الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّكْعَةِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. فَأَمَّا إنْ سَبَقَهُ بِرَكْعَتَيْنِ فَرَكَعَ قَبْلَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ سَجَدَ عَمْدًا، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتَدِ بِإِمَامِهِ فِي أَكْثَرِ الرَّكْعَةِ. وَإِنْ فَعَلَهُ سَهْوًا، لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ. وَلَمْ يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ؛ لِعَدَمِ اقْتِدَائِهِ بِإِمَامِهِ فِيهَا.
[فَصْلٌ سَبَقَ الْإِمَامُ الْمَأْمُومَ بِرّكُنَّ كَامِلٍ]
(737)
فَصْلٌ: فَإِنْ سَبَقَ الْإِمَامُ الْمَأْمُومَ بِرُكْنٍ كَامِلٍ؛ مِثْلُ أَنْ رَكَعَ وَرَفَعَ قَبْلَ رُكُوعِ الْمَأْمُومِ، لِعُذْرٍ مِنْ نُعَاسٍ أَوْ زِحَامٍ أَوْ عَجَلَةِ الْإِمَامِ، فَإِنَّهُ يَفْعَلُ مَا سُبِقَ بِهِ، وَيُدْرِكُ إمَامَهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الْإِمَامُ إذَا سَجَدَ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ أَسْجُدَ؟ قَالَ: إنْ كَانَتْ سَجْدَةً وَاحِدَةً فَأَتَّبِعُهُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ. وَهَذَا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَإِنْ سَبَقَهُ بِرَكْعَةٍ كَامِلَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنَّهُ يَتَّبِعُ إمَامَهُ، وَيَقْضِي مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِهِ.
قَالَ أَحْمَدُ، فِي رَجُلٍ نَعَسَ خَلْفَ الْإِمَامِ حَتَّى صَلَّى رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: كَأَنَّهُ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ سَبَقَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ رُكْنٍ، وَأَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ، ثُمَّ زَالَ عُذْرُهُ، فَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَتَّبِعُ إمَامَهُ، وَلَا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ؛ فَإِنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ رَكَعَ إمَامُهُ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ لَا يَشْعُرُ، وَلَمْ يَرْكَعْ حَتَّى سَجَدَ الْإِمَامُ، فَقَالَ: يَسْجُدُ مَعَهُ، وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ مَكَانَهَا. وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الْإِمَامُ إذَا سَجَدَ وَرَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ أَسْجُدَ؟ قَالَ: إنْ كَانَتْ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ فَاتَّبِعْهُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ، وَإِنْ كَانَ سَجْدَتَانِ فَلَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ مَتَى سَبَقَهُ بِرَكْعَتَيْنِ بَطَلَتْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ.
وَإِنْ سَبَقَهُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَهُ وَأَدْرَكَ إمَامَهُ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا، فِيمَنْ زُحِمَ عَنْ السُّجُودِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: يَنْتَظِرُ زَوَالَ الزِّحَامَ ثُمَّ يَسْجُدُ وَيَتَّبِعُ الْإِمَامَ، مَا لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ الرُّكُوعِ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ الْإِمَامِ. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَفْعَلُ مَا فَاتَهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ رُكْنٍ وَاحِدٍ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ «؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ بِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاةِ عُسْفَانَ، حِينَ أَقَامَهُمْ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ، فَسَجَدَ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَالصَّفُّ الثَّانِي قَائِمٌ، حَتَّى قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى الثَّانِيَةِ، فَسَجَدَ الصَّفُّ الثَّانِي، ثُمَّ تَبِعَهُ» . وَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لِلْعُذْرِ. فَهَذَا مِثْلُهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ أَدْرَكَهُمْ الْمَسْبُوقُ فِي أَوَّلِ سُجُودِهِمْ سَجَدَ مَعَهُمْ، وَاعْتَدَّ بِهَا. وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوعِ، وَأَدْرَكَهُمْ فِي السُّجُودِ حَتَّى يَسْتَوُوا قِيَامًا، فَلْيَتَّبِعْهُمْ فِيمَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِمْ، ثُمَّ يَقْضِي رَكْعَةً، ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَنَحْوِهِ، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ.
وَالْأَوْلَى فِي هَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، مَا كَانَ عَلَى قِيَاسِ فِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ؛ فَإِنَّ مَا لَا نَصَّ فِيهِ يُرَدُّ إلَى أَقْرَبِ الْأَشْيَاءِ بِهِ مِنْ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ. وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِ عُذْرٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الِائْتِمَامَ بِإِمَامِهِ عَمْدًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَة جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فِي الصَّلَاة]
(738)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا، وَيَقُومُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ، مُعْتَمِدًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ)
وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إذَا قَضَى سَجْدَتَهُ الثَّانِيَةَ نَهَضَ لَلْقِيَامَ مُكَبِّرًا، وَالْقِيَامُ رُكْنٌ، وَالتَّكْبِيرُ وَاجِبٌ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ: هَلْ يَجْلِسُ لِلِاسْتِرَاحَةِ؟ فَرُوِيَ عَنْهُ: لَا يَجْلِسُ.
وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ عَلَى هَذَا. وَذُكِرَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ.
وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ: أَدْرَكْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ ذَلِكَ. أَيْ لَا يَجْلِسُ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: تِلْكَ السُّنَّةُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ يَجْلِسُ. اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ. وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. قَالَ الْخَلَّالُ: رَجَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إلَى هَذَا.
يَعْنِي تَرَكَ قَوْلَهُ بِتَرْكِ الْجُلُوسِ؛ لِمَا رَوَى مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْلِسُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ أَيْضًا أَبُو حُمَيْدٍ فِي صِفَةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، فَيَتَعَيَّنُ الْعَمَلُ بِهِ، وَالْمَصِيرُ إلَيْهِ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْمُصَلِّي ضَعِيفًا جَلَسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ؛ لِحَاجَتِهِ إلَى الْجُلُوسِ، وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا لَمْ يَجْلِسْ؛ لِغِنَاهُ عَنْهُ، وَحُمِلَ جُلُوسُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، عِنْدَ كِبَرِهِ وَضَعْفِهِ، وَهَذَا فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْأَخْبَارِ، وَتَوَسُّطٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ.
فَإِذَا قُلْنَا: يَجْلِسُ؛ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا عَلَى صِفَةِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِقَوْلِ أَبِي حُمَيْدٍ فِي صِفَةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ، وَقَعَدَ، وَاعْتَدَلَ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عُضْوٍ فِي مَوْضِعِهِ، ثُمَّ نَهَضَ» . وَهَذَا صَرِيحٌ فِي كَيْفِيَّةِ جَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ. وَقَالَ الْخَلَّالُ: رَوَى عَنْ أَحْمَدَ مَنْ لَا أُحْصِيهِ كَثْرَةً، أَنَّهُ يَجْلِسُ عَلَى أَلْيَتَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي: يَجْلِسُ عَلَى قَدَمَيْهِ وَأَلْيَتَيْهِ، مُفْضِيًا بِهِمَا إلَى الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَلَسَ مُفْتَرِشًا لَمْ يَأْمَنْ السَّهْوَ، فَيَشُكَّ هَلْ جَلَسَ عَنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ؟ وَبِهَذَا يَأْمَنُ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْآمِدِيُّ: لَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ لَا يُلْصِقُ أَلْيَتَيْهِ بِالْأَرْضِ فِي جَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، بَلْ يَجْلِسُ مُعَلَّقًا عَنْ الْأَرْضِ. وَعَلَى كِلْتَيْ الرِّوَايَتَيْنِ يَنْهَضُ إلَى الْقِيَامِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ مُعْتَمِدًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى يَدَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي: لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُهُ، أَنَّهُ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى الْأَرْضِ، سَوَاءٌ قُلْنَا: يَجْلِسُ لِلِاسْتِرَاحَةِ أَوْ لَا يَجْلِسُ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: السُّنَّةُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى يَدَيْهِ فِي النُّهُوضِ؛ لِأَنَّ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ قَالَ فِي صِفَةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «، إنَّهُ لَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ اسْتَوَى قَاعِدًا، ثُمَّ اعْتَمَدَ عَلَى الْأَرْضِ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ.
وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَعْوَنُ لِلْمُصَلِّي. وَلَنَا مَا رَوَى وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ: «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ