الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَدْرَكَهُ الْأَذَانُ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ خَرَجَ، لَمْ يَخْرُجْ لِحَاجَةٍ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ الرَّجْعَةَ، فَهُوَ مُنَافِقٌ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
فَأَمَّا الْخُرُوجُ لِعُذْرٍ فَمُبَاحٌ؛ بِدَلِيلِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ خَرَجَ مِنْ أَجْلِ التَّثْوِيبِ فِي غَيْرِ حِينِهِ. وَكَذَلِكَ مَنْ نَوَى الرَّجْعَةَ؛ لِحَدِيثِ عُثْمَانَ رضي الله عنه.
[مَسْأَلَة الْأَذَانَ قَبْلَ الْوَقْتِ فِي غَيْرِ الْفَجْرِ]
(562)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَنْ أَذَّنَ لِغَيْرِ الْفَجْرِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ، أَعَادَ إذَا دَخَلَ الْوَقْتُ) .
(563)
فَصْلٌ: الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي فَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا فِي أَنَّ الْأَذَانَ قَبْلَ الْوَقْتِ فِي غَيْرِ الْفَجْرِ لَا يُجْزِئُ. وَهَذَا لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ يُؤَذَّنَ لِلصَّلَوَاتِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا، إلَّا الْفَجْرَ. وَلِأَنَّ الْأَذَانَ شُرِعَ لِلْإِعْلَامِ بِالْوَقْتِ، فَلَا يُشْرَعُ قَبْلَ الْوَقْتِ، لِئَلَّا يُذْهِبَ مَقْصُودَهُ.
[فَصْلٌ الْأَذَانُ لِلْفَجْرِ قَبْلَ وَقْتِهَا]
(564)
فَصْلٌ: الْفَصْلُ الثَّانِي، أَنَّهُ يُشْرَعُ الْأَذَانُ لِلْفَجْرِ قَبْلَ وَقْتِهَا. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ. وَمَنَعَهُ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، «أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْجِعَ فَيُنَادِيَ: أَلَا إنَّ الْعَبْدَ نَامَ، أَلَا إنَّ الْعَبْدَ نَامَ» وَعَنْ بِلَالٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: لَا تُؤَذِّنْ حَتَّى يَسْتَبِينَ لَك الْفَجْرُ هَكَذَا وَمَدَّ يَدَيْهِ عَرْضًا» . رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد. وَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ: إذَا كَانَ لَهُ مُؤَذِّنَانِ، يُؤَذِّنُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالْآخَرُ بَعْدَهُ، فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ يُفَوِّتُ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِعْلَامِ بِالْوَقْتِ، فَلَمْ يَجُزْ، كَبَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مُؤَذِّنَانِ يَحْصُلُ إعْلَامُ الْوَقْتِ بِأَحَدِهِمَا، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى دَوَامِ ذَلِكَ مِنْهُ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَقَرَّهُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ، فَثَبَتَ جَوَازُهُ وَرَوَى زِيَادُ بْنُ الْحَارِثِ الصُّدَائِيُّ، قَالَ «لَمَّا كَانَ أَوَّلُ أَذَانِ الصُّبْحِ أَمَرَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَذَّنْتُ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أُقِيمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إلَى نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ، وَيَقُولُ: لَا. حَتَّى إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ نَزَلَ، فَبَرَزَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إلَيَّ وَقَدْ تَلَاحَقَ أَصْحَابُهُ، فَتَوَضَّأَ، فَأَرَادَ بِلَالٌ أَنْ يُقِيمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ أَخَا صُدَاءٍ قَدْ أَذَّنَ، وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ قَالَ: فَأَقَمْتُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ: وَهَذَا قَدْ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْأَذَانِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ لَهُ مُؤَذِّنَانِ، فَإِنَّ زِيَادًا أَذَّنَ وَحْدَهُ. وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ، قَالَ أَبُو دَاوُد: لَمْ يَرْوِهِ إلَّا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ،