وأضر قبل وفاته بمدة.
كان شيخاً بهياً عفيفاً صالحاً مباركاً عالماً عاملاً فاضلاً. سمع الأربعين الطائية على ابن الليثي عن مصنفها. وتوفي رحمه الله تعالى بناحية الراذان في شهر رجب سنة خمس وثمانين وستمائة. وإجازاته عالية. وأجاز لجماعة من الفضلاء ببغداد وغيرهم.
علي بن الحسين: بن علي الضرير. أبو الحسن النحوي الباقولي. المعروف بالجامع. ذكره أبو الحسن البيهقي في كتاب الوشاح فقال: هو في النحو والإعراب كعبة، لها أفاضل العصر سدنة، والفضل بعد خفائه إسوة حسنة. وقد بعث إلى خراسان ببيت الفرزدق المشهور في شهور سنة خمسون وثلاثين وخمسمائة وهو:
وليست خراسان التي كان خالد
…
بها أسد إذ كان سيفاً أميرها
وكتب كل فاضل من أفاضل خراسان لهذا البيت شرحاً. وهذا الإمام استدرك علي أبي الحسن النسوي وعبد القاهر وله هذه الرتبة. ومن شعره:
أخبب النحو من العلم فقد
…
يدرك المرء به أعلى الشرف
إنما النحوي في مجلسه
…
كشهاب ثاقب بين السدف
يخرج القرآن من فيه كما
…
تخرج الدرة من جوف الصدف
وله من التصانيف: شرح اللمع. كتاب كشف المعضلات، وإيضاح علل القراآت. وكتاب الجواهر. وكتاب المجمل. وكتاب الاستدراك، علي أبي علي. وكتاب البيان، وفي شواهد القرآن.
علي بن الخطاب: بن مقلد أبو الحسن الفقيه الشافعي المحدثي بسكون الحاء المهملة. من وسواد واسط المقرئ الضرير. كان بارعاً في المذهب والخلاف. ودرس وأعاد وأفاد. وكان يقرأ في شهر رمضان تسعين ختمةً، وفي باقي السنة كل يوم ختمة. وكان قيماً بعلم العربية. أقبلت الدنيا عليه آخر عمره، وجالس المستنصر بالله، فأقام عنده نحو خمسة أشهر لتعليم بعض الجواري القرآن. ووصله بأنعام كثير. ثم أصابه فالج يومين ومات رحمه الله تعالى سنة ست وعشرين وستمائة. وكان قد قرأ علي أبي بكر عبد الله بن منصور الباقلاني، وسمع من أبي طالب محمد بن علي بن الكناني، وأبي العباس بن الجلخت، وغيرهما. وقرأ المذهب والخلاف والأصول على أبي القاسم بن فضلان، وأبي علي بن الربيع.
علي بن زيد بن جدعان: هو ابن زيد بن أبي مليكة. أبو الحسن القرشي التيمي البصري الضرير. أحد أوعية العلم في زمانه. روى عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب وأبي عثمان النهدي وجماعة. ولد أعمى، ولما مات الحسن، قالوا له: اجلس موضعه. قال حماد بن زيد: سمعت الجريري يقول: اصبح فقهاء البصرة عمياناً ثلاثةً: قتادة. وعلي بن زيد. وأشعث الحداني. وقال ابن معين: ليس بذاك. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال أحمد: ضعيف الحديث. وقال ابن خزيمة: لا أحتج به، لسوء حفظه. وقال النسائي: ضعيف. وقال الترمذي: صدوق. وقال خليفة: مات في الطاعون. وقال مطين. سنة تسع
وثلاثين ومائة، وقيل سنة إحدى وثلاثين ومائة. وكان يقلب الأحاديث وهو شيعي. وروى له مسلم مقروناً. وروى له أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.
علي بن زيد: بن علي بن مفرج. أبو الرضا الجذامي السعدي التسارسي بتاء ثالث الحروف وسينين مهملتين بينهما ألف وراء. وتسارس قرية من بلاد برقة ثم الاسكندراني المالكي الخياط الضرير. ولد سنة ست وخمسين وخمسمائة. وتوفي رحمه الله تعالى سنة سبع وعشرين وستمائة أو ما بعد الثلاثين. سمع من السلفي. وقدم دمشق شاباً. كان شاعراً فاضلاً حسن السمت. وروى عنه جماعة. ومن شعره.
علي بن شجاع: بن سالم بن علي بن موسى بن حسان بن طوق بن سند بن علي بن الفضل بن علي. الشيخ كمال الدين. أبو الحسن بن أبي الفوارس الهاشمي العباس المقرئ الشافعي الضرير. مسند الآفاق في القراآت. فإنه قرأ السبع لكل رواة الأئمة سوى رواية الليث عن الكسائي وجامعاً لهم إلى سورة الأحقاف، على حمية الإمام الشاطبي، تزوج بعد الشاطبي بابنته وسمع الشاطبية وصحهها دروساً، على الشاطبي. وروى بالإجازة العامة عن السلفي. وكان أحد الأئمة المشاركين في فنون العلم. وقرأ عليه جماعة كبيرة منهم: الدمياطي، وبرهان الدين إبراهيم الوزير، والشيخ نصر المنبجي. وروى عنه الدواداري. وتوفي رحمه الله تعالى سنة إحدى وستين وستمائة.
علي بن عبد الله: بن عبد الجبار بن يوسف. أبو الحسن الشاذلي بالشين والذال المعجميتن وبينهما ألف وفي الآخر لام. وشاذلة قرية بأفريقية. المغربي. الزاهد، نزيل الإسكندرية وشيخ الطائفة الشاذلية. وقد انتسب في بعض مصنفاته إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه. فقال: بعد يوسف المذكورين يوشع بن برد بن بطال بن أحمد بن محمد بن عيسى بن محمد بن الحسن بن علي بن أبي طالب. قال الشيخ شمس الدين الذهبي. هذا نسب مجهول لا يصح ولا يثبت وكان الأولى به تركه وترك كثير مما قاله في تآليفه من الحقيقة. وهو رجل، كبير القدر. كثير الكلام. عالي المقام. له نظم ونثر، فيه متشابهات وعبارات. يتكلف له في الاعتذار عنها. ورأيت شيخنا عماد الدين قد فتر عنه في الآخر، وبقي واقفاً في هذه العبارات حائراً في الرجل. لأنه كان قد تصوف على طريقته. وصحب الشيخ نجم الدين الأصفهاني نزيل الحرم، ونجم الدين صحب الشيخ أبا العباس المرسي صاحب الشاذلي. وكان الشاذلي ضريراً. وحج مرات. وتوفي رحمه الله تعالى بصحراء عيذاب، قاصد الحج. فدفن هناك في أول ذي القعدة سنة ست وخمسين وستمائة. والشيخ تقي الدين ابن تيمية مصنف في الرد على ما قاله الشاذلي في حزبه.
علي بن عبد الغني: أبو الحسن الفهري. المقرئ الحصري بالحاء والصاد
المهملتين. الشاعر الضرير. اقرأ الناس بسبتة وغيرها. له قصيدة مائتا بيت نظمها في قراءة نافع، وتوفي رحمه الله تعالى سنة وثمان وثمانين وأربعمائة. قال ابن خلكان هو ابن خالة أبي إسحاق إبراهيم الحصري صاحب زهر الآداب، بعث. المعتمد بن عباد إلى أبي العرب مصعب بن محمد بن صالح الزبيري الصقلي الشاعر خمسمائة دينار وإلى أبي الحسن الحصري بمثلها. وأمرهما بالمصير إليه، فكتب إليه أبو العرب:
لا تعجبن لرأسي كيف شاب اسىً
…
وأعجب لاسود عيني كيف لم يشب
البحر للروم لا تجري السفين به
…
إلا على غرر والبر للعرب
وكتب إليه الحصري.
أمرتني بركوب البحر أقطعه
…
غيري لك الخير فاخصصه بذا الداء
ما أنت نوح فتنجيني سفينته
…
ولا المسيح أنا أمشي على الماء
ومن شعره:
أقول له وقد حيي بكاس
…
لها من مسك ريقته ختام
أمن خديك تعصر قال كلا
…
متى عصرت من الورد المدام
ومنه القصيدة المشهورة التي أولها:
يا ليل الصب متى غده
…
أقيام الساعة موعده
رقد السمار فأرقه
…
أسف للبين يردده
علي بن عساكر: بن المرجب بن العوام. أبو الحسن البطائحي الضرير المقرئ
من قرية المحمدية. قدم بغداد صغيراً واستوطنها إلى أن توفي رحمه الله تعالى في سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، قرأ بها القرآن على أبي العز محمد بن الحسين القلانسي والحسين الدباس ومحمد بن الحسين المزرفي وسبط أبو منصور الخياط وغيرهم. وقرأ الأدب على الشريف عمر بن إبراهيم الزيدي الكوفي. وسمع الكثير من أحمد بن عبد الجبار الصيرفي. وعبد القادر بن محمد بن يوسف ومحمد بن أبي يعلي ابن الفراء وأحمد بن الحسن ابن البناء وغيرهم. وحدث، وأقرا الناس، وصنف في القرآن عدة مفردات. وكان إماماً كبيراً في القراآت ووجوهها وعللها وطرقها، وحسن الاتقان والأداء والثقة والصدق.
وكان يعرف النحو جيداً. وروى عنه ابن الأخضر وأبو العباس البندنيجي، وداود بن معمر القرشي.
علي بن علي: بن جعفر بن شيران. أبو القاسم الضرير المقرئ الواسطي. قرا القراآت بالعشر على أبي علي الحسن بن القاسم غلام الهراس. وكان مقرئاً، مجوداً موصوفاً بالصدق والتحقيق. قرأ عليه جماعة. وسمع من الحسن بن أحمد الغندجاني، وأبي نعيم الجماري، وأبي الفتح بن مختار النحوي، وغيرهم. ولد سنة إحدى وأربعين وأربعمائة. وتوفي رحمه الله تعالى سنة أربع وعشرين وخمسمائة.
علي بن عمر بن أبي بكر: الشيخ الصالح المعمر المسند. أبو الحسن نور الدين المصري الصوفي الواني الأصل. ولد تقريباً سنة خمس وثلاثين وستمائة. وتوفي رحمه الله تعالى سنة سبع وعشرين وسبعمائة. وسمع من ابن رواج أربعين الثقفي. ومن
السبط أربعين السلفي. وجزأ ابن عيينة، والسابع من أمالي المحاملي، والعاشر من الثقفيات. وسمع صحيح مسلم من المرسي والبكري. وحدث به خمس مرات. وسمع من يوسف الساوي. وتفرد. وألحق الصغار بالكبار. وأضر بأخرة ثم عولج فابصر. وكان شخصاً صالحاً سهل القياد. أكثر المصريون وغيرهم عنه.
علي بن محمد: بن إبراهيم بن عبد الله القهندزي بالقاف والهاء والنون والدال المهملة والزاي. أبو الحسن الضرير النحوي الأديب النيسابوري. كان شيخاً فاضلاً. سمع من أبي العباس المناسكي المحاملي وغيره. وقرأ عليه الأئمة وتخر جوابه. قرأ عليه مثل الواحدي. وقال الواحدي: كان من أبرع أهل زمانه. وذكره عبد الغافر في السياق.
علي بن محمد: بن الحسين بن محمد بن أبي الفضل. هو الوزير أبو الفتح بن العميد. كان والده وزيراً كبيراً مشهوراً. ووزر أبيه أبي الفضل لركن الدولة. وكان عمره اثنتين وعشرين سنة. وكان ذكياً متوقداً أديباً متوسطاً. وله نظم ونثر. لكنه ولد نعمة شديد العجب والدالة. وحمل النفس على ما تدعوه إليه الحداثة. فسد رأي عضد الدولة فيه. فلما توفي ركن الدولة وسار مؤيد الدولة من أصبهان إلى الري، استصحب معه الصاحب بن عباد، كاتبه، وأقرأ أبا الفتح ابن العميد على جهاته، ورتبه في منزلته وقدمه ومكنه. فاستمر على عادته في الإدلال والاستبداد والمضي على وجهه في كل الأحوال. فاستوحش منه مؤيد الدولة وترددت بينه وبين عضد الدولة مكاتبات ومراسلات في شأنه. فقبض عليه مؤيد الدولة في شهر ربيع الأول سنة ست وستين وثلاثمائة. وحبسه وعذبه وسمل عينيه وجدع انفه وجز لحيته. ففتق جيب جبته وأخرج منها رقعةً تشتمل على ودائع أمواله وذخائره فألقاها في النار. وقال للموكل به: إصنع ما شئت، فوالله لا يصل إليكم من أموالي المستورة حبة واحدة. فما زال يعذبه بعد ذلك إلى أن مات رحمه الله تعالى. ووجد بعد موته، على حائط محبسه من نظمه:
ملك شد لي عرى الميثاق
…
بأمان قد سار في الآفاق
لم يحل رأيه ولكن دهري
…
حال عن رأيه فشد وثاقي
فقرى الوحش من عظامي ولحمي
…
وسقى الأرض من دمي المهراق
فعلى من تركته من قريب
…
وبعيد تحية المشتاق
وكان قد جرى في بعض الأيام في مجلس أبيه قول الشاعر:
لئن كففت وإلا
…
شققت منك ثيابي
فأصغى أبو الفتح، وقال في الوقت:
يا مولعاً بعذابي
…
أما رحمت شبابي
تركت قلبي تيهاً
…
نهب الأسى والتصابي
إن كنت تنكر ما بي
…
من ذلتي واكتآبي
فارفع قليلاً قليلاً
…
عن العظام ثيابي
ومن شعره:
مازلت في سكري ألمع كفها
…
وذراعها بالقرص والآثار
حتى تركت أديمها وكأنما
…
غرس البنفسج فيه بالجمار
قال الثعالبي: كنت يوماً عند أبي الفتح ابن العميد في يوم شديد الحر، فقال لي: ما قول الشيخ في قلبه؟ فلم أفطن لما أراده. فلما كان بعد قليل، أتى من استدعاني إلى مجلس أبيه، فلما مثلت بين يديه تبسم، وقال لي: ما قول الشيخ في قلبه؟ فبهت من جهة والده من يطالعه بأخباره، فكتب إلى أبيه في تلك الساعة بتلك. اللفظة، وكتب إلى والده: أنه كتب الليلة إلى فلان يستدعي منه بشراب ونقل ومشموم. فدس أبوه إلى ذلك الرجل من يأتيه بنفس الورقة التي بخط ابنه. فأتاه بها. فإذا فيها بعد البسملة: قد اغتنمت الليلة أطال الله بقاء سيدي ومولاي رقدةً من عين الدهر، وانتهزت فيها فرصةً من فرص العمر، وانتظمت مع أصحابي في سمط الثريا، فإن لم تحفظ علينا النظام عدنا كبنات نعش والسلام، فاستطير: أبوه فرحاً وعجاباً بهذه الرقعة، وقال: الآن ظهر لي أثر براعته، ووقع له بألفي دينار، وانشد وهو في آخر حاله في الحبس:
راعوا قليلاً فليس الدهر عبدكم
…
كما تظنون فالأيام تنتقل
علي بن محمد: بن خلف. الإمام أبو الحسن المعافري القروي القابسي المالكي.
عالم إفريقية سمع وحدث، وكان حافظاً للحديث وعلله ورجاله، فقيهاً أصولياً متكلماً مصنفاً صالحاً متقناً، وكان أعمى لا يرى شيئاً. وألف تآليف بديعةً. وسمي القابسي، لأن عمه كان يشد عمته قابسيةً. وتوفي رحمه الله تعالى. سنة ثلاث وأربعمائة. ورثاه الشعراء وضربت الأخبية على قبره. ومولده سنة أربع وعشرين وثلاثمائة. رحل إلى المشرق. وسمع البخاري بمكة من أبي زيد ورجع إلى القيروان، قال: أبو بكر الصقلي، قال: أبو الحسن القابسي. كذب علي وعليك فسموني القابسي وما أنا قابسياً، وإلا فأنا قيرواني وأنت. دخل أبوك مسافراً إلى صقلية فنسب إليها وأول جلوسه للمناظرة بأثر موت أبي محمد، قال:
لعمر أبيك ما نسب المعلي
…
لمكرمة وفي الدنيا كريم
ولكن الرياض إذا اقشعرت
…
وصوح نبتهار عي الهشيم
ثم بكى أبكى الناس، وقال. أنا الهشيم ثلاثاً. والله! لو أن في الدنيا خضراء ما دعيت أنا، وشيخه المذكور. هو أبو محمد عبد الله بن أبي هاشم التجيبي، وسمع شخصاً يقول في مجلسه ما قصر المتنبي في قوله:
يراد من القلب نسيانكم
…
وتأبى الطباع على الناقل
فقال: يا مسكين أين أنت عن قوله تعالى " لا تبديل لخلق الله ". ومن تصانيفه الممهد في الفقه وأحكام الديانات. والمنقذ من شبه التأويل. والمنبه للفطن، نمن غوائل الفتن. وملخص الموطا. والمناسك والاعتقادات.
علي بن محمد: بن علي أبو الحسن الأزجي الضرير المفسر، كان: عالماً بتفسير
القرآن. وقد صنف فيه كتاباً. وتوفي رحمه الله تعالى سنة خمس وأربعين وأربعمائة.
علي بن محمد: الدرزبيني نسبةً إلى الدرزبينية وهي قرية من قرى نهر عيسى من أعمال بغداد، وهي بدال مهملة وراء ساكنة وزاي وبعدها باء ثانية الحروف وياء آخر الحروف ونون وياء أخرى مشددة وهاء. أبو الحسن المقري الضرير. سكن بغداد وقرأ القرآن على أبي الحسن علي بن عساكر بن المرجب البطائحي. وكان حسن القراءة والتلاوة يدخل دار الخلافة ويقرأ بها ويؤم في مسجد الحدادين. وسمع الحديث. وتوفي رحمه الله تعالى في نصف شهر رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة. ودفن بباب حرب.
علي بن مسهر: أبو الحسن القرشي مولاهم. الحافظ قاضي الموصل. وهو أخو عبد الرحمن قاضي جبل. كان ثقةً جمع الفقه والحديث. وولى قضاء إرمينية. فلما قدمها اشتكى عينه. فقال قاض كان قبله للكحال: اكحله بما يذهب عينه حتى أعطيك مالاً. فكحله. فذهبت عينه فرجع إلى الكوفة أعمى. وتوفي رحمه الله تعالى سنة تسع وثمانين ومائة. وروى له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
علي بن المظفر: بن بدر. أبو الحسن الشافعي الضرير. المعروف بابن الخلوفي. من أهل البندنيجين. سمع بالبصرة عبد الأعلى بن أحمد بن عبد الله بن مالك البجلي والحسين بن محمد بن بكر الوراق وعلي بن وصيف القطان، وغيرهم. وقرأ بعسكر على أبي أحمد العسكري. وروى عنه الخطيب أبو بكر وغيره. وتوفي رحمه الله تعالى سنة تسع وعشرين وأربعمائة.
علي بن مقلد: هو علاء الدين حاجب العرب أيام المرحوم سيف الدين تنكز. كان أسمر طوالاً، يتحنك بعمامته ويتقلد بسيفه على عاتقه. زي العرب. قدمه الأمير وأهله لهذه الوظيفة وصار عنده مكيناً. حكي لي من لفظه، قال: توجهت إلى الرحبة في شغل فعدت وقد حصل لي ثمانية عشر ألف درهم. أو قال خمسة عشر ألف درهم من العربان، وكان الأمير في آخر الأمر قد سأل عنه من ناصر الدين الدوادار. فقال: له هذا علي بن مقلد ما يعجبني حاله وربما إنه يشرب الخمر، فقال له: ما أعلم أنه يشرب ولا يقدر يفعل ذلك وحاجه فيه مرات وكان حمزة التركماني يحط عليه فخرج ذلك الوقت وهو متمكن عند الأمير، فقال: لوالي دمشق أريد أن تكبس الليلة ابن مقلد فكبسه في تلك الليلة وعنده جماعة نسوة ومعهن الحرفاء، فلما اصبح دخل حمزة إلى الأمير وعرفه الصورة فأحضر ناصر الدين الدوادار ووبخه وعنفه وكان ذلك سبب الانحراف عنه وأحضر ابن مقلد قدامه وضربه بالمقارع ضرباً شديداً مبرحاً وكحله وقطع لسانه في الاعتقال لأنه تكلم بما لا يليق وأحضر لسانه إليه على ورقة فأقام معتقلاً في قلعة دمشق مدة يسيرةً. وتوفي رحمه الله وسامحه في سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة بعدما سلبه الله تعالى نعمةً عظيمةً.
عمر بن ثابت: أبو القاسم الثمانيني وثماني قرية، وقيل بليدة صغيرة بجزيرة ابن عمر بأرض الموصل نزلها الثمانون الذين كانوا في سفينة نوح عليه السلام، وهي أول بلدة بنيت بعد الطوفان. هو النحوي الضرير. كان إماماً فاضلاً كاملاً أديباً. أخذ عن ابن جني وكان خواص الناس في ذلك الوقت يقرؤون على ابن برهان والعوام يقرؤون على الثمانيني. روى ابن جني اللمع والتصريف. وروى عنه الشريف يحيى بن طباطبا وإسمعيل بن المؤمل الأسكافي، ومحمد بن عقيل بن عبد الواحد الكاتب الدسكري، وصنف شرح اللمع. وكتاب المقيد في النحو. وشرح التصريف الملوكي. وتوفي رحمه الله تعالى اثنتين وأربعين وأربعمائة.
عمر بن علي: بن البدوخ. أبو جعفر القلعي المغربي. كان فاضلاً خبيراً بمعرفة الأدوية المركبة والمفردة. وله حسن نظر في الإطلاع على الأمراض ومداواتها، وأقام بدمشق سنين كثيرةً. وكانت له دكان عطر باللبادين يجلس فيها يبيع ويداوي الناس وكانت له عناية بالكتب الكبية والنظر فيها وتحقيق ما ذكره المتقدمون من صفة الأمراض ومداواتها. وله حواش على كتاب القانون لابن سينا. وشرح الفصول لأبقراط أرجوزة. وشرح كتاب تقدمة المعرفة رجوزة. وكتاب ذخيرة الألباء في الباءة. وعمر عمراً طويلاً. وكان يحمل إلى دكانه في محفة لما ضعف عن الحركة. وعمي في آخر عمره بماء نزل في عينيه لأنه كان يغتذي باللبن كثيراً يقصد بذلك ترطيب بدنه. وتوفي بدمشق سنة ست أو خمس وسبعين وخمسمائة. وله قصيدة في ذكر الموت والمعاد منها.
يا رب سهل لي الخيرات أفعلها
…
مع الأنام بموجودي وإمكاني
فالقبر باب إلى دار البقاء فمن
…
للخير يغرس أثمار المنى جان
وخير أنس الفتى تقوى تصاحبه
…
والخير يفعله مع كل إنسان
يا ذا الجلالة والإكرام يا أملي
…
إختتم بخير وتوحيد وإيمان
إن كان مولاي لا يرجوك ذو زلل
…
بل من أطاعك من للمذنب الجاني
عمر بن ميمون: من بحر بن الرماح. أبو علي الفقيه قاضي بلخ. ولي قضاء بلخ نحواً من عشرين سنة. وكان فيها محموداً وهو مذكور بالحلم والعلم والصلاح. واضر في آخر عمره، وقال: أبو داود ثقة. وتوفي رحمه الله تعالى سنة إحدى وسبعين ومائة.
عمرو بن قيس: بن زائدة بن الأصم القرشي العامري. هو إبن أم مكتوم
الأعمى مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمه أم مكتوم اسمها عاتكة بنت عبد الله بن عاتكة بن عامر بن مخزوم. واختلف في اسمه، فقيل عبد اله، وقيل عمرو. وهو الأكثر. وهو ابن خال خديجة رضي الله عنها أخو أمها، وكان ممن قدم المدينة مع مصعب بن عمير قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الواقدي: قدمها بعد بدر بيسير. واستخلفه رسول الله صلى اله عليه وسلم على المدينة في غزواته ثلاث عشرة مرةً. واستخلفه في خروجه إلى حجة الوداع وشهد القادسية ومعه اللواء يومئذ وقتل بها شهيداً، وقال الواقدي: رجع إلى المدينة ومات بها سنة خمس عشرة. وروى له أبو داود والنسائي وابن ماجه. وقد ذكرت سبب نزول قوله تعالى " عبس وتولى أن جاءه الأعمى ". في مقدمات هذا الكتاب.
عمرو بن مرة: المرادي الجملي. أبو عبد الله الكوفي أحد الأعلام. وكان ضريراً سمع ابن أبي أوفى وسعيد بن المسيب ومرة الطبيب وأبا وائل، وعبد الرحمن بن أبي ليلى. وأبا وزاذان وطائفة، قال: عبد الرحمن بن مهدي هو من حفاظ الكوفة، ويقال إنه دخل في شيء من الإرجاء وهو مجمع على ثقته وإمامته. وتوفي رحمه الله تعالى سنة ست عشرة ومائة. والجملي بفتح الجيم والميم كذا وجدته مقيداً. وروى له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
عمير بن عدي: الخطمي. إمام بن خطمة وقارئهم الأعمى. روى عنه عدي بن عمير، قال ابن عبد البر: فإن كان الذي روى عنه زيد بن إسحق فهو الذي قتل
أخته لشتمها رسول الله صلى اله عليه وسلم، فقال: رسول الله صلى اله عليه وسلم أبعدها الله. قال وهما عندي واحد. قال ابن الدباغ: شهد أحداً وما بعدها وكان ضعيف البصر وقد حفظ طائفةً من القرآن فسمي القارئ. هذا قول بن القداح. وأما الواقدي وأهل المغازي فيقولون لمشهد أحداً ولا الخندق لضرر بصره، ولكنه قديم الإسلام صحيح النية، وكان هو وخزيمة بن ثابت يكسران أصنام بني خطمة وعمير قتل عصماء بنت مروان كانت تحض على الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم فوجاها عمير بسكين تحت ثديها فقتلها، ثم أتى رسول الله صلى اله عليه وسلم فاخبره، وقال: إني لأتقي تبعة إخوتها، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تخفهم. وقيل، قال: لا ينتطح فيها عنزان. وهو أول من اسلم من بني خطمة.
عوانة بن الحكم: بن عوانة بن عياض. ينتهي إلى عامر بن النعمان الكوفي الأخباري المشهور. يروى عن طائفة من التابعين عالم بالشعر وأيام الناس. قل أن روى حديثاً مسنداً ولهذا لم يذكر بجرح ولا تعديل. الظاهر أنه صدوق. وكان يكنى أبا الحكم وهو ضرير. توفي رحمه الله تعالى ثمان وخمسين ومائة. قال أبو عبيدة في كتاب المثالب. يقال في الحكم بن عوانة. إن أباه كان عبداً خياطاً ادعى بعدما احتلم وكانت أمه أمةً سوداء لآل ايمن بن خريم بن فاتك الأسدي وله أخوة موالي، قال: في ذلك ذو الرمة.
الكني فإني مرسل برسالة
…
إلى حكم من غير حب ولا قرب
فلو كنت من كلب صميم هجوتها
…
ولكن لعمري لا إخالك من كلب
ولكنني أخبرت أنك ملصق
…
كما ألصقت من غيره ثلمة القعب
تهدى فخرت ثلمة من صحيحه
…
فلز بأخرى بالغراء وبالشعب
قال الهيثم بن عدي: كنت عند عبد الله بن عياش وعنده عوانة بن الحكم فذكروا أمر النساء. فقلت: حدثني ابن الظلمة عن أمه أنها قالت: والله ما أتى النساء مثل أعمى عفيف فضرب عوانه بيده على فخذي وقال لي: حفظك الله يا أبا عبد الرحمن فإنك تحفظ غريب الحديث وحسنه. وعامة أخبار المدائني عن أبي الحكم عوانة. ويروى عن اعبد الله بن المعتز عن الحسن عليك العنزي. أن عوانة بن الحكم كان عثمانياً. وكان
يضع الأخبار لبني أمية.
عيسى بن شعيب: أبو الفضل الضرير النحوي. توفي في حدود المائتين. روى عن سعيد بن أبي عروبة وأبي حرة واصل وروح بن القاسم. وروى عنه عمر الفلاس ومحمد بن المثنى وعباس بن يزيد البحراني ومحمد بن موسى الحرسي. وآخرون. وصدقه الفلاس.
عيسى بن يوسف: بن أحمد تقي الدين العراقي الغرافي بالغين المعجمة والفاء وبينهما راء مشددة. الأعمى. قال أبو شامة كان ضريراً عفيفاً فقهياً شافعياً مدرساً بالمدرسة الأمينية خارج باب الجامع القبلي. وكان يسكن في أحد بيوت منارة الجامع العربية. وكان ابلتى بأخذ مال له من بيته، واتهم به شخصاً كان يقرا عليه، ويطلع معه إلى البيت يقضي حاجته، ويقوده من المدرسة إلى البيت، ومن البيت إلى المدرسة، فأنكر الشخص المتهم ذلك. وتعصب له أقوام عند الوالي ووقع الناس في عرضه، من اتهامه من ليس من أهل التهم. ومن كونه جمع ذلك المال، وهو وحيد غريب. ونسبوه إلى أنه غير صادق فيما ادعاه. فزاد عليه الهم، فشنق نفسه. قال: وقد وقع مثل هذا لجماعة وفعلوا فعله. بلغني، أن جماعة من الفقهاء. امتنعوا من الصلاة عليه. فتقدم شيخنا فخر الدين أبو منصور عبد الرحمن بن عساكر فصلى عليه، فاقتدى به الناس. وذلك في سنة اثنتين وستمائة. ودرس بعده بالأمينية، الجمال المصري وكيل بيت المال.
عيسى: طبيب القاهر. كان القاهر يركن إليه ويفضي له بأسراره. ولد سنة إحدى وثمانين ومائتين. توفي ببغداد، وقد كف بصره، سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة.