الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزوج فإنه تابع للعدة هو من مقتضياتها ومكملاتها»
(1)
.
روى البخاري ومسلم من حديث أم عطية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»
(2)
.
ولعدة المتوفى عنها زوجها أحكام تختص بها، فمن ذلك:
أولًا: أنه يجب أن تعتد المتوفى عنها في المنزل الذي مات زوجها، وهي فيه، فلا يجوز لها أن تتحول عنه إلا لعذر، لما رواه أبو داود والترمذي في سننهما من حديث زينب بنت كعب أن الفريعة بنت مالك بن سنان وهي أخت أبي سعيد الخدري رضي الله عنها أخبرتها أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خُدْرة فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كانوا بطرف القدوم لحقهم فقتلوه، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم أَنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي، فَإِنِّي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَسْكَنٍ يَمْلِكُهُ وَلَا نَفَقَةٍ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ» ، قَالَتْ: فَخَرَجْتُ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الْحُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ، دَعَانِي أَوْ أَمَرَ بِي، فَدُعِيتُ لَهُ، فَقَالَ:«كَيْفَ قُلْتِ؟ » فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ الَّتِي ذَكَرْتُ مِنْ شَأْنِ زَوْجِي، قَالَتْ: فَقَالَ: «امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ» ، قَالَتْ: فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا
(3)
. قالت:
(1)
. انظر أعلام الموقعين (2/ 165).
(2)
. صحيح البخاري برقم (313)، وصحيح مسلم برقم (1491).
(3)
. سنن أبي داود برقم (2300)، وسنن الترمذي برقم 5001، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي برقم (3558) بلفظ: اعتدي حيث بلغك الخبر، وابن ماجه برقم (2031) ولفظه:(امكثي في بيتك الذي جاء فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله).
فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به.
(1)
.
«ويجوز للمعتدة من وفاة الزوج الخروج من البيت لحاجتها في النهار لا في الليل لأنه مظنة الفساد»
(2)
، لما رواه مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: طُلِقَت خالتي فأرادت أن تجد نخلها فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«بَلَى، فَجُدِّي نَخْلَكِ، فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي، أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا»
(3)
.
ثانيًا: تمتنع الحادة عن الملابس الجميلة، وتلبس ما سواها، وقد ذكر ابن المنذر الإجماع على منعها من لبس المعصفر
(4)
،
(1)
. المغني (11/ 291 - 292).
(2)
. الملخص الفقهي للشيخ صالح الفوزان (2/ 424).
(3)
. صحيح مسلم برقم 1483.
(4)
. الإجماع لابن المنذر ص (124).
فتحرم عليها الثياب المصبغة للتحسين كالمعصفر
(1)
، والمزعفر، والأحمر، وسائر الملون للتحسين
(2)
.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أم عطية رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تُحِدُّ امْرَأَةٌ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَمَسُّ طِيبًا، إِلَّا إِذَا طَهُرَتْ نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ»
(3)
.
ثالثًا: تمتنع عن جميع أنواع الطيب ونحوها إلا إذا طهرت من حيضها فلا بأس أن تتبخر بالبخور لحديث أم عطية رضي الله عنها وفيه: «وَلَا تَمَسُّ طِيبًا، إِلَّا إِذَا طَهُرَتْ نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ»
(4)
.
قال النووي رحمه الله في شرح القسط والأظفار: «نوعان معروفان من البخور وليسا من مقصود الطيب، رخص فيه للمغتسلة من الحيض لإزالة الرائحة الكريهة تتبع به أثر الدم لا للتطيب. والله أعلم»
(5)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: «وَلَا تَمَسُّ طِيبًا» : «يشمل جميع أنواع الأطياب والأدهان المطيبة والمياه المعتصرة من الأدهان المطيبة كماء الورد، وماء القرنفل وغيره، فهذه كلها من الطيب الممنوع، ولا
(1)
. الثوب المعصفر هو المصبوغ.
(2)
. المغني لابن قدامة (11/ 288).
(3)
. صحيح البخاري برقم (5341)، وصحيح مسلم برقم (938.
(4)
. تقدم تخريجه.
(5)
. شرح النووي على صحيح مسلم (10/ 357).
يدخل فيه الزيت والسمن ولا تمتنع من الأدهان التي ليس فيها طيب»
(1)
.
رابعًا: تمتنع الحادة من الحلي: الذهب والفضة والماس، وغيرها سواء كان ذلك قلائد، أو أسورة، أو خواتم أو غير ذلك لحديث أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن المتوفى عنها زوجها: «لا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلا الْمُمَشَّقَةَ
(2)
، وَلا الْحُلِيَّ، وَلا تَخْتَضِبُ وَلا تَكْتَحِلُ»
(3)
.
قال ابن المنذر رحمه الله: «وأجمعوا على أن منع المرأة المعتدة من لبس الحلي؛ لأن الحلي يزيد في حسنها ويدعو إلى مباشرتها»
(4)
.
خامسًا: تمتنع الحادة عن الخضاب بالحناء لحديث أم عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تُحِدُّ امْرَأَةٌ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَمَسُّ طِيبًا، إِلَّا إِذَا طَهُرَتْ نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ»
(5)
. زاد أبو داود: «وَلا تَخْتَضِبُ»
(6)
. ولحديث أم سلمة السابق.
(1)
زاد المعاد لابن القيم رحمه الله (5/ 623) بتصرف.
(2)
. الممشقة: أي المصبوغة بالمشق بكسر الميم وهو الطين الأحمر الذي يُسمى مغرة، عون المعبود شرح سنن أبي داود (6/ 295).
(3)
. سنن أبي داود برقم (2304)، وصححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود (2/ 43).
(4)
الإجماع لابن المنذر ص 125.
(5)
سبق تخريجه، المغني لابن قدامة (3/ 89) والشرح الكبير مع المغني والأنصاف (24/ 140).
(6)
برقم 2303.
قال ابن القيم رحمه الله: «فيحرم عليها الخضاب والنقش والتطريف
(1)
والحمرة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نص على الخضاب منبهًا به على هذه الأنواع»
(2)
.
سادسًا: تمتنع الحادة عن الكحل لما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أم سلمة رضي الله عنهما قالت: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها، أفنكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لَا» ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ:«لَا» ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ»
(3)
.
وقال جمهور أهل العلم: «إن اضطرت إلى الكحل بالإثمد تداويًا لا زينة فلها أن تكتحل به ليلًا وتمسحه نهارًا
(4)
،
واستدلوا على ذلك بما رواه أبو داود في سننه من حديث أم حكيم بنت أسيد عن أمها أن زوجها توفي وكانت تشتكي عينيها فتكتحل بالجلاء، قال أحمد: الصواب بكحل الجلاء، فأرسلت مولاة لها إلى أم سلمة فسألتها عن كحل الجلاء فقالت: لا تكتحلي به إلا من أمر لا بد منه يشتد عليك فتكتحلين بالليل وتمسحينه بالنهار، ثم قالت عند ذلك أم سلمة رضي الله عنها: دَخَلَ عَلَيّ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم حِينَ
(1)
. التطريف: خضاب الأصابع وتزيينها، انظر المعجم الوسيط ص 555.
(2)
. زاد المعاد (5/ 623) بتصرف.
(3)
. صحيح البخاري برقم (5334)، وصحيح مسلم برقم (1486) واللفظ له.
(4)
. زاد المعاد (5/ 624).