الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَنَا حَدِيثُ بُرَيْدَةَ «، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي حِينَ غَابَ الشَّفَقُ» وَفِي لَفْظٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ: «فَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ إلَى أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ.»
وَرَوَى أَبُو مُوسَى «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَّرَ الْمَغْرِبَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي حَتَّى كَانَ عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفَقِ.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «وَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إنَّ لِلصَّلَاةِ أَوَّلًا وَآخِرًا، وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ حِينَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ، وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ يَغِيبُ الْأُفُقُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَهَذِهِ نُصُوصٌ صَحِيحَةٌ، لَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهَا بِشَيْءٍ مُحْتَمَلٍ
؛ وَلِأَنَّهَا إحْدَى الصَّلَوَاتِ، فَكَانَ لَهَا وَقْتٌ مُتَّسِعٌ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ؛ وَلِأَنَّهَا إحْدَى صَلَاتَيْ جَمْعٍ، فَكَانَ وَقْتُهَا مُتَّصِلًا بِوَقْتِ الَّتِي تُجْمَعُ إلَيْهَا كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ؛ وَلِأَنَّ مَا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَقْتٌ لِاسْتِدَامَتِهَا، فَكَانَ وَقْتًا لِابْتِدَائِهَا كَأَوَّلِ وَقْتِهَا. وَأَحَادِيثُهُمْ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالِاخْتِيَارِ، وَكَرَاهَةِ التَّأْخِيرِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْخِرَقِيِّ " وَلَا يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا ".
فَإِنَّ الْأَحَادِيثَ فِيهَا تَأْكِيدٌ لِفِعْلِهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَأَقَلُّ أَحْوَالِهَا تَأْكِيدُ الِاسْتِحْبَابِ. وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ مُتَعَارِضَةٌ وَجَبَ حَمْلُ أَحَادِيثِهِمْ عَلَى أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ؛ لِأَنَّهَا فِي أَوَّلِ فَرْضِ الصَّلَاةِ بِمَكَّةَ، وَأَحَادِيثُنَا بِالْمَدِينَةِ مُتَأَخِّرَةٌ، فَتَكُنْ نَاسِخَةً لِمَا قَبْلَهَا مِمَّا يُخَالِفُهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَة وَقْتُ الْعِشَاءِ]
(526)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِذَا غَابَ الشَّفَقُ، وَهُوَ الْحُمْرَةُ فِي السَّفَرِ، وَفِي الْحَضَرِ الْبَيَاضُ؛ لِأَنَّ فِي الْحَضَرِ قَدْ تَنْزِلُ الْحُمْرَةُ فَتُوَارِيهَا الْجُدْرَانُ، فَيُظَنُّ أَنَّهَا قَدْ غَابَتْ، فَإِذَا غَابَ الْبَيَاضُ فَقَدْ تُيُقِّنَ، وَوَجَبَتْ عِشَاءُ الْآخِرَةِ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ) لَا خِلَافَ فِي دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ بِغَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الشَّفَقِ مَا هُوَ؟ فَمَذْهَبُ إمَامِنَا، رحمه الله، أَنَّ الشَّفَقَ الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ وَقْتُ الْمَغْرِبِ، وَيَدْخُلُ بِهِ وَقْتُ الْعِشَاءِ، هُوَ الْحُمْرَةُ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَصَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَعَنْ أَنَسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ: الشَّفَقُ الْبَيَاضُ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِوَقْتِ هَذِهِ الصَّلَاةِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهَا لِسُقُوطِ الْقَمَرِ لِثَالِثَةٍ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:«رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ حِينَ يَسْوَدُّ الْأُفُقُ» .
وَلَنَا، مَا رَوَتْ عَائِشَةُ، رضي الله عنها قَالَتْ: «أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعِشَاءِ حَتَّى نَادَاهُ عُمَرُ بِالصَّلَاةِ: نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ غَيْرُكُمْ