الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعقوب بن داود
بن عمر بن عثمان بن طهمان. السلمي بالولاء. مولى أبي صالح عبد الله بن
حازم السلمي والي خراسان. كان يعقوب كاتب إبراهيم بن عبد الله بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم. وكان أبوه داود وأخوته كتاباً لنصر بن سيار عامل خراسان. ولما ظهر المنصور على إبراهيم المذكور حبس يعقوب في المطبق. وكان يعقوب سمحاً جواداً كثير البر والصدقة واصطناع المعروف. وكان مقصوداً ممدحاً، فلما مات المنصور وقام المهدي من بعده، جعل يتقرب إليه حتى أدناه واعتمد وعلت منزلته عنده وعظم شأنه، حتى خرج كتابه إلى الديوان، أن أمير المؤمنين قد آخى يعقوب بن داود. فقال في ذلك سلم الخاسر.
قل للإمام الذي جاءت خلافته
…
تهدى إليه بحق غير مردود
نعم القرين على التقوى استعنت به
…
أخوك في الله يعقوب بن داود
وحج المهدي ويعقوب معه ولم يكن ينفذ شيء من كتب المهدي حتى يرد كتاب الوزير يعقوب معه. إلى أمينه بإنفاذه. وكان المنصور قد خلف في بيوت المال ألف ألف درهم وستين ألف الف درهم. وكان الوزير أبو عبيد الله بشير على المهدي بالاقتصاد في الإنفاق وحفظ الأموال. فلما عزله وولى يعقوب بن داود. زين له هواه فأنفق الأموال على اللذات والشرب وسماع الغناء واشتغل يعقوب بالتدبير. وفي ذلك قال بشار بن برد:
بني أمية هبوا طال نومكم
…
إن الخليفة يعقوب بن داود
ضاعت خلافتكم يا قوم فالتمسوا
…
خليفة الله بين الناي والعود
ثم إن يعقوب ضجر مما هو فيه فسأل المهدي الإقالة فامتنع عليه. ثم إن المهدي أراد أن يمتحنه في ميله إلى العلوية. فدعا به يوماً وهو في مجلس فرشه موردة، وعليه ثياب موردة، وعلى رأسه جارية عليها ثياب موردة، وهو مشرف على بستان فيه
صنوف من الورد. فقال له: يا يعقوب كيف ترى مجلسنا. فقال: في غاية الحسن متع الله أمير المؤمنين به. فقال: جميع ما هو فيه لك والجارية لك ليتم سرورك. وقد أمرت لك بمائة ألف درهم فدعا له. فقال له المهدي: لي إليك حاجة فقام قائماً. وقال: ما هذا يا أمير المؤمنين إلا لموجدة وأنا أستعيذ بالله من سخطك. فقال: أحب أن تضمن قضاءها، فقال السمع والطاعة. فقال له: والله! قال. والله! ثلاثاً. فقال: ضع يدك على راسي واحلف به. ففعل. فلما استوثق منه، قال: هذا فلان ابن فلان من العلوية أحب أن تكفيني مؤونته وتريحني منه. فخذه إليك فحوله وحول الجارية، وما كان في المجلس فلشدة سروره بالجارية جعلها في مجلس يقرب منه. ووجه فأحضر العلوي فوجده لبيباً فهماً، فقال له: ويحك يا يعقوب تلقى الله بدمي وأنا رجل من ولد فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، فقال له: يعقوب يا هذا. أفيك خير؟ فقال: إن فعلت معي خيراً شكرت لك ودعوت لك، فقال: خذ هذا المال وخذ أي طريق شئت، فقال طريق. كذا وكذا لي آمن. فقال: امض مصاحباً. وسمعت الجارية الكلام كله فوجهت مع بعض خدمها إلى المهدي تعرفه الخبر. فأمسك المهدي الطرقات حتى ظفر بالعلوي والمال. ووجه إلى يعقوب فقال له: ما حال الرجل، فقال: قد أراحك الله منه. قال مات. قال: نعم. قال: والله! قال: والله! قال: فضع يدك على راسي واحلف به. فوضع يده وحلف له. فقال المهدي: اخرج إلينا يا غلام. ففتح العلوي الباب وخرج والمال معه. فبقي متحيراً وامتنع من الكلام. فقال المهدي: لقد حل دمك. ولو شئت لأرقته. ولكن احبسوه في المطبق. فحبسوه وأمر أن يطوى خبره عنه وعن كل أحد. فحبس في بئر وبني عليه قبة فكان فيها خمس عشرة سنة. يدلي له في كل يوم رغيف وكوز ماء ويؤذن بأوقات الصلوات. فلما كان في رأس ثلاث عشرة سنة. أتاه آت في منامه. فقال له:
حنى على يوسف رب فأخرجه
…
من قعر جب وبيت حوله غمم
فحمد الله. وقال: أتاني الفرج، ثم مكث حولاً لا يرى شيئاً. ثم أتاه ذلك الآتي. فأنشده:
عسى الكرب الذي أمسيت فيه
…
يكون وراءه فرج قريب
ثم أقام حولاً آخر لا يرى شيئاً، ثم أتاه ذلك الآتي بعد حول. فأنشده: