الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كتاب النكاح]
قوله: (النكاح ينعقد بالإيجاب والقبول بلفظين يعبر بهما عن الماضي، لأن الصيغة وإن كانت للأخبار وضعًا فقد جعلت للإنشاء شرعًا دفعًا للحاجة).
في تعليله نظر؛ فإن صيغة "زوجت"، و"طلقت"، و"بعت" و"اشتريت"، تستعمل في اللغة أيضًا للإنشاء كما تستعمل للإخبار، وكان ذلك معروفًا في الجاهلية فقرره الشرع؛ فإن الحاجة متحققة في الجاهلية إلى ذلك؛ لأن لهم أنكحة، قال عله السلام:"ولدت من نكاح لا من سفاح"، وعن عروة أن عائشة رضي الله عنها أخبرته: "أن النكاح كان في الجاهلية على أربعة أنحاء؛ فنكاح منها نكاح الناس اليوم، يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته فيصدقها ثم ينكحها
…
الحديث" رواه البخاري وأبو داود. وكذلك كانوا
يتبايعون ببياعات صحيحة، وبياعات فاسدة، فأقر الشرع منها الصحيح، وحظر الفاسد. وظاهر كلام المصنف أن معنى المضي ملازم لهذه الصيغة، وهذا فاسد. قال الشيخ جمال الدين ابن مالك في "التسهيل": وينصرف الماضي إلى الحال بالإنشاء، والاستقبال بالطلب، والوعد/، وبالعطف على ما علم استقباله، وبالنفي بـ "لا"، و"إن" بعد القسم، ويحتمل المضي والاستقبال بعد همزة التسوية، وحرف التحضيض، وكلما، وحيث، وبكونه صلة أو صفة لنكرة عامة.
قوله: (لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا نكاح إلا بشهود" وهو حجة على مالك رحمه الله في اشتراط الإعلان دون الإشهاد).
هذا اللفظ غير معروف في كتب الحديث ولكن روي معناه في أحاديث فيها كلام، منها حديث عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" أخرجه أحمد، وأخرجه الدارقطني من رواية ابن
مسعود وعائشة رضي الله عنهما وهو حديث ضعيف، قال أحمد بن حنبل: لم يثبت في الشهادة شيء. وقال ابن المنذر: وليس يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في إثبات الشاهدين في النكاح خبر. وقال الزهري، ومالك، وأهل المدينة: يجوز النكاح بغير شهود إذا أعلنوه، وقال ابن المنذر: زوج ابن عمر ولم يحضر النكاح شاهدين، وفعل ذلك الحسن بن علي: زوج ابن
الزبير وما معهما أحد ثم أعلنوه بعد، انتهى. ومما يستدل به على نفي اشتراط الإشهاد في النكاح ما ثبت في الصحيحين من حكاية تزوج النبي صلى الله عليه وسلم صفية رضي الله عنها، وهو أنه عليه السلام لما بنى بها قال المسلمون:"إحدى أمهات المؤمنين، أو مما ملكت يمينه؟ فقالوا: إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين، وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه، فلما ارتحل وطى لها خلفه، ومد الحجاب بينها وبين الناس".
ولا يقال: إن هذا خاص به؛ لأن الأصل عدم الخصوص، وقد قال الأصحاب: إن النكاح ينعقد بلفظ الهبة، ولا يختص انعقاده بالنبي صلى الله عليه وسلم، وإنما يختص به انعقاده بغير لزوم مهر على ما عرف. وقوله:(هو حجة على مالك رحمه الله) فيه نظر؛ فإنه إنما يكون حجة بعد ثبوته ولم يثبت، وأيضًا فالحديث الدال على اشتراط الشهادة على ضعفه دال على اشتراط الولي، وعدالة الشاهدين. ولا يجوز العمل ببعض الحديث دون بعض.
قوله: (ولا بد من اعتبار الحرية فيها، لأن العبد لا شهادة له لعدم الولاية).
سيأتي في كتاب الشهادات ما في شهادة العبد من الكلام والنظر في دليلها وذكر اختلاف العلماء إن شاء الله تعالى.