الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبناء على ذلك: فإنه إذا ادعى رجلان شيئاً وهو في يد أحدهما، وأقام كل واحد منهما بينة، فإنا نقدم بينة ذي اليد على بينة الآخر؛ لأنهما استويا في إقامة البينة، وترجَّحت بينة ذي اليد، لكون الشيء المتنازع عليه معه.
* * *
المسألة الثامنة:
طرق الترجيح بين منقولين
.
الطريق الأول: يرجح الخبر الذي كان راويه قريباً من الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن الراوي القريب أوعى للحديث من البعيد، وأكثر سماعاً له منه، فيكون القريب أبعد عن احتمال الخطأ.
الطريق الثاني: يرجح الخبر الذي كان راويه كبير السن؛ لأن الغالب أن كبير السن يكون أقرب الناس مجلساً إلى النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: " ليليني أولوا الأحلام والنهي، ثم الذين يلونهم ".
ولأن الغالب في الكبار أنهم يحترزون عن الكذب.
الطريق الثالث: يرجح الخبر الذي كان راويه متأخراً عن الإسلام؛ لأن تأخره في الإسلام يدل على تأخره في روايته، فهو يحفظ آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الطريق الرابع: يرجح الخبر الذي كان راويه كثير الصحبة، لأن كثير المصاحبة للنبي صلى الله عليه وسلم أعلم برواية الحديث وأحفظ لها، وأكثر استيعاباً لأقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وأعلم بمقاصده.
الطريق الخامس: يرجح الخبر الذي كان راويه قد سمع الحديث من غير حجاب، لأن رؤية المحدث تعين المسموع منه، بخلاف راوي الحديث مع وجود حجاب، حيث إن الأول يكون آمناً من تطرق الخلل الموجود في الرواية الأخرى.
الطريق السادس: يرجح الخبر الذي كان راويه قد اتفق على عدالته؛ لأن المتفق عليه مقدَّم على المختلف في عدالته في كل شيء.
الطريق السابع: يرجح الخبر الذي كان راويه تتعلق القصة به أو كان سفيراً فيها، لأنه أعرف بتفاصيل الموضوع، وأعلم بالقضية من غيره، فتكون روايته أقرب إلى الصحة.
الطريق الثامن: يرجح الخبر الذي كان راويه فقيهاً؛ لأنه أعلم بدلالات الألفاظ، وأعلم باستنباط الأحكام الشرعية منها، فهو يميز بين ما يجوز وما لا يجوز، وما يدل على الحكم بظاهره وما يدل على الحكم بغير ذلك، ويعلم اللفظة من الخبر الدالة على الحكم فيعتني بها.
بخلاف الراوي غير الفقيه فإنه يروي ما يسمعه دون الاعتناء باللفظة المهمة في الحديث، فيكون احتمال الخطأ في كلام الفقيه أقل.
الطريق التاسع: يرجح الخبر الذي كان راويه حسن الاعتقاد؛ لأن الثقة بكلام الراوي حسن الاعتقاد أكثر من غيره.
الطريق العاشر: الترجيح بكون الراوي ورعاً، لأن ورعه يمنعه من التساهل بنقل الخبر بخلاف غير الورع.
الطريق الحادي عشر: يرجح الخبر الذي كان راويه أعلم باللغة العربية؛ لأنه إذا سمع خبراً وعرف أن ما فيه لا يحمل على ظاهره بحث عنه، وعن سبب وروده، وعن اشتقاقات كلماته حتى
يزول الإشكال، فيكون الوثوق بروايته أكثر من غير العارف باللغة العربية.
الطريق الثاني عشر: يرجح الخبر الذي كان راويه راجح العقل؛ لأن عقله يمنعه من التساهل بالرواية، بخلاف خفيف العقل، أو الذي يعتريه خلل عقلي في بعض الأوقات.
الطريق الثالث عشر: يرجح الخبر الذي كان راويه قد زكي بعدد أكثر؛ لأنه يغلب على الظن صدق روايته أكثر من الراوي الذي زكَّاه عدد أقل.
الطريق الرابع عشر: يرجح الخبر الذي كان راويه مشهوراً بالحفظ والإتقان والضبط؛ لأن شهرته في هذه الأمور تؤدي إلى كثرة الثقة به، وقوة الاعتماد عليه، وقلة احتمال الخطأ والغلط منه، بخلاف الراوي غير المشهور بهذه الأمور.
الطريق الخامس عشر: يرجح الخبر الذي كان راويه مشهور النسب؛ لأن علو النسب والاشتهار به يسبب كثرة احترازه عما يوجب نقص منزلته المشهورة، بخلاف الراوي غير مشهور النسب.
الطريق السادس عشر: يرجح الخبر الذي كان راويه مشهوراً بدقة الإسناد، لأن دقة الإسناد توجب علم الطمأنينة، فيكون قريباً من اليقين، بخلاف الراوي غير المشهور بذلك.
الطريق السابع عشر: يرجح الخبر الذي كان راويه لم يلتبس اسمه بغيره لأنه أبعد من الاضطراب والشك، بخلاف الراوي الذي التبس اسمه بأسماء الضعفاء.
الطريق الثامن عشر: يرجح الخبر الذي كان راويه أكثر
ملازمة للشيخ المحدِّث؛ لأنه يكون أعرف بطرق الأحاديث، وطرق روايتها، وشروطها، بخلاف قليل الملازمة للشيخ المحدِّث.
الطريق التاسع عشر: يرجح الخبر الذي قد كثر رواته؛ لأن قول الجماعة أقوى في الظن وأبعد عن السهو والغلط والكذب؛ لذلك تجد الناس في أمورهم العادية يميلون ويأخذون بالأقوى، ولا شك أن الخبر الذي رواته أكثر أقوى من الخبر الذي رواته أقل.
الطريق العشرون: يرجح خبر المتواتر على الآحاد والمشهور؛ لأن المتواتر يفيد القطع، بخلاف خبر الآحاد والمشهور فإنه لا يفيد إلا الظن، والقطع مقدَّم على الظن.
الطريق الواحد والعشرون: يُرجح المسند على المرسل، لأن المرسل يكون بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم مجهول، وهذا الاحتمال منتف في المسند، فيرجح ما لا يحتمل على ما يحتمل.
ولأن الاعتماد في حجية الحديث على السند وصحته، وهذا يكون بالعلم بحال الرواة، والعلم بذلك متحقق في المسند بخلاف المرسل، ولهذا تقبل شهادة الفرع إذا عرف شاهد الأصل، ولا تقبل إذا شهد مرسلاً.
الطريق الثاني والعشرون: يرجح الخبر قليل الوسائط؛ لأن قليل الوسائط بين الراوي وبين النبي صلى الله عليه وسلم أبعد عن احتمال الخطأ والكذب، وأقوى في الظن اتصاله برسول الله صلى الله عليه وسلم.
الطريق الثالث والعشرون: يرجح الخبر قوي الدلالة على
الحكم: فيرجح الخاص على العام، ويرجح المقيد على المطلق، وُيرجح الدال على الحكم بمفهوم الموافقة على الدال على الحكم بمفهوم المخالفة، ويرجح الخبر الدال على الحكم بمفهوم الشرط على الخبر الدال على الحكم بمفهوم العدد، ويرجح الخبر الدال على الحكم مع ذكر العلة، على الخبر الدال على الحكم بدون ذكر العلة، ونحو ذلك، وقلنا ذلك؛ لقوة دلالته على الحكم، والقوي يرجح على الضعيف.
الطريق الرابع والعشرون: يرجح الخبر المروي باللفظ، لأنه يكون أغلب على الظن بكونه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
ولأنه المروي باللفظ متفق على جواز روايته وعلى كونه حجة، بخلاف الخبر المروي بالمعنى فقد اختلف فيه، والمتفق عليه مقدم على المختلف فيه.
الطريق الخامس والعشرون: يرجح الخبر الذي قد أكد لفظه، لأنه يكون أبعد عن تطرق الخطأ إليه، بخلاف الذي لم يؤكد لفظه.
الطريق السادس والعشرون: يرجح الخبر الذي يكون لفظه مستقلاً على الخبر الذي لم يستقل بإفادة الحكم بل احتاج إلى إضمار؛ لأن المستقل بنفسه قد علمنا المراد منه، أما المحذوف منه ربما يلتبس عليه ما هو المضمر منه.
الطريق السابع والعشرون: يرجح الخبر الذي سلم متنه من الاضطراب على غير السالم؛ لأن ما لا اضطراب فيه أشبه بقول الرسول صلى الله عليه وسلم.
الطريق الثامن والعشرون: يرجح الخبر المروي في ثنايا قصة
مشهورة؛ لأنه أقوى في النفوس، وأقرب إلى السلامة من الغلط مما يرويه المنفرد بدون قصة.
الطريق التاسع والعشرون: يرجح الخبر القولي على الخبر الفعلي، لأن القول أصرح بالحكم من الفعل.
الطريق الثلاثون: يرجح الخبر الفعلي على التقريري، لأن الفعل أقوى من التقرير.
الطريق الواحد والثلاثون: يرجح الخبر الذي متنه قد تضمن نهياً على الخبر الذي تضمن أمراً؛ لأن الغالب في النهي دفع المفسدة الموجودة في المنهي عنه، والغالب في الأمر بالشيء جلب المصلحة الموجودة في المأمور به، واهتمام الشارع بدفع المفاسد أكثر وأشد من اهتمامه بجلب المصالح.
الطريق الثاني والثلاثون: ترجيح الخبر الذي يدرأ الحد على الموجب له؛ لأن الحد ضرر والضرر يزال، ولقوله صلى الله عليه وسلم:" ادرأوا الحدود بالشبهات ".
الطريق الثالث والثلاثون: ترجيح الخبر الناقل عن البراءة الأصلية والآتي بحكم جديد على الخبر المبقي عليها؛ لأن الناقل يفيد التأسيس والمبقي يفيد التأكيد، والتأسيس أولى من التأكيد.
ولأنه يوجد في الخبر الناقل زيادة علم، وما أفاد الزيادة يقدم على غيره.
الطريق الرابع والثلاثون: يرجح الخبر المفيد للوجوب على الخبر المفيد للإباحة أو الكراهة، أو الندب، لأن تارك الواجب مستحق للعقاب بخلاف تارك المباح والمندوب والمكروه، فيكون ذلك أحوط للدِّين.
الطريق الخامس والثلاثون: يُرجح الخبر المحرِّم على الموجب؛ لأن الغالب أن التحريم يكون لدفع مفسدة، والموجب إنما يكون لجلب مصلحة، واهتمام الشارع بدرء المفاسد أكثر من اهتمامه بجلب المصالح، وقد سبق.
الطريق السادس والثلاثون: يرجح الخبر المفيد للتحريم على ما يفيد الإباحة، لقوله صلى الله عليه وسلم:" ما اجتمع الحلال والحرام إلا وغلب الحرام الحلال ".
ولأن العمل بمقتضى الحرام أحوط؛ لأن ملابسة الحرام توقع في الإثم، بخلاف ملابسة المباح فلا توجب ذلك.
الطريق السابع والثلاثون: يرجح الخبر المثبت للطلاق والعتاق على نافيهما، لأن الأصل عدم القيد، ولأن المثبت عنده زيادة علم لا توجد عند النافي.
الطريق الثامن والثلاثون: يُرجح الخبر المفيد لحكم أثقل وأشد على الخبر المفيد لحكم أخف؛ لأن زيادة شدته ومشقته وثقله تدل على تأكد المقصود، وفضله على الأخف الأيسر، فالمحافظة عليه أولى.
الطريق التاسع والثلاثون: يرجح الخبر المحرم، على الخبر المفيد لكراهة؛ احتياطاً؛ لأن فعل الحرام يستوجب العقوبة بخلاف فعل المكروه.
الطريق الأربعون: يرجح الخبر الموافق لآية من القرآن؛ لأنها أفادت زيادة قوة في الظن في الخبر، بخلاف غير الموافق لآية.