الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ] [
مَسْأَلَةٌ الْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ خُرُوجُ الْمَنِيِّ]
َ قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ بَرِّيٍّ النَّحْوِيُّ: غَسْلُ الْجَنَابَةِ، بِفَتْحِ الْغَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الْغُسْلُ: الْمَاءُ الَّذِي يُغْتَسَلُ بِهِ. وَالْغِسْلُ: مَا غُسِلَ بِهِ الرَّأْسُ. .
(278)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ، رحمه الله (: وَالْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ خُرُوجُ الْمَنِيِّ) الْأَلِفُ وَاللَّامُ هُنَا لِلِاسْتِغْرَاقِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ جَمِيعَ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ هَذِهِ السِّتَّةُ الْمُسَمَّاةُ: أَوَّلُهَا؛ خُرُوجُ الْمَنِيِّ، وَهُوَ الْمَاءُ الْغَلِيظُ الدَّافِقُ الَّذِي يَخْرُجُ عِنْدَ اشْتِدَادِ الشَّهْوَةِ، وَمَنِيُّ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، بِإِسْنَادِهِ، أَنَّ «أُمَّ سُلَيْمٍ حَدَّثَتْ، أَنَّهَا سَأَلَتْ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عَنْ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا رَأَتْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ فَلْتَغْتَسِلْ. فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: وَاسْتَحْيَيْت مِنْ ذَلِكَ. وَهَلْ يَكُونُ هَذَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَعَمْ، فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ، مَاءُ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ، فَمِنْ أَيِّهِمَا عَلَا، أَوْ سَبَقَ، يَكُونُ مِنْهُ الشَّبَهُ وَفِي لَفْظٍ أَنَّهَا قَالَتْ. هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَعَمْ، إذَا رَأَتْ الْمَاءَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَخُرُوجُ الْمَنِيِّ الدَّافِقِ بِشَهْوَةٍ، يُوجِبُ الْغُسْلَ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي يَقَظَةٍ أَوْ فِي نَوْمٍ. وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ. قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.
[فَصْلٌ خَرَجَ شَبِيهُ الْمَنِيِّ لِمَرَضٍ أَوْ بَرْدٍ لَا عَنْ شَهْوَةٍ]
(279)
فَصْلٌ: فَإِنْ خَرَجَ شَبِيهُ الْمَنِيِّ؛ لِمَرَضٍ أَوْ بَرْدٍ لَا عَنْ شَهْوَةٍ، فَلَا غُسْلَ فِيهِ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيَجِبُ بِهِ الْغُسْلُ. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ لِقَوْلِهِ عليه السلام: إذَا رَأَتْ الْمَاءَ ". وَقَوْلِهِ: «الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» ؛ وَلِأَنَّهُ مَنِيٌّ خَارِجٌ فَأَوْجَبَ الْغُسْلَ، كَمَا لَوْ خَرَجَ حَالَ الْإِغْمَاءِ. وَلَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَصَفَ الْمَنِيَّ الْمُوجِبَ لِلْغُسْلِ بِكَوْنِهِ أَبْيَضَ غَلِيظًا، وَقَالَ لِعَلِيٍّ «إذَا فَضَخْت الْمَاءَ فَاغْتَسِلْ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْأَثْرَمُ «إذَا رَأَيْت فَضْخَ الْمَاءِ فَاغْتَسِلْ» .
وَالْفَضْخُ: خُرُوجُهُ عَلَى وَجْهِ الشَّدَّةِ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: خُرُوجُهُ بِالْعَجَلَةِ. وَقَوْلُهُ: " إذَا " رَأَتْ الْمَاءَ ". يَعْنِي الِاحْتِلَامَ، وَإِنَّمَا يَخْرُجُ فِي الِاحْتِلَامِ بِالشَّهْوَةِ، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ مَنْسُوخٌ، عَلَى أَنَّ هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَمْنَعَ كَوْنَهُ مَنِيًّا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَصَفَ الْمَنِيَّ بِصِفَةٍ غَيْرِ مَوْجُودَةٍ فِي هَذَا.