الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مَسْأَلَة وَضْعُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ]
(661)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (ثُمَّ يَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى كُوعِهِ الْيُسْرَى) أَمَّا وَضْعُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ، فَمِنْ سُنَّتِهَا فِي قَوْلِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَالنَّخَعِيِّ، وَأَبِي مِجْلَزٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ.
وَظَاهِرُ مَذْهَبِهِ الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ إرْسَالُ الْيَدَيْنِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْحَسَنِ. وَلَنَا: مَا رَوَى قَبِيصَةُ بْنُ هُلْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَؤُمُّنَا فَيَأْخُذُ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ» ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ. وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ. قَالَ أَبُو حَازِمٍ: لَا أَعْلَمُهُ إلَّا يَنْمِي ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِهِ وَهُوَ وَاضِعٌ شِمَالَهُ عَلَى يَمِينِهِ فَأَخَذَ يَمِينَهُ فَوَضَعَهَا عَلَى شِمَالِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَرَوَاهُمَا الْأَثْرَمُ. وَفِي (الْمُسْنَدِ) ، عَنْ غُطَيْفٍ، قَالَ: مَا نَسِيتُ مِنْ الْأَشْيَاءِ فَلَمْ أَنْسَ أَنِّي «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاضِعًا يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ فِي الصَّلَاةِ» .
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَضَعَهَا عَلَى كُوعِهِ، وَمَا يُقَارِبُهُ؛ لِمَا رَوَى وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ، أَنَّهُ وَصَفَ صَلَاةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ فِي وَصْفِهِ: ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ.
[مَسْأَلَة وَضْعُ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ تَحْتَ السُّرَّةِ فِي الصَّلَاة]
(662)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَجْعَلُهُمَا تَحْتَ سُرَّتِهِ) اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي مَوْضِعِ وَضْعِهِمَا، فَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يَضَعُهُمَا تَحْتَ سُرَّتِهِ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي مِجْلَزٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: مِنْ السُّنَّةِ وَضْعُ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ تَحْتَ السُّرَّةِ. رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد. وَهَذَا يَنْصَرِفُ إلَى سُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ.
وَعَنْ أَحْمَدَ؛ أَنَّهُ يَضَعُهُمَا فَوْقَ السُّرَّةِ. وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِمَا رَوَى وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ قَالَ:«رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى صَدْرِهِ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى» . وَعَنْهُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مَرْوِيٌّ،، وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ وَاسِعٌ
[مَسْأَلَة الِاسْتِفْتَاح مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ]
(663)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَقُولُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إلَهَ غَيْرُكَ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الِاسْتِفْتَاحَ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَاهُ، بَلْ يُكَبِّرُ وَيَقْرَأُ؛ لِمَا رَوَى أَنَسٌ، قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَنَا، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِمَا سَنَذْكُرُهُ، وَعَمِلَ بِهِ الصَّحَابَةُ، رضي الله عنهم، وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَفْتِحُ بِهِ فِي صَلَاتِهِ، يَجْهَرُ بِهِ لِيَسْمَعَهُ النَّاسُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَرَادَ بِهِ الْقِرَاءَةَ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ:«إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ» . وَفَسَّرَ ذَلِكَ بِالْفَاتِحَةِ. وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ عَائِشَةَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ، وَالْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» .
وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْ الَّذِينَ رَوَى عَنْهُمْ أَنَسٌ الِاسْتِفْتَاحُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ أَحْمَدَ ذَهَبَ إلَى الِاسْتِفْتَاحِ بِهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيِّ، وَقَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا اسْتَفْتَحَ بِبَعْضِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الِاسْتِفْتَاحِ، كَانَ حَسَنًا. أَوْ قَالَ " جَائِزًا "، وَكَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ التَّابِعِينَ، وَغَيْرِهِمْ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، إلَى الِاسْتِفْتَاحِ بِمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ كَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ: وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ، وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ، أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، أَنَا عَبْدُك، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ، لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا، لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْك» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ.
وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ أَسْكَتَ إسْكَاتَةً. حَسِبْته قَالَ: هُنَيْهَةً. بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَرَأَيْتَ إسْكَاتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، مَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَنَا، مَا رَوَتْ عَائِشَةُ، قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ، قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ، وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إلَهَ غَيْرُكَ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلُهُ. رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَرَوَاهُ أَنَسٌ، وَإِسْنَادُ حَدِيثِهِ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَعَمِلَ بِهِ السَّلَفُ وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَسْتَفْتِحُ بِهِ بَيْنَ يَدَيْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَوَى الْأَسْوَدُ، أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ عُمَرَ، فَسَمِعَهُ كَبَّرَ، فَقَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إلَهَ غَيْرُكَ.
فَلِذَلِكَ اخْتَارَهُ أَحْمَدُ، وَجَوَّزَ الِاسْتِفْتَاحَ بِغَيْرِهِ، لِكَوْنِهِ