المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل قوله: (وإن كان الصغير رضيعًا فليس على أمه أن ترضعه - التنبيه على مشكلات الهداية - جـ ٣

[ابن أبي العز]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحج

- ‌فصل

- ‌باب الإحرام

- ‌[فصل]

- ‌[باب القرآن]

- ‌[باب التمتع]

- ‌باب الجنايات

- ‌[فصل]

- ‌[باب مجاوزة الوقت بغير إحرام]

- ‌[باب إضافة الإحرام إلى الإحرام]

- ‌[باب الإحصار]

- ‌[باب الفوات]

- ‌[باب الحج عن الغير]

- ‌باب الهدي

- ‌[مسائل منثورة]

- ‌[كتاب النكاح]

- ‌[فصل في بيان المحرمات]

- ‌باب الأولياء والأكفاء

- ‌فصل في الكفاءة

- ‌(فصل في الوكالة في النكاح وغيرها)

- ‌[باب المهر]

- ‌[فصل]

- ‌[باب نكاح الرقيق]

- ‌[باب نكاح أهل الشرك]

- ‌[باب القسم]

- ‌[كتاب الرضاع]

- ‌[كتاب الطلاق]

- ‌[باب طلاق السنة]

- ‌[فصل]

- ‌[باب إيقاع الطلاق]

- ‌[فصل في إضافة الطلاق إلى الزمان]

- ‌[فصل]

- ‌[فصل في تشبيه الطلاق ووصفه]

- ‌[فصل]

- ‌[باب تفويض الطلاق]

- ‌فصل في الاختيار

- ‌فصل في الأمر باليد

- ‌[فصل في المشيئة]

- ‌باب الأيمان في الطلاق

- ‌فصل في الاستثناء

- ‌باب طلاق المريض

- ‌باب الرجعة

- ‌فصل فيما تحل به المطلقة

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الخلع

- ‌باب الظهار

- ‌[فصل في الكفارة]

- ‌باب اللعان

- ‌باب العنين وغيره

- ‌باب العدة

- ‌فصل

- ‌باب ثبوت النسب

- ‌باب الولد من أحق به

- ‌فصل

- ‌[باب النفقة]

- ‌فصل

- ‌[فصل]

- ‌فصل

الفصل: ‌ ‌فصل قوله: (وإن كان الصغير رضيعًا فليس على أمه أن ترضعه

‌فصل

قوله: (وإن كان الصغير رضيعًا فليس على أمه أن ترضعه لما بينا أن الكفاية على الأب).

هذا إذا كانت الأم مطلقة ظاهر لعدم النفقة من جهة الأم، وقد قال تعالى في سورة "الطلاق":{فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن} الآية.

أما في حال قيام النكاح ففيه نظر لقوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين} الآية، وهو الأمر بصيغة الخبر.

وتعليل المصنف بأن الكفاية على الأب لا يلزم منه أن الأم لا يجب عليها الإرضاع، بل على الأم الإرضاع، وعلى الأب النفقة عليها، هذا مقتضى ظاهر الآية.

والمصنف قد قال بعد ذلك أنه لو استأجرها وهي زوجته، أو معتدته لترضع ولدها لم يجز؛ لأن الإرضاع مستحق عليها ديانة، وتلا الآية الكريمة.

واعتذر عن عند الإلزام باحتمال/ عجزها. فينبغي أن تعتبر حقيقة

ص: 1474

عجزها، بأن ادعت العجز عن الإرضاع وقامت قرينة تدل على صدقها، أما إذا لم تدع العجز، أو ادعت القدرة وطلبت مرضعة كيف تجاب إلى ذلك؟! فإن في ذلك مضارة بالأب والحالة هذه! ولو ألزمت بالإرضاع مع عجزها عنه كان فيه إضرار بها، وقد قال تعالى:{لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده} .

وإجبار الأم على الإرضاع ما دامت الزوجية قائمة مذهب مالك، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وأبي ثور، وحكى عن مالك أنه فرق بين ذات اليسار والشرف، وبين غيرها، ذكر ذلك ابن المنذر في "الإشراف".

قوله: (وفي قراءة ابن مسعود رضي الله عنه: "وعلى الوارث ذي الرحم المحرم مثل ذلك").

تقييد وجوب النفقة بالمحرمية مشكل لوجوه، أحدها: عدم ثبوت قراءة ابن مسعود.

الثاني: أن سائر أدلة نفقات الأقارب مطلقة كما في قوله تعالى: {وآت ذا القربى حقه} ، وقوله تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا

ص: 1475

وبالوالدين إحسانًا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى}. وكقوله صلى الله عليه وسلم: "وابدأ بمن تعول: أمك، وأباك، وأختك، وأخاك، ثم أدناك"، وقوله صلى الله عليه وسلم:"ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك، فإن فضل شيء عن ذي قرابتك فهكذا" رواهما النسائي.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال:"أمك"، قال: ثم من؟ قال: "ثم أمك"، قال: ثم من؟ قال: "ثم أمك" قال: ثم من؟ قال: "ثم أبوك، ثم أدناك أدناك".

الثالث: ما ورد في ذلك من الآثار، منها: ما ذكر ابن أبي شيبة بسنده عن سعيد بن المسيب قال: "جاء ولي يتيم إلى عمر بن الخطاب -رضي الله

ص: 1476

عنه- فقال: أنفق عليه، ثم قال: لو لم أجد إلا أقصى عشيرته لفرضت عليهم"، ولا يعرف له مخالف من الصحابة.

الرابع: تفسير جمهور السلف للآية، كقتادة، ومجاهد، والضحاك، وغيرهم.

الخامس: شمول ما ذكر من المعنى في الإنفاق على المحارم لبقية الورثة، وهو أنه ليس من المعروف- بل من أعظم "الإساءة" أن يعيش في نعم الله ويترك قريبه يموت جوعًا وعريًا، وهو قادر على سد خلته و"الغرم بالغنم" فكما أنه يرثه إذا مات، ويخلفه في ماله إذا كان له مال. فكذلك يقوم بمؤنته إذا احتاج ولم يكن له مال، وهو قادر على مواساته.

ص: 1477

السادس: ثبوت الفرق بين وجوب الصلة بالإنفاق، وبين الصلة بالإعتاق بالملك وحرمة النكاح، وهو أن الحاجة إلى النفقة والكسوة أعظم من زوال الرق وحرمة المناكحة، فلا يلزم من قصور الإعتاق وحرمة المناكحة على المحرمية قصور الإنفاق عليهم مع استوائهم مع بقية الأقارب في الحاجة الكبرى؛ فإن الحاجة إلى سبب الحياة الحقيقية فوق الحاجة إلى سبب الحياة الحكمية بزوال الرق وثبوت الحرية والإكرام بحرمة الاستفراش.

السابع: أن الأمر بصلة الرحم غير مختص بالمحرم، فإن قيل: المراد بذلك البر والصلة دون الوجوب، وهذا السؤال يرد على الاستدلال من الآيات والأحاديث المتقدمة. وجوابه: أن الأمر يقتضي الوجوب، وقد سماه الله حقًا وأضافه إلى القريب بقوله:{وآت ذا القربى حقه} ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه حق وأنه واجب.

فإن قيل: المراد بحقه ترك قطيعته. فالجواب: أي قطيعة فوق أن يتركه يموت جوعًا وعطشًا ويتأذى غاية الأذى بالحر والبرد، وهو يتقلب في نعم الله، ويفضل عنه منها ما يقدر على مواساة قريبه به، وهو لا يصله بشيء من ذلك.

وإذا لم تكن هذه الصلة هي المأمور بها فهي السلام عليه إذا لقيه، وعيادته

ص: 1478

إذا مرض،/ وتشميته إذا عطس، وإجابته إذا دعاه فقط؟! وهذا حق يجب لكل مسلم، ولابد من تمييز ذي الرحم على سائر المسلمين بأمر زائد على ما يجب للمسلم على المسلم.

قوله: (فإن المعسر إذا كان له خال، وابن عم تكون نفقته على الخال، وميراثه يحرزه ابن عمه).

هذه المسألة مرتبة على اشترط المحرمية، وقد تقدم الكلام في ذلك.

قوله: (ثم اليسار مقدر بالنصاب فيما روي عن ابن يوسف، وعن محمد أنه قدره بما يفضل عن نفقة نفسه، وعياله شهرًا أو بما يفضل عن ذلك من كسبه الدائم كل يوم؛ لأن المعتبر في حقوق العباد إنما هو القدرة دون النصاب، فإنه للتيسير، والفتوى على الأول لكن النصاب نصاب حرمان الصدقة).

في اختياره القول الأول للفتوى نظر، بل في اعتبار النصاب في حرمان الصدقة، ووجوب صدقة الفطر، والأضحية أيضًا، فإنه لم يرد به نص،

ص: 1479

وإنما أخذ من نصاب الفضة في الزكاة، وفي ذلك من الخلاف ما هو معروف في موضعه. ولا مناسبة في اعتباره في النفقة التي هي مؤنة محضة، بل اعتبار الغني بما يفضل عن نفسه وعياله في كل يوم كما قال محمد ابن الحسن أولى؛ فإن هذا القدر فضل قد حصلت الكفاية بدونه، فصح كونه غنيًا عنه وبه، وليس على اشتراط قدر زائد عليه دليل؛ ولأن نفقة القريب من حقوق العباد فيعتبر حقيقة القدرة على أداء القدر الواجب له كالدين.

قوله: (وإن كان للابن الغائب مال في يد أبويه فأنفقا منه لم يضمنا؛ لأنهما استوفيا حقهما؛ لأن نفقتهما واجبة قبل القضاء على ما مر وقد أخذا جنس الحق).

قد تقدم الكلام على أن القاضي ليس إليه ولاية الإيجاب، وإنما إلية ولاية الإلزام بالواجب، وإذا ثبت أن نفقة الأقارب واجبة بالكتاب والسنة كما تقدم فهم كالأبوين في الإنفاق من مال الغائب، ولا يصح الفرق بالوجوب قبل القضاء وبعده، وفيما تقدم كفاية لمن قصد الإنصاف وترك العصبية بالهوى.

ص: 1480

قوله: (قال: إلا أن يأذن القاضي في الاستدانة عليه؛ لأن القاضي له ولاية عامة فصار إذنه كأمر الغائب، فيصير دينًا في ذمته فلا تسقط بمضي المدة).

قد تقدم الكلام في ذلك وأن القاضي ليس له ولاية الإيجاب وعدمه، وإذا كان حكم نفقة القريب السقوط بمضي الزمان، وأنه لسد الحاجة وقد استدت فلا تصير دينًا على الغائب بتصيير القاضي، ولا يلزم من عموم ولاية القاضي إيجاب ما لم يجب؛ ولهذا اضطربت أقوال المشايخ في صيرورة نفقة القريب دينًا بفرض القاضي، فمنهم من قال: إنما تصير دينًا إذا أذن القاضي لهم في الاستدانة، واستدانوا حتى احتاجوا إلى وفاء الدين، أما إذا لم يستدينوا بل أكلوا من الصدقة لا تصير النفقة دينًا.

وإلى هذا مال السرخسي رحمه الله وحكم به كثير من المتأخرين ونصروه وقيدوا إطلاق "صاحب الهداية" به، ومنهم من قال: إنما تصير دينًا إذا كانت المدة قصيرة، أما إذا طالت المدة فلا تصير دينًا وفصلوا بين المدة القصيرة والطويلة بشهر، ولكن مدار هذا التفريغ كله على أن قضاء القاضي يؤثر في الإلزام بنفقة ما مضى من الزمان للقريب، فإذا تبين أنه لا تأثير له في ذلك بطل هذا التفريع كله والله أعلم.

ص: 1481