الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الثالث
المباح
وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
تعريف المباح:
المباح لغة: الإطلاق والإذن، يقال:" أباح الأكل من بستانه "، أي: أذن بالأكل منه.
المباح اصطلاحاً: ما أذن الله - تعالى - للمكلفين في فعله وتركه مطلقاً من غير مدح ولا ذم في أحد طرفيه لذاته.
* * *
المسألة الثانية:
صيغ المباح هي:
1 -
لفظ: " أحل "، كقوله تعالى:(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ).
2 -
لفظ: " لا جناح "، كقوله تعالى:" لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ".
3 -
لفظ: " لا حرج "، كقوله تعالى:(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ). . . وقوله صلى الله عليه وسلم: " افعل ولا حرج ".
4 -
صيغة الأمر التي صرفت من اقتضائها للوجوب والندب إلى الإباحة بسبب قرينة اقترنت بها، كقوله تعالى:(فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ)، فهذا الأمر للإباحة، والقرينة الصارفة هي: منع الفعل قبل ذلك في قوله تعالى: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ)، حيث إنه كان الانتشار للبيع ممنوعاً ثم أباحه بعد انتهاء الصلاة.
* * *
المسألة الثالثة:
المباح من الشرع أي: حكم شرعي؛ قياساً على بقية الأحكام الشرعية كالواجب والمندوب، فكما أن تلك من الأحكام شرعية فكذلك المباح، ولا فرق بينه وبينها، بجامع: أن كلاً منها متوقف في وجوده على الشرع.
* * *
المسألة الرابعة:
حكم الأفعال والأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع الإباحة، لتصريحه بلام التمليك في قوله تعالى:(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا)، حيث إن الله تعالى قد خصنا بما في الأرض وملكنا إياها، فلا بد أن نتحصل على فائدة الملك، وهي: الانتفاع بها.
ولتصريحه بالمحرم في قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)، وقوله:(قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ)، فهنا جعلت الإباحة أصلاً في هذه الأشياء
إلا ما صرح الله تعالى بتحريمه، ولصريح قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن حكم السمن والجبن:" الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفي عنه "، فهنا قد بيَّن الشارع أنه قد عفى لمن فعل المسكوت عنها ولمن تركها، وهذا هو معنى الإباحة.
* * *
المسألة الخامسة:
المباح غير مأمور به من حيث هو مباح: لوجود الفرق بين معنى الأمر، ومعنى الإباحة، فمعنى الأمر: اقتضاء الفعل من المأمور به، والمطالبة به، والنهي عن تركه، ومعنى الإباحة: الإذن في الفعل والترك، فيعلم كل عاقل - من ذلك - الفرق بين أن يأذن الله في الفعل وبين أن يأمره به، وأنه إذا أذن له فليس بمقتض له، وإذا أمره به فليس هذا إذن، فإذا أثبت الفرق: لزم من ذلك أن المباح غير مأمور به.
* * *
المسألة السادسة:
الإباحة ليست تكليفاً: لأن التكليف هو: طلب ما فيه كلفة ومشقة بصيغة الأمر أو النهي، والإباحة ليس فيها مشقة جازمة كمشقة الوجوب والتحريم، ولا مشقة غير جازمة كمشقة الندب،
وهي مشقة فوات الفضيلة، فالمكلف في المباح، مخير بين الفعل والترك مطلقاً، وهذا لا تكليف فيه، فإن قال قائل: إذا كان المباح لا تكليف فيه فما سبب وضعه ضمن الأحكام التكليفية؟
أقول: إنه وضع ضمن الأحكام التكليفية؛ لأنه يختص بالمكلفين، أي: أن الإباحة والتخيير لا يكون إلا ممن يصح إلزامه بالفعل أو الترك، أما غيره - كالمجنون والصبي - فلا يسمَّى ما يفعلونه أو يتركونه مباحاً.
* * *
المسألة السابعة:
المباح ليس بجنس للواجب ولا هو داخل فيه؛ لوجود الفرق بين الواجب والمباح في الحقيقة. فالمباح مطلق الفعل ومطلق الترك، فلا فرق فيه بين الترك والفعل، أما الواجب فهو ما ذُم تاركه شرعاً مطلقاً كما سبق بيان ذلك في تعريفهما.
* * *
المسألة الثامنة:
المباح يُسمى حسناً، لأن الشارع رفع الحرج عن فعله، وكل ما رُفع الحرج عن فعله فإنه يكون حسناً، فالمباح يكون حسناً.