الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ، وَتَرَجُّلِهِ، وَطُهُورِهِ، وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَيَغْسِلُهُ بِالْمَاءِ؛ لِيُزِيلَ مَا عَلَيْهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ، رضي الله عنها:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِينِي السِّوَاكَ لِأَغْسِلَهُ، فَأَبْدَأُ بِهِ فَأَسْتَاكُ، ثُمَّ أَغْسِلُهُ، ثُمَّ أَدْفَعُهُ إلَيْهِ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَرُوِيَ عَنْهَا، قَالَتْ:«كُنَّا نُعِدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ آنِيَةٍ مُخَمَّرَةً مِنْ اللَّيْلِ: إنَاءً لِطَهُورِهِ، وَإِنَاءً لِسِوَاكِهِ، وَإِنَاءً لِشَرَابِهِ.» أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ.
(118)
فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ السِّوَاكُ عُودًا لَيِّنًا يُنَقِّي الْفَمَ، وَلَا يَجْرَحُهُ، وَلَا يَضُرُّهُ، وَلَا يَتَفَتَّتُ فِيهِ، كَالْأَرَاكِ وَالْعُرْجُونِ، وَلَا يُسْتَاكُ بِعُودِ الرُّمَّانِ وَلَا الْآسِ وَلَا الْأَعْوَادِ الذَّكِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَخَلَّلُوا بِعُودِ الرَّيْحَانِ، وَلَا الرُّمَّانِ، فَإِنَّهُمَا يُحَرِّكَانِ عِرْقَ الْجُذَامِ» . رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَزْدِيُّ الْحَافِظُ بِإِسْنَادِهِ، وَقِيلَ: السِّوَاكُ بِعُودِ الرَّيْحَانِ يَضُرُّ بِلَحْمِ الْفَمِ.
وَإِنْ اسْتَاكَ بِأُصْبُعِهِ أَوْ خِرْقَةٍ، فَقَدْ قِيلَ: لَا يُصِيبُ السُّنَّةَ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِهِ، وَلَا يَحْصُلُ الْإِنْقَاءُ بِهِ حُصُولَهُ بِالْعُودِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصِيبُ بِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْإِنْقَاءِ، وَلَا يُتْرَكُ الْقَلِيلُ مِنْ السُّنَّةِ لِلْعَجْزِ عَنْ كَثِيرِهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أَخْبَرَنَا رِزْقُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بَشْرَانَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْبَخْتَرِيِّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِي، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّكَ رَغَّبْتَنَا فِي السِّوَاكِ، فَهَلْ دُونَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: أُصْبُعَيْك، سِوَاكٌ عِنْدَ وُضُوئِك، أَمِرَّهُمَا عَلَى أَسْنَانِك، إنَّهُ لَا عَمَلَ لِمَنْ لَا نِيَّةَ لَهُ، وَلَا أَجْرَ لِمَنْ لَا حَسَنَةَ لَهُ.»
[مَسْأَلَة السِّوَاكُ بَعْدَ الزَّوَالِ لِلصَّائِمِ]
(119)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا، فَيُمْسِكَ مِنْ وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ إلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لِلصَّائِمِ السِّوَاكُ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَهَلْ يُكْرَهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا يُكْرَهُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: يَسْتَاكُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الظُّهْرِ، وَلَا يَسْتَاكُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَلِأَنَّ السِّوَاكَ إنَّمَا اُسْتُحِبَّ لِإِزَالَةِ رَائِحَةِ الْفَمِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَإِزَالَةُ الْمُسْتَطَابِ مَكْرُوهٌ، كَدَمِ الشُّهَدَاءِ وَشَعَثِ الْإِحْرَامِ.
وَالثَّانِيَةُ لَا يُكْرَهُ، وَرَخَّصَ فِيهِ غَدْوَةً وَعَشِيًّا النَّخَعِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ وَعُرْوَةُ وَمَالِكٌ