الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَاب صِفَةِ الصَّلَاةِ]
ِ. رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ سَمِعْت أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ أَبُو قَتَادَةَ، فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ؛ أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالُوا: فَاعْرِضْ.
[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُومَ إلَى الصَّلَاةِ عِنْد قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ]
(637)
فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُومَ إلَى الصَّلَاةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: عَلَى هَذَا أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَقُومُ إذَا فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ الْإِقَامَةِ. وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ، وَسَالِمٌ، وَأَبُو قِلَابَةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَطَاءٌ، يَقُومُونَ فِي أَوَّلِ بَدْوَةٍ مِنْ الْإِقَامَةِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَقُومُ إذَا قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، فَإِذَا قَالَ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ. كَبَّرَ. وَكَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ
يُكَبِّرُونَ إذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ.
وَبِهِ قَالَ سُوَيْد بْنُ غَفَلَةَ، وَالنَّخَعِيُّ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ بِلَالٍ: لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يُكَبِّرُ قَبْلَ فَرَاغِهِ. وَلَا يُسْتَحَبُّ عِنْدَنَا أَنْ يُكَبِّرَ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْإِقَامَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَيَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَعَلَيْهِ جُلُّ الْأَئِمَّةِ فِي الْأَمْصَارِ.
وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّهُ يَقُومُ عِنْدَ قَوْلِهِ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّ هَذَا خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ، وَمَقْصُودُهُ الْإِعْلَامُ لِيَقُومُوا، فَيُسْتَحَبُّ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْقِيَامِ امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ، وَتَحْصِيلًا لِلْمَقْصُودِ، وَلَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُؤَذِّنُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا كَانَ يُكَبِّرُ بَعْدَ فَرَاغِهِ، دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يُعَدِّلُ الصُّفُوفَ بَعْدَ إقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَيَقُولُ فِي الْإِقَامَةِ مِثْلَ قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ، فَرَوَى أَنَسٌ، قَالَ:«أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، وَتَرَاصُّوا، فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَعَنْهُ قَالَ، «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا، عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ: اسْتَوُوا وَاعْتَدِلُوا» . وَفِيمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ بِلَالًا أَخَذَ فِي الْإِقَامَةِ، فَلَمَّا أَنْ قَالَ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا» . وَقَالَ فِي سَائِرِ الْإِقَامَةِ كَنَحْوِ حَدِيثِ عُمَرَ فِي الْأَذَانِ، فَأَمَّا حَدِيثُهُمْ، فَإِنَّ بِلَالًا كَانَ يُقِيمُ فِي مَوْضِعِ أَذَانِهِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ بَيْنَ لَفْظِ الْإِقَامَةِ وَالْفَرَاغِ مِنْهَا مَا يَفُوتُ بِلَالًا " آمِينَ "، مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّمَا يَقُومُ الْمَأْمُومُونَ إذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَقَامِهِ.
قَالَ أَحْمَدُ. فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: أَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَقَمْنَا الصُّفُوفَ» . إسْنَادٌ جَيِّدٌ؛ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد، سَمِعْت أَحْمَدَ يَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ تُقَامَ الصُّفُوفُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ، فَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقِفَ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:«كَانَتْ الصَّلَاةُ تُقَامُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَأْخُذُ النَّاسُ مَصَافَّهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَقَامَهُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
فَإِنْ أُقِيمَتْ، وَالْإِمَامُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا قُرْبَهُ، لَمْ يَقُومُوا؛ لِمَا رَوَى أَبُو قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِلْبُخَارِيِّ: " قَدْ خَرَجْتُ "، وَخَرَجَ عَلِيٌّ رضي الله عنه وَالنَّاسُ يَنْتَظِرُونَهُ قِيَامًا لِلصَّلَاةِ، فَقَالَ:" مَا لِي أَرَاكُمْ سَامِدِينَ؟ ".