الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَهْرٍ، فَإِنَّهَا تَجْلِسُ عَدَدَ أَيَّامِهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ دُونَ غَيْرِهِ، ثُمَّ لَا يَخْلُو عَدَدُ أَيَّامِهَا؛ إمَّا أَنْ يَكُونَ زَائِدًا عَلَى نِصْفِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَوْ لَا يَزِيدُ، فَإِنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى نِصْفِهِ، مِثْلُ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ حَيْضَهَا سِتَّةُ أَيَّامٍ مِنْ الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، أَضْعَفْنَا الزَّائِدَ، فَجَعَلْنَاهُ حَيْضًا بِيَقِينٍ، وَتَجْلِسُ بَقِيَّةَ أَيَّامِهَا بِالتَّحَرِّي فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ.
وَفِي الْآخَرِ، مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ، فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الزَّائِدُ يَوْمٌ وَهُوَ السَّادِسُ، فَنُضَعِّفُهُ وَيَكُونُ الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ حَيْضًا بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّنَا مَتَى عَدَدْنَا لَهَا سِتَّةَ أَيَّامٍ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ مِنْ الْعَشْرِ، دَخَلَ فِيهِ الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ، يَبْقَى لَهَا أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ، فَإِنْ أَجْلَسْنَاهَا مِنْ الْأَوَّلِ، كَانَ حَيْضُهَا مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ إلَى آخِرِ السَّادِسِ، مِنْهَا يَوْمَانِ حَيْضٌ بِيَقِينٍ، وَالْأَرْبَعَةُ حَيْضٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ طُهْرٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَإِنْ أَجْلَسْنَاهَا بِالتَّحَرِّي، فَأَدَّاهَا اجْتِهَادُهَا إلَى أَنَّهَا مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ، فَهِيَ كَالَّتِي ذَكَرْنَا. وَإِنْ جَلَسَتْ الْأَرْبَعَةَ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ، كَانَتْ حَيْضًا مَشْكُوكًا فِيهِ، وَالْأَرْبَعَةُ الْأُولَى طُهْرٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ.
وَإِنْ قَالَتْ: حَيْضِي سَبْعَةُ أَيَّامٍ مِنْ الْعَشْرِ الْأُوَلِ. فَقَدْ زَادَتْ يَوْمَيْنِ عَلَى نِصْفِ الْوَقْتِ، فَنُضَعِّفُهُمَا، فَيَصِيرُ لَهَا أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ حَيْضًا بِيَقِينٍ، وَهِيَ مِنْ أَوَّلِ الرَّابِعِ إلَى آخِرِ السَّابِعِ، وَيَبْقَى لَهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ تَجْلِسُهَا مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ، أَوْ بِالتَّحَرِّي، فَيَكُونُ ذَلِكَ حَيْضًا مَشْكُوكًا فِيهِ، وَيَبْقَى لَهَا ثَلَاثَةٌ، طُهْرًا مَشْكُوكًا فِيهِ، وَسَائِرُ الشَّهْرِ طُهْرٌ، وَحُكْمُ الْحَيْضِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ حُكْمُ الْحَيْضِ الْمُتَيَقَّنِ، فِي تَرْكِ الْعِبَادَاتِ.
وَإِنْ كَانَ حَيْضُهَا نِصْفَ الْوَقْتِ فَمَا دُونَ، فَلَيْسَ لَهَا حَيْضٌ بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّهَا مَتَى كَانَتْ تَحِيضُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ، احْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ الْخَمْسَةَ الْأُولَى، وَأَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةَ، وَأَنْ تَكُونَ بَعْضُهَا مِنْ الْأُولَى وَبَاقِيهَا مِنْ الثَّانِيَةِ، فَتَجْلِسُ خَمْسَةً بِالتَّحَرِّي، أَوْ مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ، عَلَى اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ.
[فَصْلٌ لَا يُعْتَبَرُ التَّكْرَارُ فِي النَّاسِيَةِ لِأَيَّامِ الْحَيْضِ]
(466)
فَصْلٌ: وَلَا يُعْتَبَرُ التَّكْرَارُ فِي النَّاسِيَةِ؛ لِأَنَّهَا عَرَفَتْ اسْتِحَاضَتَهَا فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ، فَلَا مَعْنَى لِلتَّكْرَارِ.
(467)
فَصْلٌ: وَإِذَا ذَكَرَتْ النَّاسِيَةُ عَادَتَهَا بَعْدَ جُلُوسِهَا فِي غَيْرِهِ، رَجَعَتْ إلَى عَادَتِهَا؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا لِعَارِضِ النِّسْيَانِ، فَإِذَا زَالَ الْعَارِضُ عَادَتْ إلَى الْأَصْلِ. وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ تَرَكَتْ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِ عَادَتِهَا، لَزِمَهَا إعَادَتُهَا، وَيَلْزَمُهَا قَضَاءُ مَا صَامَتْهُ مِنْ الْفَرْضِ فِي عَادَتِهَا، فَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا ثَلَاثَةً مِنْ آخِرِ الْعَشْرِ الْأُوَلِ، فَجَلَسَتْ السَّبْعَةَ الَّتِي قَبْلَهَا مُدَّةً، ثُمَّ ذَكَرَتْ، لَزِمَهَا قَضَاءُ مَا تَرَكَتْ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ الْمَفْرُوضِ فِي السَّبْعَةِ، وَقَضَاءُ مَا صَامَتْ مِنْ الْفَرْضِ فِي الثَّلَاثَة؛ لِأَنَّهَا صَامَتْهُ فِي زَمَنِ حَيْضِهَا.
[مَسْأَلَةٌ الْمُبْتَدَأُ بِهَا الدَّمُ تَحْتَاطُ]
(468)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَالْمُبْتَدَأُ بِهَا الدَّمُ تَحْتَاطُ، فَتَجْلِسُ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَتَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَتُصَلِّي. فَإِنْ انْقَطَعَ دَمُهَا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، اغْتَسَلَتْ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ، وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً. فَإِنْ كَانَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، عَمِلَتْ عَلَيْهِ وَأَعَادَتْ الصَّوْمَ، إنْ كَانَتْ صَامَتْ فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ مِرَارٍ لِفَرْضٍ)
هَذَا النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ الْقِسْمِ الرَّابِعِ؛ وَهِيَ مَنْ لَا عَادَةَ لَهَا وَلَا تَمْيِيزَ، وَهِيَ الَّتِي بَدَأَ بِهَا الْحَيْضُ وَلَمْ تَكُنْ حَاضَتْ قَبْلَهُ؛ وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ فِيهَا أَنَّهَا تَجْلِسُ إذَا رَأَتْ الدَّمَ، وَهِيَ مِمَّنْ يُمْكِنُ أَنْ تَحِيضَ وَهِيَ الَّتِي لَهَا تِسْعُ سِنِينَ فَصَاعِدًا، فَتَتْرُكُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ؛ فَإِنْ زَادَ الدَّمُ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، اغْتَسَلَتْ عَقِيبَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَتَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ، وَتُصَلِّي، وَتَصُومُ.
فَإِنْ انْقَطَعَ الدَّمُ لِأَكْثَرِ الْحَيْضِ فَمَا دُونَ، اغْتَسَلَتْ غُسْلًا ثَانِيًا عِنْدَ انْقِطَاعِهِ، وَصَنَعَتْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، فَإِنْ كَانَتْ أَيَّامُ الدَّمِ فِي الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ مُتَسَاوِيَةً، صَارَ ذَلِكَ عَادَةً؛ وَعَلِمْنَا أَنَّهَا كَانَتْ حَيْضًا فَيَجِبُ عَلَيْهَا قَضَاءُ مَا صَامَتْ مِنْ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهَا صَامَتْهُ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ. قَالَ الْقَاضِي: الْمَذْهَبُ عِنْدِي فِي هَذَا رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ. قَالَ: وَأَصْحَابُنَا يَجْعَلُونَ فِي قَدْرِ مَا تَجْلِسُهُ الْمُبْتَدَأَةُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ أَرْبَعَ رِوَايَاتٍ: إحْدَاهُنَّ، أَنَّهَا تَجْلِسُ أَقَلَّ الْحَيْضِ، وَالثَّانِيَةُ غَالِبَهُ، وَالثَّالِثَةُ أَكْثَرَهُ، وَالرَّابِعَةُ عَادَةَ نِسَائِهَا. قَالَ: وَلَيْسَ هَاهُنَا مَوْضِعُ الرِّوَايَاتِ، وَإِنَّمَا مَوْضِعُ ذَلِكَ إذَا اتَّصَلَ الدَّمُ، وَحَصَلَتْ مُسْتَحَاضَةً فِي الشَّهْرِ الرَّابِعِ.
وَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ الْأَصْحَابِ؛ فَرَوَى صَالِحٌ، قَالَ: قَالَ أَبِي: أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ الدَّمُ بِالْمَرْأَةِ تَقْعُدُ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَهُوَ أَكْثَرُ مَا تَجْلِسُهُ النِّسَاءُ عَلَى حَدِيثِ حَمْنَةَ. فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهَا تَجْلِسُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ حَيْضِهَا. وَقَوْلُهُ: أَكْثَرُ مَا تَجْلِسُهُ النِّسَاءُ. يَعْنِي أَنَّ الْغَالِبَ مِنْ النِّسَاءِ هَكَذَا يَحِضْنَ. وَرَوَى حَرْبٌ عَنْهُ قَالَ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قُلْت: امْرَأَةٌ أَوَّلَ مَا حَاضَتْ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ، كَمْ يَوْمًا تَجْلِسُ؟ قَالَ: إنْ كَانَ مِثْلُهَا مِنْ النِّسَاءِ مَنْ يَحِضْنَ، فَإِنْ شَاءَتْ جَلَسَتْ سِتًّا أَوْ سَبْعًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهَا حَيْضٌ وَوَقْتٌ، وَإِنْ أَرَادَتْ الِاحْتِيَاطَ، جَلَسَتْ يَوْمًا وَاحِدًا، أَوَّلَ مَرَّةٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ وَقْتُهَا. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: قَالُوا هَذَا، وَقَالُوا هَذَا، فَأَيُّهَا أَخَذَتْ فَهُوَ جَائِزٌ.
وَرَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَطَاءٍ، فِي الْبِكْرِ تُسْتَحَاضُ، وَلَا تَعْلَمُ لَهَا قُرْءًا، قَالَ: لِتَنْظُرْ قُرْءَ أُمِّهَا أَوْ أُخْتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا، فَلْتَتْرُكْ الصَّلَاةَ عِدَّةَ تِلْكَ الْأَيَّامِ، وَتَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي. قَالَ حَنْبَلٌ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَا حَسَنٌ. وَاسْتَحْسَنَهُ جِدًّا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَخَذَ بِهِ، وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهَا تَجْلِسُ أَكْثَرَ الْحَيْضِ. إلَّا أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ مِثْلُ مَا ذَكَرَ الْخِرَقِيِّ؛ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: تَجْلِسُ جَمِيعَ الْأَيَّامِ الَّتِي تَرَى الدَّمَ فِيهَا إلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ، فَإِنْ انْقَطَعَ لِأَكْثَرِهِ فَمَا دُونَ، فَالْجَمِيعُ حَيْضٌ؛ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِأَنَّ ابْتِدَاءَ الدَّمِ حَيْضٌ مَعَ جَوَازِ أَنْ يَكُونَ اسْتِحَاضَةً، فَكَذَلِكَ أَثْنَاؤُهُ؛ وَلِأَنَّنَا حَكَمْنَا بِكَوْنِهِ حَيْضًا، فَلَا نَنْقُضُ مَا حَكَمْنَا بِهِ بِالتَّجْوِيزِ، كَمَا فِي الْمُعْتَادَةِ؛ وَلِأَنَّ دَمَ الْحَيْضِ دَمُ جِبِلَّةٍ، وَالِاسْتِحَاضَةُ دَمٌ عَارِضٌ لِمَرَضٍ عَرَضَ؛ وَعِرْقٍ انْقَطَعَ، وَالْأَصْلُ فِيهَا الصِّحَّةُ وَالسَّلَامَةُ، وَأَنَّ دَمَهَا دَمُ الْجِبِلَّةِ دُونَ الْعِلَّةِ.
وَلَنَا، أَنَّ فِي إجْلَاسِهَا أَكْثَرَ مِنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ حُكْمًا بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهَا مِنْ عِبَادَةٍ وَاجِبَةٍ عَلَيْهَا؛ فَلَمْ يُحْكَمْ