الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنه:
عجزت عن حمل قرطاس وعن قلم
…
من بعد إلفي بالقرطاس والقلم
كتبت ألفاً وألفاً من مجلدة
…
فيها علوم الورى من غير ما ألم
ما العلم فخر امرئ إلا لعامله
…
إن لم يكن عمل فالعلم كالعدم
العلم زين وتشريف لصاحبه
…
فاعمل به فهو للطلاب كالعلم
ما زلت أطلبه دهري وأكتبه
…
حتى ابتليت بضعف الجسم والهرم
أحمد بن عبد السلام
بن تميم بن عكبر. الشيخ الإمام العالم العامل الخير الناسك الورع التقي
المعمر، نصير الدين أبو العباس البغدادي الحنبلي، أحد المعيدين لطائفة مذهبه بالمدرسة البشيرية بالجانب الغربي من بغداد. ولد ليلة الجمعة عاشر جمادى الآخرة سنة أربعين وستمائة. وذلك قبيل وفاة الإمام المستنصر بالله. وتوفي رحمه الله في غرة جمادى الأولى سنة خمس وثلاثين وسبعمائة. ودفن بتربتهم بالجانب الغربي في تربة معروف الكرخي رحمة الله تعالى عليه. كان فاضلاً في الفقه والعربية وله مشاركة في العلوم. وسمع الكثير. ومن أشياخه الإمام مجد الدين أبو أحمد عبد الصمد بن أبي الجيش المقري، وابن أبي الدينة، وابن الدباب، وابن الزجاج، وابن أبي زنبقة، ومجد الدين بن بلدحي، وخلق، وإجازاته عالية، وله نظم ونثر. وبنته معروف بلا فضل. أقعد قبل وفاته بسنين، واضر. والناس يترددون إليه، ويشتغلون عليه، وينتفعون به، ويسمعون منه ويستجيزونه. ولم يزل حريصاً على العلم والعبادة والاشغال والاشتغال إلى حين وفاته. ومن شعر نصير الدين.
أحمد بن عبد الله
بن سليمان بن محمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان بن داود
بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أرقم بن أنور بن أسحم بن النعمان ويقال له ساطع الجمال بن عدي بن عبد غطفان بن عمرو بن سريح بن خزيمة بن تيم الله بن أسد ابن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن إلحاف بن قضاعة. المعري التنوخي، أبو العلاء من أهل معرة النعمان المشهور صاحب التصانيف المشهورة. كان آية في الذكاء المفرط، عجباً في الحافظة. قال أبو سعد السمعاني في كتاب النسب: ذكر تلميذه أبو زكريا التبريزي، أنه كان قاعداً في مسجده بمعرة النعمان بين يدي أبي العلاء يقرا عليه شيئاً من تصانيفه. قال وكنت قد أقمت عنده سنين ولم أر أحداً من أهل بلدي؟ فدخل المسجد مغافصة بعض جيراننا للصلاة فرايته وعرفته فتغيرت من الفرح، فقال لي أبو العلاء: إيش أصابك، فحكيت له أني رأيت جاراً لي بعد أن لم ألق أحداً من أهل بلدي سنين. فقال لي: قم فكلمه، فقلت: حتى أتمم السبق، فقال لي: قم أنا انتظر لك. فقمت وكلمته بلسان الاذربية شيئاً كثيراً إلى أن سألت عن كل ما أردت؟ فلما رجعت وقعدت بين يديه قال لي أي لسان هذا قلت: هذا لسان أذربيجان. فقال لي: ما عرفت اللسان ولا فهمته غير أني حفظت ما قلتما، ثم أعاد علي اللفظ بعينه من غير أن ينقص منه أو يزيد عليه جميع ما قلت. وقال جاري: فتعجبت غاية التعجب كيف حفظ ما لم يفهمه.
قلت: وهذا أمر معجز فإنه بلغنا عن جماعة من الحفاظ وما يحكى عن البديع الهمذاني وابن الأنباري وغيرهما، ما هو أمر قريب من الإمكان؟ لأن حفظ ما يفهمه الإنسان ويعرف تراكيبه أو مفرداته سهل. وأما إنه يحفظ ما لم يسمعه ولا يعلم مفرداته ولا مركباته وهو أقل ما يكون أربعمائة سطر من سؤال غائب عن أهل بلده سنين وجوابه. وكان إطلاعه على اللغة وشواهدها أمر باهر.
قال الحافظ السلفي أخبرني أبو محمد عبد الله بن الوليد بن غريب الأيادي أنه دخل مع عمه على أبي العلاء يزوره فرآه قاعداً على سجادة لبد وهو شيخ فان فدعا لي ومسح على رأسي. قال: وكأني أنظر إليه الساعة وإلى عينيه إحداهما نادرو والأخرى غائرة جداً، وهو مجدور الوجه نحيفه. وقال أبو منصور الثعالبي: وكان حدثني أبو الحسين الدلفي المصيصي الشاعر وهو ممن لقيته قديماً وحديثاً في مدة ثلاثين سنة. قال لقيت بمعرة النعمان عجباً من العجب؟ رأيت أعمى شاعراً ظريفاً يلعب بالشطرنج والنرد ويدخل في كل فن من الجد والهزل يكنى أبا العلاء، وسمعته يقول: أنا أحمد الله على العمى كما يحمده غيري على البصر انتهى. وقال المعري الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة أو اثنتي عشرة سنة، ورحل إلى بغداد ثم رجع إلى المعرة. وكان رحيله إليها سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة. وأقام ببغداد سنة وسبعة أشهر. وقصد أبا الحسن علي بن عيسى الربعي النحوي ليقرأ عليه فلما دخل عليه قال ليصعد الاسطبل والاسطبل في لغة أهل الشام الأعمى فخرج مغضباً ولم يعد إليه. ودخل على المرتضى أبى القاسم، فعثر برجل، فقال من هذا الكلب، فقال أبو العلاء: الكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسماً. فقربه المرتضى وأدناه واختبره فوجده عالماً مشبعاً بالفطنة والذكاء، فأقبل عليه إقبالاً كثيراً. وكان المعري يتعصب لأبي الطيب كثيراً ويفضله على بشار وأبي النواس وأبي تمام، والمرتضى يبغضه ويتعصب عليه فجرى يوماً ذكره فتنقصه المرتضى وجعل يتتبع عيوبه، فقال المعري. لو لم يكن للمتنبي من الشعر إلا قوله:
لك يا منازل في القلوب منازل
لكفاه فضلاً وشرفاً. فغضب المرتضى وأمر به فسحب برجله وأخرج من مجلسه. وقال لمن بحضرته: أتدرون أي شيء أراد الأعمى بذكر هذه القصيدة؟ فإن لأبي الطيب ما هو أجود منها لم يذكرها. فقيل السيد النقيب أعرف. فقال أراد قوله:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص
…
فهي الشهادة لي باني كامل
ولما رجع المعري لزم بيته، وسمى نفسه رهين المحبسين: يعني حبس نفسه في المنزل وحبس عينيه بالعمى. وكان قد رحل أولاً إلى طرابلس، وكانت بها خزائن كتب موقوفة فأخذ منها ما أخذ من العلم. واجتاز باللاذقية ونزل ديراً كان به راهب له علم بأقوال الفلاسفة سمع كلامه، فحصل له بذلك شكوك. والناس مختلفون في أمره، والأكثرون على إكفاره وإلحاده. وأورد له الإمام فخر الدين الرازي في كتاب الأربعين قوله:
قلتم لنا صانع قديم
…
قلنا صدقتم كذا نقول
ثم زعمتم بلا زمان
…
ولا مكن ألا فقولوا
هذا كلام له خبئ
…
معناه ليست لنا عقول
ثم قال الإمام بعد ذلك: وقد هذى هذا في شعره.
وأما ياقوت: فقال وكان متهماً في دينه، يرى رأي البراهمة، لا يرى إفساد الصورة، ولا يأكل لحماً، ولا يؤمن بالرسل، ولا بالبعث والنشور. قال القاضي أبو يوسف عبد السلام القزويني، قال المعري لم أهج أحداً قط. فقلت له صدقت إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فتغير لونه أو قال وجهه. ودخل عليه القاضي المنازي فذكر له ما يسمعه عن الناس من الطعن عليه. فقال: ما لي وللناس وقد تركت دنياهم فقال له القاضي وأخراهم فقال يا قاضي وأخراهم وجعل يكررها. قال ابن الجوزي: وحدثنا عن أبي زكرياء أنه قال لي المعري: ما الذي تعتقد، فقلت في نفسي: اليوم يتبين لي اعتقاده فقلت: له ما أنا إلا شاك. فقال: وهكذا شيخك.
وأما الشيخ شمس الدين الذهبي فحكم بزندقته في ترجمة له طولها في تاريخ الإسلام له، وذكر فيها عنه قبائح. وأظن الحافظ السلفي قال إنه تاب وأناب.
وأما الباخرزي فقال في حقه، ضرير ماله في أنواع الأدب ضريب، ومكفوف في قميص الفضل ملفوف، ومحجوب خصمه الألد محجوج، قد طال في ظلال الإسلام
آناؤه. ولكن ربما رشح بالإلحاد إناؤه، وعندنا خبر بصره، والله العالم ببصيرته، والمطلع على سريرته، وإنما تحدثت الألسن بإساءته، لكتابه الذي زعم أنه عارض به القرآن وعنونه بالفصول والغايات، محاذاة للسور والآيات، وأظهر من نفسه تلك الجناية، وجد تلك الهوسات كما يجد العير الصليانة، حتى قال فيه القاضي أبو جعفر محمد بن اسمعيل البحائي الزوزني قصيدة أولها:
كلب عوى بمعرة النعمان
…
لما خلا عن ربقة الإيمان
أمعرة النعمان ما أنجبت إذ
…
أخرجت منك معرة العميان
وأما ابن العديم، فقال في كتابه الذي سماه التحري، في دفع التجري، على أبي العلاء المعري: قرأت بخط أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن سليمان المعري أن المستنصر صاحب مصر بذل لأبي العلاء المعري، ما ببيت المال بالمعرة من الحلال فلم يقبل منه شيئاً. وقال:
لا أطلب الأرزاق والمولى يفيض على رزقي
إن أعط بعض القوت أع
…
لم أن ذلك فوق حقي
قال وقرأت بخط أبي اليسر المعري في ذكره، وكان رضي الله عنه يرمي من أهل الحسد له بالتعطيل ويعمل تلامذته وغيرهم على لسانه الأشار يضمنونها أقاويل الملحدة قصداً لهلاكه، وإيثاراً لإتلاف نفسه. فقال رضي الله عنه:
حاول إهواني قوم فما
…
واجهتهم إلا بإهواني
يحرشوني بسهاياتهم
…
فغيروا نية إخواني
لو استطاعوا لوشو بي إلى المريخ في الشهب وكيوان
وقال أيضاً:
غريت بذمي أمة
…
وبحمد خالقها غريت
وعبدت ربي ما استطعت من بريته بريت
وفرتني الجهال حا
…
شدة علي وما فريت
سعروا علي فلم أحس وعندهم أني هريت
وجميع ما فاهوا به
…
كذب لعمري حنبريت
انتهى.
قلت: أما الموضوع على لسانه فلعله لا يخفى على من له لب. وأما الأشياء التي دونها وقالها في لزوم ما لا يلزم، وفي استغفروا واستغفري، فما فيه حيلة وهو كثير فيه ما فيه من القول بالتعطيل والاستخفاف بالنبوات. ويحتمل أنه أرعوى وناب بعد ذلك. وحكى لي عن الشيخ كمال الدين بن الزملكاني رحمه الله تعالى انه قال في حقه: هو جوهرة جاءت إلى الوجود وذهبت. وسألت الحافظ فتح الدين بن محمد بن سيد الناس، فقلت له: ما كان رأي الشيخ تقي الدين دقيق العيد في أبي العلاء، فقال كان يقول هو في حيرة.
قلت: وهذا أحسن ما يقال في أمره لأنه قال، في داليته التي في سقط الزند:
خلق الناس للبقاء فضلت
…
أمة يحسبونهم للنفاد
إنما ينقلون من دار أعما
…
ل إلى دار شقوة أو رشاد
ثم قال في لزوم ما لا يلزم:
ضحكنا وكان الضحك منا سفاهة
…
وحق لسكان البسيطة أن يبكو
تحطمنا الأيام حتى كأننا
…
زجاج ولكن لا يعاد لنا سبك
فالأول اعتراف بالمعاد. والثاني إنكار له. وهذه الأشياء في كلامه كثيرة وهو تناقض منه وإلى الله ترجع الأمور. ومن شعره:
رددت إلى مليك الخلق أمري
…
فلم أسأل متى يقع الكسوف
وكم سلم الجهول من المنايا
…
وعوجل بالحمام الفيلسوف
ومنه:
صرف الزمان مفرق الألفين
…
فاحكم إلهي بين ذاك وبيني
أنهيت عن قتل النفوس تعمداً
…
وبعثت تأخذها مع الملكين
وزعمت أن لها معاداً ثانياً
…
ما كان أغناها عن الحالين
ومنه:
إذا ما ذكرنا آدما وفعاله
…
وتزويجه إبنيه بنتيه في الخنا
علمنا بأن الخلق من نسل فاجر
…
وأن جميع الخلق من عنصر الزنا
فأجابه القاضي أبو محمد الحسن بن أبي مقامة اليمني:
لعمرك أما فيك فالقول صادق
…
وتكذب في الباقين من شط أودنا
كذلك إقرار الفتى لازم له
…
وفي غيره لغو كذا جاء شرعنا
ومن شعر المعري:
يد بخمس مئين عسجد وديت
…
ما بالها قطعت في ربع دينار
تحكم مالنا إلا السكوت له
…
وأن نعوذ بمولانا من النار
قال ياقوت: لأن المعري حمار لا يفقه شيئاً إلا فالمراد بهذا، بين لو كانت اليد لا تقطع إلا في سرقة خمسمائة دينار لكثرة سرقة ما دونها طمعاً في النجاة، ولو كانت اليد تفدى بربع دينار، لكثر قطعها ويؤدي فيها ربع دينار دية عنها نعوذ بالله من الضلال. انتهى.
قلت، وقال الشيخ علم الدين السخاوي يجيب المعري راداً عليه:
صيانة العرض أغلاها وأرخصها
…
صيانة المال فافهم حكمة الباري
ومن شعر المعري:
هفت الحنفية والنصارى ما اهتدت
…
ومجوس حارت واليهود مضلله
إثنان أهل الأرض ذو عقل بلا
…
دين وآخر دين لا عقل له
فقال أبو رشاد ذو الفضائل أحمد بن محمد الإخسيكتي يرد عليه:
الدين آخذه وتاركه
…
لم يخف رشدهما وغيهما
رجلان أهل الأرض قلت فقل
…
يا شيخ سوء أنت أيهما
قال سبط الجوزى في المرآة، قال الغزالى: حدثني يوسف بن علي بأرض الهركار، قال دخلت معرة النعمان، وقد وشى وزير محمود بن صالح صاحب حلب إليه، بأن المعري زنديق لايرى إفساد الصور، ويزعم أن الرسالة تحصل بصفاء العقل؟ فأمر محمود بحمله إليه وبعث خمسين فارساً ليحملوه، فأنزلهم أبو العلاء دار الضيافة فدخل عليه عمه مسلم بن سليمان، وقال يا ابن أخي قد نزلت بنا هذه الحادثة، الملك محمود يطلبك، فإن منعناك عجزنا، وإن أسلمناك كان عاراً علينا عند ذوي الذمام، ويركب
تنوخا الذل والعار. فقال له: هون عليك يا عم فلا بأس علينا فلي سلطان يذب عني. ثم قام فاغتسل وصلى إلى نصف الليل. ثم قال لغلامه انظر إلى المريخ أين هو، قال في منزلة كذا وكذا. قال زنه واضرب تحته وتداً وشد في رجلي خيطاً واربطه إلى الوتد، ففعل غلامه ذلك. فسمعناه وهو يقول، يا قديم الأزل، يا علة العلل، يا صانع المخلوقات، وموجد الموجودات، أنا في عزك الذي لا يرام، وكنفك الذي لا يضام، الضيوف الضيوف، الوزير الوزير. ثم ذكر كلمات لا تفهم. وإذا بهدة عظيمة؟ فسئل عنها: فقيل وقعت الدار على الضيوف الذين كانوا بها فقتلت الخمسين، وعند طلوع الشمس وقعت بطاقة من حلب على جناح طائر لا تزعجوا الشيخ فقد وقع الحمام على الوزير. قال يوسف بن علي: فلما شاهدت ذلك دخلت على المعري، فقال: من أنت، قلت: أنا من أرض الهركار فقال زعموا أني زنديق، ثم قال أكتب، وأملي على وذكر أبياتاً من قصيدة ذكرتها أنا: وأولها
استغفر الله في أمني واوجالي
…
من غفلتي وتوالى سوء أعمالي
قالوا هرمت ولم تطرق تهامة في
…
مشاة وفد ولا ركبان أجمال
فقلت إني ضرير والذين لهم
…
رأى رأوا غير فرض الحج أمثالي
ما حج جدي ولم يحجج أبي وأخي
…
ولا ابن عمي ولم يعرف منىً خالي
وحج عنهم قضاءً بعدما ارتحلوا
…
قوم سيقضون عني بعد ترحالي
فإن يفوزوا بغفران أفز معهم
…
أولاً فإني بنار مثلهم صالي
ولا أروم نعيماً لا يكون لهم
…
فيه نصيب وهم رهطي وإشكالي
فهل أسر إذا حمت محاسبتي
…
أم يقتضي الحكم تعتابي وتسألي
من لي برضوان أدعوه فيرحمني
…
ولا أنادي مع الكفار أمثالي
باتوا وحتفي أمانيهم مصورة
…
وبت لم يخطروا مني على بال
وفوقوا لي سهاماً من سهامهم
…
فأصبحت وقعاً عني بأميال
فما ظنونك إذ جندي ملائكة
…
وجندهم بين طواف وبقال
لقيتهم بعصا موسى التي منعت
…
فرعون ملكاً ونجت آل إسرال
أقسم خمسي وصوم الدهر آلفه
…
وأد من الذكر أبكاراً بآصال
عيدين أفطر في عامي إذا حضرا
…
عيد الأضاحي يقفو عيد شوال
إذا تنافست الجهال في حلل
…
رأيتني وخسيس القطن سربالي
لا آكل الحيوان الدهر مأثرة
…
أخاف من سوء أعمالي وآمالي
وأعبد الله لا أرجو مثابته
…
لكن تعبد إكرام وإجلال
أصون ديني عن جعل أؤمله
…
إذا تعبد أقوام بأجعال
وكان المعري من بيت علم وفضل ورياسة، له جماعة من أقاربه قضاة وعلماء وشعراء. مثل سليمان بن أحمد بن سليمان جده، قاضي المعرة وولي القضاء بحمص، ووالده عبد الله ابن سليمان كان شاعراً، وأخيه محمد بن عبد الله وهو أسن من أبي العلاء وله شعر، وأبي الهيثم أخي أبي العلاء وله شعر، وجاء من بعده جماعة من أهل بيته ولوا القضاء وقالوا الشعر ورأسوا ساقهم الصاحب كمال الدين بن العديم على الترتيب وذكر أشعارهم وأخبارهم في مصنفه دفع التجري. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. وولد يوم الجمعة عند مغيب الشمس لثلاث بقين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثلاثمائة بالمعرة. وتوفي ليلة الجمعة ثالث وقيل ثاني شهر ربيع الأول وقيل ثالث عشرة سنة وتسع وأربعين وأربعمائة. وجد رفي السنة الثالثة من عمره فعمى، وكان يقول لا أعرف من الألوان إلا الأحمر لأني ألبست في الجدري ثوباً مصنوعاً بالعصفر لا أعقل غير ذلك. ولما مات رثاه علي بن همام فقال من قصيدة طويلة:
إن كنت ترق الدماء زهادة
…
فلقد أرقت اليوم من عيني دماً
سيرت ذكرك في البلاد كأنه
…
مسك فسامعه تضمخ أو فما
وأرى الحجيج إذا أرادوا ليلة
…
ذكراك أوجب فدية من أحرما
وقال أبو الرضا عبد الوهاب بن نوت المعري يرثيه:
سمر الرماح وبيض الهند تشتور
…
في أخذ ثارك والأقدار تعتذر
والدهر ناقد أهل العلم قاطبة
…
كأنهم بك في ذا القبر قد قبروا
فهل ترى بك دار العلم عالمة
…
أن قد تزعزع منها الركن والحجر
والعلم بعدك غمد فات منصله
…
والفهم بعدك قوس ماله وتر
وقد ذكرت تصانيفة وقطعة صالحة من شعره في التاريخ الكبير الذي لي