الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلمة الحادية عشرة
الخوارج صفاتهم وخطرهم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد ..
روى الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَة، وسَتَفْتَرقُ هَذِهِ الأُمَّة عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً» ، قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَا أَنَا عَليهِ وَأَصْحَابِي»
(1)
.
فبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن أمته ستفترق على فرق كثيرة كلها في النار، واستثنى واحدة، وهي ما كانت على المنهج الصحيح؛ وهو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
ومن فرق الضلال التي خرجت على أمة الإسلام «الخوارج» وقد عانت منها الأمة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، وكان بداية خروجهم أن ذا الخويصرة لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْسِمُ قسمًا
(1)
. سنن الترمذي (2641)، ومسند الإمام أحمد (14/ 142) برقم 8396، وسنن ابن ماجه برقم 3992، وصححه البوصيري والشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة برقم 1492، ورقم 203، 204.
يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، اعْدِلْ فَإِنَّكَ لَمْ تَعْدِل
…
الْحَدِيثَ، وسيأتي ذكره.
«فكان مبدأ البدع هو الطعن في السنة بالظن والهوى، كما طعن إبليس في أمر ربه برأيه وهواه»
(1)
.
وفي خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه خرجوا عليه وقتلوه واستحلوا دمه، كما خرجوا في عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فأرسل إليهم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يناظرهم ويدعوهم إلى الحق، وترك ما هم عليه من الضلال، فرجع منهم قريبًا من أربعة آلاف، وبقيت منهم بقية، قتلهم علي رضي الله عنه في معركة النهروان بعد أن قتلوا عبد الله بن خباب بن الأرت، وقتلوا جاريته، وبقروا بطنها. وما زالوا يخرجون في كل عصر ومصر.
وقد وردت الأحاديث الصحيحة بذمهم، والتحذير منهم، والأمر بقتالهم، واستئصال شأفتهم، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا، أَتَاهُ ذُو الخُوَيْصِرَةِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم اعْدِلْ، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:«وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، فَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ» . فَقَالَ عُمَرُ ابْنُ الْخَطَّابِ: يَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ؟ فَقَالَ: «دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ
(1)
. فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (3/ 350).
مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ»
(1)
.
وروى مسلم في صحيحه من حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سَيَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلامِ، يَقُولُونَ مِنْ قَوْلِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ، يَقْرَؤونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
(2)
.
وجاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في وصفهم: «يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ»
(3)
.
وفي رواية: «لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ»
(4)
. وفي رواية مسلم: «هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ، مِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ»
(5)
. وفي رواية: «مُحلَّقة رُؤُوسُهُمْ»
(6)
.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما أن معاذة قالت:
(1)
. صحيح البخاري برقم 3610، وصحيح مسلم برقم 1064 واللفظ له.
(2)
. صحيح البخاري برقم 3611، وصحيح مسلم برقم 1066 واللفظ له.
(3)
. صحيح البخاري برقم 3344، وصحيح مسلم برقم 1064.
(4)
. صحيح البخاري برقم 6930.
(5)
. صحيح مسلم برقم 1067.
(6)
. صحيح مسلم برقم 1066.