الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الأولياء والأكفاء
قوله: (لقوله عليه الصلاة والسلام: «البكر تستأمر في نفسها، فإن سكتت فقد رضيت»). وقوله بعد ذلك: (لقوله عليه الصلاة والسلام" «الثيب تشاور»).
كلا الحديثين نقله المصنف بالمعنى، وأصلهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن (في نفسها)، وإذنها صمتها رواه الجماعة إلا البخاري. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا البكر حتى تستأذن. قالوا: يا رسول الله! كيف إذنها؟ قال: أن تسكت» رواه الجماعة.
وعن عائشة نحوه متفق عليه، ولفظ «الثيب تشاور» لم يرد، وليس معناها معنى تستأمر، أو تستأذن، بل صاحب الأمر هو الذي يستشير غيره، وهو يأمر ويأذن، ويستنيب خصوصَا على قول أبي حنيفة رحمه الله أنها لو انفردت بالعقد عن الولي لصح العقد، وأيضاً فالحديث ورد بالنفي والإثبات «لا تنطح الأيم حتى تستأمر» وذلك يقتضي الحصر، فلا يؤدي معناه الإثبات وحده.
قال السروجي: وروي عن علي رضي الله عنه موقوفًا ومرفوعًا: «الإنكاح إلى العصبات» ، ويروي «النكاح إلى العصبات» ذكر الحديث شمس الأئمة السرخسي، وسبط ابن الجوزي، والحديث لم يخرجه أحد من الجماعة،
ولا ثبت، مع أن الأئمة الأربعة على العمل به في حق البالغة انتهى.
وقوله: (فيتطرق الخلل إلى المقاصد عسى).
عسى من الأفعال الناقصة التي لا تتم بمرفوعها مثل كان وتختص عنها بأحكام معروفة في موضعها، ولا تستعمل تامة أبدًا كما استعملها المصنف. ولا يتقدم معمولها عليها حتى يقال: إن في الكلام تقديمًا وتأخيرًا تقديره: فعسى يتطرق الخلل إلى المقاصد.
في القول بخيار الإدراك ويسمى خيار البلوغ نظر، فإنه لم يرد عن الشارع، ولهذا قواه باشتراط حكم الحاكم، ولولا ما ورد عن الشارع من الدليل على جواز انكاح الصغير لغير الأب والجد لكان في قياس غيرهما نظر
لقصور شفقتهم عنهما. والدليل قوله تعالى: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى} الآية. وقوله تعالى: {ويستفتونك في النساء} الآية. وفي «الصحيحين» أن عُروة سأل عائشة رضي الله عنها عن قوله تعالى: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى} إلى قوله: {أو ما ملكت أيمانكم} قالت «يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حَجر وليّها فيرغب في جمالها ومالها، ويريد أن ينقص من صداقها، فنهوا عن نكاحهنّ إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق، وأمروا بنكاح عن سواهنّ» . قال عائشة: فاستفتى الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك؛ فأنزل الله عز وجل: {ويستفتونك في النساء} إلى: {وترغبون أن تنكحوهن} فبيّن لهم أن اليتيمة إذا كانت ذات جمال، ومال، رغبوا في نكاحها، ولم يلحقوها، بسنتها في إكمال الصداق، وإذا كانت مرغوبة عنها في قلة المال والجمال تركوها والتمسوا غيرها من النساء، قال:«وكما يتركونها حين يرغبون عنها، فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها إلا أن يقسطوا لها ويعطوها حقها الأوفى من الصداق» .
ولا يصحّ اعتبار خيار البلوغ بخيار العتق، لأن الأمة بالإعتاق ملكت بضعها فتختار، مع أن الذين قالوا بخيار البلوغ إنما عللوا خيار العتق بزيادة الملك في الطلاق، وبالبلوغ لا يزداد الملك، وإذا كان تزويج الصغيرة جائزاً لغير
الأب والجد يتعلق به جميع أحكام النكاح من حلّ الوطء، ووجوب النفقة وجريان الإرث وغير ذلك فرفعه بعد ذلك بالخيار من غير نص، ولا اعتبار صحيح فيه نظر. وحكم الحاكم يلزم بما يكون ثابتًا قبله، لا أنه مثبت لما لم يكن ثابتًا مشروعًا قبله، فإن الحاكم منفذ لأمر الشرع لا مشرِّع لحكم لم يشرع. وظهر بهذا وغيره رجحان قول أبي يوسف رحمه الله.
قوله: (ولم يشترط العلم بالخيار لأنها تتفرغ لمعرفة أحكام الشرع والدار دار العلم؛ فلم تعذر بالجهل).
وسيأتي في «الهداية» في كتاب الإكراه أن من أكره بالقتل على أكل الميتة فلم يأكل حتى قتل أثم إن علم بالإباحة، وإن لم يعلم لا يأثم، وعلل له
بأن في انكشاف الحرمة خفاء فيعذر بالجهل كالجهل بالخطاب في أول الإسلام، أو في دار الحرب. هذه عبارته ولم يقل هناك إن الدار دار علم، فلم يعذر بالجهل فهلا قال ذلك هنا: وهو أولى، لأن المخدرة لا تتفرع للتعلم كما يتفرع الرجل، فإذا عذر الرجل المكره بالجهل فالبكر الصغير المخدرة أعذر.
قوله: (لقوله عليه الصلاة والسلام: السلطان ولى من لا ولي له)
أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي من حديث عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له وحسنة الترمذي قال السروجي: هذا الحديث من رواية سليمان بن موسى الأشدق
قال: وفي الكمال قال عبد الملك بن جريج والبخاري: عنده مناكير وقال ابن عدي: يروي أحاديث يتفرد بها لا يرويها غيرة. وقال علي بن المديني: هو مطعون عليه. كره البخاري في الضعفاء والمتروكين.
قال السروجي: وكيف حسن الترمذي هذا الحديث؟ من أين ثبت له الحسن؟ وسليمان بن موسى بين ابن جريج وبين الزهري. قال ابن جريج
سألت الزهري عن هذا الحديث فلم يعرفه، هكذا رواه عنه إسماعيل بن إبراهيم بن سهم بن مقسم، يعرف بابن علية، نسب إلى أمة.