الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الحادي عشر
في التأويل
وفيه مسائل:
* * *
المسألة الأولى:
التأويل هو: حمل اللفظ على غير مدلوله الظاهر منه مع احتماله له بدليل يعضده، وأمثلته ستأتي في المسألة الثانية.
* * *
المسألة الثانية:
أنواع التأويل هي:
النوع الأول: التأويل القريب، وهو: ما إذا كان المعنى المأؤَل إليه اللفظ قريباً جداً، فهذا يكفيه أدنى دليل.
مثل: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ)، فإن القيام إلى الصلاة قد صرف عن معناه الظاهر إلى معنى قريب محتمل، وهو: العزم على أداء الصلاة، والمراد: إذا عزمتم على أداء الصلاة، والذي رجح هذا الاحتمال دليل وهو: أن الشارع لا يطلب الوضوء من المكلفين بعد الشروع في الصلاة.
النوع الثاني: التأويل البعيد، وهو: ما إذا كان المعنى المأوَّل إليه اللفظ بعيداً جداً، فهذا يحتاج إلى دليل في غاية القوة.
مثل قوله تعالى: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)، فقد أؤَل ذلك بعضهم بأن المراد: مسح الرجلين بدلاً من غسلهما، وقد استدل على هذا التأويل بقراءة الجر في قوله:(وَأَرْجُلِكُمْ) وأن ذلك كان عطفاً على قوله: (بِرُءُوسِكُمْ) فقالوا ذلك نظراً إلى تلك القراءة، ولكن ما ثبت من الأحاديث الصحيحة التي أمرت بغسل الرجلين جعل هذا التأويل بعيداً جداً.
النوع الثالث: التأويل المتوسط، وهو: ما كان المعنى المأوَّل إليه متوسطاً، فإن هذا يحتاج إلى دليل متوسط في القوة.
والفقيه المجتهد هو الذي يُعين التأويل البعيد من القريب من المتوسط، ويوضح حدودها وذلك بدقة نظره، وقوة ملاحظته.
* * *
المسألة الثالثة:
شروط التأويل هي:
الشرط الأول: أن يكون المتأول من أهل الاجتهاد والنظر والاستدلال.
الشرط الثاني: أن يكون المعنى الذي أُوِّل إليه اللفظ من المعانى التي يحتملها اللفظ ظاهراً فيما صُرف عنه، محتملًا لما صُرف إليه.
الشرط الثالث: أن يعتمد التأويل على دليل صحيح يدل دلالة واضحة وصريحة على صرف اللفظ من ظاهره إلى غيره، وهو إما
نص، أو قرينة، أو قياس، أو نحو ذلك مما هو أقوى من الظاهر.
* * *
المسألة الرابعة:
حكم التأويل: إنه مقبول إذا تحقق مع شروطه، ولم يزل العلماء في كل عصر من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى زماننا هذا عاملين به من غير أن ينكر عليهم أحد.