الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلمة الثامنة والثلاثون
تنظيم النسل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد ..
فقد وردت النصوص من الكتاب والسنة تحث على الزواج وتكثير النسل لما في ذلك من المصالح العظيمة الدينية والدنيوية، قال تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38)} [الرعد].
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ»
(1)
.
فالأمة كلما كثرت حصل لها من العزة والهيبة ما لا يحصل لها في حال القلة، ولهذا مَنَّ الله على بني إسرائيل بقوله:{وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)} [الإسراء].
وذكَّر شعيب قومه بذلك فقال سبحانه عنه: {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ} [الأعراف: 86]. روى أبو داود في
(1)
. صحيح البخاري برقم (5065)، وصحيح مسلم برقم (1400).
سننه من حديث معقل بن يسار قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا؟ قَالَ:«لَا» ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ:«تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ»
(1)
.
«والأولاد منذ القديم كانوا أمنية الناس حتى الأنبياء المرسلين، وسائر عباد الله الصالحين، وسيظلون كذلك ما سلمت فطرة الإنسان، قال تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189)} [الأعراف].
ولما دعا إبراهيم قومه إلى توحيد الله وعبادته دون سواه، وصبر على أذاهم وثابر على دعوتهم، ألقوه في النار وأنجاه الله منها، واعتزلهم وما يعبدون من دون الله؛ فوهب الله له إسماعيل ثم إسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب استجابة لقوله:{رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100)} [الصافات]. بشره بإسماعيل أولًا، ولما بلغ معه السعي ابتلاه فيه وأمره بذبحه، وآثر امتثال أمر ربه على حبه لولده، وصدق في تنفيذ أمره، فبشره ثانيًا بإسحاق نبيًّا من الصالحين، وجعل النبوة في ذرية خليله من بعده، جزاءً كريمًا لصبره على الأذى في سبيل الدعوة إلى الله، ونجاحه فيما ابتلاه الله به من الكلمات.
فالأولاد نعمة تتعلق بها قلوب البشر وترجوها، لتأنس
(1)
. برقم (2050)، وقال الشيخ الألباني رحمه الله كما في صحيح سنن أبي داود (2/ 386) برقم (1804): حسن صحيح.