الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب التاسع عشر
في المطلق والمقيَّد
وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
المطلق هو: اللفظ المتناول لواحد لا بعينه باعتبار حقيقة شاملة لجنسه.
مثل قول السيد لعبده: " أكرم طالباً " أو " أكرم طلابا "، فإن هذا الأمر قد تناول واحداً غير معين، وتناول جماعة غير معينين، ومدلول هذا الأمر شائع في جنسه، فلا يوجد طالب معروف، أو جماعة من الطلاب معروفين بصفة معينة، بل الواجب على العبد اختيار أي طالب ويكرمه، أو أي طلاب فيكرمهم وتبرأ ذمته.
* * *
المسألة الثانية:
المقيد هو: اللفظ المتناول لمعين، أو لغير معين موصوف بأمر زائد على. الحقيقة الشاملة لجنسه.
مثل: قولك: " أعط هذا الطالب "، أو قولك:" أعط الطالب الطويل "، فقد قيدنا الطالب الأول بتعيينه بالإشارة إليه وقيدنا الطالب الثاني بوصفه بالطول الذي أخرجه عن بقية الطلاب.
المسألة الثالثة:
المطلق يكون في أمور هي:
الأول: يكون في معرض الأمر، كقولك:" أعتق رقبة "، أو " أعط طالباً جائزة ".
الثاني: يكون في مصدر الأمر، كقوله تعالى:(فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ).
الثالث: يكون في مصدر الخبر عن المستقبل، كقوله عليه السلام:" لا نكاح إلا بولي "، وقولك:" سأعتق رقبة ".
لكن لا يمكن أن يكون المطلق في معرض الخبر المتعلق بالماضي، كقولك:" رأيت رجلاً " أو " أعطيت طالباً " أو " أعتقت رقبة "؛ لأن هؤلاء - وهم الرجل والطالب والرقبة - قد تعيَّنوا بالضرورة، وهي: ضرورة إسناد الرؤية إلى الرجل، وضرورة إسناد الإعطاء إلى الطالب، وضرورة إسناد الإعتاق إلى الرقيق.
* * *
المسألة الرابعة:
المقيد يكون في أمرين هما:
الأول: يكون في الألفاظ الدالة على مدلول معيَّن، أو ما تناول معيناً كزيد وعمرو، وهذا الرجل.
الثاني: يكون في الألفاظ الدالة على غير معين، ولكنه موصوف بوصف زائد على مدلول المطلق، كقوله تعالى:(فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ)، وكقولك:" أكرم الطالب الناجح ".
* * *
المسألة الخامسة:
مقيِّدات المطلق هي مخصصات العموم المتصلة والمنفصلة
- السابقة الذكر -، فعلى هذا: فإنه يجوز تقييد مطلق الكتاب بالكتاب، وبالسنة، ومطلق السنة بالسنة والكتاب، وتقييد مطلق الكتاب والسنة بالإجماع، والقياس، والمفاهيم ونحو ذلك مما قلناه.
* * *
المسألة السادسة:
إذا كان متعلق حكم المطلق غير متعلق حكم المقيد، كقوله:" أدوا الصلاة "، وقوله:" اعتقوا رقبة مؤمنة إذا حنثتم "، فهنا لا يحمل المطلق على المقيد اتفاقاً؛ لأنه ليس بينهما مناسبة، ولا تعلق لأحدهما بالآخر أصلاً.
* * *
المسألة السابعة:
إذا كان متعلق حكم المطلق هو عين متعلق حكم المقيد، وكان السبب واحداً، وكل واحد منهما أمر كقوله:" اعتقوا رقبة إذا حنثتم "، ثم يقول:" اعتقوا رقبة مؤمنة إذا حنثتم " فهنا يحمل المطلق على المقيد مطلقاً، أي: سواء كان المطلق هو المتقدم، أو هو المتأخر، أو جهل ذلك؛ لأن الجمع بين الدليلين أولى من إعمال أحدهما وترك الآخر.
* * *
المسألة الثامنة:
إذا كان متعلق حكم المطلق هو عين متعلق حكم المقيد، وكان السبب واحداً، وكل واحد منهما نهي كقوله:" لا تعتق رقبة إذا حنثت، ثم قال: " لا تعتق رقبة كافرة إذا حنثت "، فهنا يحمل المطلق على المقيد، وهو كالتخصيص، وهذا على مذهبنا في أن المفهوم حجة وأنه يخصص به العموم، حيث إنه يخصص النهي العام؛ لأن النهي في قوله: " لا تعتق رقبة كافرة " يدل بمفهومه على أنه لا يجزىء إلا الرقبة المسلمة، لأنه صرح بالنهي عن الكافرة.
المسألة التاسعة:
إذا كان متعلَّق حكم المطلق هو عين متعلَّق حكم المقيد، وكان السبب واحداً، وكان أحدهما أمراً والآخر نهياً فإن المقيد يوجب تقييد المطلق بضده مطلقاً، أي: سواء كان المطلق أمراً والمقيد نهياً كقوله: " اعتق رقبة "، ثم يقول:" لا تعتق رقبة كافرة "، أو كان المطلق نهياً والمقيد أمراً كقوله:" لا تعتق رقبة "، ثم يقول:" اعتق رقبة مؤمنة ".
* * *
المسألة العاشرة:
إذا كان متعلَّق حكم المطلق هو عين متعلَّق حكم المقيد، وكان سبب المطلق يختلف عن سبب المقيد، وكل واحد منهما أمر كقوله تعالى: في كفارة الظهار - (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا)، مع قوله في كفارة القتل:(وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ)، فهنا السبب مختلف؛ حيث إن سبب عتق الرقبة في المطلق هو: الظهار، وسبب عتق الرقبة في المقيد هو: القتل الخطأ، فيحمل المطلق على المقيد إن قام دليل كالقياس على المقيد؛ لأن القياس دليل شرعي عام في كل صورة إلا إذا فقد فيه ركن من أركانه، أو شرط من شروطه؛ حيث إن الأدلة على حجيته لم تفرق بين صورة وصورة، فإذا دل القياس على حمل المطلق على المقيد فإنه يجب العمل على ذلك عملاً بحجية القياس.
ولأن العام يخصص بالقياس، فكذلك المطلق يقيد بالقياس ولا فرق، والجامع صيانه القياس عن الإلغاء.
وبناء على ذلك: فإنه يحمل المطلق على المقيد هنا، فلا يجزئ في كفارة الظهار، وكفارة القتل الخطأ إلا رقبة مؤمنة.
* * *
المسألة الحادية عشرة:
إذا كان متعلَّق حكم المطلق هو عين متعلق حكم المقيد وكان سبب المطلق يختلف عن سبب المقيد، وكل واحد منهما نهي كقوله:" لا تعتق رقبة " في كفارة الظهار، ثم قوله:" لا تعتق رقبة كافرة " في كفارة القتل، فهنا يحمل المطلق على المقيد، وهو كالتخصيص، وهذا على مذهبنا، وهو أن المفهوم حجة وأنه يخصص به، فيخصص النهي العام بالكافرة إن وجد دليل، فمفهوم قوله:" لا تعتق رقبة كافرة " هو: أنك يجب أن تعتق رقبة مؤمنة، فهذا المفهوم يقيد قوله:" لا تعتق رقبة ".
* * *
المسألة الثانية عشرة:
إذا كان متعلَّق حكم المطلق هو عين متعلق حكم المقيد، وكان سبب المطلق يختلف عن سبب المقيد، وكان أحدهما أمراً والآخر نهياً، فإنه يحمل المطلق على المقيد سواء كان المطلق أمراً كقوله:" اعتق رقبة " في كفارة الظهار، والمقيد نهياً كقوله:" لا تعتق رقبة كافرة " في كفارة القتل، أو بالعكس.