الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
قال الشيخ مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن تيمية: وأكثر أهل العلم على الرخصة للرجل في فضل طهور المرأة. والأخبار بذلك أصح.
وكرهه أحمد وإسحاق إذا دخلت به. وهو قول عبد الله بن سرجس. وحملوا حديث ميمونة على أنها لم تخل به، جمعاً بينه وبين حديث الحكم بن عمرو الغفاري.
قلت: وحديث الحكم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة. رواه الخمسة، إلا أن ابن ماجه والنسائي قالا: وضوء المرأة: وقال الترمذي: هذا حديث حسن. وقال ابن ماجه وقد روى بعده حديثاً آخر الصحيح الأول. يعني حديث الحكم: ولعل الإمام أحمد رضي الله عنه كان يرى أن حديث ميمونة من خواص النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز ذلك لغيره من الأمة. فعلى مذهب الإمام أحمد هل يحصل خلو المرأة بالماء مع حضور الأعمى أولاً في المذهب وجهان.
ومنها
الاجتهاد في القبلة
قال الأصحاب: لا يجوز له ذلك لأن امارتها البصر بخلاف أوقات الصلوات حيث يجوز له إذ التوصل إليها ممكن إما بورد أو ذكر أو خطاً يمشيها.
ومنها كراهية أذانه إذا كان راتباً إلا أن يكون معه بصير كما كان بلال مع ابن أم مكتوم رضي الله تعالى عنهما.
كذا قال النووي رحمه الله تعالى. وفيه نظر. لأن بلالاً لم يكن أذانه مع ابن أم مكتوم. وإنما كان كل منهما مستقبلاً بوقت دون غيره، يؤذن فيه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم:
وكان أعمى لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت! أصبحت! فقد رتب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحريم السحور على أذان ابن أم مكتوم، دون بلال.
قلت: إلا أن القاسم بن محمد بن أبي بكر رضي الله عنهم روى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أذن بلال فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم. قالت: ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويصعد هذا. وهذا يؤيد ما ذهب إليه الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله تعالى.
ومنها إمامته هل هي وإمامة البصير سواء، أو هي أولى بالعكس. وجوه.
والقول بأنهما سواء قول الجمهور. فحكي عن أبي إسحاق المروزي أن الأعمى أولى، لأنه لا ينظر إلى ما يلهيه ويشغله. فيكون أبعد عن تفرق القلب وأخشع.
واختار الشيخ أبو إسحاق الشيرازي أن البصير أولى. وبه قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: لأنه أحفظ لبدنه وثيابه عن النجاسات، ولأنه مستقل بنفسه في الاستقبال.
وقد كره ابن سيرين إمامة الأعمى لقول ابن عباس رضي الله عنه تعالى عنهما: كيف أؤمهم وهم يعدلوني إلى القبلة، وعن أنس قال: وما حاجتهم إليه.
وعند عامة الأصحاب أنهما سواء، لتعارض المعنيين. وهو المنقول عن نص الشافعي رضي الله عنه في الأم. ولم يورد الصيدلاني. والإمام وصاحب التهذيب شيئاً سواه.
ومنها هل يجب عليه الجمعة.
قال جمهور الأصحاب: إن وجد قائداً متبرعاً أو باجرة، وله مال، وجبت عليه. وإن لم يجد قائداً، لم يلزمه الحضور هكذا أطلق الأكثرون.
وعن القاضي حسين أنه إن كان يحسن المشي بالعصا من غير قائد، لزمه ذلك.
وعن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه لأنه لا تجب الجمعة على الأعمى بحال. وإذا حضر الأعمى الجامع ينبغي أن يجري الخلاف فيه كما في المريض إذا حضر فأقيمت الصلاة.
هل يحرم عليه الانصراف وفيه قولان.
فرع ومن شرط الأعمى في القدوة إذا كان مأموماً سماع صوت الإمام أو المترجم أو بهداية غيره وكذا حال البصير الذي لا يشاهد بظلمة أو غيرها.
ومنها هل تسقط الجماعة عنه.
وقد روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل أعمى. فقال: يا رسول الله! إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد. وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فرخص له. فلما ولى دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هل تسمع النداء، قال: نعم، قال: فأجب.
ومن فروع صلاة الأعمى، ما كتبه إلى الشيخ الإمام بهاء الدين أبي حامد أحمد ابن العلامة شيخ الإسلام قاضي القضاة تقي الدين أبي الحسن علي السبكي الأنصاري الشافعي رضي الله عنه
أبا حامد إني بشكرك مطرب
…
كأن ثنائي في المسامع سيز
لقد حزت فضل الفقه والأدب الذي
…
يفوت الغنى من لا بذاك يفوز
وفت المدى مهلاً إلى الغاية التي
…
لها عن لحاق السابقين بروز
فأصبحت في حل الغوامض آيةً
…
تميل إلى طرق الهدى وتميز
كأن حروف المشكلات إذا أتت
…
لديك على حل العويص رموز
ملكت فأخرج للمساكين فضلة
…
فعندك من در البيان كنوز
تجيد القوافي والقوى في بيانها
…
فبيتك للمعنى الشرود حريز
سلت فخبر عن صلاة امرئ غدت
…
يحار بسيط عندها ووجيز
تجوز إذا صلى إماماً ومفرداً
…
وإن كان مأموماً فليس تجوز
فأوف لنا كيل الهدى متصدقاً
…
فأنت بمصر والشآم عزيز
فمن ذا الذي يرجى وأنت كما نرى
…
مجيد مجيب للسؤال مجيز
فكتب الجواب إلي عن ذلك.
أيامن لشأو العلم بات يحوز
…
ومن لسواه المدح ليس يجوز
ومن حاز في الآداب اقتسم الورى
…
فليس لشيء منه عنه نشوز
ومن ضاع عرف الفضل منه ولم يضع
…
بجدواه عرف الجود فهو حريز
سألت وما المسؤل أعلم بالذي
…
أردت ولا منه عليك بروز
وقلت امرؤ لا يقتدي غير أنه
…
إماماً وفرداً بالجواز يفوز
وذاك امرؤ أعمى نأى عنه سمعه
…
وليس لأفعال الإمام يميز
فهاك جواباً واضحاً قد أبنته
…
ومثلي عن حل الصعاب ضموز
فإن كان هذا ما أردت فإنما
…
بفضلك في الدنيا تفك رموز
وإن لم يكنه فالذي هو لازم
…
جواب لمضمون السؤال يحوز
فلا زلت تبدي من فضائلك التي
…
تزيد مع الإنفاق وهي كنوز
فأنت صلاح الدين والناس والدنا
…
وأنت خليل والخليل عزيز
ومنها أنه لا يجب عليه الحج إذا لم يجد قائداً متبرعاً، أو كان عاجزاً عن أجرته.
لأن ذلك من عدم الاستطاعة. ولا يجوز له الاستنابة عنه. وبه قال أحمد وأبو يوسف ومحمد.
وقال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه في أصح القولين عنه: الاستنابة فيه.
قال الرافعي رحمه الله تعالى: إذا وجد مع الزاد والراحلة قائداً، يلزمه الحج بنفسه، لأنه مستطيع. والقائد في حقه كالمحرم مع المرأة.
ومنها بيع الأعمى بنفسه وشراؤه.
إن قلنا بالمذهب الصحيح على القول الجديد: إنه لا يجوز بيع الغائب ولا شراؤه، فلا يجوز بيع والأعمى لا شراؤه. فإن جوزناه فوجهان. الأظهر منهما أنه لا يجوز. والفرق أنا إذا جوزنا الغائب، ثبت فيه خيار الرؤية. وفي حق الأعمى لا سبيل له إلى خيار الرؤية، إذ لا رؤية ألبتة. فيكون كبيع الغائب، على شرط أن لا خيار.
والثاني: يجوز ويقام وصف غيره له مقام رؤيته، كما تقام الإشارة مقام النطق في حق الأخرس.
وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وأحمد رضي الله تعالى عنهم.
وإذا قلنا لا يصح بيع الأعمى ولا شراؤه، فلا تصح منه الإجارة، ولا يصح منه الرهن، ولا تصح منه الهبة.
فهذه الثلاث مسائل، مقيسة على عدم صحة بيعه وشرائه.
وهل للأعمى أن يكاتب عبده.
قال في التهذيب: لا. وقال في التتمة، المذهب أن له ذلك. تغليباً للعتق، وصححه النووي رحمه الله تعالى.
ويجوز للأعمى أن يؤجر نفسه، وأن يشتري نفسه، وأن يقبل الكتابة على نفسه: لأنه لا يجهل نفسه في هذه الأحوال.