الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإعتاق مطبقاً بذلك حديث الأعرابي، ولكن جاء الفقيه: يحيى بن يحيى الليثي المالكي فأفتى بأن عليه صوم ستين يوماً كفارة له، وعلل ذلك بأن الكفارة قد وضعت للزجر والردع، فلو أوجبنا عليه العتق لسهل عليه الجماع في نهار رمضان مرة بعد الأخرى؛ نظراً لكثرة ماله، لذلك نوجب عليه الصيام زجراً له، وظن هذا الفقيه أن في ذلك مصلحة، ولكن هذه المصلحة ملغاة؛ لأنها معارضة للنص الشرعي، وهو: حديث الأعرابي.
القسم الثالث: المصالح المرسلة، وهي: المطلقة التي لم يقيدها الشارع باعتبار، ولا بإلغاء، وهذا القسم هو المراد بالمصلحة المرسلة.
* * *
المسألة الرابعة:
المصلحة المعتبرة حجة بالاتفاق
، والمصالح الملغاة ليست بحجة بالاتفاق.
أما المصالح المرسلة فهي حجة بشروط هي كما يلي:
الشرط الأول: أن تكون المصلحة المرسلة ضرورية، وهو ما يكون من الضروريات الخمس التي يجزم بحصول المنفعة منها.
الشرط الثاني: أن تكون المصلحة عامة كلية؛ لتعم الفائدة جميع المسلمين.
الشرط الثالث: أن تلاءم تلك المصلحة مقاصد الشرع في الجملة فلا تكون غريبة.
الشرط الرابع: أن تكون المصلحة قطعية، أو يغلب على الظن وجودها ولم يختلف في ذلك.
ودل على حجيتها: إجماع الصحابة؛ حيث إن من تتبع الفتاوى الصادرة عنهم، ونظر إلى طرق اجتهاداتهم، علم أنهم كانوا يراعون المصالح، وينظرون إلى المعاني التي علموا أن القصد من الشريعة رعايتها، دون نكير من أحد، فكان إجماعاً.
وأيضاً: لو لم نجعل المصلحة المرسلة دليلاً من الأدلة، للزم من ذلك خلو كثير من الحوادث من أحكام، ولضاقت الشريعة عن مصالح الناس، وقصرت عن حاجاتهم، ولم تصلح لمسايرة مختلف المجتمعات والأزمان والأحوال، وهذا خلاف القاعدة الشرعية وهي:" إن الإسلام صالح لكل زمان ومكان "، فلا بد من جعلها دليلاً من الأدلة الشرعية؛ لهذه القاعدة، ولأن النصوص قليلة، والحوادث كثيرة.
وعلى هذا: يستدل بالمصلحة على أن المرأة البكر لا تغرَّب إذا زنت لأن في تغريبها تعريضاً لها للفساد، وُيستدل بها على قتل الجماعة بالواحد؛ لأنه لو سقط القصاص بالاشتراك لأدى ذلك إلى اتساع القتل به.