الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، فَخَرَجَ إلَيْنَا حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ بَعْدَهُ، فَقَالَ: إنَّكُمْ لَتَنْتَظِرُونَ صَلَاةً مَا يَنْتَظِرُهَا أَهْلُ دِينٍ غَيْرُكُمْ، وَلَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَصَلَّيْت بِهِمْ هَذِهِ السَّاعَةَ. وَقَالَ: إنَّ أَثْقَلَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْغَدَاةِ وَالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْأَحْزَابِ: شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صَلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ.» وَعَنْ سَمُرَةَ مِثْلُهُ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَهَذَا نَصٌّ لَا يَجُوزُ التَّعْرِيجُ مَعَهُ عَلَى شَيْءٍ يُخَالِفُهُ؛ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ:«مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَقَالَ:«إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ عُرِضَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَضَيَّعُوهَا، فَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَهَا حَتَّى يَطْلُعَ الشَّاهِدُ» يَعْنِي النَّجْمَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمَا ذُكِرَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَدْ شَارَكَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فِي أَكْثَرِهِ، وَرِوَايَةُ عَائِشَةَ " وَصَلَاةُ الْعَصْرِ " فَالْوَاوُ زَائِدَةٌ كَالْوَاوِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام: 75] وَفِي قَوْلِهِ {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40] وَقَوْلِهِ: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] فَالْقُنُوتُ قِيلَ: هُوَ الطَّاعَةُ. أَيْ قُومُوا لِلَّهِ مُطِيعِينَ.
وَقِيلَ: الْقُنُوتُ السُّكُوتُ. قَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَنُهِينَا عَنْ الْكَلَامِ. ثُمَّ مَا رَوَيْنَا نَصٌّ صَرِيحٌ. فَكَيْفَ يُتْرَكُ بِمِثْلِ هَذَا الْوَهْمِ، أَوْ يُعَارَضُ بِهِ؟
[مَسْأَلَة وَقْتُ الْمَغْرِبِ]
(525)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَإِذَا غَابَتْ الشَّمْسُ وَجَبَتْ الْمَغْرِبُ، وَلَا يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ أَمَّا دُخُولُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ فَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ. لَا نَعْلَمُ بَيْنَهُمْ خِلَافًا فِيهِ، وَالْأَحَادِيثُ دَالَّةٌ عَلَيْهِ. وَآخِرُهُ: مَغِيبُ الشَّفَقِ.
وَبِهَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ لَيْسَ لَهَا إلَّا وَقْتٌ وَاحِدٌ، عِنْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام صَلَّاهَا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْيَوْمَيْنِ لِوَقْتٍ وَاحِدٍ، فِي بَيَانِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ إلَى أَنْ يَشْتَبِكَ النَّجْمُ» ؛ وَلِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ مُجْمِعُونَ عَلَى فِعْلِهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ.
وَعَنْ طَاوُسٍ: لَا تَفُوتُ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ حَتَّى الْفَجْرِ. وَنَحْوُهُ عَنْ عَطَاءٍ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ.