الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب إضافة الإحرام إلى الإحرام]
هذا الباب مرتب على أصولٍ مختلف فيها يجب التنبيه عليها، والتنبه لها.
أحدهما: أن من أحرم بحجتين أو بعمرتين لزمتاه عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى، لمن عند أبي حنيفة يصير محرمًا بإحرامين حتى يتوجه إلى مكة في رواية، وحتى يبدئ في الطواف في أخرى، فيلزمه قبل ذلك عنده بصيده وجنايته جزاءان ويبعث لو أحصر بدمين. وعند أبي يوسف يصير رافضًا لأحدهما في الحال، عند محمد، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وابن المنذر، يلزمه إحداهما، وتلغو
الأخرى. وقول محمد أظهر، لأنه أحرم بعبادتين لا يمكنه المضي فيهما جميعًا؛ فلا ينعقد لأنه التزام في الذمة فيمكنه فعل كل نسك في وقت كنذر صلاتين وصومين، بخلاف الإحرام بحجٍ وعمرة، لأن الأعلى وهو الحج، يتضمن الأدنى، وهو العمرة، سواء قيل بالتداخل في الأفعال أو لا، بخلاف الحجتين والعمرتين؛ لأن الشيء لا يتضمن مثله.
ثانيهما: أن أهل مكة لا تمتع لهم ولا قران، وإنما لهم الإفراد خاصة، خلافًا للأئمة الثلاثة، فلو فعل كره له ذلك، ولزمه الدم، لكنه دم جبر بخلاف الآفاقي فإن الدم الذي يلزمه دم شكر، وهذا عند أبي حنيفة، وعند الأئمة الثلاثة لا دم عليه، والمسألة معروفة.
ثالثها، رفض النسك للمعذور، وفعل غيره ثم قضاء ذلك المرفوض،
قال به أبو حنيفة: كالقارن إذا ابتدأ بالوقوف بعرفة، وكمن أدخل حجًا على حج أو عمرة على عمرة، أو عمرة على حج بعد الوقوف، أما القارن فلا يتأتى الرفض على قول غيره؛ لأن أفعال العمرة عند غيره داخله في أفعال الحج، فلا يضره الابتداء بالوقوف، وتقدم الكلام في هذا في ((باب القرآن)). وأما من أدخل حجًا على حج قبل الوقوف، أو عمرة على عمرة قبل طواف الأكثر، فهو كمن أهل بالنسكين معًا، وقد تقدم حكمه، ولكن اختلفوا اختلافًا آخر فيمن أهل بحجة فجامع فيها ثم أهل بأخرى؛ فقال ابن المنذر: كان أبو ثور يقول: لا تلزمه التي أهل بها بعد، ولكنه يمضي في الحجة التي أهل بها أولًا حتى يفرغ منها، وعليه حج قابل والهدي.
قابل أبو بكر: وهذا على مذهب الشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال أصحاب الرأي: يرفض الأخرى ويمضي في التي جامع فيها حتى يقضيها مع الناس، وعليه للجماع دم، وعليه حجة مكانها، وعليه عمرة وحجة مكان التي رفض ودم، قال أبو بكر: قول أبي ثور والشافعي وأحمد وإسحاق، والظاهر أن محمد بن الحسن معهم؛ فإن من صله أن من أهل بحجتين، أو عمرتين، أو أدخل حجة على عمرة، أو عمرة على عمرة قبل أن يفرغ من الأولى، لا يلزمه إلا واحدة؛ لأنه لا يمكنه المضي في النسكين، فكذا إذا
أفسد الأول، لأنه يمضي في فاسدها فلا يفرغ منها حتى يحل منها، وأما من أدخل عمرة على حجة بعد الوقوف، فمحمد مع أبي حنيفة، وأبي يوسف في لزوم الرفض والدم، وأما من أدخل حجة على حجة بعد الوقوف، أو عمرة على عمرة بعد طواف الأكثر قبل الحلق فيهما فعليه دم عند أبي حنيفة قصر أو لم يقصر، وعندهما أن [من] لم يقصر حتى أتى بالنسك لا شيء عليه، وإلا فعليه دم، والله أعلم.
* * *